«مصطفى بدر الدين»: «شبح» بستة أسماء

قائد عمليات «حزب الله» بسوريا ومتهم بأعمال إرهابية.. أبرزها تفجيرات الخبر والكويت

«مصطفى بدر الدين»: «شبح» بستة أسماء
TT

«مصطفى بدر الدين»: «شبح» بستة أسماء

«مصطفى بدر الدين»: «شبح» بستة أسماء

صفات عدّة تطلق على القيادي في ما يسمى «حزب الله» مصطفى بدر الدين الملقب بـ«ذو الفقار» الذي أعلن عن اغتياله أمس في سوريا، أبرزها «رجل حزب الله» في دمشق وأحد الشخصيات التي تشكّل «المثلث القيادي» للحزب إلى جانب أمينه العام حسن نصر الله والقيادي عماد مغنية الذي اغتيل عام 2008 في دمشق. وفيما يسميه البعض «قاسم سليماني» الثاني، وصفه المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان بـ«الشبح» الذي يتحرك دون القدرة على تعقبه.
وارتبط اسم بدر الدين أيضا بقضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الراحل رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2004. وتتّهمه المحكمة الخاصة بلبنان بأنه «المشرف العام على عملية اغتيال الحريري»، وحوكم مع خمسة من رفاقه في الحزب غيابيا وهم متوارون عن الأنظار بعدما رفض الحزب تسليمهم بشكل قاطع متهما المحكمة باستهدافه والانحياز لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، كما كان قد حكم عليه في الكويت عام 1984 لعلاقته بما عرف حينها بـ«عملية الكويت 17»، التي شملت سلسلة من سبعة تفجيرات منسقة أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، إضافة إلى اعتباره أهم العناصر المتهمين بالتخطيط لتفجيرات الخبر شرق السعودية عام 1996.
ويمثل مقتل بدر الدين - وهو شقيق زوجة مغنية - أكبر خسارة تلحق بالحزب والنظام السوري وإيران في سوريا، وهو الذي يشكل إلى جانب مغنية ونصر الله المثلث القيادي للحزب متمتعا بنفوذ أساسي وكبير فيه كما كان له علاقة مباشرة مع إيران.
وفي لبنان، عرف بدر الدين بالعمل الأمني السري، إذ عمل لفترة طويلة على كشف شبكات التجسس الإسرائيلية في لبنان، وأشرف على تجنيد عملاء للحزب داخل إسرائيل.
وقال عنه المدعي في المحكمة الخاصة بلبنان، غرايمي كاميرون، «يتحرك مثل شبح لا يمكن إدراكه ويستحيل تعقبه داخل لبنان فهو لا يترك أي أثر ولم يستخرج يومًا جواز سفر، ولا رخصة قيادة، ولا بيانات في وزارة المالية تفيد أنه دفع الضرائب يومًا، ولا حسابات مصرفية باسمه وليس ثمة عقار مسجل باسمه في لبنان، ولا تملك السلطات أي معلومات عن دخوله إلى لبنان أو خروجه منه، وكأنه غير موجود».
وفي هذا الإطار، يقول الباحث اللبناني المتخصص في شؤون الحزب، وضاح شرارة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن بدر الدين «تولى مهمات عدة في صفوف الحزب، إذ كان المسؤول عن تدريب مقاتلين شيعة في العراق وشكّل الصلة مع إيران على المستوى العسكري، كما كان الرابط الأبرز بين حزب الله وقضية اغتيال الحريري».
ومنذ أسابيع قليلة، نشر الموقع الرسمي لوزارة الخزانة الأميركية أسماء لبنانيين وشركات ومؤسسات على علاقة بالحزب مستهدفين ضمن إقرار الكونغرس الأميركي القاضي بمكافحة ومنع تمويل الحزب، وكان بدر الدين ضمن هذه الشخصيات، كاشفة عن 6 أسماء مستعارة يعتمدها، هي، مصطفى أمين بدر الدين، مصطفى يوسف بدر الدين، إلياس فؤاد صعب، إلياس صعب، سامي عيسى، ذو الفقار، وأشارت إلى أنّه من مواليد 6 أبريل (نيسان) 1961 - الغبيري بيروت، وهو على علاقة بالحزب في سوريا.
وأشار الموقع إلى أنّه منذ سبتمبر (أيلول) 2011 يجري التنسيق الاستراتيجي بين رئيس النظام السوري بشار الأسد ونصر الله على قاعدة أسبوعية، حيث يرافق بدر الدين نصر الله خلال الاجتماعات في دمشق، وتذكر بعض المعلومات أنّه لم يغادر سوريا منذ سنوات إلا لعقد اجتماعات قيادية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب.
وكانت الخزانة قد ذكرت أنّ بدر الدين متهم بأنّه مسؤول عن عمليات الحزب العسكرية منذ سبتمبر 2011، بما في ذلك انتقال مقاتلين من لبنان إلى سوريا، لدعم النظام السوري. ومع بدء التنسيق العسكري الاستراتيجي بين الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام للحزب حسن نصر الله، رافق بدر الدين الأخير إلى الاجتماعات في دمشق. وقاد العمليات العسكرية في القصير في فبراير 2013، التي كشف عنها في مايو (أيار) 2013 «الجيش الحر».
وتشير المعلومات إلى أنّ بدر الدين انتسب إلى الحزب منذ تأسيسه، وتسلم بعد ذلك مواقع قيادية، نظرا إلى خبراته القيادية في صفوف «حركة فتح» وكان له الدور الأبرز في دخول نسيبه عماد مغنية إلى الحزب، وعند اغتيال الأخير في فبراير 2008، خلفه بدر الدين في رئاسة الأجنحة العسكرية للحزب، بحسب ما تشير إليه بعض المعلومات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.