يشير الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة - سلبًا أو إيجابًا - إلى ما إذا ما كان الاقتصاد هو في حالة انكماش أو حالة من التوسع والانتعاش، ومجموع الناتج المحلي الإجمالي لكل الدول ينتج عنه إجمالي الناتج المحلي العالمي. وخلال العقد الماضي، أظهرت البيانات مدى تراجع مساهمة الاقتصاد الأميركي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في حين ارتفعت مساهمة الاقتصاد الصيني في النمو العالمي.
ووفقًا لبيانات «Investopedia» - وهو موقع تابع لمجلة «فوربس» العالمية - يعتبر الاقتصاد الأميركي هو الأكبر في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، والبالغ 17.41 تريليون دولار بما يعادل نحو 22.44 في المائة من إجمالي الناتج العالمي. لذا ظلت الولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية هي القوة الاقتصادية العظمى بما تملكه من التكنولوجيا الحديثة والبنية التحتية وموارد طبيعية وفيرة.
ومع ذلك، هناك قلق عالمي متنامٍ نتيجة فقدان أميركا من زخمها الاقتصادي خلال السنوات المُقبلة، ذلك بعد ظهور الأرقام المنخفضة في مؤشرين حيويين، هما الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام الحالي وتقرير الوظائف الأميركية خلال أبريل (نيسان) الماضي.
وأظهرت أحدث بيانات النمو - الصادرة عن الخزانة الأميركية - تباطؤ النمو الاقتصادي بوتيرة سنوية بلغت 0.5 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2016 انخفاضا عن نسبة 1.4 في المائة من النمو، المحققة في الربع الأخير من عام 2015، بما يمثل أبطأ وتيرة في عامين.
وكان التباطؤ في النمو الاقتصادي الأميركي أكبر من توقعات معظم الاقتصاديين، الذين أرجعوا التباطؤ إلى الانخفاض في الطلب المحلي وقوة الدولار الذي يضع مزيدا من الضغط على تنافسية الصادرات الأميركية في الأسواق العالمية.
وذكرت وزارة العمل الأميركية - في وقت سابق من الأسبوع الماضي - أن الاقتصاد الأميركي أضاف 160 ألف وظيفة خلال أبريل الماضي، أقل من زيادة سبتمبر (أيلول) الماضي وأقل بكثير من مستوى 202 ألف وظيفة المتوقعة من قبل الخبراء الاقتصاديين.
على الصعيد الآخر، حولت الصين نفسها من اقتصاد مغلق مخطط مركزيا في عام 1970 إلى اقتصاد مصنع ومصدر على مر السنوات الماضية. وحافظ الاقتصاد الصيني على مساهمة متساوية من الصناعات التحويلية والخدمات في الناتج المحلي الإجمالي (كل بما يقرب من 45 في المائة) مع مساهمة متواضعة بنحو 10 في المائة في القطاع الزراعي.
وتفوق الاقتصاد الصيني على الاقتصاد الأميركي من حيث الناتج المحلي الإجمالي على أساس تعادل القوة الشرائية. ومع ذلك، فإن الفرق بين الاقتصادين، من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لا يزال كبيرا. وتعد الصين حاليا ثاني أكبر اقتصاد عالمي بإجمالي ناتج محلي يبلغ 10.35 تريليون دولار، وحققت نموًا بلغ نحو 7 في المائة في السنوات الأخيرة.
وتشير تقديرات مجلس المؤتمر - وهو منظمة ذات عضوية تجارية ومجموعة بحثية غير ربحية معفاة من الضرائب وتعول ما يقرب من 1200 من الشركات العامة والخاصة ومنظمات أخرى - أنه بحلول عام 2018، ستتجاوز مساهمة الصين في الناتج المحلي الإجمالي العالمي مساهمة الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، فإن الاقتصاد الصيني أصبح أكثر هيمنة من الاقتصاد الأميركي.
وأوضحت بيانات المجلس أن الولايات المتحدة ساهمت بنحو 21.2 في المائة من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي في عام 1970. وظل هذا ثابتا حتى عام 2000. وفي كل عام منذ ذلك الحين، مع استثناء واحد، انخفضت نسبة أميركا من الناتج الاقتصادي في العالم. وفي عام 2015، ساهمت الولايات المتحدة بنسبة 16.7 في المائة من اقتصاد العالم. وبحلول عام 2025، يتوقع المجلس أن تنخفض مساهمة الاقتصاد الأميركي إلى 14.9 في المائة.
على الجانب الآخر، في عام 1970 كانت الصين مسؤولة عن مجرد 4.1 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفعت المساهمة إلى 15.6 في المائة في عام 2015. وفي عام 2025، من المتوقع أن ترتفع نسبة المساهمة إلى 17.2 في المائة من الاقتصاد العالمي. ومنذ عام 1990، ارتفعت نسبة الصين من الناتج الإجمالي العالمي كل عام، مع استثناء واحد في عام 1998، عندما انخفضت المساهمة بنسبة 1 في المائة.
وبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي 1.7 في المائة خلال السنوات السبع الأولى لفترة حكم باراك أوباما كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، وبلغ النمو ذروته عند 2.5 في المائة في عام 2010، وهي السنة الثانية من ولايته. ومنذ بدأت الولايات المتحدة في تسجيل هذه البيانات، كان أوباما هو أول رئيس لم يشهد الاقتصاد الأميركي نموا خلال فترة ولايته بأكثر من 3 في المائة في السنة. علمًا بأنه منذ عام 1950 إلى عام 1999. تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في أميركا 3 في المائة نحو 34 مرة، أي بنسبة 68 في المائة من إجمالي عدد السنين. ومنذ ذلك الحين، نما الاقتصاد 3 في المائة مرتين فقط.
وحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي استخدام كل الوسائل المتاحة له من أجل تحفيز النمو الاقتصادي. وبعدما فشل، اخترع أداة جديدة – وهي سياسة التيسير الكمي بقيمة ثلاثة تريليونات دولار - لدفع الاقتصاد نحو الانتعاش وتحقيق مزيد من النمو، ولكن حتى الآن ما زال معدل النمو الاقتصادي ومعدل التوظيف في أميركا عند مستويات ضعيفة.
ويقول ميكي باتون - مخطط مالي واستثماري - في مقالته بمجلة «فوربس» العالمية، إن جزءا من القوة الاقتصادية المهيمنة للصين يعود إلى ازدهار صناعة السيارات لديها. وأوضح باتون، أن إجمالي عدد السيارات المبيعة في الصين العام 2015 ارتفع إلى 24.6 مليون سيارة، وتفوق هذه الأرقام حجم مبيعات السيارات في الولايات المتحدة خلال العام نفسه، الذي بلغ مستوى قياسيا عند 17.5 مليون سيارة وشاحنة. وبالإضافة إلى ذلك، ارتفعت مبيعات سيارات الدفع الرباعي في الصين بنحو 52 في المائة عام 2015.
الهيمنة على اقتصاد العالم.. من «العم سام» إلى «التنين الصيني»
تقديرات بتفوق مساهمة بكين في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول 2018
الهيمنة على اقتصاد العالم.. من «العم سام» إلى «التنين الصيني»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة