وزير خارجية جنوب السودان: نسعى لحل خلافاتنا مع السودان.. وعلاقاتنا جيدة مع السعودية

دينق ألور قال لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيسين البشير وسلفا كير سيلتقيان على هامش القمة الأفريقية للاتفاق على بعض القضايا

وزير خارجية جنوب السودان: نسعى لحل خلافاتنا مع السودان.. وعلاقاتنا جيدة مع السعودية
TT

وزير خارجية جنوب السودان: نسعى لحل خلافاتنا مع السودان.. وعلاقاتنا جيدة مع السعودية

وزير خارجية جنوب السودان: نسعى لحل خلافاتنا مع السودان.. وعلاقاتنا جيدة مع السعودية

قطع وزير خارجية جنوب السودان دينق ألور بجدية توجه حكومة بلاده في الوصول لحلول للقضايا العالقة بين حكومة جوبا والخرطوم، وإنفاذ اتفاقية التعاون المشترك الموقعة من قبل رئيسي البلدين، وكشف عن توجه جديد لحكومته لطي صفحة خلافات الدولتين دفعة واحدة.
وقال ألور إن الرئيس السوداني عمر البشير أبلغ وفد جنوب السودان بأن الاجتماعات التي شهدتها الخرطوم اليومين الماضيين للجنة الأمنية السياسية المشتركة، برئاسة وزيري دفاع في حكومة جوبا والخرطوم، أفلحت في وضع حجر الأساس لبناء علاقات تسود فيها الثقة بين البلدين. وتمسك الوزير بعلاقة حكومته بالحركة الشعبية قطاع الشمال، والتي تشن حربًا ضد حكومة الخرطوم في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بيد أنه وعد بالتدخل استنادًا إلى العلاقة التي تربطهم بالحركة الشعبية الشمال لإنهاء النزاع في جبال النوبة والنيل الأزرق، ملمحا إلى أن لحكومة السودان حلفاءها في جنوب السودان، مثلما تحتفظ حكومته بعلاقتها مع الحركة الشعبية، لكنه قال إن الطرفين يريدان جادين في إنهاء خلافاتهما ووضع نهاية للنزاعات بين البلدين.
وكشف ألور عن عقد سلسلة لقاءات بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه د. ياك مشار لإعادة بناء الثقة بين الرجلين، موضحا أن الاجتماعات ستسهل بشكل كبير في تنفيذ الاتفاقيات، لكنه أقر بصعوبة عملية تنفيذ هذه الاتفاقية، وقطع بإمكان إعادة بناء الثقة بين مكونات البلاد. كما وصف المسؤول الجنوب سوداني علاقات بلاده العربية بالممتازة، وقال إنه حكومته تحتفظ بعلاقات جيدة مع كل مصر ودول الخليج والسعودية، ولها سفارات فيها وتفكر في افتتاح سفارة في دولة قطر. وفيما يلي نص الحوار:

