عسيري لـ «الشرق الأوسط»: تقرير الأمم المتحدة سلبي ويضعف من جهود مبعوثها لليمن

المعلمي: التقرير ليس في صورته النهائية وسيعرض على مجلس الأمن * الرئاسة اليمنية: الانقلابيون هم سبب الدمار

العميد الركن أحمد عسيري خلال مؤتمر صحافي سابق في الرياض (واس)
العميد الركن أحمد عسيري خلال مؤتمر صحافي سابق في الرياض (واس)
TT

عسيري لـ «الشرق الأوسط»: تقرير الأمم المتحدة سلبي ويضعف من جهود مبعوثها لليمن

العميد الركن أحمد عسيري خلال مؤتمر صحافي سابق في الرياض (واس)
العميد الركن أحمد عسيري خلال مؤتمر صحافي سابق في الرياض (واس)

أكدت قوات التحالف العربي لدعم اليمن، أن التقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة بإدراجها على القائمة السوداء التي تنتهك حقوق الإنسان، تقرير سلبي، لا يخدم جهود التحالف في إيصال الأطراف اليمنية إلى طاولة المشاورات في الكويت، ويضعف جهود المبعوث الأممي لدى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، مشيرة إلى أن قوات التحالف، قبضت على 52 طفلا لا تتجاوز أعمارهم 15 عامًا، شاركوا في ساحات القتال، وزرع الألغام إلى جانب الانقلابيين، وسيسلمون إلى الحكومة الشرعية.
وأوضح العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، أن تقرير الأمم المتحدة الذي أعلن أمس، لا يخدم المشاورات التي تتم في الكويت في الوقت الحالي، واحتوى على أرقام عامة، دون أن نعرف من أين تم استقصاء المعلومة، حيث إن هذه الأرقام تخالف المعلومات التي لدى الحكومة الشرعية.
وقال العميد عسيري في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات التحالف لديها دلائل بأن الأمم المتحدة في الوقت الذي تعترف بشرعية الحكومة اليمنية، تتواصل مع الانقلابيين في صنعاء وتعتبرهم حكومة رسمية، وهذا فيه تناقض كبير، وبالتالي التقرير الذي أصدرته غير متوازن، كونه يتحدث عن انتهاك حقوق الأطفال، وتغافل توظيف الانقلابيين للأطفال في ساحات القتال، وزراعة الألغام، ونقل الذخائر، والمئونة الغذائية.
وأكد المتحدث باسم قوات التحالف، أن السعودية لديها 52 طفلا يمنيا، تم القبض عليهم في ساحات المعارك، تتراوح أعمارهم ما بين 8 و15 عامًا، حيث إن هؤلاء، لا يفترض أن يشاركوا في القتال، بل تغافلتهم الأمم المتحدة، حيث تم استيعابهم في السعودية، وقدمت لهم الرعاية الطبية والنفسية، وتم الاتفاق مع الحكومة الشرعية اليمنية، بتسليمهم خلال الفترة المقبلة.
وأشار المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي إلى أن الأمم المتحدة للأسف، ضللت بأرقام وإحصاءات قدمت لهم من الميليشيات الحوثية، ناهيك عن الجهد الذي قدمته قوات التحالف، عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، فيما يخص البرامج المخصصة للأطفال، منها برنامج مهم مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وقيمته 30 مليون دولار، حيث طلبنا منهم تطوير برنامج رعاية الأطفال وحمايتهم، وإعادة تأهيلهم، ممن جرى توظيفهم من قبل الحوثيين في وقت سابق في القتال، وكنا نتمنى أن التقرير هذا يشير إلى تلك الإنجازات، إلا أنه تغافل عنها. وأضاف: «من السهل أن تكون سلبيا وانتقاديا، ولكن من الصعب أن تبرز الجانب الإيجابي». ولفت العميد عسيري إلى أن الأمم المتحدة كانت مطالبة بأن تضع مراقبين في الموانئ اليمنية، خلال وصول المواد الإغاثية وتوزيعها وإيصالها إلى اليمنيين، إلا أنه حتى هذه اللحظة لم يتم وضعها، وللأسف الأمم المتحدة لم تنتقل بأعمالها إلى المناطق المحررة في عدن، ولا تزال تعمل في الوقت الحالي من جيبوتي، وكل هذه الجوانب أغفلتها الأمم المتحدة، وظهرت لنا بتقرير سلبي، فيه إساءة إلى قوات التحالف العربي لدعم اليمن.
