أعلن الأزهر عن استراتيجية جديدة لمحاربة الإرهاب والتطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وقال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، خلال مؤتمر عالمي بمقر مشيخة الأزهر بحديقة الخالدين بالدراسة (وسط القاهرة) أمس، إن «الاستراتيجية تتضمن تدشين مركز إعلامي عالمي، وقناة فضائية، وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي».
في سياق مواز، وجه الدكتور الطيب الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قائلا: إنه «يجري الآن إنشاء مدينة سكنية جامعية متكاملة للوافدين بمدينة القاهرة الجديدة، تتسع لأكثر من 40 ألف وافد ووافدة، من أكثر من 110 دولة حول العالم، بدعم كبير من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.. جزاه الله خيرا عن خدمة الإسلام والمسلمين، وهذا الدعم كان قد بدأه المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله».
ودشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، خلال زيارته التاريخية لمصر في أبريل (نيسان) الماضي، مشروع مدينة البعوث الإسلامية الجديدة للطلاب الوافدين. والمرحلة الأولى للمدينة الجديدة التي تقع في مدينة القاهرة الجديدة (شرق العاصمة القاهرة)، تستوعب 5000 وافد في مرحلتها الأولى، أما المرحلة الثانية فتشمل 35000 وافد حول العالم.
وكشف الدكتور الطيب عن خطة تطوير المناهج الدراسية كافة في التعليم قبل الجامعي، قائلا: «لتواكب تطورات العصر ونوازله المتجددة، مع الحفاظ على التعمق في التراث، فالتجديد لا يكون إلا بهضم التراث القديم واستيعابه استيعابا جيدا، ثم بعد ذلك نجدد فيه بالضوابط المعلومة عند أهل العلم»، لافتا إلى أنه تم استحداث مادة جديدة بعنوان «الثقافة الإسلامية» وهي تحرر المفاهيم الملتبسة وتعصم الطلاب من الوقوع فريسة لأصحاب الفكر الضال والمنحرف، وتحصنهم ضد الانحراف عن المنهج الأزهري. مضيفا أن «مجالس العلماء عادت إلى الجامع الأزهر لتوعية جماهير المجتمع، وربطهم بالمنهج الوسطي الذي يحول دون سقوطهم في براثن جماعات التطرف التي تستقطبهم بدعوى تلقي العلم مرة، وبالحصول على الإجازات في علوم الشرع مرة أخرى».
وذكر أحمد الطيب أن هيئة كبار العلماء بمصر، هي المرجع الأول للمسلمين حول العالم في الاجتهاد الأصيل، والتصدي لما يستجد من قضايا فقهية، وإصدار فتاوى وأحكام بشأنها، وعدم ترك الأمر لأصحاب الهوى أو الرؤى المنحرفة والمنهج المتشدد، لافتا إلى أن الأزهر أنشا مرصدا باللغات الأجنبية، للعمل على تفكيك أفكار الجماعات المتطرفة وأطروحاتها، ولمساعدة المسلمين على الاندماج في مجتمعاتهم غير الإسلامية اندماجا إيجابيا يحافظ على هويتهم الدينية والثقافية، ويضمن التعايش السلمي المشترك.
ودعا الدكتور الطيب أمس، أن يوفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتحقيق آمال المصريين وأحلامهم وأمانيهم، وتطلعهم إلى استرداد أمجادهم واستعادة دورهم الرائد الذي تميزت به مصر والمصريون، مطالبا شعب مصر بكل أطيافه أن يكون على مستوى التحديات التي تمر بها منطقتنا العربية والإسلامية، وأن يتيقنوا أن الوحدة والتآلف وإعلاء المصلحة العليا والمشقة والعمل في صمت واليقظة الدائمة، كل هذه هي «طوق النجاة» الوحيد و«الصخرة» التي تتحطم عليها مكائد الأعداء في الداخل والخارج.
