هونت المعارضة الجزائرية من أهمية مقترح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استحداث «هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات»، بحجة أنه لا يستجيب لمطلبها المتمثل في إنشاء «لجنة لمراقبة الانتخابات تتكون من شخصيات مستقلة عن الحكومة، مشهود لها بالاستقامة والنزاهة».
وعقدت «التنسيقية الوطنية للحريات والانتقال الديمقراطي»، التي تضم أكثر من 20 حزبًا وشخصية من المعارضة، أمس اجتماعًا بالعاصمة لبحث الأوضاع في البلاد، وذلك في ضوء الأزمة المالية الخانقة، الناجمة عن انهيار أسعار النفط. وقالت مصادر من الاجتماع لـ«الشرق الأوسط»، إن المجتمعين أبدوا رفضًا قاطعًا للمقترح الذي كشف عنه بوتفليقة أول من أمس بمناسبة اجتماع لمجلس الوزراء، ويتعلق بـ«هيئة عليا لمراقبة الانتخابات»، تبدأ عملها رسميًا بمناسبة انتخابات البرلمان التي ستجري في مايو (أيار) 2017.
وأوضح نفس المصدر أن «حركة مجتمع السلم» (إسلامية) وحزب «جيل جديد» (ليبرالي)، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، هي أكثر الأحزاب التي عارضت مسعى رئيس الجمهورية، مضيفًا أن المعارضة «دقت ناقوس الخطر بخصوص إفرازات الأزمة على شرائح واسعة من المجتمع أمام عجز الحكومة عن إيجاد حلول لها».
وتُحمل المعارضة الحكومة مسؤولية ما تسميه «تزوير نتائج كل الاستحقاقات»، التي نظمت في السنوات الماضية، وترى أن إبعاد السلطات من التحضير للانتخابات كفيل بإبعاد شبح التزوير، وأن تكليف شخصيات مستقلة عنها بمراقبة الاقتراع، شرط أساسي لضمان نزاهتها.
ونقل بيان صدر في نهاية أشغال مجلس الوزراء عن بوتفليقة أن «الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات» تتشكل من 410 أعضاء، نصفهم قضاة يقترحهم «المجلس الأعلى للقضاء»، وهو المؤسسة المكلفة بتسيير المسار المهني للقضاة. أما النصف الباقي فيتكون من «كفاءات مستقلة من المجتمع المدني، تمثل كل الولايات والجالية الوطنية بالخارج، وكذا جميع فاعلي المجتمع المدني»، حسب الرئيس.
يشار إلى أن «الهيئة» تم استحداثها بموجب التعديل الذي أدخله الرئيس على الدستور في 7 فبراير (شباط) الماضي. وقد جاء مجلس الوزراء ليقدم تفاصيل عنها. واللافت أن هناك آلية أخرى مختصة بمراقبة سير العمليات الانتخابية، تسمى «لجنة الإشراف القضائي على الانتخابات» تتكون من 400 قاض.
وقال بوتفليقة بهذا الخصوص إن رئيس «الهيئة» سيتم اختياره بالتشاور مع الأحزاب السياسية. ولكن بالنظر إلى رفض المبادرة من طرف المعارضة، ينتظر أن تقتصر الاستشارة على ما يسمى «أحزاب الموالاة»، وأهمها «جبهة التحرير الوطنية» (أغلبية)، التي هي حزب رئيس الجمهورية.
وبحسب بوتفليقة «تتمتع الهيئة العليا باستقلالية إدارية ومالية، وستضم رئيسا ومجلسا علنيا ولجنة دائمة تتكون من عشرة أعضاء، ينتخبهم المجلس العلني بالتساوي بين القضاة وممثلي المجتمع المدني. وخلال الفترة الانتخابية ستقوم الهيئة العليا بنشر مداومات على مستوى الولايات، والدوائر الانتخابية في الخارج». وأضاف موضحًا: «ستسهر اللجنة العليا قبل الانتخابات على نزاهة كل العمليات المرتبطة بمراجعة اللوائح الانتخابية، وإيداع الترشيحات
وتسليم القوائم الانتخابية للمترشحين، وتوزيع منصف لوسائل الحملة، وكذا سير هذه الأخيرة طبقا للقانون».
وخلال الاقتراع ستكلف الهيئة العليا، حسب الرئيس، بضمان حق المترشحين في حضور الاقتراع والسهر على توفر أوراق التصويت، واحترام الترتيب والسهر على احترام مواقيت فتح وغلق مكاتب التصويت. وتابع قائلاً: «بعد الاقتراع ستسهر الهيئة العليا على نزاهة عمليات إحصاء الأصوات، واحترام حق المترشحين في تدوين تظلماتهم في محاضر الفرز، والحصول على نسخ من محاضر الفرز»، مشيرا إلى أن الهيئة «تتمتع بصلاحيات واسعة لا سيما الطلب من النيابة تسخير القوة العمومية، وإخطارها بالأفعال المسجلة، والتي قد تكتسي طابعا جنائيا، وإخطار السلطات العمومية والمترشحين بكل تقصير أو تجاوز من أجل تدارك الوضع، والقدرة على الحصول على كل وثيقة أو معلومة تتعلق بتنظيم وسير العمليات الانتخابية لتقييمها».
الجزائر: المعارضة ترفض مسعى بوتفليقة لاستحداث «هيئة عليا لمراقبة الانتخابات»
اقترحت لجنة من شخصيات مستقلة عن الحكومة بديلاً لمقترح الرئيس
الجزائر: المعارضة ترفض مسعى بوتفليقة لاستحداث «هيئة عليا لمراقبة الانتخابات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة