تراجعت أسعار النفط في أول يوم تداول عقب انهيار محادثات اجتماع الدول المنتجة الرئيسة في الدوحة، التي عقدت للتشاور حول تجميد الإنتاج، تاركة الساحة العالمية تعاني من وجود فائض غير مرغوب فيه من المعروض النفطي العالمي. وانخفض «خام برنت» 5 في المائة، إلى 40.49 دولار، في حين انخفض سعر خام «غرب تكساس الوسيط» بنسبة 5.2 في المائة إلى 39.55 دولار.
فقد خرجت الدول الرئيسة المنتجة للنفط من اجتماعها في الدوحة، دون الاتفاق على عدم زيادة الإنتاج عن مستويات يناير (كانون الثاني) 2016. وكما كان متوقعًا كان هناك تأجيل في الاتفاق إلى عقد اجتماع لاحق خلال العام الجاري، لإمكانية التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يجعل هناك استقرارًا في الأوضاع النفطية في السوق العالمية.
وانهار الاجتماع بعد أن طالب العضو - ذو الوزن الثقيل في «أوبك» - المملكة العربية السعودية مشاركة إيران في تنفيذ قرار التجميد، والتي أكدت مرارا أنها لن تفعل ذلك حتى تصل إلى مستويات ما قبل العقوبات من الإنتاج.
لكن في انعكاس للأوضاع، قفزت أسعار النفط يوم الثلاثاء الماضي، حيث ركزت الأسواق على الانقطاع المحتمل للإمدادات من الولايات المتحدة، الذي يمكن أن يحد من تخمة النفط الخام في العالم. وأغلق الخام الأميركي مرتفعًا بنسبة 3.3 في المائة إلى 41.08 دولار للبرميل، في حين ارتفع خام برنت العالمي بنسبة 2.6 في المائة، ليغلق عند مستوى 44.03 دولار للبرميل.
وفي حين أن عدم وجود اتفاق للحد من الإنتاج كان له أثر سلبي على معنويات السوق، فإن ظروف العرض والطلب قد تحسنت بشكل طفيف بسبب تراجع عمليات الحفر في معظم أنحاء العالم، التي من المتوقع أن تقلص الإنتاج نحو 2 مليون برميل يوميًا، وهو مستوى قريب من معدل الفائض العالمي من المعروض النفطي.
وفي الكويت تسبب إضراب آلاف العاملين في قطاع النفط لليوم الثالث – حتى الثلاثاء الماضي – احتجاجا على خطط إصلاح أجور القطاع العام، في تراجع إنتاج البلاد من الخام إلى 1.5 مليون برميل يوميا، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الكويتية. وهناك مشكلات في خط أنابيب في نيجيريا تسبب في فقدان 440 ألف برميل أخرى، وفقدت السوق العراقية 150 ألف برميل من السوق بسبب خلاف حول خط الأنابيب بين الحكومة المركزية والسلطات الإقليمية الكردية. ومن المتوقع أن يزيل صيانة إنتاج بحر الشمال نحو 160 ألف برميل أخرى.
وربما يرى البعض أن فشل اجتماع الدوحة في تجميد مستويات الإنتاج، قد يعزز من الاستمرار في عصر النفط الرخيص، وأن نهايته لم تأت بعد. وهؤلاء من رأوا أن أسعار النفط ارتفعت خلال الشهرين الماضيين تحسبا للتوصل إلى اتفاق، وبالتالي، ينبغي أن تتراجع الأسعار الآن بعد أن باءت الجهود بالفشل. ولا يزال هناك وفرة من المعروض الزائد الذي يحتاج إلى العمل على تخفيض معدلات الإنتاج لتتناسب مع معدلات الطلب الحالية على أساس عالمي.
لكن خبراء يرون أن أسعار النفط المتراجعة ستتسبب في حالات إفلاس إضافية في الولايات المتحدة، بما يخفض المعروض الأميركي من النفط.
وإذا نفذت المملكة العربية السعودية ما أوضحته من قدرتها على زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل إضافي، في حال تطلب الأمر ذلك، فذلك من شأنه أن يعطل من أساسات التوازن بين العرض والطلب على المدى القريب، حيث ترتفع التوقعات بتراجع أسعار النفط قليلا على المدى القريب، لكن حالات الإفلاس في الولايات المتحدة يمكن أن تسرع من ارتفاع أسعار النفط على المدى الأبعد.
في الوقت نفسه، يتسارع ضعف الإنتاج في أميركا اللاتينية والولايات المتحدة، وأظهرت بيانات وزارة الطاقة الأميركية، خلال الأسبوع الماضي، تراجع إنتاج الولايات المتحدة لأقل من 9 مليون برميل يوميا، للمرة الأولى منذ عام 2014.
وقال أوليفييه جاكوب - من شركة أبحاث «بتروماتريكس» ومقرها سويسرا - إن السوق تراهن على حدوث انتعاش في التوازن بين العرض والطلب؛ لأن الكثير من الطاقة الفائضة التي كانت متاحة في عام 2015 اختفت الآن. وأضاف: «نحن نعود مرة أخرى إلى بيئة توجد فيها الطاقة الإنتاجية الفائضة الوحيدة المتبقية في صهاريج التخزين».
ويرى محللون أن الطلب على النفط لا يزال قويًا، ويرجع ذلك جزئيًا لانخفاض الأسعار، فهناك توقعات بزيادة بنسبة 0.1 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بما يعادل زيادة نحو 10 دولارات في سعر برميل النفط. لكن على الرغم من أن الطلب سيكون أقوى على مدى السنوات الخمس المقبلة، فإن من غير المتوقع عودة أسعار النفط إلى فوق 100 دولار للبرميل في وقت قريب. وتشير توقعات بيوت الخبرة أن أسعار النفط يمكن أن تصل إلى ما بين 60 و70 دولارًا للبرميل بحلول عام 2020.
وعلى جانب الطلب، توقعت «أوبك» في تقريرها الأخير، ارتفاع الطلب العالمي لنحو 94.18 مليون برميل يوميا خلال العام 2016، بزيادة 1.2 مليون برميل يوميا عن طلب العام 2015.
أما على جانب العرض، فتوقع التقرير تراجع إنتاج البلدان خارج «أوبك» إلى 56.39 مليون برميل يوميا في 2016، من 57.13 مليون برميل يوميا في 2015. أي بنسبة 1.3 في المائة، بينما بلغ إنتاج «أوبك» نحو 32.25 مليون برميل يوميا في مارس (آذار) 2016، بزيادة معادلة لتراجع إنتاج البلدان خارج «أوبك».
انقطاع الإمدادات النفطية يعزز ارتفاع الأسعار قريبًا
رغم فشل اجتماع الدوحة في التوصل إلى اتفاق
انقطاع الإمدادات النفطية يعزز ارتفاع الأسعار قريبًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة