«مهرجان أبوظبي» مستمر بتقديم نجومه حتى نهاية الشهر

رينيه فليمنغ تصدح في «قصر الإمارات».. و غيتار ميلوش يبهر الحضور

عازف الغيتار الكلاسيكي المتألق ميلوش في فندق قصر الإمارات
عازف الغيتار الكلاسيكي المتألق ميلوش في فندق قصر الإمارات
TT

«مهرجان أبوظبي» مستمر بتقديم نجومه حتى نهاية الشهر

عازف الغيتار الكلاسيكي المتألق ميلوش في فندق قصر الإمارات
عازف الغيتار الكلاسيكي المتألق ميلوش في فندق قصر الإمارات

ليال حاشدة يشهدها «قصر الإمارات»، هذه الأيام، وهو يستقبل على مسرحه فرقا عربية وغربية، ونجوما في عالم الموسيقى الكلاسيكية. وإذا كان من الصعب الانحياز لأي من هذه الحفلات المبرمجة ضمن إطار «مهرجان أبوظبي» السنوي، لأنها جميعها مختارة بعناية، كي تبقى على مستوى تطلعات الجمهور، يمكن القول إن حفل مغنية الأوبرا السوبرانو رينيه فليمنغ بمشاركة التينور مايكل شايد، كانت من بين «الأدسم» والأكثر إمتاعا. ليس لأن نجومية فليمنغ لا تضاهى في عالم الأوبرا فقط، ولكن لأن التينور الألماني شايد أبدع هو الآخر، والأوركسترا عزفت بعذوبة ورشاقة مقطوعات موسيقية نادرا ما يتسنى للمرء أن يحظى بمثل صفائها.
«أوركسترا درسدن الفلهارمونية» التي بلغت من العمر 148 سنة، جاءت محمولة بخبرة كل أولئك الكبار الذين توالوا على قيادتها من بول فان كيمبين إلى كلاوديو أبادو وإيفور بولتون وغيرهم. أما المايسترو الذي رافق الفرقة هذه المرة، ساشا غوتزيل، فهو صاحب مهارة ودقة فاتنتين. دشن الحفل مع فرقته بمعزوفة «زواج فيغارو» لموزارت، قبل أن تدخل الديفا فليمنغ لتكمل مع موزارت بأغنية «تقبلوا شكري»، ويتبعها مايكل شايد بأغنية «دالا سوا باس» منفردا. وبصوت هذين الكبيرين، منفردين أو مجتمعين، حضر هاندل، وفيردي، وماسنيه، وليهار، وغيرشوين. فكانت متعة الاستماع لمقاطع من أوبرات «لا ترافياتا» و«مانون» و«بورغي وبيس»، و«دون جيوفاني» و«كافاليريا روستيكانا».
من ميزات هذا الحفل الأوبرالي، أن رينيه فليمنغ أخذت على عاتقها قبل أداء كل أغنية تقريبا شرح أجوائها وأحداثها وخصائص شخصياتها، باختصار شديد وسريع في محاولة لجعل المعنى الذي يؤدى بالألمانية والإيطالية والفرنسية قريبا من ذائقة جمهور عربي ليس بالضرورة عارفا بفن الأوبرا وأصوله. ويسجل للمهرجان أنه بذل جهدا وأدرج ضمن الكتيب الذي طبع خصيصا لهذه الأمسية، كلمات الأغنيات المؤداة كي يتسنى للراغبين قراءتها، والاستمتاع بها.
لم تكتف فليمنغ مع شايد بالغناء بل لجآ معا إلى شيء من الأداء التمثيلي، كما أنهما رقصا وتبادلا الحوارات المغناة أوبراليا، وأفسحا في المجال للأوركسترا لأن تسعد الحضور بوصلات منفردة، جاءت متعة حقيقية، حتى أن البعض تمنى لو أن المهرجان يخصص أمسية لهذه الأوركسترا التي بمقدورها، بمعزوفاتها، أن تنعش الفرح والزهو، أو تثير الحنين، وتبعث الشجن في النفوس. وقال أحد الحاضرين إنه «في كل مرة تكون فيها الكلمة للموسيقى وحدها، كنت أغمض عيني وأسافر إلى أماكن بعيدة».
في نهاية الحفل، كانت الأغنية التي انتظرها العديد ممن كانوا في الصالة، لأنها من أداء مشترك بين فليمنغ ومغنية الأوبرا الإماراتية اليانعة سارة القيواني، التي تعد الأولى التي تؤدي هذا النوع الغنائي الغربي في الخليج العربي.
وقد وقفت القيواني إلى جانب فليمنغ وشاركتها الختام غناء، لتنال تصفيقا حارا ولا سيما من فتيات إماراتيات كنّ في الصالة أحببن شد أزر مواطنتهن وتشجيعها.
ويسعى «مهرجان أبوظبي» إلى تقديم المواهب الإماراتية الشابة من خلال ما يمكن تسميته تثاقفا مع تجارب كبار في عالم الفن.
وقالت مؤسسة المهرجان ومديرته الفنية هدى الخميس كاتو لـ«الشرق الأوسط»: «نحن في هذا المهرجان نراعي الأصالة مع حرصنا على الانفتاح على الثقافات الأخرى، والأمران يسيران بالتوازي»، شارحة أن المهرجان «يعنى بكل أنواع الفنون من الكتابة والأدب إلى الموسيقى والمسرح والفن التشكيلي». ففي ما يخص الموسيقى مثلا فإن الاهتمام هو بالموسيقى المحلية وكذلك الكلاسيكية العربية والغربية. وثمة عمل ناشط على تطوير القدرات الشبابية الفنية من خلال ورش عمل يؤتى لها بمدربين من بين الأفضل في العالم، كما يجري إرسال الشباب الإماراتي إلى أفضل المراكز الفنية والموسيقية، لنحت خبراتهم. وغناء سارة القيواني مع رينيه فليمنغ كما غناء الفنان الإماراتي حمدان العبري إلى جانب أسطورة الجاز هيربي هنكوك خلال المهرجان، يأتي في إطار هذه المحاولات الحثيثة للدفع بالشباب الإماراتي إلى الأمام. لكن حين نسأل هدى كاتو، إن كان نشاط «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون» منصبا على المواهب المحلية، تقول: «أبوابنا مفتوحة للجميع، نحن لا نرد أحدا. فقد سجلنا أسطوانة لهبة قواص، ونعمل على إصدار كتاب لنصير شمة، كما أصدرنا مع كمال قصار الذي نهتم بأرشيفه من الأغنيات التراثية أسطوانة عليها 28 أغنية وقطعة موسيقية، من القرن الثامن عشر والتاسع عشر. وهي أغنيات كانت مفقودة لفترة طويلة».
برنامج المهرجان متشعب، فيه التعليمي للصغار، وقسم من البرنامج خصص للشباب وآخر لمتعة الجمهور العريض بمختلف فئاته. يحدثونك في أبوظبي عن مشاريع ثقافية كثيرة، ورغبة عارمة في تحويل المدينة إلى مركز للثقافة. ففرع لجامعة السوربون بدأ عمله هنا، ومتحف اللوفر يكاد يجهز رغم أنه تأخر، والورشة لا تزال قائمة، لكن الجهد حثيث لافتتاح قريب. ويأتي عمل «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون» ضمن هذا المشروع الطموح. والمهرجان، بحد ذاته، هو محطة سنوية، ويعد الأهم بالنسبة للمجموعة لأنها خلاله تصبح في احتكاك مع الجمهور العريض. فالعام الماضي حضر فعاليات المهرجان قرابة 27 ألف شخص، والدورة الحالية، وهي الحادية عشرة، يتوقع أن يصل عدد الحضور فيها إلى أكثر من ذلك. منذ أيام قاد عازف البيانو الشهير، فلاديمير أشكنازي، «أوركسترا الاتحاد الأوروبي للشباب» بمشاركة غوتيه كابيسون، لإحياء حفل استضافه المهرجان. ومنذ يومين كان حفل بديع لعازف الغيتار الشهير ميلوش كاراداغليس، قدم خلاله مقطوعات من ألبومه «لاتينو غولد» ومعزوفات كلاسيكية لكل من موريل وكاردوسو وسافيو. ولليلتين متتاليتين، فإن رواد المهرجان على موعد مع «مسرح البالية الأميركي - كوبيليا»، حيث رقص على أنغام حية لأوركسترا درسدن الرائعة. ويختتم البرنامج الرئيس للمهرجان في اليوم الأخير من الشهر مع الموسيقي اللبناني ميشال فاضل، عازفا أشهر المعزوفات العربية بأسلوبه الحديث الذي بات مشهورا به.
«مهرجان أبوظبي» هو مجرد محطة سنوية. لكن العمل قائم طوال العام، ومحاولة التشبيك بين الفنانين لا تنقطع، ومن بين ما يجري السعي إليه اليوم بناء تعاون فني بين الموسيقي اللبناني بشارة الخوري وفنانة الأوبرا العالمية رينيه فليمنغ، وهو ليس بالأمر القليل إن كتب له أن يبصر النور.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.