وأضاف: «كنا ننتظر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أن يثمن دور التحالف في إيصال جميع الأطراف إلى طاولة التشاور في الكويت، ويثمن دور التحالف في قتال تنظيم القاعدة الذي أشار له التقرير، وللأسف لم يذكر الجهود التي بذلها التحالف في المكلا، إلا أنه عمم موضوع ضحايا الأطفال، ونحن نعرف أن الأطفال يستدرجون إلى القتال منذ بدء الحرب اليمنية الحوثية في 2004».
وذكر المتحدث باسم قوات التحالف، أن الأمم المتحدة لم نرَ سعيها إلى برامج لاستيعاب هؤلاء الأطفال، وإنقاذهم من ساحات القتال، فأسهل شيء على الأمم المتحدة أن تنتقد قوات التحالف، ونحن نرى تقرير الأمم المتحدة الذي أعلن اليوم (أمس)، غير دقيق ولا يخدم الجانب السياسي الذي يجري حاليًا في الكويت، ولا يدعم جهود المبعوث الأممي لدى اليمن، إسماعيل أحمد ولد الشيخ، بل يصعّب عليه المهمة، مؤكدًا أن التقرير يحمل تناقضا غريبا، حول اعتراف الأمم المتحدة بحكومة الرئيس هادي، وتستمد تقاريرها من الحوثيين.
وأكد المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، أن قوات التحالف منذ اليوم الأول من «عاصفة الحزم»، جميع أعمالها تتم بالتشاور المستمر مع الأمم المتحدة، عبر البعثات الدبلوماسية، وعبر مندوبي مجلس التعاون الخليجي في نيويورك، وكنا نتمنى أن الأمم المتحدة قبل إصدار تقريرها، أن تتشاور مع البعثات الدبلوماسية قبل إصدار أي تقرير سلبي، هدفه الإساءة إلى التحالف، وجهوده في دعم اليمن.
وشدد العميد عسيري، أن تقرير الأمم المتحدة، لن يعيق عمل التحالف، وسنستمر في التواصل مع الأمم المتحدة، لأن هدفنا الأساسي هو رفع المعاناة عن المواطنين اليمنيين، ولذلك سنتجاوز عن كل السلبيات وسنذهب إلى الإيجابيات، ونقدم حلولا وهي لدينا موجودة ومدفوعة تكاليفها، فقط يتبقى على من اطلع على هذه المهمة أن ينفذ ما تم الاتفاق عليه، دون أن يعتمدوا على المتعاونين المحليين الذين يضللونهم عن هذه البرامج.
من جهتها أكدت الرئاسة اليمنية أن الميليشيات الحوثية، وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، هم السبب الوحيد في الدمار الذي لحق بالشعب اليمني وقتل الأطفال وتشريد النساء، وهدم دور العبادة، ورفض تطبيق قرارات مجلس الأمن، خصوصا القرار «2216»، مشيرة إلى أن قوات التحالف العربي جاءت من أجل إنقاذ اليمنيين، لا من أجل قتلهم، وهي اليوم تقدم أكبر المساعدات للشعب اليمني، لاسيما محافظة صعدة، معقل زعيم الحوثيين.
وأوضحت الرئاسة اليمنية في بيان أمس، أن قوات التحالف العربي جاءت لليمن من أجل إنقاذه وعودة شرعيته، وبطلب من الرئيس الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادي، وكانت تستهدف الثكنات العسكرية والمعسكرات التي تسيطر عليها تلك الميليشيات. وتابع البيان: «إذا كانت تستهدف المدنيين لاستهدفت المخلوع علي عبد الله صالح وهو في ميدان السبعين بين أنصاره، هي لا تستهدف الحشود ولا الأبرياء».
ويأتي البيان بعد أن أدرج الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، «التحالف العربي» على اللائحة السوداء للبلدان التي تنتهك حقوق الأطفال، إلى جانب إدراج المتمردين الحوثيين، ضمن التقرير السنوي للأمم المتحدة الذي يعرض محنة الأطفال ضحايا النزاعات المسلحة في العام 2015 في 14 بلدا.
من جهته وقال عبد الله المعلمي، المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، إن التقرير الذي صدر يعتبر أوليا، وأكد في اتصال مع «الشرق الأوسط» أنه سيتخذ عدة مراحل، منها أنه سيعرض على مجلس الأمن، قبل أن يصدر بصورة نهائية.
