أسبوع حاسم ينتظر محادثات جنيف السورية.. وتلويح ضمني بانسحاب الهيئة

مصادر غربية حذرت من النموذج اليمني وتسميم العملية الانتقالية

صورة التقطت من نافذة في درعا جنوب سوريا وتظهر أثار الرصاص على واجهة المبنى (رويترز)
صورة التقطت من نافذة في درعا جنوب سوريا وتظهر أثار الرصاص على واجهة المبنى (رويترز)
TT

أسبوع حاسم ينتظر محادثات جنيف السورية.. وتلويح ضمني بانسحاب الهيئة

صورة التقطت من نافذة في درعا جنوب سوريا وتظهر أثار الرصاص على واجهة المبنى (رويترز)
صورة التقطت من نافذة في درعا جنوب سوريا وتظهر أثار الرصاص على واجهة المبنى (رويترز)

تدخل محادثات جنيف غير المباشرة اليوم أسبوعا حاسما سيقرر ما إذا كانت ستستمر أم أنها دخلت في طريق مسدود، بسبب تباعد المواقف وعجز المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا عن دفع الطرفين إلى الدخول في صميم العملية التفاوضية التي تعني البدء ببحث المرحلة الانتقالية وتشكيل الهيئة الحاكمة التي يتمسك بها وفد الهيئة العليا للمفاوضات. ولكن في الوقت عينه، تفيد معلومات متواترة من مصادر غربية أن مناقشات موازية تدور بين دبلوماسيين أميركيين وروس في المدينة السويسرية للتوافق على مبادئ الحل السياسي وسط مخاوف من «ليونة» أميركية بالنسبة لمصير الرئيس السوري ولدوره في المرحلة الانتقالية والمراحل اللاحقة. كذلك جاء الكشف عن مقترح نقله دي ميستورا خلال اجتماعه بوفد الهيئة العليا مساء الجمعة والقاضي بأن تسمي المعارضة ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية وتقاسم السلطات معه ردود فعل عنيفة من أكثر من مصدر في المعارضة.
حتى البارحة، لم تعرف هوية صاحب الاقتراح بعد أن قال دي ميستورا إنه «ناقل» الاقتراح وليس صاحبه كما أنه ليس من يتبناه. وقالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إنها ترجح أن يكون النظام هو من أطلق المقترح الذي ترى فيه «بالون اختبار» لمعرفة ردود فعل الهيئة العليا التي هدد منسقها العام رياض حجاب بـ«الانسحاب» من المحادثات، في حال لم تدخل في صلب العملية الانتقالية وإذا ما استمر وفد النظام على نهج التأجيل والمماطلة.
واليوم يلتقي دي ميستورا ظهرا السفير بشار الجعفري وأعضاء وفده في ثاني اجتماع يعقده الطرفان في هذه الجولة المفترض أن تنتهي عمليا يوم الجمعة القادم. وسبق للجعفري أن قال للصحافة عقب الاجتماع الأول، إنه نقل للمبعوث الدولي ملاحظات النظام على ورقة المبادئ التي تسلمها منه في آخر يوم من محادثات الجولة السابقة، وأنه «يمنحه» عطلة نهاية الأسبوع للرد عليها. ويشدد المتابعون لما يحصل في جنيف على أهمية معرفة ما إذا كان الجعفري سيبقى يتحدث عن مبادئ الحل السياسي أم أنه سيقبل، أخيرا، بدء الخوض فيها.
يبدو المشهد من جنيف كأن هناك سباقا بين السعي إلى إحراز تقدم ما على الصعيد السياسي ـ الدبلوماسي وبين التصعيد الميداني. والأمر المقلق بالنسبة لمفاوضي الهيئة العليا أنهم بدأوا بالتعرض لانتقادات الفصائل المقاتلة التي سارت في العملية السياسية، ولكن استمرار الاختراقات وانتهاكات الهدنة والعمليات العسكرية على نطاق واسع، كل ذلك يجعلها، وفق مصدر من المعارضة في جنيف، في وضع صعب إزاء قاعدتها المقاتلة ويدفعها بالتالي لممارسة ضغوط على المفاوضين.
ومنذ وصوله إلى جنيف، عقد حجاب مجموعة من اللقاءات مع وفد المعارضة وأعضاء من هيئة التفاوض، كما التقى ظهر أمس ما يسمى «مجموعة باريس»، أي النواة الصلبة من الدول الداعمة للمعارضة السورية، يضاف إليها كندا والدنمارك وممثل للاتحاد الأوروبي. وبحسب مصادر دبلوماسية حضرت اللقاء، فقد بدا حجاب متشائما إزاء غياب تقدم ملموس في الملف الإنساني وملف المفقودين. أما بخصوص الهدنة، فقد تساءل المنسق العام للهيئة التفاوضية عما إذا كانت ما زالت موجودة حقيقة! وأشارت هذه المصادر إلى أن حجاب «يجد نفسه في وضع حرج خصوصا أن العسكريين من المعارضة الموجودين في جنيف يميلون إلى المغادرة، وإذا غادروا فإن المدنيين سيكونون في وضع هش». لكن أصدقاء المعارضة دعوها إلى البقاء في جنيف لأن المغادرة ستعني أنها «وقعت في الفخ» الذي نصبه لها النظام، وهو دفعها للمقاطعة ثم تحميلها مسؤولية فشل المحادثات. والخلاصة التي توصلت إليها المصادر المشار إليها هي أن حجاب «لم يحدد بعد موقفا نهائيا» وأنه «سيستمر في مشاوراته» قبل تبنيه.
بيد أن هناك جانبا آخر تعتبر المصادر الغربية أنه «لا يجوز تجاهله» وفحواه أن المطالب التي يرفعها حجاب ومعه وفد المفاوضات بالطبع «محقة وأساسية ولكن لا يمكن تحقيقها في 48 ساعة»، خصوصا أن التوصل إلى الهدنة التي انطلقت في 27 فبراير (شباط) الماضي استغرق التفاوض عليها عدة أسابيع ولم تتحول إلى واقع من غير التفاهم الروسي ـ الأميركي. ولذا، فإن أصدقاء المعارضة الموجودين في جنيف يحثونها على المثابرة وعلى البقاء على الخط الذي انتهجته، وهو الاستمرار في التركيز على المرحلة الانتقالية وعلى تشكيل الهيئة التي ستتولى مسؤولية إدارتها.
وأمس، ردت مصادر دي ميستورا على «الاقتراح» الذي نقله إلى المعارضة في اجتماع ليل الجمعة والقاضي ببقاء الأسد في السلطة وتعيين ثلاثة نواب رئيس له، بالقول إن «ذلك ناتج عن سوء فهم» وإنه «ليس اقتراحا بقدر ما هو فكرة من بين الأفكار المطروحة». كذلك نفى ناطق باسم الخارجية الأميركية في جنيف أن تكون هناك مفاوضات سرية بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية تدور بموازاة المحادثات التي يرعاها المبعوث الأممي. لكن هذا النفي يتعارض مع معلومات متقاطعة عن مساع ثنائية أميركية ـ روسية للتوافق على صيغة لحل في سوريا لا تبعد الأسد عن السلطة وتضم إليه المعارضة أو بعضا منها.
وفي السياق عينه، نبهت المصادر الغربية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، من أن بقاء الأسد في السلطة، وإن كان ذلك بصورة رمزية، من شأنه «تسميم» العملية السياسية الانتقالية. كذلك حذرت من اتباع «النموذج اليمني» الذي أخرج الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة رسميا، لكن الأخير بقي ممسكا بالقوات المسلحة وبأوراق كثيرة من اللعبة السياسية الأمر الذي قاد اليمن إلى الخراب.
واليوم يعقد حجاب مؤتمرا صحافيا ينتظر أن يستفيد منه لعرض رؤيته للمرحلة الراهنة ولما وصلت «أو لم تصل» إليه المحادثات. كذلك ينتظر أن يلتقي دي ميستورا مجددا وفد المعارضة جريا على عادته منذ انطلاق المحادثات في 14 مارس (آذار) الماضي.



تأكيد عربي على دعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.