* منذ توقع الرئيسان عمر البشير وسلفا كير ميارديت اتفاقية التعاون المشترك في أديس أبابا لحل القضايا العالقة بين الدولتين، ظللتم تجتمعون وتتفقون وتوقعون، ثم تنفضون ما اتفقتم عليه مرة أخرى، فما هو الجديد في اجتماعاتكم هذه المرة؟
- قلنا للرئيس عمر البشير إن لدينا توجها جديدا تجاه السودان هذه المرة، ونحن نفهم أن السودان هو أقرب دول المنطقة لنا، لكن لدينا في الوقت ذاته مشكلات معه، لذا قررنا حل كل هذه المشكلات دفعة واحدة لنطوي صفحة الخلافات وراءنا، فمصالح الشعوب أهم من مصالح الأفراد والحكومات الموجودة في السلطة. نريد بطرق رسمية أو غير رسمية إنهاء هذا النزاع وهذه المشكلات. والرئيس البشير اعتبر اتفاقنا أول من أمس بداية لبناء ثقة، وقال لنا إنه من دون ثقة لا يمكن حل المشكلات، وأنا اقتنعت الآن أن بناء الثقة بدأ من هذه الاجتماعات.
* حتى لو استدعى بناء الثقة هذه التخلي عن حلفائهم في الحركة الشعبية – الشمال التي تحارب الحكومة من جنوب كردفان والنيل الأزرق؟
- من قال إننا سنتخلى عن حلفائنا في الحركة الشعبية، أو يتخلي المؤتمر الوطني عن حلفائه وناسه في الجنوب؟
* لكن موضوع الحركات المسلحة والمتمردة والاتهامات المتبادلة بدعمها من كلتا الدولتين ضد بعضهما، يعد أحد أهم أسباب التوتر وانهيار حواجز الثقة، واستمرار النزاع بين الدولتين؟
- الحركة الشعبية – الشمال كانت جزءا من الحركة الشعبية، وهو ما يجعلنا نعرفها أكثر من الناس الآخرين، ونحن مستعدون ومؤهلون للمساعدة في أي حوار جاد بدأ بين الطرفين، بل ويمكننا العمل مع الأطراف المشتركة فيه لإنهاء هذه المسألة. صحيح أن هنالك اتهامات للحركة الشعبية والحكومة في جوبا بدعم التمرد ضد الخرطوم، وهناك اتهامات للحكومة السودانية بأنها تساعد المتمردين ضد حكومة جنوب السودان، لكننا نريد تجاوز هذا كله.. نريد وضعه خلفنا. نحن نعرف الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال أكثر من الوسطاء الآخرين، وهو ما يمكننا من المساعدة بشكل جاد وفعال في إنهاء الحرب بينها والحكومة السودانية.
* هل يعتبر ما قلتم مبادرة من حكومة جنوب السودان للتوسط بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان–الشمال، لتوقيع اتفاق سلام معها؟
- هذا إبداء لحسن النية، واعتراف بأهمية العلاقة بين الدولتين.
* يواجه إرساء السلام في جنوب السودان الكثير من المعوقات، أهمها إعادة توحيد الحزب الحاكم – الحركة الشعبية لتحرير السودان، وإعادة توحيد الجيش الذي انقسم بعد الحرب، في الوقت الذي يواجه فيه الطرفان التهديدات برفع سيف العقوبات الدولية ضدهما إذا فشلتم في الحفاظ على اتفاقية السلام؟ كيف ترون ذلك؟
- إعادة توحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاق مستقل لا علاقة له باتفاقية السلام، وقد تم في تنزانيا وبدأنا بالعمل فيه، ويمكن أن نصل إلى نهايته خلال هذا الشهر أو الشهر المقبل، لأننا جميعًا وقعنا اتفاق تنزانيا، وأصبح جزءًا من دستور الحركة الشعبية لتحرير السودان، وما تبقى فقط هو تنفيذ التفاصيل الخاصة بعملية التوحيد.
أما الجيش والقوات النظامية الأخرى فتحكمها اتفاقات معينة، إضافة إلى وجود أطراف إقليمية ودولية تشارك في تنفيذ هذه الاتفاقيات، لكن أنا متفائل، خاصة بعد أن شرع الرئيس سلفا كير ميارديت ونائباه الاثنان رياك مشار وجيمس واني إيقا في عقد سلسلة اجتماعات مشتركة تهدف لحل المشكلات الكبيرة قبل عرضها على مجلس الوزراء للموافقة عليها.
كما أن هناك عمليات بناء وإعادة الثقة مجددًا بيننا في جنوب السودان، لأننا تحاربنا واقتتلنا ثم عدنا لبعضنا البعض. وبدأت عمليات بناء الثقة بين د. ياك مشار والرئيس سلفا كير ميارديت، ما يسهل بشكل كبير في تنفيذ هذه الاتفاقيات، التي ينظر إليها الكثير من المراقبين والصحافيين على أنها عملية صعبة وشاقة. وهذا صحيح لكن مع بناء الثقة بين مكونات البلاد، يمكنني القول إن تنفيذ الاتفاقيات والالتزام بها أمر ممكن.
