اتفاق في مشاورات الكويت على إطلاق نصف المعتقلين خلال 20 يومًا

إخفاق في عمل اللجنتين السياسية والأمنية.. وولد الشيخ يستعين بـ«وسطاء» عمانيين

المبعوث الأممي استعان بالعمانيين من أجل الضغط على وفد الميليشيات الانقلابية من أجل التقدم بالمحادثات (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي استعان بالعمانيين من أجل الضغط على وفد الميليشيات الانقلابية من أجل التقدم بالمحادثات (أ.ف.ب)
TT

اتفاق في مشاورات الكويت على إطلاق نصف المعتقلين خلال 20 يومًا

المبعوث الأممي استعان بالعمانيين من أجل الضغط على وفد الميليشيات الانقلابية من أجل التقدم بالمحادثات (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي استعان بالعمانيين من أجل الضغط على وفد الميليشيات الانقلابية من أجل التقدم بالمحادثات (أ.ف.ب)

حققت مشاورات السلام اليمنية - اليمنية المنعقدة في دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة، أمس، تقدما محدودا على صعيد عمل إحدى اللجان التي شكلت وفق رؤية الأمم المتحدة وبتوافق وفدي الحكومة اليمنية والانقلابيين. فقد جرى الاتفاق في لجنة المعتقلين والمختطفين على إطلاق نصف المعتقلين، فيما أخفقت اللجنتان السياسية والأمنية في تحقيق أي تقدم يذكر، في ظل تمسك وفد الانقلابيين بتقديم موضوع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على مسألة إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة.
وانعقدت اللجان الثلاث، أمس، في أوقات متفاوتة بما يسمح لمبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد بحضور بداية اجتماع كل جلسة. ووفقا لمصدر في المشاورات، فقد تم الاتفاق على إطلاق كافة المعتقلين من اليمنيين ممن قيدت حرياتهم والعمل بشكل سريع على جدولة إطلاق سراح ما نسبته 50 في المائة من المختطفين والمعتقلين خلال فترة 20 يوما من تاريخ الاتفاق». وأشار المصدر إلى أن الاتفاق، نص أيضا، على «العمل وفقا بمعايير الأولوية للمشمولين بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. بالإضافة إلى وضع معايير للفئات المحتجزة حريتهم من أجل إطلاق سراحهم جميعا»، والمشمولون بقرار مجلس الأمن الدولي هم وزير الدفاع، اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي (شقيق الرئيس هادي) والعميد فيصل رجب، ومن تفاصيل اجتماع لجنة المعتقلين أن أحد ممثلي وفد الانقلاب وهي فائق السيد، كانت أكثر مرونة في التعاطي مع ملف المعتقلين إنسانيا، على العكس من العضو الآخر (ناصر باقزقوز) الذي وصفت مواقفه بالمتشددة إزاء إطلاق المعتقلين.
وفي الوقت الذي يحتجز الانقلابيون، منذ أكثر من عام، آلاف المعتقلين، بصورة غير قانونية، إلى جانب أسرى الحرب، فإن قضية المعتقلين تعد واحدة من بنود «إجراءات بناء الثقة»، التي تم الاتفاق عليها في جولة المشاورات السابقة في مدينة «بييل» السويسرية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلا أن تحالف الحوثي - صالح، رفض طوال الأشهر الماضية إطلاق سراحهم أو الكشف عن مصير المخفيين قسرا في سجون سرية داخل العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية. وتؤكد الحكومة اليمنية الشرعية أن معظم المحتجزين لدى الميليشيات الحوثية، جرى اختطافهم من الشوارع أو من مقار أعمالهم.
وفي الجانب السياسي، استعرضت لجنة استعادة الدولة والتحضير لاستئناف الحوار السياسي رؤيتين متغايرتين، في إطار السعي نحو تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، ففي الوقت الذي تقدم وفد الحكومة الشرعية برؤيته لموضوع «استعادة الدولة وآليات تنفيذها وكذا التحضير للعملية السياسية التي تبدأ من حيث توقفت»، أي من نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، قبل الانقلاب، فقد تقدم وفد الانقلابيين (الحوثي - صالح) برؤية سميت «سياسية شاملة»، وهي رؤية تتحدث عن «ضرورة تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تقر وتثبت الانقلاب». وفي حين لم تحقق اللجنة السياسية أي تقدم، فقد اخفت اللجنة الأمنية كذلك بسبب ربط وفد الانقلابيين لمسار عمل اللجنة الأمنية بالمسار السياسية، وهو ما وصفته بعض الأطراف في مشاورات الكويت بـ«المقايضة التي تسعى إلى إفشال المشاورات وتعطيل النقاشات داخل اللجنة».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر خاصة في المشاورات، أنه وإزاء تعنت وفد الانقلابيين في المسائل السياسية والأمنية المتعلقة باستعادة الدولة والانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة، يلجأ المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى توسيط «مسؤولين عمانيين» لإقناع الحوثيين عند كل مشكلة أو مطب يواجه المشاورات»، وبأنه «يجتمع بهم باستمرار من أجل الضغط على وفد الحوثيين»، حسب المصادر، التي أشارت إلى ضرورة «استمرار الضغط الدولي على الانقلابيين للانصياع للشرعية الدولية ولقرارات مجلس الأمن الدولي». وشددت على ما أكد عليه ولد الشيخ من أن مشاورات الكويت قد تكون الفرصة الأخيرة لإحلال السلام في اليمن.
إلى ذلك، أكد مصدر مقرب من وفد الحكومة اليمنية في مشاورات الكويت أن ورغم التقدم الطفيف والمحدود في قضية المعتقلين، إلا أنه «لا يوجد هناك أي تقدم ملحوظ في المشاورات، مع أن هناك جهودا كبيرة تبذل من المبعوث الأممي ومن الأشقاء في الكويت ومجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الوفد الحكومي ملتزم بجدول الأعمال منذ تم الإعلام عنه وجاء في الوقت المحدد وحين بدأت المشاورات تم تقديم رؤية متكاملة للحل بشقيها السياسي والعسكري وتم تسليم الرؤية للمبعوث الدولي»، وشدد المصدر على ضرورة تنفيذ الانقلابيين للقرار 2216، وتسليم الأسلحة والانسحاب من المحافظات من أجل الانتقال، فيما بعد، إلى النقاش حول الحوار السياسي واستئنافه.
على صعيد آخر، قال عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية اليمني، رئيس وفد الحكومة الشرعية إلى مشاورات الكويت إن حكومة بلاده هي المعنية بما يحدث في عدن، وإنه أمر «ليس من قضايا المشاورات ومحاولة وفد الانقلابيين طرحه للنقاش إنما هو هروب من الدخول في جدول المشاورات وأمر ليس مقبول عندما يصدر عن من دمروا عدن وتعز والشمال والجنوب»، وذلك في إشارة إلى الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات في عدن في إطار محاربة الإرهاب والتي أثارت جدلا اليومين الماضيين بعد ترحيل بعض المواطنين من عدن بسبب عدم امتلاكهم لأوراق ثبوتية «هويات».
وأضاف المخلافي، في تصريحات نقلتها عن وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» أن «الحكومة هي المسؤولة عما يجري في عدن وأن توجهات رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي وكذا رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر كانت واضحة»، وأن «آخر من يحق له الحديث عن عدن أو تعز أو الشمال أو الجنوب هم الحوثي صالح الذين دمروا كل شيء»، وأنهم «من قاموا بتمزيق الوحدة الوطنية من خلال ممارساتهم العنصرية الكريهة والمناطقية ضد أبناء الشعب اليمني وأن جماعة الحوثي وصالح هي جماعة عنصرية قامت من أجل أن تميز فئة سلالية على الشعب، وشعبنا يرفض الاستغلال البشع لحادثة عدن لتحقيق مآربهم الانقلابية».
وقال المخلافي: «نذكر من يطالبون بحكومة توافقية قبل سحب السلاح بحجة العودة للتوافق، بأن التوافق دمره انقلابهم ودمر مؤسسات الدولة بشنهم حربا عنصرية طائفية ضد أبناء الشعب اليمني في مختلف المحافظات والمدن وتدميرها لمقومات الحياة وإحداث شق في النسيج الاجتماعي ومخالفتهم لكل الاتفاقات والعهود».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.