جمهور كان لا يحب أفلام الأشباح، أو الأفلام التي تتعامل مع الأشباح، وربما أي فيلم آخر فيه قدر جلي من الميتافيزيقيا. لم يحب في العام الماضي فيلم غس فان سانت «بحر من الأشجار»، وكره أكثر فيلم أوليفييه ساياس الجديد «متبضّعة خاصة» (Personal Shopper) فمنحه ما استحقه من صفير وضوضاء، والكثير من الكلمة المفضلة في هذه المناسبات Boooooooo.
لكنه يحب الممثلة الأميركية كرستين ستيوارت، وتجربتها السابقة مع المخرج أوساياس التي تمّت قبل عامين بفيلم «غيوم سيلز ماريا»، استقبلت في «كان» بحماس ودفعت النقاد لمشاهدة هذا التعاون الجديد متوقعين عملاً يوازيه جودة أو يضيف إليه.
لكن كلا الفيلمين يختلف عن الآخر في كل شيء ما عدا السمات الفنية الأساسية لكل من المخرج وبطلته. ما يختلف «متبضّعة خاصة» به هو أنه طرح يبدأ مثيرًا للاهتمام وينتهي مثيرًا للملل واللامبالاة في نهايته. كرستن ما زالت الممثلة التي تقع العين عليها وتحبها طوال الفيلم. في الفيلم السابق، لعبت دورًا مساندًا (لجولييت بينوش) في فيلمها الحالي هي الدور الأول: فتاة أميركية شابة تعيش في باريس. مات شقيقها التوأم قبل حين قريب وتعتقد أن روحه ما زالت في عالمنا، فتتواصل معه بحماس قبل أن يتولد من هذا التواصل مسببات اضطراب وخوف.
كرستن كانت أفضل من ظهر في صف ممثلي وودي ألن الذي تم افتتاح هذه الدورة به وهو «كافيه سوسيتي»، لكنها بقيت تحت رحمة إدارة تحدد لها ما تقوم به. هنا يتركها المخرج الفرنسي أوساياس تلعب دورها بحرية أكبر. تتحرك تلقائيًا. تستوعب الشخصية وتمارسها بفاعلية وتحمل الفيلم على كتفيها، باستثناء أن الفيلم لا يستحق الحمل طويلاً.
قبل ذلك، هي أحد الوجوه الكثيرة التي انطلقت من أفلام رعب (فعلية) مثل جوني دب وجايمي لي كيرتس، فهي الابنة الصغيرة لجودي فوستر في «غرفة الفزع» (2002) ممثلات «كولد كريك مانور» (مع شارون ستون وجولييت لويس، 2003) قبل أن تتبوأ بطولة سلسلة «توايلايت» لاعبة دور فتاة شابة تحب رجل - ذئب ثم تلتحق بقطيعه. منذ أن تركت السلسلة سنة 2012 ازداد حضورها في الأفلام التي تشكل الدراما الاجتماعية أو العاطفية فيها كيانًا أساسيًا، كما الحال في «ما زلت أليس» (2014) و«غيوم سيلز ماريا».
* «متبضّعة خاصة» ثاني فيلم لك مع المخرج أوليفييه أساياس. هل اتفقتما على العمل معًا خلال تجربة العمل الأول بينكما؟
- لم نتطرق إلى هذا الموضوع عندما عملنا معًا. منتجه أخبرني بذلك بعد انتهاء التصوير على «غيوم سيرا ماريا» بفترة.
* لا أريد أن أطرح عليك سؤالاً تتوقعينه مثل كيف يتميّز وودي ألن عن أوساياس أو العكس، لكن كيف وجدت العمل في السينما الأوروبية مقابل العمل في أفلام هوليوود؟
- مثير جدًا هذا الأمر بالنسبة لي. سؤال جيد لأن عندي الكثير من الملاحظات التي اكتسبتها من خلال العمل في فيلمي أوساياس. ثقته بالممثل والتآلف السريع الذي يبنيه مع محيطه من العاملين معه كما مع ممثليه. الأهم في نظري هو العدد المحدود من الأشخاص الذي يعملون في الفيلم الواحد مقابل كل هذا العدد الكبير من الفنيين والعاملين خلال تصوير أي فيلم أميركي مثلته من قبل. أعتقد أن هذا يحسم الأمر أمام الممثل. أقصد أنني وجدت في هذا العدد المحدود من الفنيين وطاقم التصوير القدرة على التآخي. وجدت أنني أتعامل مع أناس حقيقيين في الواقع.
* ما كانت ردة فعلك عندما علمت بأن أوليفييه أوساياس يكتب سيناريو فيلم «أشباح»، وأنت التي خرجت سالمة من أفلام الرعب السابقة؟
- في الحقيقة خشيت أن يكون فيلمًا شبيهًا بسلسلة «توايلايت» إذا كان هذا ما تقصده. لكني من ناحية أخرى لم أعتقد أن فنانًا مثله سينجز فيلمًا مثل هذه الأفلام. ولا أرى أن «متبضّعة شخصية» هو فيلم رعب أساسًا. وهذا ما وجدته عندما قرأت السيناريو.