* طال غياب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم عن جنوب السودان، حيث قد كان متوقعًا عودته مثل الآخرين، لكنه لم يعد.. فمتى يعود إلى جوبا؟
- هو الآن في أميركا، وسيعود هذا الشهر.. في الأسبوع الثالث أو الأخير منه.
* يتردد أن النائب الأول للرئيس رياك مشار يفكر في تأسيس حزب مستقل عن الحركة الشعبية، فإلى أي مدى سيؤثر هذا في الأوضاع في الجنوب؟
- هو لم يقل هذا الكلام صراحة، لكنه أمر متداول كما قلت، وداخل المجموعة الموالية له هناك أعضاء لم يكونوا في الحركة الشعبية، وآخرون لا يريدونها، وأيضًا هناك مجموعة كبيرة داخل هذه المجموعة تريد البقاء في الحركة الشعبية، وقد كان مقررًا أن يعقدوا مؤتمرًا لحسم هذا الموضوع.
* إلى أين تنحاز مجموعتكم التي عرفت بمجموعة المعتقلين 11 ضمن هذه التكتلات، وهل ستنشئون حزبًا جديدًا؟
- نحن مؤسسو الحركة الشعبية، فكيف نتركها إذا؟ كما أنه ليس لدينا حزب آخر ننتمي إليه غيرها.
* هل تضمنت الرسالة التي حملت من الرئيس سلفا كير ميارديت للرئيس عمر البشير حديثًا عن قمة الرئيسين التي أرجئت أكثر من مرة؟
- ستنعقد قمة الرئيسين البشير وسلفا كير على هامش القمة الأفريقية المزمع عقدها في رواندا، لكن قبلها ستكون هناك اتصالات بينهما للاتفاق على بعض الموضوعات.
* إقليميًا دولة جنوب السودان الحالية كانت جزءا من العالم العربي قبل الانفصال بحكم تبعيتها للسودان العضو في الجامعة العربية، فكيف تديرون هذا الملف الآن؟
- علاقاتنا مع العالم العربي جيدة جدًا إن لم تكن ممتازة مع كل الدول، وعلاقتنا مع مصر ودول الخليج في قمة نضجها، ولدينا سفارات في السعودية والإمارات والكويت، ونعمل الآن على افتتاح سفارة في قطر، ما يؤكد أن علاقاتنا ممتازة بالدول العربية. ونحن أقرب دولة أفريقية إلى العالم العربي في جنوب السودان، ونتكلم لغة عربية خاصة تعرف بـ(عربي جوبا)، ونستخدمها كلغة تخاطب، وهي شبيهة للغة العربية التشادية.
* ألاّ تنوون التقدم لنيل عضوية جامعة الدول العربية ولو بصفة مراقب؟
- سأزور مصر قريبًا لبحث هذا الموضوع، فلدي دعوة من الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، ولو لم أستطع الذهاب في ما تبقى له من أيام، فإن الدكتور أبو الغيط الذي يتهيأ للأمانة العامة صديق لنا، وسنناقش معه سبل التعاون المشترك بيننا والجامعة.
* أنت تشكل حالة نادرة في التاريخ السياسي إن لم تكن فريدة، حيث كنت وزير خارجية السودان، ثم أصبحت وزير خارجية جنوب السودان، أي وزير خارجية دولتين مستقلتين، فكيف ستوظف هذا الموضوع في خدمة أهداف دبلوماسية وزارتك الحالية؟
- حدث هذا بسبب التاريخ، تاريخ السودان فرض علي أن أكون وزيرًا لخارجية الدولتين، وأنا فخور بأني خدمت السودان كوزير للخارجية، والآن أخدم في جنوب السودان باعتباري وزير خارجية أيضًا. ويمكن لخبرتي وتجربتي أن تلعبا دورًا مهمًا في التقريب بين الدولتين، فنحن نعرف بعضنا جيدًا، ويمكن توظيف هذه المعرفة المتبادلة لنلعب دورًا مهمًا في إصلاح علاقات البلدين.
* تنتمي جغرافيًا لمنطقة (أبيي) الحدودية المتنازعة بين السودان وجنوب السودان، لكن الأوضاع لا تزال فيها مضطربة، وأمرها غير محسوم بعد؟
- قلت لأبناء (أبيي) الموجودين في الخرطوم إن القضية محلولة بتحكيم محكمة لاهاي الدولية لفض النزاعات، ونحن كحكومة جنوب السودان والحركة الشعبية قبلنا القرار، كما قبلته حكومة السودان والحزب الحاكم المؤتمر بنتيجة التحكيم. لكن بعد ثلاثة أشهر بدا أن هناك تراجعًا من قرار التحكيم، حيث استولت الحكومة السودانية على ثلاث مناطق اقتطعتها من (أبيي) وأضافتها لغرب كردفان. وبالنسبة لي فالقضية محسومة بقرار محكمة التحكيم، وبالتعاون مع الرئيس عمر البشير، يمكننا الوصول لحلول لما يتبقى من تعقيدات مرتبطة بالنزاع الحدودي على منطقة أبيي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».