رجل ملأ وسائل الإعلام، وحقق نجاحات شتى في عيون السعوديين.. فخلال خمسة أعوام فقط منذ تسلمه لـ«وزارة التجارة والصناعة»، التي فُصلت عنها الصناعة وبقيت في مهمة الاستثمار والتجارة، أدى ما يوده عموم الشعب السعودي في مواجهة التجّار وفتح جبهة مواجهة معهم، وتصدى للكثير من التحديات بفضل عمله الإداري التطويري.
يعيش في أوائل الخمسين من عمره، وإنجازاته تعكس طموح شاب متطلع للتطوير، يقول في ملفه التعريفي عبر شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» معرفا عن نفسه: «مهتم بالإبداع وإدارة التغيير والتطوير»، وهو تعريف لم يتغير مع حمله للحقيبة الصعبة «وزارة الصحة»، يحمل شهادة الدكتوراه في علوم الحاسبات من جامعة بيتسبيرغ، ولديه درجتان في الماجستير في علوم الحاسبات، وعلوم المعلومات، ودرجة البكالوريوس في الإدارة المالية والرياضيات من كلية إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود.
أسهم في صياغة استراتيجيات وطنية، منها استراتيجية التنمية الصناعية، وذلك إبان عمله مديرا لـ«هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية» التي أدارها منذ عام 2007. وكُلّف بعدها بثلاثة أعوام بالعمل وكيلا لوزارة التجارة والصناعة لشؤون الصناعة، وشارك أيضا في تأليف وثيقة خطة رؤية تقنية المعلومات الوطنية السعودية، والتي شكلت الأساس لوضع خطة تقنية المعلومات الوطنية السعودية.
أمام الاختبار الحقيقي
توفيق بن فوزان الربيعة، وزير الصحة، مايسترو التطوير والتنظيم الاتصالي، أمام الاختبار الحقيقي في وزارة كـأنها «الألغام»، دهاليزها عالم من التشتت، الخطأ فيها ينتشر كنار تلظى، لا يوازيها في شمولها سوى وزارة التعليم.. ففي خلال عامين، مرّ عليها ستة وزراء، ليأتي الربيعة سابعا، حالما بتحقيق نوع من اسمه في «توفيق النجاح» بعد تباين العمل مع من سبقوه، بين نجاح ووضع عربة الصحة الضخمة مع قطار التنمية السعودية المنطلق نحو المستقبل.
حتما لم يكن يود محبوه أن يدخل غمار الصحة، لعلمهم بأنها قد تحمل أغلب مسؤوليها إلى خارج الإطار العملي في مناصب مماثلة، فهو من عزز حماية المستهلكين، ووقف ضد الجشع التجاري، وعمل على زيادة الوعي الاستهلاكي، وحقق تطويرا في مسار المنشآت الشبابية ذات الترويج التقني، بل كان أيضا عدوا لدودا لبعض القطاعات الكبرى، وأسهم في صياغة أُطر قانونية تحمي المستهلك والبائع، حاصدا التقدير والشكر. فبعد أن كان في مهمة جزئية في التجارة، يصبح في جبهة مفتوحة تشمل المناطق السعودية وعموم السعوديين المتلهفين لتغيير في المنظومة الصحية التي ظلت مرمى النقد وعدم الرضا منذ عقود.
تاج الصحة الباهت
يأتي توفيق الربيعة إلى الصحة، بتاج النجاحات في التجارة والصناعة، لكن تاج الصحة لا يزال باهتا، نجاحاته الإدارية وقود عمله، وهي الثقة الملكية التي نالها لعلم القيادة السعودية أن العلاج في الصحة إداري لا تخصصي؛ يزرعه طبيب، ليحصده المجتمع وتقل الآلام في مفاصل الصحة.
الربيعة محمّلٌ بالطاقة وتشجيع الشباب، وهي رؤى تتوافق مع «رؤية السعودية 2030» المهتمة بطاقة الإنسان والشباب، وسيكون من الحتمي أمام الدكتور توفيق الربيعة، وضع أهداف الرؤية الاستراتيجية كأساس عمل، التي تهدف إلى تطوير الرعاية الصحية في المملكة، وذلك عن طريق تعزيز نمط الحياة الصحي والتركيز على مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية إلى جانب الطب الوقائي، كذلك تعمل على تحفيز القطاع الخاص على تحسين جودة خدماته، لتكون المراكز الصحية والمستشفيات التي يديرها مقبولة في نظام التأمين الذي تقدمه الدولة.
السعودية الواثبة نحو تعزيز العمل الصحي ومنتجاته، تعمل بخططها على التركيز بشكل أكبر على التخطيط والتنظيم والإشراف والمراقبة على الخدمات الصحية كافة، لذا ستقوم وزارة الصحة، وبعمل الربيعة التنفيذي، بالاعتماد على أسلوب مبتكر يتم بناؤه على نقل مهمة تقديم الخدمات الصحية تدريجيا إلى شبكة من الشركات الحكومية.
