تتقلب أسعار العقارات في العاصمة الروسية موسكو من عام لآخر بين زيادة العرض بالروبل الروسي تارة، وتارة بالدولار الأميركي، وذلك تحت تأثير حركة أسواق المال وسعر صرف الروبل مقابل الدولار، فضلاً عن التوقعات لثبات أو عدم استقرار سعر الصرف. أما بالنسبة للطلب على العقارات الفاخرة في العاصمة الروسية، فإنه - وعلى غير الوضع في سوق العقارات العادية (شقق سكنية متاحة لمتوسطي الدخل) - مستقر بشكل عام، دون أن يخلو الأمر من تراجع طفيف على الطلب في فترات الأزمات الاقتصادية.
وكانت سوق العقارات الفاخرة، التي يتميز بها مركز العاصمة الروسية موسكو، قد سجلت تراجعًا على أسعارها بالدولار الأميركي خلال الربع الأول من العام الحالي 2016، حيث بلغ متوسط سعر المتر المربع من هذه العقارات 12.1 ألف دولار، أي أقل من مستوى الأسعار عام 2006 عندما كان متوسط ثمن المتر المربع الواحد 12.7 ألف دولار أميركي. أما الأسعار بالروبل الروسي فقد ارتفعت بقدر مرتين ونصف تقريبًا مقارنة بعام 2006، حيث كان سعر المتر المربع الواحد حينها 334 ألف روبل، بينما بلغ في الربع الأول من عام 2016 مستوى 823 ألف روبل لكل متر مربع.
ويرى مركز «Contact Real Estate» للعقارات أن السبب في هذه التباينات بالأسعار يعود إلى عوامل عدة، منها الفرق الكبير بسعر صرف الروبل الروسي، والذي تراجع سعر صرفه أمام الدولار الأميركي بثلاث مرات خلال العامين الماضيين.
وكان السعر بالدولار للمتر المربع من العقارات الفاخرة في قلب العاصمة الروسية قد سجل أعلى مستويات له عام 2008، حيث بلغ سعر المتر المربع الواحد حينها 20.4 ألف دولار أميركي، بينما بلغ متوسط سعر صرف العملة الوطنية 24.85 روبل لكل دولار. أما ذروة الأسعار بالروبل الروسي فكانت في الربع الأخير من عام 2015، عندما بلغ سعر المتر المربع الواحد في سوق العقارات الفاخرة 936.6 روبل للمتر المربع الواحد، بينما كان متوسط سعر صرف العملة الوطنية حينها 65.9 روبل لكل دولار.
وتؤكد قاعدة بيانات عدد كبير من الشركات المتخصصة بالعقارات الفاخرة في موسكو أن غالبية العروض على الشقق الفاخرة في موسكو كانت حتى عام 2014 بالدولار الأميركي بصورة رئيسية، مقابل عدد قليل من العروض بالروبل الروسي. إلا أن هذا المشهد تغير منذ عام ونصف العام، أي عندما دخل الاقتصاد الروسي في الأزمة التي ما زال يعيشها حتى الآن، حيث سُجل تزايد تدريجي على العروض بالروبل الروسي، والتي شكلت مع الربع الأول من عام 2016 نسبة 86 في المائة من إجمالي العروض في السوق على الشقق الفاخرة.
ويحيل الخبراء الاقتصاديون هذا التحول، واعتماد الروبل لطرح العروض، إلى عدة عوامل، منها تراجع الطلب بالدولار على الشقق الفاخرة، حيث برز حرص لدى الأثرياء ورجال الأعمال والشركات على عدم إنفاق مدخراتهم والاحتياطي المالي بالعملة الصعبة، مقابل استعداد على الإنفاق في مجال كهذا من الاحتياطي بالعملة الوطنية التي كانت قيمتها تتراجع وتمر بحالة عدم استقرار. فضلاً عن ذلك تراجع الطلب «الأجنبي» أو «رأس المال الخارجي» على العقارات الفاخرة نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا، وشملت الحد من إمكانية استخدام الشركات الروسية لرؤوس أموال وقروض من البنوك الأوروبية، هذا إلى جانب توقف عمل عدد كبير من الشركات الغربية العملاقة في روسيا. لذلك حرص العاملون في أسواق العقارات الفاخرة على تعديل العروض بما يتناسب مع المتغيرات في الاقتصاد بشكل عام.
ولم تكن سوق بيع وشراء العقارات الفاخرة وحدها التي تأثرت بتقلبات السوق نتيجة الوضع الاقتصادي، بل طال الأمر قيمة الأجر الشهري للعقارات الفاخرة ضمن عروض الاستخدام المؤقت. وتفيد قاعدة بيانات وكالة «Point Estate» للعقارات بأن الإيجارات الشهرية للعقارات الفاخرة في موسكو سجلت خلال الربع الأول من عام 2016 تراجعًا بقدر 400 ألف روبل روسي عن كل شهر. بينما تراجعت الإيجارات الشهرية بالدولار الأميركي خلال العامين الماضيين بنسبة 40 في المائة، حيث تراجع متوسط الإيجار الشهري للشق الفاخرة إلى 5.7 ألف دولار مع الربع الأول من عام 2016، بينما كان منذ عام تمامًا عند مستوى 9.5 ألف دولار للشقة شهريًا.
وتقول الشركات العقارية إن ما بين 5 إلى 7 في المائة فقط ممن يستخدمون حاليًا العقارات الفاخرة بصفة مستأجر تتوفر لديهم السيولة المالية المطلوبة بالدولار الأميركي، وهؤلاء غالبًا من موظفي السفارات الأجنبية في روسيا. أما الأثرياء الروس ومديرو الشركات الروسية وكبار الموظفين فيها الذي يشكلون مساحة واسعة من الطلب على العقارات الفاخرة في موسكو، فإن دخلهم الرئيسي في الفترة الحالية بالروبل الروسي، وهم يشكلون حاليًا نسبة 79 في المائة من العملاء الذين يستفيدون من خدمات سوق استثمار العقارات الفاخرة.
وبينما تتراوح حاليًا الإيجارات الشهرية للعقارات الفاخرة في موسكو بين 5 إلى 25 ألف دولار شهريًا للعقار أو الشقة حسب المساحة والموقع والخدمات وغيرها من عوامل تؤثر على السعر، فقد بلغ الإيجار الشهري لبعض العقارات الفاخرة في ريف موسكو مستويات قياسية، منها على سبيل المثال منزل «مقر إقامة» مبني بالأسلوب الكلاسيكي على مساحة 1300 متر مربع ويقع في قرية «نيكولسكايا سلوبودا» يصل إيجاره للشهر الواحد إلى 80 ألف دولار، ويأتي ثانيًا منزل في قرية «لاندشافت» مساحته 900 متر مربع، ويبلغ إيجاره الشهري 72 ألف دولار، وثالثًا منزل في قرية «زيليوني شوم» على مساحة 850 مترًا مربعًا ويبلغ إيجاره الشهري 55 ألف دولار أميركي.
وكل من هذه المنازل يحتوي بالطبع على صالة بلياردو وساونا وصالة رياضة ومسابح وغيرها من كماليات، فضلاً عن مساحات خضراء شجرية تحيط بها وعليها مبان خدمية ترفيهية.
أسعار العقارات الفاخرة في موسكو تتراجع إلى مستوى عام 2006
غالبية العروض بالروبل نتيجة حرص الأثرياء على الدولار وتراجع رؤوس الأموال الأجنبية

بعض من المنازل الأعلى أجرًا في ريف العاصمة الروسية موسكو
أسعار العقارات الفاخرة في موسكو تتراجع إلى مستوى عام 2006

بعض من المنازل الأعلى أجرًا في ريف العاصمة الروسية موسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة