أطلقت روسيا انتقادات شديدة اللهجة ضد الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، الذي جرى بمشاركة كل أطيافها وجميع مكونات الشعب السوري. ومنذ إعلان وفد الهيئة في جنيف عن قراراه بتعليق مشاركته في المفاوضات، أخذ الدبلوماسيون الروس من مختلف المستويات يوجهون اتهامات للهيئة تارة بالتبعية وتارة بتخريب العملية السياسية، كما حاولوا التقليل من شأن قرار الهيئة، عادّين أنه لن يؤثر على المفاوضات بشكل عام.
إلا أن طبيعة وحجم رد الفعل الروسي يؤكدان العكس تمامًا لما تحاول الدبلوماسية الروسية إثباته، وفق ما يقول مراقبون.
ويوم أمس واصل أليكسي بورودافكين، مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، انتقاداته لوفد الهيئة العليا للمفاوضات، واصفا قرارها بأنه قرار «خاطئ وغير صحيح»، مضيفا أن «الابتزاز والتهديد وطرح الشروط المسبقة» أصبحت تشكل بطاقة تعريف بها. وأول من أمس، وبعد أن أعرب عن أسفه لقرار الهيئة تعليق مشاركتها في المفاوضات، عدّ بورودافكين أن «المتطرفين الذين يسعون لاستمرار النزاع قد هيمنوا على القرار في وفد الهيئة العليا للمفاوضات»، واصفًا الحديث عن أن «اتفاق وقف إطلاق النار بات في عداد الميت»، بالأحاديث التي لا أساس لها من الصحة، وأن من يروج لها ليسوا جديرين بالثقة.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لم يكن هو الآخر خارج حملة الانتقادات الروسية للهيئة العليا للمفاوضات، حيث بدأ من اتهامه الهيئة بالتبعية لأنقرة، وقال إن «هذه المجموعة تشكلت في الرياض، لكنها تعتمد على دعم أنقرة»، ووصف سلوكها بأنه «سلوك متقلب لطرف مشارك في العملية السياسية من الواضح أنه يحظى بدلال رعاة خارجيين، وزرع فكرة في رأسه بأنه الوحيد الذي يمكنه تمثيل المعارضين السوريين»، حسب لافروف الذي واصل اتهاماته للهيئة العليا ووصفها بأنها «قوى تعتمد نهجًا يهدف إلى إفشال العملية السياسية وخلق ظروف تسمح بتبرير التدحرج نحو السيناريو العسكري»، مشددًا على أهمية «الحد بحزم من هذا الأمر».
وذهب لافروف إلى أبعد من ذلك في حملته على الهيئة العليا للمفاوضات، خلال المؤتمر الصحافي المشترك أول من أمس، عقب محادثاته مع نظيره الفرنسي. وفي إجابته عن سؤال حول تداعيات إعلان الهيئة العليا للمفاوضات، بما في ذلك تصريحات فصيلي «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» عن ضرورة تعليق المفاوضات ووقف إطلاق النار، هدد لافروف بضم المجموعتين إلى قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، لافتًا إلى أن روسيا لم تصر على موقفها الداعي إلى تصنيفهما مع المجموعات الإرهابية نزولا على طلب الشركاء الغربيين، وانتقل ليوضح بعد ذلك أن «قرار مجلس الأمن وقرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تحدد بوضوح مجموعتي (داعش) و(النصرة) بوصفهما منظمات إرهابية، يسمح بضم مجموعات أخرى إلى قائمة المنظمات الإرهابية». وختم لافروف حديثه حول هذا الموضوع متوعدًا بأن تطرح روسيا قريبًا على مجلس الأمن الدولي مسألة إدراج من قال إنهم «يخربون ويقوضون وقف إطلاق النار»، في قائمة الإرهابيين، جنبًا إلى جنب، مع «داعش» و«جبهة النصرة».
في غضون ذلك، نشرت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية معلومات عن مصادر لم تسمها، تقول إن خلافات قد نشبت بين القوى الممثلة في الهيئة العليا للمفاوضات، على خلفية قرار تعليق المشاركة في مفاوضات جنيف، وانقسمت الهيئة بين طرف يؤيد القرار، وطرف آخر يدعو إلى الرجوع عنه والاستمرار في المفاوضات. وردت الهيئة العليا للمفاوضات على تلك المزاعم على لسان أسعد الزعبي، رئيس الوفد المفاوض، الذي قال إن هذا الكلام عار عن الصحة، مؤكدًا أنه لم يعترض أحد من المشاركين في الوفد والهيئة على قرار تعليق المشاركة.
في موضوع آخر على صلة بالأزمة السورية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تسلمه أمس أوراق اعتماد عدد من السفراء، إن «الدعم الذي قدمته روسيا للحكومة الشرعية في سوريا ساعد في تفادي انهيار بنية الدولة وفي الحفاظ على مؤسسات السلطة، وتجنب سقوط مزيد من القتلى بين المدنيين»، لافتًا إلى أنه «بفضل العمليات الناجحة التي نفذتها القوات الجوية الروسية، تمكنت القوات السورية من استعادة المبادرة الاستراتيجية وحررت عددا من المدن، بما في ذلك تدمر»، وقال إن إجمالي المناطق السكنية التي تم تحريرها بمساعدة القوات الروسية في سوريا بلغ أكثر من 400 منطقة، فضلا عن القضاء على آلاف الإرهابيين بما في ذلك من أصول روسية ومن مواطني جمهوريات رابطة الدول المستقلة».
في السياق ذاته، قال أناتولي أنطونوف، نائب وزير الدفاع الروسي لقناة «روسيا اليوم»، إن «المهمة الرئيسية التي تقف اليوم أمام القوات الروسية هي منع الإرهاب من الانتشار، والحيلولة دون زحفه نحو أراضي روسيا»، مشيرًا إلى أن «القوات الروسية تمكنت خلال عمليتها في سوريا من توجيه ضربات شديدة للإرهاب، وتدمير كثير من مخازن الأسلحة ومراكز القيادة والمجموعات المختلفة، وإلحاق أضرار هائلة بمصادر تمويل الإرهاب».
موسكو تعول على استمرار المفاوضات وتلوح بضم مجموعات معارضة لقائمة الإرهاب
لافروف ومساعدوه وجهوا انتقادات لوفد الهيئة العليا للمفاوضات
موسكو تعول على استمرار المفاوضات وتلوح بضم مجموعات معارضة لقائمة الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة