النائب العام الفلسطيني يحجز على أموال شركةبشبهة العلاقة مع دحلان

في خطوة تبدد أي تقارير حول مصالحة محتملة

محمد دحلان ({غيتي})
محمد دحلان ({غيتي})
TT

النائب العام الفلسطيني يحجز على أموال شركةبشبهة العلاقة مع دحلان

محمد دحلان ({غيتي})
محمد دحلان ({غيتي})

أصدر النائب العام لدولة فلسطين، المستشار أحمد براك، قرارًا بالحجز التحفظي وفقًا للقانون على أموال شركة مسجلة لدى السلطة الفلسطينية، بتهمة العلاقة وتلقي الأموال من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.
وقال النائب العام، في بيان له، إنه تم التحفظ على أموال شركة «السرينا» العالمية للتجارة والاستثمار، التي تعود ملكيتها لفادي السلامين، بعد وجود «تقارير اشتباه وردت من الجهات المختصة تفيد بأن شركة (السرينا) العائدة للسلامين، تلقت حوالات مالية من شركة (الثريا) للاستثمارات والبحوث، الممولة من قبل محمد دحلان. وتقدر هذه الحوالات بأكثر من مليوني دولار أميركي».
والسلامين هو أحد الناشطين البارزين المعارضين لسياسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومعروف بقربه من دحلان.
وأضاف بيان النائب العام: «السلامين قام بإنشاء الشركة في فلسطين وتسجيلها بهدف إدخال أموال مشبوهة»، مشيرًا إلى أن «الشركة لم تمارس أي نشاط تجاري أو استثماري فعلي في فلسطين منذ إنشائها، وإنما اقتصرت حركة حساباتها البنكية على تلقي هذه الحوالات من شركة (الثريا)».
وأكد براك أن «هذه الحوالات استخدمت لشراء عقارات داخل البلدة القديمة في القدس المحتلة، دون معرفة الجهة التي ستؤول إليها ملكية هذه العقارات».
وأوضح النائب العام أن هذا الحجز جاء تمهيدًا لاستكمال إجراءات التحقيق وفقًا للأصول والقانون.
والتحفظ على أموال شركة تابعة للسلامين ليس الخطوة الأولى التي تأخذها السلطة ضد مؤسسات أو شركات أو حسابات أشخاص يعتقد أنهم على علاقة مع دحلان، وتلقوا أموالا منه، أو من دولة داعمة له.
ويأتي ذلك في إطار الملاحقة المفتوحة التي تقوم بها السلطة ضد دحلان، والمحسوبين عليه، بعد اتهامات سابقه له بالتورط بالعمل ضد عباس.
وأصدر السلامين، الذي ينشط عبر صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بشكل لافت ضد عباس، ولديه مئات الآلاف من المتابعين، بيانا قال فيه، ردا على التحفظ على أموال شركته، إن الهدف من الشركة هو «الاستثمار في فلسطين، وخلق فرص عمل للشباب الفلسطيني، إضافة إلى حماية البلدة القديمة ومقدساتها من التسريب، وردع المستوطنين من التوغل في القدس»، مضيفا: «للأسف، السلطة الفلسطينية ضربت عرض الحائط بكل عمل وطني شريف، من أجل تصفية حسابات سياسية تحت شعار التطاول وانتقاد الرئيس عباس. وأنا سأستمر في الاستثمار في فلسطين، وتسخير نفسي ومالي وعلاقاتي من أجل فلسطين بشكل عام، والقدس بشكل خاص، ولا يوجد عائق أمامنا يستطيع ردعنا، سواء كان الاحتلال أم الرئيس عباس»، على حد قوله.
وكان السلامين قبل ذلك قد اتهم بنك فلسطين بالتحفظ على أمواله لصالح السلطة، مؤكدا أنه سيلاحقه قانونيا، قبل أن يعلن النائب العام أن القرار قرار رسمي.
وتبدد إجراءات السلطة كل التقارير الأخيرة حول إمكانية حدوث مصالحة بين الرئيس عباس ودحلان، بعد سنوات من القطيعة والملاحقة في الضفة.
وبدأت الخلافات الطاحنة بين عباس ودحلان، عندما كان الأخير عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح، إذ ظهرت الخلافات للعلن في نهاية عام 2010، بسبب هجوم شنه دحلان على الرئيس عباس وعائلته، وشكوك لدى القيادة الفلسطينية حول «تآمره» على الحكم.
وفي يونيو (حزيران) عام 2011، قررت مركزية فتح فصل دحلان من عضويتها، بعد ساعات من مغادرته رام الله، إثر محاصرة الأمن لمنزله واعتقال مرافقين له.
وبعد مناكفات عدة على فترات متباعدة، ومحاولات فاشلة للصلح بين عباس ودحلان، شن أبو مازن في مارس (آذار) 2014 أعنف هجوم ضد دحلان، يمكن وصفه بمحاولة إطلاق الرصاصة الأخيرة عليه، متهما إياه بالتخابر مع إسرائيل، وبالمسؤولية عن اغتيال قيادات فلسطينية، ملمحا إلى مسؤوليته عن تسميم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. ورد دحلان فورا باتهام عباس بالتضليل، واتهامه بكل التهم التي وجهت له، ومن بينها محاصرة عرفات، ومحاولة التخلص منه، إضافة إلى اتهامات بالفساد المالي.
وفي مايو (أيار) من العام نفسه، أصدرت محكمة فلسطينية قرارا بالحكم على القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان بالسجن لمدة سنتين، بتهمة القدح والذم والتحقير بمؤسسات الدولة الفلسطينية.
وكان دحلان، الذي يعرف بالرجل القوي في المؤسسة الأمنية، حليفا لعباس قبل الخلاف الطاحن بينهما، كما كان أحد أقوى المرشحين في فتح لخلافته.
وعقب المحلل السياسي والكاتب هاني المصري على قرار النائب العام، أمس، بقوله: «يمكن تفسير سلوك الرئيس محمود عباس منذ فصل محمد دحلان من حركة فتح، وملاحقته على كل المستويات والأصعدة، ورفض الجهود من أطراف عدة لمصالحته، بأنه يخشى أن يحدث معه ما حدث مع سلفه الرئيس الراحل ياسر عرفات، عندما تم عزله بتواطؤ فلسطيني عربي، وبتدخلات إسرائيلية أميركية، بدءًا باستحداث منصب رئيس الحكومة، ونقل صلاحيات كبيرة له، وصولاً إلى محاصرته في مكتبه، وانتهاءً باغتياله. فعباس لا يمكن أن يُدخل الدب إلى كرمه، لذلك أغضب الإمارات والأردن ومصر، لأن هذه قضية حياة أو موت بالنسبة إليه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».