الأعمار بين القصيبي وسليمان السليم «عواري»

وفاة وزير التجارة والمالية السعودي الأسبق

الدكتور سليمان السليم
الدكتور سليمان السليم
TT

الأعمار بين القصيبي وسليمان السليم «عواري»

الدكتور سليمان السليم
الدكتور سليمان السليم

بين غازي القصيبي وسليمان بن عبد العزيز السليم، الذي توفي فجر أمس في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن، وشائج نسجتها سنوات الدراسة والغربة وسنوات العمل في الحكومة، لكن أقوى تلك الوشائج علاقتهما بالشعر. حين توفي القصيبي اختار سليمان السليم أن ينعاه عبر مقالة كتبها في هذه الصحيفة («الشرق الأوسط» 21 أغسطس/ آب 2010)، بعنوان: «أعمارنا يا القصيبي عواري».
العنوان راسخ في الذاكرة الشعبية، وخصوصًا في منطقة القصيم حيث وُلد سليمان السليم، أصله «أعمارنا يا بن رخيص عواري» وهو عجز لبيت شعر، قيل في قصة معروفة. وختم سليمان السليم رثاءه للقصيبي ببيت شعر آخر، هذه المرّة مقتبس من قصيدة المتنبي «ليالي بعد الظاعنين شُكُولُ»، اختار من أبياتها هذا البيت ليوجهه لرفيق دربه، قائلاً:
وَإنّ رَحِيلاً وَاحِدًا حَالَ بَيْنَنَا
وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ
بداية مشوار القصيبي وسليمان السليم، كانت رفقتهما في جامعة القاهرة، التي نال منها القصيبي ليسانس الحقوق، وحصل السليم على شهادة بكالوريوس تجارة وعلوم سياسية، ثم دراستهما في جامعة جنوب كاليفورنيا، بلوس أنجليس التي حصل منها الاثنان على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية، كذلك تزامل الرجلان في عام 1964 بعضوية هيئة التدريس في قسم العلوم السياسية بجامعة الرياض (الملك سعود حاليًا)، ثم في عملهما المشترك في مجلس الوزراء السعودي منذ عام 1975 حتى خروج غازي القصيبي من الوزارة عام 1983.
يروي السليم هذه القصة: «في عام 1964 كنا مجموعة من الطلبة تضم غازي وخالد القصيبي متوجهين بالسيارة في نزهة إلى مرتفعات سانتا مونيكا المطلة على المحيط الهادي. وفجأة فشلت كوابح السيارة وهي في منحدر حاد وقرب تقاطع وهي متجهة نحو المحيط وأيقنا أنها النهاية. لولا أنها توقفت بعد حشرها بين سور ونخلة، ولا أنسى وجه غازي حين التفت إلى الخلف وهو ممسك بنظارته السميكة وينطق الشهادتين».
بعد نحو ست سنوات من رحيل القصيبي (15 أغسطس 2010) رحل فجر أمس في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن وزير التجارة ووزير المالية الأسبق الدكتور سليمان السليم، إثر أزمة قلبية أُدخل بسببها للمستشفى.
وُلد الدكتور سليمان بن عبد العزيز السليم في محافظة عنيزة بمنطقة القصيم، في الفترة نفسها قرابة عام 1940، وإلى جانب دراسته برفقة القصيبي في القاهرة والولايات المتحدة، فقد حصل على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة جونز هوبكينز بولاية ميريلاند الأميركية.
بدأ حياته العملية في جامعة الرياض، كما عمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مديرا للعلاقات التجارية والمؤتمرات، وفي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مساعدًا للمدير العام، ثم عُيّن في العام 1975 وكيلاً لوزارة التجارة، ثم عُيّن وزيرًا للتجارة خلفًا لغازي القصيبي في يناير (كانون الثاني) 1982، وظلّ في هذا المنصب حتى الثالث من أغسطس 1995، حيث عيّن وزيرًا للمالية خلفًا لمحمد أبا الخيل، لكنه لم يستمر في هذا المنصب أكثر من بضعة أشهر حيث استقال من وزارة المالية، ليخلفه المرحوم عبد العزيز الخويطر.
بعد خروجه من العمل الحكومي شغل السليم منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة «سامبا المالية»، وعضو الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعضو مجلس إدارة شركة الزامل للصناعة.
تميزت الفترة التي عمل فيها سليمان السليم في الحكومة مع مجموعة من الوزراء التكنوقراط بأنها مرحلة حافلة، حيث شهدت السعودية أكبر حركة تحديث وتنمية عرفتها في تاريخها، والتي تزامنت مع ارتفاع إيرادات النفط، وأطلق على تلك الفترة التي امتدت من عام 1970 إلى عام 1980 بسنوات الطفرة. بالنسبة لوزارة التجارة التي أمضى القسم الأكبر من عمله فقد ترك أثرًا بارزًا في تحديث هذه الوزارة وتوسيع عملها وفتح قنوات متعددة وتوثيق الصلة مع القطاع الخاص متمثلاً بالغرف التجارية، والاستفادة من المساحة الجغرافية الهائلة للبلاد والموانئ التي تطل بها على العالم لتعزيز الترابط التجاري بين السعودية ودول العالم.



نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، عقب اجتماع روسيا و«أوبك»، إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

وأضاف نوفاك بعد اجتماعه مع الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في موسكو، إن دول «أوبك بلس»، التي تضخ نحو نصف إنتاج النفط العالمي، تتخذ كل القرارات اللازمة للحفاظ على استقرار السوق.

وقال نوفاك: «بينما نناقش الوضع والتوقعات اليوم، يخلص تقييمنا إلى أن السوق في الوقت الحالي متوازنة. يرجع الفضل في ذلك في الأساس إلى تحركات دول (أوبك بلس)، والإجراءات المشتركة للامتثال للحصص والتعهدات الطوعية من دول في (أوبك بلس)».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، لعقد اجتماع في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وفي الأسواق، تراجعت أسعار النفط قليلا يوم الجمعة، لكنها اتجهت إلى تسجيل زيادة أسبوعية بنحو أربعة في المائة مع احتدام الحرب الأوكرانية، بعد تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها قد تتحول إلى صراع عالمي.

وبحلول الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 34 سنتا أو 0.46 في المائة إلى 73.89 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتا أو 0.51 في المائة إلى 69.74 دولار للبرميل. وزاد الخامان اثنين في المائة يوم الخميس، وكان من المتوقع أن يسجلا مكاسب أسبوعية بنحو أربعة في المائة، وذلك في أفضل أداء من نوعه منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بوتين يوم الخميس إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى صراع عالمي بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين. وأضاف أن روسيا ردت بإطلاق نوع جديد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على منشأة عسكرية أوكرانية، محذرا الغرب من أن موسكو قد تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وتعد روسيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، حتى مع انخفاض الإنتاج بعد حظر الاستيراد المرتبط بغزوها لأوكرانيا وقيود الإمدادات التي تفرضها مجموعة «أوبك بلس». وقالت روسيا هذا الشهر إنها أنتجت حوالي تسعة ملايين برميل من الخام يوميا.

لكن بيانات مخزونات الخام الأميركية حدت من المكاسب. فقد تأثرت الأسعار بارتفاع مخزونات الخام الأميركية 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية.

ومن جانبه، قال بنك غولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، رغم العجز في المعروض في 2024 والغموض الجيوسياسي، مشيرا إلى فائض متوقع قدره 0.4 مليون برميل يوميا العام المقبل.

وأضاف في المذكرة مساء الخميس: «توقعنا الرئيسي هو أن يظل برنت في نطاق 70 إلى 85 دولارا، مع قدرة إنتاج فائضة عالية تحد من ارتفاع الأسعار، فيما تحد مرونة أسعار (أوبك) وإمدادات النفط الصخري من انخفاض الأسعار».

ويتوقع البنك مخاطر قد تدفع أسعار برنت للصعود على المدى القريب، مع احتمال ارتفاع الأسعار إلى نطاق 85 دولارا في النصف الأول من عام 2025 إذا انخفض المعروض من إيران بمقدار مليون برميل يوميا بسبب فرض عقوبات أكثر صرامة.

وأوضح البنك أن مخاطر الأسعار على المدى المتوسط تميل إلى الجانب السلبي نظرا للطاقة الإنتاجية الاحتياطية المرتفعة. وقال: «في حين أن هناك طاقة احتياطية وفيرة في إنتاج النفط، فإننا نتوقع أن يظل التكرير قليلا للغاية، وأن تتعافى هوامش البنزين والديزل بشكل أكبر».

وأبقى البنك على توقعاته بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 76 دولارا للبرميل في عام 2025، لكنه خفض توقعاته لعام 2026 إلى 71 دولارا للبرميل في ظل فائض قدره 0.9 مليون برميل يوميا.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر الطلب على النفط في النمو لعقد آخر، مدفوعا بارتفاع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي واستمرار وجود تحديات في إزالة الكربون من قطاعي الطيران والمنتجات البتروكيماوية.