الأمم المتحدة تشيد بالتوقيع على اتفاق باريس لتغير المناخ

لن يوضع موضع التنفيذ إلا بعد موافقة 55 دولة مسؤولة عن انبعاثات الاحتباس الحراري

وزير الخارجية الأميركي جون كيري وبجانبه حفيدته خلال توقيع اتفاق باريس لتغير المناخ في نيويورك أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري وبجانبه حفيدته خلال توقيع اتفاق باريس لتغير المناخ في نيويورك أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تشيد بالتوقيع على اتفاق باريس لتغير المناخ

وزير الخارجية الأميركي جون كيري وبجانبه حفيدته خلال توقيع اتفاق باريس لتغير المناخ في نيويورك أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري وبجانبه حفيدته خلال توقيع اتفاق باريس لتغير المناخ في نيويورك أمس (رويترز)

أشادت الأمم المتحدة بالتوقيع على اتفاق باريس لتغير المناخ، وقالت إن 175 دولة خطت الخطوة الأولى بالتوقيع على اتفاق باريس الدولي للحد من تغير المناخ، يوم الجمعة الماضي.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، «اليوم صنعت حكومات العالم تاريخا كما فعلت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في باريس».
وستحتاج كثير من الدول إلى موافقة برلماناتها للتصديق الرسمي على الاتفاق، ولن يوضع الاتفاق موضع التنفيذ إلا بعد موافقة 55 دولة على الأقل، تمثل 55 في المائة من الدول المسؤولة عن انبعاثات الاحتباس الحراري الناشئة عن الأنشطة البشرية.
ويتوقع بعض الخبراء أن الوصول إلى موافقة 55 في المائة من الدول يمكن بلوغه هذا العام.
وتقول الأمم المتحدة إنه حتى في حالة تنفيذ الاتفاق بالكامل، فإن الخفض المأمول لانبعاثات الاحتباس الحراري سيكون غير كاف للحد من الاحترار عند الحد الأقصى المتفق عليه. وتتحمل الصين والولايات المتحدة - اللتان تعهدتا بالتصديق على الاتفاق مجتمعتين - المسؤولية عن 38 في المائة من حجم الانبعاثات الغازية في العالم.
وسجلت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي - التي تضمنت موجات من الجفاف والحر وارتفاع منسوب مياه البحار - مستويات قياسية من درجات الحرارة، إذ كانت أعلى مستويات من نوعها منذ بدء تسجيل حرارة العالم في القرن التاسع عشر.
ووقّع عدد قياسي من الدول، بلغ 175 دولة، بينها الولايات المتحدة والصين أكبر دولتين ملوثتين في العالم، الجمعة في الأمم المتحدة، اتفاق باريس حول المناخ وذلك بهدف الحد من ارتفاع حرارة الأرض.
وبشكل رمزي افتتح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الأمم المتحدة عملية التوقيع على الاتفاق المبرم في ديسمبر 2015 بالعاصمة الفرنسية.
وحتى الآن صادقت 15 دولة، معظمها من الدول الصغيرة المعرضة لمخاطر فادحة، على الاتفاق.
ومثّل الصين والولايات المتحدة نائب رئيس الوزراء الصيني زهانغ غاولي، ووزير الخارجية جون كيري. وقدم كيري برفقة حفيدته وكان موضع تصفيق حار من الحضور. وتمثل الدول التي وقعت الجمعة، بالتزامن مع إحياء يوم الأرض العالمي، الاتفاق مصدرا لـ93 في المائة لانبعاثات الغازات المسببة الاحتباس الحراري، بحسب معهد «وورلد ريسورسز» غير الحكومي.
ودعا هولاند من على منصة الأمم المتحدة، العالم إلى ترجمة اتفاق باريس حول المناخ «أفعالا» لمواجهة الوضع الملح الذي لا يزال قائما. كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى إعطاء المثل. وأضاف أن «الأشهر الماضية كانت الأكثر سخونة في السنوات المائة الماضية». وتابع: «يجب التحرك بسرعة». وحض الممثل الأميركي الحائز جائزة أوسكار والناشط البيئي ليوناردو ديكابريو، الذي حضر أيضا إلى الأمم المتحدة، قادة العالم على التحرك بسرعة.
وشدد على أن «العالم يراقبنا الآن (..) كفى خطبا رنانة وأعذارا وكفى تلاعبا بالعلم والسياسات من الشركات المرتبطة بالطاقات الأحفورية»، مثل النفط والفحم الحجري. وأضاف: «نعم اتفاق باريس مصدر أمل، لكن ذلك ليس كافيا».
وحضر ستون من قادة الدول والحكومات إلى مقر الأمم المتحدة بمناسبة توقيع الاتفاق.
وأشاد المجتمع المدني بهذه الدفعة للاتفاق. وقال مايكل بروني المدير التنفيذي لنادي سييرا «إنه منعطف للإنسانية لتتجه إلى اقتصاد نظيف بنسبة مائة في المائة».
ويُلزم اتفاق باريس موقعيه السعي إلى ضبط ارتفاع معدل حرارة الكرة الأرضية بحدود «أقل بكثير من درجتين مئويتين» وإلى «مواصلة الجهود» لئلا يتجاوز 1. 5 درجات. غير أن هذا الهدف الطموح جدا يتطلب إرادة راسخة ومئات المليارات من الدولارات من أجل الانتقال إلى موارد طاقة نظيفة.
والاتفاق سيبقى مفتوحا لتوقيع الدول الـ195 التي تفاوضت بشأنه.
ولدخول الاتفاق حيز التنفيذ يتعين أن تصادق عليه واحدة أو اثنتان من كبار الملوثين (الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي وروسيا والهند). ووعدت الصين - المسؤولة عن 20 في المائة من التلوث - والولايات المتحدة (18 في المائة)، أنهما ستصادقان على الاتفاق في 2016. ولا يحتاج الرئيس الأميركي باراك أوباما موافقة الكونغرس لذلك. كما أعلن رئيس الوزراء الكندي جوستن ترودو أن تصادق بلاده على الاتفاق هذا العام.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.