في ذات السياق، أكد شيخ الأزهر أن استراتيجية تطوير الأزهر تتضمن إطلاق صفحات للتواصل الاجتماعي تستهدف الملايين حول العالم لمكافحة الفكر المتطرف، وبث عشرات المقاطع الدعوية عبر شبكة الإنترنت لشباب العلماء، للإسهام في تحصين الشباب ضد دعاوى التطرف والإرهاب.
وأضاف أن الاستراتيجية تتضمن أيضا تدشين مركز إعلامي عالمي، وإطلاق مركز الأزهر للرصد والفتوى الإلكترونية «أون لاين» بلغات عدة للإسهام في القضاء على فوضى الفتاوى وتصدر المجترئين على فتاوى القتل والتكفير والتفجير واستباحة الدماء المعصومة، وإطلاق قناة الأزهر الفضائية خلال العام الجاري لنشر الوسطية والسلام ومواجهة الفكر المتطرف، فضلا عن إصدار كتب متخصصة في تصحيح المفاهيم المغلوطة والرد على الفكر المنحرف، إضافة إلى إنشاء مكتبة عالمية للأزهر بدعم من الإمارات، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لشباب الدعاة للمشاركة في تطوير الخطاب الديني، ومنحهم الثقة في مواجهة خطاب التطرف والإرهاب، والاستعانة بأكثر من 500 قيادة شابة بمختلف قطاعات الأزهر.
وأعلن الطيب عقد مؤتمر عالمي للسلام بنهاية العام الجاري بمشاركة الفاتيكان ومجلس حكماء المسلمين. واستأنف الأزهر حواره مع الفاتيكان عقب زيارة شيخ الأزهر لروما ولقائه بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، بالمقر البابوي في مايو (أيار) الماضي. وكان الأزهر قد أوقف الحوار مع الفاتيكان في أعقاب تصريحات للبابا السابق بندكتس السادس عشر عام 2006، اعتبر فيها أن الدين الإسلامي «يرتبط بالعنف».
وكشف عن أن الأزهر أوفد خلال العام الماضي للخارج 630 مبعوثا منهم 420 إلى قارة أفريقيا و198 إلى آسيا و7 إلى أوروبا و5 إلى الأميركيتين، وذلك لتعميق ثقافة الحوار واحترام الآخر، كما أوفد الأزهر بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، الذي أنشئ لتعزيز السلم في المجتمعات كل المجتمعات، 10 قوافل سلام دولية لقارات أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا، لنشر ثقافة التعايش المشترك في هذه المجتمعات من خلال توضيح تعاليم الإسلام الصحيحة، وتوعية المسلمين وغير المسلمين في هذه البلدان بمخاطر الفكر المتطرف، والإجابة على تساؤلاتهم واستفساراتهم، والتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا.
وأضاف أحمد الطيب، خلال المؤتمر الصحافي العالمي أمس، أنه «حين سادت العصبيات المذهبية والطائفية والفرقة البغيضة ودعمت بالمال والسلطان، قتل أبناء المسلمين بعضهم بعضا، وذبح بعضهم رقاب بعض، وصار بأس أبنائها أشد عليها من بأس أعدائها والمتآمرين عليها»، لافتا إلى أنه «لا مخرج لنا من هذه الفتنة العمياء الضالة؛ إلا بالعودة إلى المنهج القويم في فهم القرآن والسنة والشريعة وأحكامها»، لافتا إلى أن الأزهر والكنيسة في مصر يعملان من خلال «بيت العائلة» على تحقيق التآخي وترسيخ مفهوم المواطنة، ونبذ روح التفرقة والتعصب والخلاف، وتوحيد الصف وقطع الطريق على من يريدون بث الفتنة بين أبناء الشعب المصري الواحد.
«فضائية ومركز إعلامي عالمي وصفحات للتواصل».. استراتيجية الأزهر لمحاربة الإرهاب
الطيب يشكر خادم الحرمين.. ويؤكد أن وحدة منطقتنا العربية «طوق نجاة» أمام التحديات
«فضائية ومركز إعلامي عالمي وصفحات للتواصل».. استراتيجية الأزهر لمحاربة الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة