تسارعت وتيرة انكماش الجليد على جبال الألب في ربع القرن الأخير من السنين بشكل يستدعي القلق من وجهة نظر علماء البيئة الدوليين. وكان سمك الجليد في عام 1910 على جبل تسوجشبيتسه (2962 مترًا) في ألمانيا 80 مترًا وتراجع إلى 45 مترًا فقط الآن. وذكرت اللجنة الحكومية للتغيرات المناخية، التي شكلتها الأمم المتحدة، أن الجبال الجليدية في خطر، محذرة من اختفاء الجبال الجليدية الصغيرة، وتراجع حجم الجبال الكبيرة بنسب تتراوح بين 30 و70 في المائة بحلول عام 2050.
تحسبًا لمثل هذه الاحتمالات، وبرغبة عدم تبديد هذه الثروة الثلجية المائية، والاستفادة منها كمصادر مياه عذبة في الصيف، تخطط مجموعة من العلماء السويسريين والإيطاليين لبناء أول سدود من نوعها لاحتواء جبال الجليد الذائبة على جبال الألب. وهذا لا يعني سوى حصر «أنهر» الجليد الذائب خلف السدود وتجميعه في بحيرات كما يفعل البشر عادة مع المياه.
وحسب العلماء السويسريين من جامعة زيورخ فإن كميات المياه التي أهدرت منذ العام 1980 بسبب ذوبان الجليد تكفي لملء بحيرة جنيف أكثر من مرة. في حين يمكن بواسطة السدود في مناطق معينة من جبال الألب تجميع الثلج الذائب في عدة بحيرات لا تقل حجمًا عن بحيرة جنيف. ويتوقع علماء البيئة، إذا ما تواصلت ظاهرة الاحتباس الحراري، والتغيرات البيئية، أن تصاب جبال الألب بصلع تام من الثلج حتى العام 2100. ويمكن لهذا لا أن ينهي عالم السياحة هناك فحسب، وإنما أن يتحول إلى نقص في مصادر المياه العذبة في بلدان الألب، وإلى كارثة زراعية وبيئية.
شارك في الدراسة حول مستقبل السدود لجليد الذائب جامعة زيورخ التقنية ومركز الأبحاث البيئية التابع للاتحاد الأوروبي في أسبرا / إيطاليا ومركز أبحاث «المياه والجليد» السويسري، ونشرت في مجلة «رسائل الأبحاث البيئية». وتحلل الدراسة، (التي وقعها الباحثون د. فارينوتي، وأزبستوكين وم. هوس)، في ضوء التوقعات البيئية حتى نهاية القرن الواحد والعشرين، مصير وطرق حصر نحو 400 «نهر» جليد ذائب في جبال الألب. وتتصور الدراسة أيضًا مواقع السدود «الافتراضية» الممكنة، وكمية المياه التي يجري توفيرها. وتشير الدراسة أيضًا إلى إمكانية توزيع وحصر كمية جليد ذائب تبلغ كيلومترًا مكعبًا، أو مليار لتر مكعب من الماء، كل سنة. وهذا يعد مستقبلاً بتوفير ثلثي المياه التي تحتاجها المنطقة في الصيف.
وتكفي بضع دزينات من السدود الكبيرة في جبال الألب، وفق حسابات العلماء، لحصر وتوزيع المياه في الصيف إلى بلدان جبال الألب بشكل عادل، وبحسب الاتفاقيات المعمول بها دوليًا. وكتب معدو الدراسة أنهم على وعي بالمصاعب التقنية التي ترافق هذا المشروع، وخصوصًا البيئية منها، وتلك الناجمة عن إغراق بعض الوديان أيضًا، لكن العواقب البيئية لذوبان الجليد المتوقعة أكبر وأخطر.
وأشاروا إلى أن الدراسة محاولة لتقليل عواقب ذوبان الثلج في الألب، وأنهم يعرفون أن وقف الكوارث البيئية بالتقنيات المتقدمة فقط مجرد «وهم». لكنهم ينوهون أيضًا إلى ما توفره سدود الثلج في جبال الألب من إمكانيات لتطوير الزراعة والرعي في البلدان التي تشترك بحدودها في هذه الجبال.
يمكن لسدود الجليد الذائب أن تقلل التأثير الضار لاستخدام مدافع الثلج على البيئة. إذ تطلق المؤسسات السياحية في بلدان جبال الألب (ألمانيا وسويسرا والنمسا وإيطاليا وفرنسا وليختنشتاين وسلوفينيا) مدافع الثلج الاصطناعي سنويًا لتغطي 24 ألف هكتار من القمم المهددة «بالصلع الجليدي». وتحتاج هذه المؤسسات إلى 95 مليون متر مكعب من الماء سنويًا كي تضيف باروكة «الشعر الأبيض»، للأغراض السياحية والرياضية، وهو ما يكفي، حسب رأي العلماء، لتزويد مدينة سكانها 1,5 مليون إنسان بماء الشرب طوال سنة.
أول سدود من نوعها للجليد في سويسرا وإيطاليا
لاعتمادها كمصادر مياه عذبة في الصيف
أول سدود من نوعها للجليد في سويسرا وإيطاليا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة