بات المناخ الاستثماري في السعودية على عتبة مرحلة جديدة من التطوير، والتنظيم، يأتي ذلك بعدما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أمس، قرارًا يقضي بتغيير مسمى وزارة التجارة والصناعة في البلاد، إلى وزارة التجارة والاستثمار.
ويعني توجه السعودية نحو تخصيص وزارة جديدة للتجارة والاستثمار، أن المملكة تمضي قدمًا على طريق تحفيز أدواتها الاستثمارية، وتهيئة المناخ المناسب أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، بالإضافة إلى تفعيل دور القطاع الخاص، بما يساهم في تحقيق «رؤية المملكة 2030».
وبحسب معلومات أولية توفرت لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن وزارة التجارة والاستثمار التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين أمس، ستتولى ملفات مهمة على صعيد إعادة صياغة نظام الاستثمار الأجنبي، وزيادة فاعلية الاستثمار المحلي، ودفع رؤوس الأموال الصغيرة نحو الاستثمار في مختلف القطاعات التجارية في البلاد، بالإضافة إلى المشاركة مع هيئة السوق المالية في تطوير السوق المالية المحلية وإخراجها مستقبلاً من دائرة الأسواق الناشئة.
وستسعى وزارة التجارة والاستثمار في الوقت ذاته إلى إعادة تنشيط قطاع التمويل، وزيادة فاعليته في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى السعي مع شركة السوق المالية السعودية «تداول»، في إدراج أكثر من 20 شركة صغيرة ومتوسطة خلال العام المقبل 2017. وذلك في السوق المالية الجديدة المزمع إنشاؤها خصيصًا لهذا القطاع.
ومن المنتظر أن تعيد وزارة التجارة والاستثمار ترتيب بعض ملفاتها وصلاحياتها، بعد أن نقل ملف الصناعة إلى وزارة الطاقة، حيث من المنتظر أن تتولى وزارة الطاقة نظام المعادن الثمينة والأحجار الكريمة بدلاً من وزارة التجارة، في حين من المنتظر أيضًا أن يكون هنالك بلورة جديدة في نظام الوكالات التجارية في البلاد.
ومن المتوقع أن تلعب وزارة التجارة والاستثمار دورًا حيويًا في تحقيق «رؤية المملكة 2030». خصوصا أن المملكة من المنتظر أن تمتلك أكبر صندوق سيادي عالمي برأس مال يفوق حاجز التريليوني دولار، مما يعني أنها ستغير خريطة قوى الاستثمار في العالم أجمع.
وتسعى السعودية إلى أن تكون ضمن أكثر الدول العالمية جذبًا للاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى أنها تستهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، عبر حزمة من القرارات والإجراءات الجديدة التي بدأت تعمل عليها خلال الفترة الماضية.
ومن المزمع أن يتولى وزير التجارة والاستثمار في السعودية مهام رئاسة مجلس إدارة هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهي الهيئة التي ستقوم بأدوار حيوية على صعيد تنظيم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ودعمه ورعايته، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، بهدف رفع إنتاجيته، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
ودعمًا لملف الاستثمار، اتخذت السعودية يوم الثلاثاء الماضي، قرارًا بخفض الحد الأدنى المطلوب لقيمة الأصول التي تديرها مؤسسات الاستثمار الأجنبية إلى 3.75 مليار ريال (مليار دولار)، بدلاً من 18.75 مليار ريال (5 مليارات دولار)، في خطوة من شأنها تعزيز فرص دخول المستثمرين الأجانب لسوق الأسهم المحلية.
ووفقًا لهذا القرار، جرى تخفيض اشتراطات قيمة الأصول التي تديرها المؤسسات الأجنبية المسموح لها بالشراء المباشر في سوق الأسهم المحلية بنسبة 80 في المائة دفعة واحدة.
وفي ظل هذه التطورات، سيطرت «رؤية السعودية 2030»، على أوراق المتحدثين في مؤتمر «اليورومني»، وهو المؤتمر الدولي الذي انعقد الأسبوع الماضي في العاصمة الرياض، وسط اهتمام بالغ وترحيب واسع، واصفيها بالخطوة التي ستؤثر إيجابًا في اقتصاد المنطقة بأكملها.
ويعكس الاهتمام الكبير، من قبل المتخصصين، والمتحدثين، والمهتمين، في «رؤية السعودية 2030»، ما تحمله المملكة من ثقل اقتصادي عالمي، جعلها أحد أبرز أعضاء مجموعة دول العشرين، وسط توجه جاد لأن يصبح الاقتصاد السعودي خلال السنوات القليلة المقبلة، ضمن أقوى 15 اقتصادًا عالميًا.
وفي اليوم الثاني من مؤتمر «اليورومني» (الأربعاء الماضي)، أكد الدكتور مارك موبيوس، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي في مجموعة «تمبلتون للأسواق الناشئة»، الذي يعد أحد أبرز خبراء الأسواق الناشئة والاستثمار في العالم، أن السعودية تتمتع بإمكانات كبيرة، وبيئة مثالية لجذب المستثمرين الأجانب.
وقال موبيوس، الذي يستثمر نحو 360 مليون دولار في السعودية خلال الوقت الراهن، إن «رؤية السعودية 2030» ستنعكس إيجابا على المملكة، وعلى المنطقة بأكملها، وذلك من خلال إحداثها تغييرات اقتصادية جذرية، وإسهامها في الوقت ذاته في جذب الاستثمار بصورة كبيرة للغاية.
وتعليقًا على قرار إنشاء وزارة خاصة بالتجارة والاستثمار في السعودية، أكد الدكتور خالد اليحيى الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن السعودية بهذا القرار دخلت مرحلة جديدة من تهيئة المناخ المناسب للاستثمار، وقال: «سيكون هنالك مساهمة أكبر للقطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وهذا الأمر يأتي تماشيا مع (رؤية المملكة 2030) لمرحلة ما بعد النفط».
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تحمل فيه «رؤية السعودية 2030»، خريطة طريق لاقتصاد البلاد خلال 15 عامًا، وتضمنت الرؤية أن تنويع اقتصاد السعودية من أهم مقومات استدامته، وقالت في هذا الشأن «رغم أن النفط والغاز يمثلان دعامة أساسية لاقتصاد البلاد، فإننا بدأنا التوسع في الاستثمار في قطاعات إضافية، وندرك أن أمامنا تحديات كبيرة ونسعى إلى تخطيها، حيث بلغ متوسط نمو الاقتصاد السعودي خلال الـ(25) سنة الماضية أكثر من 4 في المائة سنويًا، مما أسهم في توفير ملايين الوظائف، ويعدّ وطننا بفضل الله من أقوى 20 اقتصادًا على مستوى العالم، إلا أن طموحنا أكبر، وسنسعى إلى أن نتبوا مكانة أكثر تقدمًا بحلول عام 2030».
وأوضحت «الرؤية السعودية 2030» أن هذا الطموح سيتحقق رغم التباطؤ الاقتصادي العالمي، والأثر المتوّقع من الإصلاحات الهيكلية في اقتصاد المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة، مشيرة إلى أن هذا الأمر سيتطلب الاستفادة من موارد البلاد واستثمارها من أجل تنويع الاقتصاد، وإطلاق إمكانات قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة، وتخصيص عدد من الخدمات الحكومية.
السعودية تدعم الاستثمار بوزارة متخصصة
المناخ الاستثماري في البلاد بات على عتبة مرحلة جديدة متطورة
السعودية تدعم الاستثمار بوزارة متخصصة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة