أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن التفجيرين اللذين وقعا أمس في خور مكسر بعدن وأسفرا عن مقتل أكثر من 40 شخصا وإصابة العشرات، ويعد الهجوم الثاني من نوعه للتنظيم بعدن خلال أقل من أسبوعين. وقع التفجيران في حي خور مكسر وسط عدن التي أعلنها الرئيس عبد ربه منصور هادي عاصمة مؤقتة بعد سقوط صنعاء بيد المتمردين في سبتمبر (أيلول) 2014؛ فقد فجر انتحاري حزامه الناسف وسط تجمع للمجندين قرب «معسكر بدر» القريب من منزل قائده العميد عبد الله الصبيحي.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر من مائة قتيل وجريح سقطوا جراء العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا تجمعا للمجندين أمام منزل القائد الصبيحي بحي الإنشاءات بخور مكسر، وبوابة معسكر بدر التدريبي.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، عن إدانته واستنكاره الشديدين للعمليتين اللتين استهدفتا مجندين.
وأجرى رئيس الوزراء، الذي يشارك حاليا في القمة العالمية للعمل الإنساني بإسطنبول، عددا من الاتصالات الهاتفية من مقر إقامته، بقيادات السلطة المحلية بمحافظة عدن، والقيادات الأمنية والعسكرية، للوقوف أولا بأول على تفاصيل الحادث الإرهابي الجبان.
وأكد أن «أيادي الغدر والتطرف التي امتدت مجددا لتضرب في عدن، محاولة بائسة وعبثية للرد على الهزائم الساحقة التي تلقتها من الجيش الوطني والمقاومة بدعم من التحالف العربي، بعد دحرها من عدد من المناطق وآخرها محافظة حضرموت التي ظلت مسيطرة عليها لأكثر من عام».
وأشار رئيس الوزراء إلى أن «الإرهابيين والمجرمين لن ينالوا من عزم وتصميم الدولة والحكومة وأشقائها في التحالف العربي، على الاستمرار في استئصال شأفة الإرهاب وملاحقة عناصره المتطرفة أينما وجدوا في اليمن، حماية للأمن والاستقرار الداخلي والإقليمي والدولي».
الشاب العشريني أكرم العيسائي، أحد شهود العيان من أبناء حي الإنشاءات مسرح العملية الإرهابية، روى واقعة التفجير الإرهابي.. وقال العيسائي لـ«الشرق الأوسط» إنه في وقت مبكر من صباح الاثنين، وتحديدًا في تمام الساعة الثامنة والنصف، قام انتحاري بتفجير نفسه أمام بوابة منزل الصبيحي وسط تجمع للشباب العسكريين، حد قوله.
وأردف: «قام انتحاري بالدخول إلى وسط المجندين العسكريين عندما كانت مجموعة كبيرة من الشباب المستجدين في السلك العسكري، منتظرين للجنة الترقيم العسكري داخل بيت الصبيحي، وفجأة وقع الانفجار الذي تبين مؤخرًا أنه كان بحزام ناسف». العيسائي كشف لـ«الشرق الأوسط» عن مشاهدة الشباب قبل حصول العملية الإرهابية لسيارة مارة كانت تصور قبل الانفجار بـ10 دقائق.
وأوضح أن إفادات كثيرين من شهود العيان رصدت وجود الانتحاري بين العسكريين منتظرا بصورة طبيعية، ليقوم بتفجير نفسه وسط جموع الشباب العسكريين الذين تساقطوا بين قتلى وجرحى، وعددهم قد يصل إلى أكثر من مائة.
وقال إن امرأة كانت تقود سيارة أثناء مرورها إلى منزلها الذي يقع في الحي الذي يوجد فيه منزل القائد الصبيحي وقت العملية الإرهابية، أصيبت إصابة خطيرة، وجرح عدد من المدنيين في الواقعة، على حد قوله.
وخلال دقائق من تفجير انتحاري نفسه بحزام ناسف بحشد من المجندين الشباب أمام بوابة القائد العسكري عبد الله الصبيحي، استهدفت مجموعة إرهابية بوابة «معسكر بدر» بعبوة ناسفة سقط على أثرها عدد من القتلى والجرحى.
من جهته، أوضح الدكتور ميثاق الحريري، مدير العلاقات العامة بمكتب الصحة والسكان بعدن، أن مستشفى الجمهورية الحكومي المركزي وسط عدن في حالة طوارئ دائمة منذ وقوع العمليات الإرهابية صباح أمس، وأن هناك 6 غرف عمليات تنشط لإنقاذ الجرحى ويشارك فيها 60 طبيبا وجراحا من مختلف التخصصات، على حد قوله.
