المعارضة السورية تصعد معركة الساحل.. والنظام يدفع بتعزيزات

انفجاران في كلية طب الأسنان في حي المزة بدمشق

مقاتلون تابعون لـ«لواء الشام» خلال تدريب عسكري في مدينة دير الزور السورية أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون لـ«لواء الشام» خلال تدريب عسكري في مدينة دير الزور السورية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تصعد معركة الساحل.. والنظام يدفع بتعزيزات

مقاتلون تابعون لـ«لواء الشام» خلال تدريب عسكري في مدينة دير الزور السورية أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون لـ«لواء الشام» خلال تدريب عسكري في مدينة دير الزور السورية أول من أمس (أ.ف.ب)

قال ناشطون سوريون، أمس، إن قوات المعارضة واصلت تقدمها في ريف اللاذقية، حيث سيطروا على قرية النبعين الواقعة جنوب كسب، في حين تضاربت الأنباء حول استعادة القوات النظامية للمرصد 45 الاستراتيجي الذي يشهد معارك «كر وفر» عنيفة، بحسب ما أكده مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط». وبموازاة ذلك، دوى انفجاران في منطقة المزة وسط العاصمة السورية، قرب كلية طب الأسنان، في حين طرأ تطور لافت في دير الزور، حيث اشتبكت مجموعة من «جبهة النصرة» مع عشيرة عربية، في أول حادثة من نوعها.
وأفاد المرصد السوري باستمرار الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني وما يُعرف بـ«المقاومة السورية لتحرير لواء إسكندرون» الموالية للنظام، من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في منطقة كسب وقرية النبعين المحاذية لكسب التي ذكر ناشطون أن قوات المعارضة سيطرت عليها.
وتضاربت الأنباء حول استعادة القوات النظامية السيطرة على المرصد 45 الاستراتيجي المطل على الساحل. وفي حين ذكرت قناة «المنار» التابعة لحزب الله اللبناني، أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على المرصد، نفت مصادر المعارضة، مؤكدة استمرار سيطرتها عليها. وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة «تشهد معارك كر وفر عنيفة»، مشيرا إلى أن الاشتباكات «تجددت بوتيرة تصاعدية بعد قصف القوات الحكومية بعنف المرصد».
وأوضح عبد الرحمن أن انتحاريا أجنبيا تابع للكتائب الإسلامية المعارضة «كان رفع العلم النظامي على سيارة عسكرية مفخخة واقتحم بها حاجزا عسكريا للقوات الحكومية، تبعته مجموعة تقدمت باتجاه المرصد حيث سيطرت عليه»، لافتا إلى أن «القصف الذي أطلقته القوات النظامية، دفع مقاتلي جبهة النصرة و(أنصار الشام) و(شام الإسلام) إلى الانكفاء قليلا، حيث استقرت المعارك على شكل الكر والفر».
وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون معارضون على الإنترنت وصول المقاتلين إلى البحر، حيث يسبحون، ويرفع آخرون أعلام فصائل إسلامية بمحاذاة البحر. وقال ناشطون إن المنطقة هي ساحل قرية السمرة، في أقصى شمال الأراضي السوري الساحلية. وإذ أكد عبد الرحمن أن وصول المعارضة إلى البحر «هو إنجاز معنوي بالغ الأهمية»، قال إن طبيعة المنطقة وخليطها الديموغرافي بين سكان علويين ومسيحيين «يمنع إلى حد كبير بسط المقاتلين الإسلاميين سيطرتهم على المنطقة»، لافتا إلى أن القوات الحكومية دفعت بتعزيزات عسكرية، فضلا عن قوات الدفاع الوطني إلى المنطقة. وقال إن عددا كبيرا من المتطوعين العلويين «بدأوا بالوصول إلى شمال اللاذقية، آتين من قرى بانياس وطرطوس، كونهم يعدون المعركة، معركة حياة أو موت».
في المقابل، تحدثت مصادر المعارضة بريف اللاذقية عن حركة نزوح كثيفة شهدتها المناطق المؤيدة للنظام السوري بريف اللاذقية الشمالي، على ضوء الاشتباكات، واتساع رقعتها. وقالت المصادر إن القرى ذات الأغلبية العلوية والمسيحية الواقعة في محيط جبل التركمان «ينزح سكانها منها، خوفا من تمدد الاشتباكات إليها، ويتوجهون إلى مناطق أكثر أمانا في العمر بمحاذاة مدينة اللاذقية». وتبعد مناطق الاشتباكات مسافة 60 كيلومترا عن مدينة اللاذقية، وتحكم المعارضة الآن، سيطرتها على معبر كسب الحدودي مع تركيا وقرية السمرة، وهي منفذ وحيد للمعارضة على البحر.
في غضون ذلك، أفاد المرصد بقصف الطيران المروحي مواقع في منطقة سلمى بجبل الأكراد في الريف الشمالي، بالبراميل المتفجرة، في حين تواصل القصف على مواقع في جبل التركمان، شرق بلدة قسطل معاف التي تشهد اشتباكات في محيطها، مع محاولة المقاتلين الإسلاميين السيطرة عليها.
في غضون ذلك، أفاد ناشطون بوقوع تفجيرين في كلية طب الأسنان في حي المزة، بالعاصمة السورية. وأفاد المرصد بأنهما ناجمان عن انفجار عبوتين ناسفتين. وفي ريف دمشق، قال ناشطون إن القوات النظامية استهدفت حي جوبر، ومدينة الزبداني بالقصف المدفعي والجوي، مشيرة إلى قصف الزبداني بـ16 برميلا متفجرا. إلى ذلك، قصفت القوات النظامية مناطق في حي العسالي، ترافق مع فتح القوات النظامية نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في البساتين المحيطة بحيي الحجر الأسود والعسالي.
وفي سياق متصل بالمعارك، نفى «جيش الإسلام» صحة ما يُشاع عن انسحاب مقاتليه من جهات كثيرة في ريف دمشق، بينها جبهة دير سلمان. ووضع المتحدث الإعلامي باسم جيش الإسلام ما يُشاع في إطار «حملة تقام ضده».
وفي تطور لافت، هو الأول من نوعه في دير الزور، أفاد المرصد السوري بمقتل سبعة مقاتلين تابعين لجبهة النصرة إثر مداهمة منزل عضو سابق بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، كان رفض تسليم نفسه. وقال المرصد: «إثر محاولة مقاتلي النصرة مداهمة المنزل، وقعت اشتباكات لتشمل مسلحين من العشيرة غير منتمين لـ(داعش)، وبعض مقاتلي العشيرة المنتمين لجبهة النصرة ضد زملائهم في الجبهة».
وأوضح عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن المسلحين «خرقوا النظام المتبع في العشيرة، ومسوا بثوابت القبيلة، ما دفع مسلحين منها إلى القتال للحفاظ على تقاليدهم القبلية». كما دارت اشتباكات عنيفة بين مسلحي عشيرتين عربيتين إثر الخلاف حول السيطرة على بئر نفطي في منطقة الأزرق ببادية الجزيرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.