عناق موسيقي بين «كناوة» و«البلوز» و«الفلامنغو» في مهرجان الصويرة

حفلات مزج وارتجال موسيقي ساحر بين فنانين مغاربة وأجانب

جمال الدين طاكوما (الولايات المتحدة) وحسن بوسو (المغرب) بمنصة مولاي الحسن خلال الحفل الذي جمعهما ضمن فعاليات المهرجان («الشرق الأوسط»)
جمال الدين طاكوما (الولايات المتحدة) وحسن بوسو (المغرب) بمنصة مولاي الحسن خلال الحفل الذي جمعهما ضمن فعاليات المهرجان («الشرق الأوسط»)
TT

عناق موسيقي بين «كناوة» و«البلوز» و«الفلامنغو» في مهرجان الصويرة

جمال الدين طاكوما (الولايات المتحدة) وحسن بوسو (المغرب) بمنصة مولاي الحسن خلال الحفل الذي جمعهما ضمن فعاليات المهرجان («الشرق الأوسط»)
جمال الدين طاكوما (الولايات المتحدة) وحسن بوسو (المغرب) بمنصة مولاي الحسن خلال الحفل الذي جمعهما ضمن فعاليات المهرجان («الشرق الأوسط»)

يحسب لـ«مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، الذي تحتضنه مدينة الصويرة المغربية، منذ 1998، والذي اختتمت دورته الـ19، يوم أمس، أنه يأتي كل سنة بنجوم عالميين، محسوبين على كل الأشكال الموسيقية الرفيعة، متيحًا إمكانية التعارف والمزج والإقامات الموسيقية بين الفنانين.
وما بين المزج والإقامات الفنية، تمت المحافظة، خلال دورة هذه السنة، على المواعيد الرئيسية للمهرجان، فكانت أفريقيا حاضرة، بل قاطرة للمهرجان بمنتدى «الدياسبورا» الأفريقية، أو بالأسماء الآتية من القارة السمراء أو ذات الأصول الأفريقية، والتي تشرف عالم الموسيقى، وهو ما أكد جملة أن مهرجان «كناوة» هو «مهرجان في قلب أفريقيا، بقلب أفريقي».
لذلك، يبقى مهرجان الصويرة أكثر من استعراض للموسيقى، إنه مهرجان لخلق الموسيقى، إذ هو، كما تقول نائلة التازي، منتجة التظاهرة، «مختبر حقيقي للمزج الموسيقي، ونحن متشبثون بمواصلة هذا النهج. كما نعمل على حماية هذه الخصوصية والأصالة التي تميز هذا المهرجان وتمنحه معنى ومصداقية». وهو، كما يقول عبد السلام عليكان، المدير الفني للمهرجان ورئيس جمعية «يرمى كناوة»: «حركة فعلية من أجل الثقافة (الكناوية)، ومن أجل (لمعلمين) فيما بينهم، حيث يتعارفون ويلتقون ويتبادلون ويخرجون من مجال سهرات (الجذبة) الخاصة ليتذوقوا المنصة، بل كبرى المنصات. كما أنه مكن فناني (كناوة) من الالتقاء بفنانين عالميين وإنجاز المزج الفني معهم».
من جهته، قال كريم زياد، المدير الفني للمهرجان، عن اختيار البرمجة الفنية والمزج الموسيقي، إنهم يحاولون، انطلاقًا من طلبات عدة، من سيصعد للمنصة، وذلك بالتنسيق مع فريق متكامل، من مكلفين الإنتاج ومنسقين فنيين ومديرين فنيين، مشيرا إلى أن دوره يتمثل في «تأليف ذلك الجسر بين مختلف الثقافات، إذ بالإنصات إلى كل الفرق يمكن معرفة ما إذا كان بالإمكان خلق المزج أم أنها متباعدة عن بعضها بعضًا، قبل أن يتم اختيار الفرق الموسيقية وفقًا لذلك، ووفق القدرة على فهم هذه الإيقاعية المميزة لـ(كناوة)».