تحديات أمام الربيعة
يتسلّم الوزير الربيعة، حقيبة «الصحة» بيد لم تعتد إلا العمل للنجاح، ويحمل في الأمر ذاته الهم الكبير المرتبط بصحة السعوديين، ليكون مشرفا على أن يلمس المواطن تطورا في كل مؤشرات الصحة ويضعه في الصفوف أعلى دول العالم في المجال الصحي.
في عهود سابقة، سجلت وزارة الصحة «بعضا» من النجاح - وإن كان الرضا قليلا - بإمكانيات قليلة وأنظمة بيروقراطية معقدة، لعل من خير من تسلم الوزارة كان الوزير الراحل غازي القصيبي الرجل الإداري غير الطبي، وكذلك الوزير أسامة شبكشي، السفير السابق في الجمهورية الألمانية بحسب شهادات شعبية متنوعة.
لكن التطور النوعي في الأمراض ملف من ملفات متعددة ومتشعبة، وكذلك الملف العلاجي الأهم؛ ففي الوقت الذي يتجه طيف من شمال السعودية للعلاج في مستشفيات أقل تكلفة وأكثر جودة في عواصم بلاد الشام خاصة في المملكة الأردنية، حيث بلغت تكلفة علاج السعوديين في عام 2008 نحو 300 مليون دولار من منابع أرصدتهم الخاصة، بمعدل هجرة علاجية تتجاوز 15 ألف سعودي، وفق ما تتناقله بعض الصحف في المملكة.
في الملف الوقائي، سيكون الدكتور توفيق الربيعة في المواجهة المتكررة لبناء بنية الوقاية، وضمان تحقيق الصحة، لقاصدي المشاعر المقدسة من زوار ومعتمرين وحجاج، وتحقيق الأمن الوقائي الوطني في مواجهات متكررة من أخطار بعض الفيروسات والأمراض التي تجتاح بعض المناطق السعودية، ومنها فيروس «كورونا» القاتل، الذي لا يزال حتى اليوم هاتكا لأرواح أفراد، رغم النجاح في مكافحته وانخفاض عدد المصابين به بشكل كبير، لكن الاستعداد لأسوأ الاحتمالات سيكون أمام الوزير الجديد.
وفي مسلسل الأخطاء الطبية، ومع تنامي الأموال الحكومية المخصصة لوزارة الصحة، تنامى عدد الأخطاء الطبية، منها ما تم معالجته وبعضها ذهب مع الريح وخدرته أيام متوالية، ومنبع أكبر في بعض تلك الأخطاء القاتلة في مستشفيات خاصة تهدف إلى الربح، أكثر من تقديم الرعاية ووضع وصفة العلاج.
ومن الملفات الصحية الأكثر سخونة وتداولا لدى السعوديين «التأمين الصحي»، رغم فتح السعودية مستشفياتها الحكومية للعلاج المجاني، لكن الرؤية السعودية أمام توفيق الربيعة ستركز على القطاع العام في أن يكون دوره مخططا ومنظما وللمنظومة الصحية، وتوسيع قاعدة المستفيدين من نظام التأمين الصحي، وتسهيل الحصول على الخدمة بشكل أسرع، مما يتيح تقديم خدمات صحية مميزة من خلال نماذج عمل واستثمار متطورة تضمن الاستدامة وتحقيق أعلى الكفاءات، في سوق شهد نموا كبيرا في حجمه؛ حيث بلغ 52 في المائة من إجمالي سوق التأمين، وبقيمة تقترب من ستة مليارات دولار في عام 2015.
مشاريع وزارة الصحة اليوم تعد الأكبر، حيث يجري العمل على إنشاء ما يزيد على 110 مرافق صحية، تتوزع بين مستشفيات ومراكز صحية ومراكز خاصة بالأورام ومراكز لأبحاث الدم. ورغم كل ذلك العدد الكبير، فإن مطالبات السعوديين في العمل الصحي تبحث عن التطور وتقديم الجودة بما يتماشى مع الضخ المالي للقطاع، إضافة إلى ذلك، هناك مرحلة مهمة داخل وزارة الصحة تنتظر الوزير الربيعة، تتمثل في ملف الأطباء والممارسين الصحيين في قطاعات كثيرة، وتسرب عدد من الأطباء والاختصاصيين السعوديين إلى قطاعات خاصة ومستشفيات خارج الوطن.
توفيق الربيعة.. مبضع «الجراحة الإدارية» أمام علاج «أمراض الصحة»
«صديق العامة» هل يرسّخ النجاح في الاختبار الحقيقي؟
توفيق الربيعة.. مبضع «الجراحة الإدارية» أمام علاج «أمراض الصحة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة