شاشة الناقد

«الصياد: حرب الشتاء»
«الصياد: حرب الشتاء»
TT

شاشة الناقد

«الصياد: حرب الشتاء»
«الصياد: حرب الشتاء»

- X‪ - ‬Men‪:‬ Apocalypse
- إخراج: برايان سينجر
- كوميكس | الولايات المتحدة | 2016
- تقييم الناقد: (*2 من خمسة)‬
سيتذكر بعض مشاهدي هذا الجزء الجديد (نحتاج لمن يحصي) من مسلسل «رجال إكس»، أنه الفيلم الذي يتميز بغياب الممثل هيو جاكمان وسكاكينه التي تخرج من قبضتي يديه، وبقيام جنيفر لورنس بضرب مفتول عضلات ومسلح شرس بكوع ذراعها فترديه!
لا وقت، في هذه الأفلام، لأن يتوقف إرسال الهذر الماثل لمعرفة كيف يمكن لمحارب قوي أن يسقط أرضًا بضربة من عظمة الكوع على ذقنه ناهيك بأن يموت بها. لكن كان هناك أكثر من وقت كافٍ خلال التصوير لتبرير ذلك. ربما عبر تزويد كوع جنيفر لورنس بمسدس يطلق رصاصًا صامتًا، أو بشفرة سامّة ما إن تمس بشرة العدو حتى ترديه.
«رجال إكس: أبوكاليبس» فيه حشد كبير من مثل هذه المفارقات التي بات من «الموضة غير العصرية» التوقف عندها، تمامًا كما أن «الموضة» ذاتها تفرض اليوم أن يقوم الفيلم على أكتاف نحو عشرة أبطال (أكثر هنا) كل منهم يريد مساحته من «الولدنة» وإظهار القدرة التي يبز بها قدرات الآخرين من دون أن يتجاوزها لأن البطولة جماعية.
إنها مهمّة صعبة على كتاب هذا الفيلم، بينهم مخرجه نفسه برايان سينجر، تخصيص كل واحد من هؤلاء الأبطال الذين يمتلكون قدرات غير عادية، لأكثر من تمهيد سريع في أحداث عليها أن تعود إلى كيف تم لهذا الجمع الالتقاء بعدما اكتشف كل منهم أنه يمتلك مثل تلك الميزة التي ستتحوّل إلى سبب لنقمة السلطات، كما أوضحت الأجزاء السابقة من هذا المسلسل. لكن ما يفرضه هذا الوضع هو القفز من شخصية إلى أخرى بلون واحد (نيون أزرق على محيط أسود) وتسارع «التمبو» الخاص بالفيلم كما الشهب الذي لا يعطيك سبب مروره العابر ولا لماذا عليك أن تفكر به فيما بعد.
لكن الحكاية التي يستلهمها المشاهد العنيد موجودة بالفعل. وهي هنا تعود إلى نحو 3500 سنة قبل المسيح. هناك في مصر القديمة عاش، تبعًا للفيلم طبعًا، مخلوق شرس أسمه «أبوكاليبس» (أوسكار أيزاك) الذي عاث فسادًا وهلاكًا ثم اختفى إلى أن أخرجته أحداث الفيلم سنة 1983 بفضل مجموعة من المصريين الذين ما زالوا يعبدونه. لا شك أن الصدمة الثقافية كافية لأن تفقد شخصًا مات في عصر ساحق ثم عاش من جديد في عصر حديث عقله. لكن شكرًا للتلفزيون. صباح نور جلس أمام الشاشة الصغيرة والتهم كل ما أصاب الحياة الحاضرة وعليه عرف كيف سيخربها وهو سيجمع أربعة فرسان علما بأنه يستطيع فعل كل شيء وحده لو أراد له الفيلم ذلك ولن يجد من يستطيع الوقوف في طريقه سوى هؤلاء الأفراد الذين سيذودون عن أنفسهم والعالم حتى آخر دولار في ميزانية وصلت إلى 224 مليون دولار.
كما يقفز الفيلم في نصف ساعته الأولى بين الشخصيات الكثيرة كل منها يقدّم نمرته الفريدة، يقفز أيضًا بين الدول فهو في بولندا وفي بريطانيا وفي الولايات المتحدة وفي مصر. والأخيرة، كما يصورها الفيلم، هي أسوأ تلك المدن. لا تزال بلا حضارة لا عمرانية ولا ثقافية. شعبها ليسوا من الفقراء فقط، بل من الفقراء الأشقياء. حتى عندما يلاحق بائع لصًا فإن الشرير يصبح البائع كما لو أنه هو من سرق اللص وليس العكس.
لاحقًا في الفيلم، يستمر التوهان الناتج عن المونتاج السريع والتقطيع المتوتر ويضيف إلى حكايته قيام أبوكاليبس بجمع كل الصواريخ النووية وإرسالها لكي تنفجر في الفضاء البعيد. فكرة يمكن لها أن تحوّله إلى بطل قومي لولا تلك الخصال السيئة التي يتمتع بها.
مثل أفلام أخرى، «رجال إكس: أبوكاليبس» هو صوت ضوضائي وصورة بلا فن على موضوع سخيف.

(*)لا يستحق
(**)وسط
(***)جيد
(****)ممتاز
(*****)تحفة



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.