«التحلية» السعودية تخطو أولى مراحل تخصيصها

توفر 60 % من الماء العذب للسكان

تتجاوز قيمة المؤسسة التقديرية 26.6 مليار دولار وفق تقديرات أولية («الشرق الأوسط»)
تتجاوز قيمة المؤسسة التقديرية 26.6 مليار دولار وفق تقديرات أولية («الشرق الأوسط»)
TT

«التحلية» السعودية تخطو أولى مراحل تخصيصها

تتجاوز قيمة المؤسسة التقديرية 26.6 مليار دولار وفق تقديرات أولية («الشرق الأوسط»)
تتجاوز قيمة المؤسسة التقديرية 26.6 مليار دولار وفق تقديرات أولية («الشرق الأوسط»)

تحتاج السعودية إلى استثمارات في قطاع المياه تقدر بـ53.3 مليار دولار (200 مليار ريال) حتى عام 2025، لمواجهة النمو السكاني وزيادة الطلب على المياه المحلاة، في حين تحصل السعودية على 60 في المائة من احتياجاتها المائية من خلال تحلية مياه البحر، وهو تحد كبير تخوضه البلاد التي تفتقر إلى موارد مائية طبيعية. وهو ما دفع «برنامج التحول الوطني» إلى وضع هدف استراتيجي يتضمن تخصيص المؤسسة العامة للتحلية المياه المالحة، لزيادة الكفاءة والاستثمار في هذا الجانب.
وتمثل محطات تحلية المياه المالحة منابع النهر العذب للسعوديين وقصة تحدٍ للظروف المناخية الحادة التي جعلت من السعودية واحدة من أفقر بلدان العالم في مصادر المياه العذبة لتنتج المؤسسة من مياه البحر ثلثي حاجة السعوديين من الماء.
وتمتلك المؤسسة مجمعات صناعية ضخمة كمحطة الخبر ومحطة الجبيل على الساحل الشرقي، ومحطة الشعيبة ومحطة ينبع على الساحل الغربي، ووفق تقديرات أولية قد تتجاوز قيمة المؤسسة التقديرية 26.6 مليار دولار (مائة مليار ريال)، في حين تمتلك المؤسسة معهد أبحاث طوّر كثيرًا من التقنيات التي تحتاجها المحطات.
وعلى صعيد المشاريع وتوسيع القدرات الإنتاجية المؤسسة أدرجت مشاريع بنحو 17.9 مليار دولار (67 مليار ريال) لبناء محطات تحلية، وتوسعة محطات قائمة وتحديثها حتى عام 2020. وذلك لسد الاحتياجات اليومية من المياه العذبة، يشار إلى أن السعودية تعتبر أكبر بلد منتج للمياه المحلاة في العالم بواقع 20 في المائة من الإنتاج العالمي.
في المقابل، تواجه المؤسسة العامة لتحلية المياه حقيقة مهمة، تتمثل في أن نصف إنتاجها من المياه المحلاة يأتي من محطات تجاوزت عمرها الافتراضي، لذلك أطلقت المؤسسة برنامجًا واسعًا لإعمار المحطات وإطالة أعمارها إلى حدود 40 سنة، بدأته عام 2000، وعلى مراحل، تمتد كل مرحلة لخمس سنوات، حيث أتم برنامج الإعمار خطته الثالثة بنهاية عام 2015، ويهدف البرنامج إلى زيادة العمر الافتراضي لمحطات التحلية من 25 سنة إلى 40 سنة، مع المحافظة على استهلاك الوقود ووفرة إنتاج المياه.
في برنامج الإعمار سعت المؤسسة إلى ترقية محطاتها ووضعت هدفًا مهمًا وهو «إنتاج مياه أكثر بوقود أقل» حيث وضعت كفاءة استهلاك الوقود معيارًا أساسيا، وفي حال كان نظام المحطة والتقنيات التي تعمل بها قديمة فإن المؤسسة تعمل على بناء محطة جديدة تحل محلها.
وتستهلك المؤسسة وحدها 7.5 في المائة من كمية الوقود المستهلكة محليًا، وهي ما توازي 300 ألف برميل من الوقود المكافئ يوميًا وهي من التحديات التي تواجه المؤسسة، إذ إن عليها خفض استهلاك الوقود أو على الأقل المحافظة على كمية الوقود المستهلكة مع رفع إنتاجية المحطات بنسبة قد تصل إلى 50 في المائة كما حدث في محطة الجبيل.
وينمو الطلب المحلي على الماء بشكل متسارع، فنمو الطلب على المياه يقفز بأكثر من 8.8 في المائة سنويًا، وقد يرتفع إلى أكثر من الضعفين في العقدين المقبلين وهو ما يعني زيادة في الاستثمارات لبناء المحطات وزيادة استهلاك الوقود.
وعملت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة على استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية في بناء وتشغيل المحطات من قبل المستثمرين والقطاع الخاص فنحو مليوني متر مكعب من المياه تأتي يوميًا من استثمارات القطاع الخاص في التحلية، حيث تنتج هذه الكميات من المياه وتضخ إلى المدن عبر شبكات المؤسسة.
وتنتج محطات المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وحدها نحو 3.4 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا وستزيد الكمية إلى 4.4 مليون متر مكعب بعد وصول محطة رأس الخير إلى طاقتها الإنتاجية الكاملة، وفي نهاية عام 2017 يتوقع أن يصل إنتاج السعودية من المياه المحلاة إلى نحو 7 ملايين متر مكعب يوميًا.
كما تمتلك المؤسسة شبكة ضخمة لنقل المياه في مختلف مناطق البلاد يصل مجموع أطوالها إلى نحو 9000 كيلومتر.
وأنشأت المؤسسة واحدًا من أكبر مشاريع التحلية في العالم وهو مشروع محطة رأس الخير لتحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية، حيث تنتج المحطة نحو 1.05 مليون متر مكعب من المياه يوميًا ونحو 2400 ميجا وات من الكهرباء، في حين بلغت تكلفة المشروع والمشاريع المساندة لها من خطوط نقل 6.13 مليار دولار (23 مليار ريال).
يشار إلى أن تخصيص المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة مطروح منذ عام 2010 للعمل وفق الأسس التجارية.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».