وشدد بيان الرئاسة اليمنية، على أن من ارتكب الجرائم في اليمن وانقلب على الدولة وعلى السلطة الشرعية، وحاصر الحكومة، واحتل مؤسسات الدولة، وتسبب في انهيار الاقتصاد اليمني، بنهبه المال العام تحت ما يسمى بالمجهود الحربي، هم الميليشيات المسلحة وحلفاؤهم أتباع المخلوع صالح. وأضاف: «إن الحوثيين وصالح هم السبب الوحيد في ذلك الدمار الذي لحق بالشعب اليمني، فقد التزمت السلطة الشرعية وقوات التحالف بالهدنة، على عكس الانقلابيين الذين اخترقوا الهدنة منذ ساعاتها الأولى». وأشارت الرئاسة اليمنية إلى أن مجزرة حوض الأشراف بتعز، ومجزرة بيحان وعسيلان بمحافظة شبوة، مثالان على جرائم تلك الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون.
وطالب المجلس الأمم المتحدة بالضغط على الانقلابيين لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، المجمع عليها دون استثناء، وعدم مساواة الجاني بالضحية، والضغط على الانقلابيين لتنفيذ القرار «2216» والمبادرة الخليجية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، التي هي محل إجماع، وتسليم السلاح والانسحاب من المدن، وعودة السلطة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والحكومة الشرعية، وإطلاق سراح كل المعتقلين وتسليم كل الجناة المتسببين في الانقلاب إلى محكمة الجنايات الدولية. وذكرت الرئاسة، أن قوات التحالف العربي جاءت من أجل إنقاذ اليمنيين لا من أجل قتلهم، وهي اليوم تقدم أكبر المساعدات للشعب اليمني، ومساعداتهم وصلت إلى صعدة معقل زعيم المتمردين. وأردف: «مركز الملك سلمان أوصل المساعدات إلى كل مدينة وقرية في اليمن دون تمييز، بينما الحوثيون وصالح أوقفوا الميزانية التشغيلية لكل المستشفيات في المناطق المحررة وقطعوا الرواتب، مع أن إيرادات الحكومة الشرعية ما زالت تصل إلى البنك المركزي الذي يسيطرون عليه».
إلى ذلك، فند الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، تقرير الأمم المتحدة وذكر بأن «عليه كثيرا من المآخذ»، استهلها بالتساؤل عن مصدر المعلومات والإحصاءات التي استند عليها التقرير، والتي تضمنت إصدار أرقام ونسب مئوية.
ولفت بن صقر إلى أن الدقة التي أظهرها التقرير في الإبلاغ عن الوضع اليمني، تبدو فريدة وغريبة مقارنة بتغافله عن حال الضحايا المدنيين، وخصوصا الأطفال، في الصراعات الأخرى الدائرة اليوم في منطقة الشرق الأوسط. وتساءل: «هل تعلم المنظمة وتوثق بشكل دقيق كم هو عدد الأطفال والمدنيين الأبرياء الذين قتلوا على يد الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لإيران في العراق وسوريا؟ وهل تُحمل المنظمة إيران مسؤولية تصرفات وجرائم ميليشياتها الطائفية؟».
النقطة الثانية - بحسب رئيس مركز الخليج للأبحاث - أنه «في الوضع اليمني يكون مقتل المدنيين، وخصوصا الأطفال، ناتج في أغلب الحالات عن عمليات (القصف العشوائي) لمواقع داخل المدن المأهولة». وتابع: «منذ بداية المواجهة العسكرية في اليمن حذرت قوات التحالف، وبشكل متكرر، من ممارسات قوات التمرد في اليمن التي تقوم بعمليات القصف العشوائي الصاروخي والمدفعي على مواقع مأهولة داخل المدن (لأسباب تقنية تعود لعدم دقة أسلحتها أو عناصرها أو لوجود نوايا متعمدة)، وحملت قيادة التحالف قوات التمرد المسؤولية عن هذه التصرفات، ويبدو أن استهداف السكان المدنيين والمنشآت المدنية يعتبر جزءا من استراتيجية قوات التمرد التي تستغل عدم وجود رقابة دولية محايدة قادرة على تحديد الطرف المسؤول عن جريمة استهداف المدنيين، وتقوم وسائل إعلامها فورًا بتحويل اللوم على قوات التحالف العربي». ويؤكد بن صقر أن قوات التحالف «قوات نظامية تتمتع بالانضباط العالي، وتتبع قواعد التخطيط المسبق، فعمليات القصف الجوي وتحديد الأهداف تخضع لأعلى المعايير والضوابط المطبقة في الدول المتقدمة، من أجل تجنب إيقاع خسائر ضمن السكان المدنيين».



العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.


تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.