* قد يكمن سبب إعجابك بهذا السيناريو الذي هو حكاية أشباح في الواقع هي النظرة المختلفة لهذا العالم. لا يقصد المخرج تقديم فيلم رعب بل تقديم فيلم عن امرأة قد تعتقد أن روح شقيقها التوأم تلاحقها.
- هذا صحيح تمامًا. أعتقد أن هذا الفيلم هو تفسيره الخاص لعالم الماورائيات وأن اهتمامه الأول كان إلقاء نظرة على رد الفعل لدى الشخصية التي مثلتها، وعلى مشاعرها الداخلية والإنسانية حيال ما تمر به.
* هناك ذلك القسم في منتصف الفيلم (نحو عشرين دقيقة) الذي تقومين فيه بإرسال وتسلم الرسائل الإلكترونية مع شقيقك، أو بالأحرى مع روح شقيقك. هل تعتمدين على التكنولوجيا في حياتك الخاصة إلى حد بعيد؟
- بدأت ذلك ربما متأخرة بعض الشيء. أنا أحب التواصل مع الآخرين بأي شكل من الأشكال والهواتف والرسائل الإلكترونية سواء عبر الهواتف أو عبر الكومبيوتر وسواها من النتائج الحديثة في عالم التواصل هو جزء من تواصلنا في شتّى الظروف. يقول البعض إن الناس كانت تتواصل شفهيًا أكثر مما تفعل اليوم، لكنك تستطيع أن تفعل ذلك عبر الهاتف أو «سكايب».
* هل تحدثت مع أوساياس مستوضحة السبب في هذا الفصل من المشاهد؟
- كان كل شيء واضحًا بالنسبة لي، ولم تكن هناك حاجة للتشاور بشأن هذه المشاهد. لكن أعتقد أنك لو سألت أوساياس عنها لقال لك وجهة نظر أراها صحيحة، وهي أن التواصل مع الأرواح كان يتم في السابق عبر حلقات استحضار أرواح. تعرف ما أقصد. التواصل عبر الإلكترونيات هو أكثر ملاءمة لهذا العصر في كل حال.
* عندما تركت سلسلة «توايلايت» بصورة نهائية سنة 2012 هل خططتِ لما سيلي ذلك من مرحلة أم أنك لم تتوقعي شيئًا محددًا؟
- كانت نهاية مرحلة بالنسبة لي. لم أكن خططت لأي شيء سوى أن أمثل الفيلم الأخير من السلسة (Twilight Sage: Breaking Dawn 2) وأترقب عروضًا أخرى. لكن دعني أخبرك بأنه كان يومًا حزينًا عندما انتهينا من تصوير ذلك الفيلم، الذي هو نهاية أفلام السلسلة. شعرت بالأسف لأنني سأترك صداقات تنامت على مدى سنوات العمل في ذلك المسلسلم.
* إنها تلك الفترة التي كنت فيها ما زلت طرية في العمل. هل هذا الوجه الناضج الذي شاهدناه في أفلامك الأخيرة، ومنها طبعًا فيلماك مع ألن وأساياس أم أنك ما زلت تشعرين بأنك ما زلت في مرحلة ارتقاء؟
- أحب أن أعتبر أنني في مرحلتين منفصلتين. الأولى كانت تمهيدية لهذه الحالية. لكن سؤالك يفترض أنني مختلفة في ذلك عن كل الممثلين الآخرين. الحقيقة ليست كذلك على الإطلاق. كلنا - حسنًا لنقل معظمنا، ينتقل من مرحلة أولى تشمل بداياته والطريقة التي يستقبله الجمهور فيها ومن مرحلة لاحقة هي الأكثر نضجًا. اعتقد أنها أيضًا المرحلة التي تلتصق به أكثر من سواها.
* أي فيلم صورته قبل الآخر «كافيه سوسيتي» أو «متبضعة شخصية»؟
- «كافيه...». في البداية أراد أوساياس أن يصوّر هذا الفيلم قبل دخولي تصوير فيلم وودي آلن. لكني كنت أعلم أن هذا لن يكون ممكنًا بالنسبة لي..
* لظروف العمل من حيث التوقيت؟
- لا. ليس على الإطلاق، بل لأن الشخصية التي أمثلها في كلا هذين الفيلمين تختلف تمامًا. في فيلم وودي ألن أنا فتاة عاطفية سهل كسرها. في فيلم أوليفييه أنا امرأة صعبة وشخصيتها أكثر دكانة. لم أرد أن أصوّر هذا الفيلم قبل فيلم ألن، لأني فكرت بأنني سأبذل جهدًا كبيرًا هنا بحيث قد ينعكس ذلك سلبًا على أدائي في فيلم وودي ألن. شخصيتي هنا داكنة ومثلتها بكثير من الدكانة النفسية التي طورتها وبلورتها خلال تحضيري للدور. لذلك كان من الأسهل تصوير فيلم ألن قبل تصوير هذا الفيلم.
كرستين ستيوارت ممثلة الرعب التي أحبها جمهور «كان»
بطلة «كافيه سوسيتي» لـ«الشرق الأوسط»: هناك مرحلتان في حياتي.. الأولى مهدت لما أنا عليه اليوم
كرستين ستيوارت ممثلة الرعب التي أحبها جمهور «كان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة