تونس: حزب من الائتلاف الحاكم يقترح «حكمًا محليًا» لمنطقتي بن قردان وجرجيس

مخاوف من أن تؤدي هذه الدعوة إلى ظهور نعرات انفصالية في بقية المناطق

تونس: حزب من الائتلاف الحاكم يقترح «حكمًا محليًا» لمنطقتي بن قردان وجرجيس
TT

تونس: حزب من الائتلاف الحاكم يقترح «حكمًا محليًا» لمنطقتي بن قردان وجرجيس

تونس: حزب من الائتلاف الحاكم يقترح «حكمًا محليًا» لمنطقتي بن قردان وجرجيس

دعا «الاتحاد الوطني الحر»، أحد الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم في تونس، إلى تمتيع منطقتي بن قردان وجرجيس، الواقعتين جنوب شرقي البلاد على مقربة من الحدود الليبية، بـ«حكم محلي»، يحل المشاكل الاقتصادية المتعددة التي تعرفها مدينة بن قردان على وجه الخصوص، وجعلهما مقاطعتين تتمتعان بالحكم المحلي، مع البقاء تحت إدارة الدولة، وهو ما سيساهم في دعم التنمية والاقتصاد والسياحة بداخلهما.
وبرر سليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، هذه المبادرة بقوله إن «مشاكل البلاد اليوم اقتصادية، وتقديم مقترح من هذا النوع يعتبر خطوة هامة»؛ على اعتبار أن الموقع الجغرافي لمنطقتي بن قردان وجرجيس يؤهلهما «لبعث مدينة معفية من الضرائب تحل نصف مشاكل تونس»، على حد قوله.
وأضاف الرياحي أن المنطقة ستكون مفتوحة أمام الشركات العالمية والبنوك والمصانع، القادمة من آسيا وأميركا الجنوبية، نظرا لقرب المنطقتين من القارة الأوروبية، مشيرا إلى توفر المكونات اللوجيستية في المنطقة، وفي مقدمتها مطار جربة جرجيس، الموجود في جزيرة جربة، والميناء التجاري، ومنطقة التجارة الحرة في جرجيس.
وجاء في البيان الختامي لمجلس وطني استثنائي عقده حزب الاتحاد الوطني الحر بين 8 و10 أبريل (نيسان) الحالي في مدينة الحمامات(شمالي شرق) أن الحزب سيقترح مبادرة تشريعية عبر البرلمان، تتمثل في اقتراح مدينتي بن قردان وجرجيس منطقة معفية من كل أشكال الضرائب وذات قوانين خاصّة.
وفي المقابل، عبرت عدة أطراف سياسية وحقوقية عن خشيتها من هذه الخطوة التي قد تؤدي إلى ظهور نعرات انفصالية في بقية المناطق التونسية، خاصة بعد مطالبة سكان منطقة الحوض المنجمي (جنوبي غرب) سابقا بالحصول على نسبة 20 في المائة من مداخيل مادة فوسفات التي تنتجها الجهة.
وتوجد منذ سنة 1996 في مدينة جرجيس منطقة للتبادل التجاري الحر، في حين أن بن قردان ستتوفر على منطقة تبادل حر نهاية السنة المقبلة، علما بأن تونس تمنح حوافز متعددة للاستثمارات الواردة على منطقة التبادل التجاري الحر في جرجيس، على غرار حرية الاستثمار، وحرية تحويل الفوائد من دون سقف، وحرية نقل رأس المال المستثمر، وحرية استيراد المواد الأولية والخدمات اللازمة للإنتاج. كما قدمت امتيازات ضريبية، مثل الإعفاء الكلي للشركات من دفع الرسوم لمدة عشر سنوات، فيما لا تزيد الضريبة على الفوائد في السنة الحادية عشرة عن 5. 17 في المائة، إضافة إلى الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة على جميع التجهيزات والمواد الأولية المستوردة، أو المقتناة من السوق المحلية.
وتستقبل المنطقة الحرة في جرجيس، القريبة من الحدود الليبية - التونسية، عشرات المستثمرين ومندوبي الشركات الصناعية التجارية الباحثين عن استثمارات قريبة من القارة الأوروبية. كما تمثل جرجيس نقطة عبور مهمة لرجال الأعمال الآسيويين والأميركيين الساعين للوصول إلى الأسواق الأوروبية، خاصة أنها تتيح تأسيس المصانع والمخازن والشركات التجارية على مقربة من أهم الأسواق الاستهلاكية.
ومن المنتظر أن تتكامل منطقة التجارة الحرة في جرجيس مع منطقة التبادل الحر، المزمع إنشاؤها في مدينة بن قردان.
وكثفت الحكومة التونسية من مساعيها للانتهاء من تشييد منطقة حرة للتبادل التجاري في مدينة بن قردان، التي شهدت أعنف هجوم إرهابي في السابع من الشهر الماضي، وفسر محللون مختصون في الجماعات المتطرفة أسباب الأعمال الإرهابية بالعوامل الاقتصادية وتنامي البطالة، وتحالف الإرهابيين مع المهربين والناشطين في التجارة الموازية.
ويهدف هذا المشروع إلى تقنين التبادل التجاري على الحدود، وغلق منافذ الإرهاب المتستر بالتهريب، وخلق ديناميكية اقتصادية في المنطقة القريبة من الحدود مع ليبيا. وتعول الحكومة على هذه المنطقة الحرة لتوفير نحو 2500 فرصة عمل مباشرة، و6 آلاف موطن شغل بصفة غير مباشرة، إضافة إلى خلق قطب اقتصادي تنموي في بن قردان يساعد على تقليص توجه الشباب إلى التجارة الموازية.
وتعد منطقة بن قردان البوابة الاقتصادية الأولى بين تونس وليبيا،وكانت في السابق محطة مهمة للتبادل التجاري، وتوجد بها عدة أسواق، يطلق عليها اسم «سوق ليبيا»، في إشارة إلى مصدر تلك البضائع، كما كانت وجهة عدة تجار تونسيين يأتونها من مختلف المدن التونسية. إلا أن الحرب المستمرة في ليبيا وتراجع سلطة الدولة والإقفال المتكرر للمعابر الحدودية، وتنامي نسبة المخاطر عند دخول ليبيا، كلها عوامل قلصت من هامش التجارة البينية بين البلدين، وأثر على موارد آلاف العائلات التي كانت تعيش مما يسمى «تجارة الشنطة».
ووفق الأهداف التي رسمتها الحكومة من وراء بعث هذه المنطقة الحرة، من المنتظر أن تكون سوقا دولية لعبور البضائع من مختلف أنحاء العالم بين القارة الأفريقية وبقية القارات خاصة الأوروبية، مع إمكانية تطويرها إلى منطقة صناعية عالمية كبرى معدة للتصدير لمختلف البلدان الأفريقية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».