وأشار زياد إلى أن ما أضافه المهرجان لفناني «كناوة» هو تلقينهم فضيلة الإنصات إلى موسيقيين آخرين، ولذلك تعلموا كيف يمكن التفاعل مع الموسيقي الضيف. مبرزًا أن مهرجان الصويرة هو «المهرجان الوحيد في العالم الذي يعد مختبرًا للموسيقى، حيث يتم توليف النغمات والبحث عن نغمات جديدة، كما أنه الوحيد الذي يمزج فرقًا تقليدية بفرق عصرية».
وشدد زياد على أنه، بحكم معرفته بموسيقى «كناوة» وبالموسيقى الغربية، صارت لديه قناعة بأن هناك عدة جسور بين الاختيارين، مشيرًا إلى أن الموسيقي الجيد هو من يستطيع فهم اللغات الموسيقية المختلفة، وأن على الموسيقي العصري أن يدرك أن الموسيقى التقليدية تبقى موسيقى غنية، بإمكانها أن تقدم الكثير.
وتضمن برنامج دورة هذه السنة من مهرجان «كناوة» حفلات مزج موسيقي بين فناني «كناوة» من المغرب وفنانين عالميين متخصصين في أشكال موسيقية مغايرة كـ«الجاز» و«البلوز» و«الفلامنغو».
وتعددت حفلات المزج، بشكل أكد صواب الاختيار والإضافة التي يقدمها هذا التوجه للمهرجان المغربي، فكان للجمهور الغفير، الذي حج لمتابعة فعاليات التظاهرة، موعد مع حفل جمع «لمعلم» عبد السلام عليكان (المغرب) و«صونغوي بلوز» (مالي)، حيث شكل اللقاء ثمرة لقاء بين «تاكناويت» وجذوره العميقة من قلب أفريقيا، وبين آلة «الهجهوح» لعليكان واندفاع وشغف الرباعي «صونغوي بلوز»، فسحرت قوة البلوز والفانك وباقي الأصناف الموسيقية اللاحقة لموسيقى «كناوة» جمهور ساحة مولاي الحسن.
كما تألق «لمعلم» كويو (المغرب) و«جيف بلار» (الولايات المتحدة) في حفل فني جمع «كناوة» بـ«الجاز»، فضلاً عن اللقاء الذي جمع جمال الدين طاكوما (الولايات المتحدة) وحسن بوسو (المغرب)، حيث التقت موسيقى «كناوة» بـ«الجاز» و«الفانك»، في حفل قدم خلاله طاكوما جزءًا من رصيده الموسيقي، وكشف عن عالمه الفني المتميز، منجزًا مع بوسو مزجًا موسيقيًا بنفحة الجذور والأصول، مما منح الجمهور حفلاً موسيقيًا بهيجًا ومؤثرًا.
كما شكل الحفل الذي جمع فرقة «لاس ميكاس» (إسبانيا) ومهدي ناسولي (المغرب)، فرصة لتقديم مزج موسيقي بنفحة قوة «الفلامينكو» مع استغلال الرنات الآتية من جهات أخرى، وهي رنات التقت مع الموسيقي المغربي، وهو كناوي شاب موهوب سبق له أن أنجز مزجًا موسيقيًا جميلاً، في السابق، قبل أن يعود، في دورة هذه السنة، مع فرقة نسائية تتقن فن «الفلامينكو» ليوظفه بأسلوبه الخاص.
ولم تقتصر حفلات المزج بين موسيقى «كناوة» وأشكال موسيقية لفنانين قادمين من خارج البلد، إذ برمج المنظمون لقاء مزج موسيقي بين فن «كناوة» وتراث «عيساوة»، الذي يعود إلى القرن السادس عشر، زمن تأسيس الزاوية العيساوية من طرف سيدي علال الهادي بن عيسى؛ حيث جمع لقاء الصويرة بين «لمْعلم» عبد الكبير مرشان وفرقة «عيساوة» فاس، استمتع خلاله الجمهور بسهرة مسكونة بسلطة «الفولكلور» المغربي، حيث تزاوج فن «تاكناويت» لآلة الهجهوج لمرشان وإيقاعات «عيساوية»، الشيء الذي أذكى الإيقاعات الصوتية، محولا ساحة مولاي الحسن إلى فضاء ضخم للرقص الروحي.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.