وقال الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن كثيرا من الجرحى وضعهم حرج، وإنهم في غرف العمليات وسط جهود كبيرة يبذلها الأطباء لإنقاذهم، مشيرًا إلى أن الإصابات تنوعت بين خطيرة ومتوسطة، وسط حالة استنفار للتبرع بالدم لصالح الجرحى.
وأشار إلى أن سيارات الصحة والإسعاف تقوم بعمليات نقل متواصلة لعدد كبير من الجرحى لعمل الأشعة في مستشفيات «النقيب» و«الوالي» و«صابر» الأهلية، ومن ثم تتم إعادتهم إلى مستشفى «الجمهورية» لاستكمال العمليات، نظرًا لعدم وجود أشعة في المستشفى الحكومي. وأوضحت مصادر محلية مطلعة أن حصيلة التفجيرات الإرهابية وصلت حتى كتابة التقرير إلى 42 قتيلا وأكثر من 70 جريحا، وأن العدد قابل للزيادة نتيجة للحالات الحرجة التي يمر بها كثيرون في غرف العمليات المركزية.
إلى ذلك، قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إنه لا صحة للأخبار التي تشير إلى أن منفذ التفجير الانتحاري امرأة، مشيرين إلى أن تلك المعلومات خاطئة، وأن المرأة التي أصيبت بإصابات خطيرة جدا، كانت مارة عندما وقع التفجير الانتحاري، وكانت تقود سيارتها بنفسها في الطريق إلى منزلها الذي يقع بجانب بيت العميد الصبيحي.
وأوضحوا أن المرأة هي الضحية المدنية، إلى جانب 3 آخرين كانوا مارين وقت التفجير الإرهابي الذي كان بحزام ناسف واستهدف تجمعا من المجندين العسكريين أمام منزل العميد الصبيحي قائد «اللواء 39» بحي الإنشاءات.
وتأتي عمليتا خور مكسر الإرهابيتين بعد يوم واحد من اتهام محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، أحزابا سياسية بالوقوف وراء إسقاط عدن في الفوضى واستغلال معاناة الناس.
وكانت قوات هادي المدعومة من التحالف، استعادت السيطرة على عدن في يوليو (تموز) الماضي، من المتمردين الذين سيطروا على أجزاء واسعة منها. إلا أن القوات الحكومية تواجه منذ ذلك الحين صعوبة في فرض الأمن الكامل في المدينة التي شهدت تناميا في نفوذ الجماعات المسلحة، وبينها تنظيما «القاعدة» و«داعش». وسبق للتنظيمين تبني هجمات عدة في عدن ومناطق يمنية أخرى، خصوصا في الجنوب، تركزت على رموز سلطة الدولة، خصوصا قوات الأمن من الجيش والشرطة، إضافة إلى بعض المسؤولين السياسيين. ففي 15 مايو (أيار) الماضي، تبنى تنظيم داعش هجوما انتحاريا بحزام ناسف استهدف عشرات المجندين من الشرطة في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت (جنوبي شرق)، ما أدى إلى مقتل 41 شخصا. وكانت المكلا ومناطق من ساحل حضرموت تحت سيطرة تنظيم القاعدة لأكثر من عام، قبل أن تستعيدها القوات الحكومية بدعم من قوات التحالف في 24 أبريل (نيسان). ولا يزال تنظيم القاعدة موجودا في مناطق أخرى بحضرموت. وفي أبريل، قتل 20 مجندا من الجيش في كمين نصبه متشددون في محافظة أبين المجاورة لحضرموت، حيث تتمتع «القاعدة» أيضا بنفوذ واسع. وفي فبراير (شباط)، قتل 14 شخصا على الأقل في هجوم استهدف معسكر تدريب للجيش في عدن، تبناه تنظيم داعش.
وأفادت التنظيمات الإرهابية إلى حد كبير من النزاع المستمر منذ أكثر من عام بين الحكومة والمتمردين، لتعزيز نفوذها في اليمن.
وتسعى الأمم المتحدة بدعم من عدد من الأطراف المعنية بالنزاع اليمني، إلى التوصل لحل للنزاع من خلال مشاورات سلام بدأت في الكويت في 21 أبريل الماضي، وواجهتها عثرات عدة حالت دون تحقيق اختراق جدي.
وأعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ، أمس، عبر «تويتر»، أن وفدي المفاوضات عاودا اللقاءات المباشرة بعد تعليق الوفد الحكومي مشاركته فيها الثلاثاء الماضي.
عشرات القتلى بتفجيرين لـ «داعش» استهدفا طالبي التجنيد في عدن
وقعا قرب منزل العميد الصبيحي قائد «معسكر بدر».. والحكومة اليمنية تؤكد استمرارها في ملاحقة المتطرفين
عشرات القتلى بتفجيرين لـ «داعش» استهدفا طالبي التجنيد في عدن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة