كيف غيرت وسائل التواصل الاجتماعي صناعة الموضة ؟

كلما زاد عدد المتابعين على «إنستغرام» و«تويتر» زادت العقود والعروض

أسابيع الموضة تحولت إلى مسرح مفتوح لما أصبح يعرف بـ«ستريت ستايل» يحاول فيه الضيوف ارتداء أزياء لافتة لجذب انتباه المصورين
أسابيع الموضة تحولت إلى مسرح مفتوح لما أصبح يعرف بـ«ستريت ستايل» يحاول فيه الضيوف ارتداء أزياء لافتة لجذب انتباه المصورين
TT

كيف غيرت وسائل التواصل الاجتماعي صناعة الموضة ؟

أسابيع الموضة تحولت إلى مسرح مفتوح لما أصبح يعرف بـ«ستريت ستايل» يحاول فيه الضيوف ارتداء أزياء لافتة لجذب انتباه المصورين
أسابيع الموضة تحولت إلى مسرح مفتوح لما أصبح يعرف بـ«ستريت ستايل» يحاول فيه الضيوف ارتداء أزياء لافتة لجذب انتباه المصورين

عندما استعاض كارل لاغرفيلد عن الديكور الضخم واللافت في «لوغران باليه» هذا الموسم، بديكور حميم، اشترط فيه أن يجلس كل ضيوف «شانيل» في الصف الأول، حل مشكلة عويصة تؤرق أوساط الموضة والعاملين فيها.
فمنذ بضع سنوات وأصوات محرري أزياء مجلات وصحف ورقية مهمة، تتعالى منددة بتراجعهم إلى المقاعد الخلفية لصالح فتيات صغيرات لا خبرة لهن ولا باع في مجال الصحافة أو النقد، برأيهم، لا لسبب سوى أنهن نشطات في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. صحيح أن لبعضهن مدونات ناجحة، لكن بعضهن الآخر دخلن على الخط، واكتسبن شعبية وأتباعا من أبناء جيلهن، سواء على «تويتر» أو «إنستغرام» ومؤخرا «سناب تشات»؛ فقط لأن مظهرهن لافت، الأمر الذي يغطي على تغطياتهن التي تفتقر إلى عمق التحليل، وتعتمد غالبًا على الصورة أولا وأخيرا.
لكن الملاحظ أن الصور التي ينشرنها على مواقعهن وحساباتهن أثبتت مع الأيام أنها أبلغ من الكلام في العالم الجديد للموضة. فهن يصلن إلى نسبة عالية من الناس في كل العالم، مما جعل بيوت الأزياء وشركات المنتجات المترفة على اختلافها، تتنبه إلى قوة تأثيرهن وجعلها تتودد إليهن، تارة بدعوتهن إلى عروضها المهمة ودفع كل مصاريفهن، وتارة بتشجيعهن على ارتداء تصاميمها، وتارة يصل الأمر إلى التعاقد معهن في حملات خاصة.
جورج كيرن، الرئيس التنفيذي في شركة «آي دبليو سي شافهاوزن» للساعات الفاخرة اعترف لـ«الشرق الأوسط» في إحدى المقابلات بأنه عندما يستضيف شخصيات مشهورة، فهو يعرف مسبقا أنها تتمتع بحسابات عالية تصل إلى الملايين في ثانية واحدة، موضحا أن صورة واحدة ينشرونها على «إنستغرام»، تتداول عالميا. وهذا، على حسب رأيه، يجعلهم سفراء من المستوى العالي. الشيء نفسه بالنسبة للموضة، إلى حد أن البعض يدافع قائلا: «إن فضلا كبيرا في ازدياد اهتمام الرجل بها وإقباله عليها، يعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت الذي ثقفه في هذا المجال، وشجعته على معانقتها».
الآن وحتى بالنسبة للماركات التي كانت ترفض دخول عالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مثل «توم فورد»، تراجعت عن قرارها بعد أن تنبهت إلى دورها في زيادة المبيعات. فالمسألة لا تقتصر على فتح مجال للشراء من مواقعها الإلكترونية، بل أيضا فتح باب تفاعلي مع الزبائن، من جيل التكنولوجيا أولا والصورة ثانيا.
انطلاقا من هذه القناعة، كان لا بد من التفكير في استراتيجيات جديدة تتوافق مع متطلبات العصر وثقافته. ففي العقود الماضية كانت هذه الاستراتيجيات تعتمد على المجلات والصحف للوصول إلى زبائنها، وأغلب الأحيان كان الأمر يتم من خلال الإعلانات والحملات الموسمية، التي كانت تتكرر بالصيغة والتوقيت نفسهما في العديد من هذه الوسائل الورقية. لكن شتان بين الأمس واليوم، حيث أصبح كل شيء آنيا لا ينتظر الغد، وهو ما أثر على شخصية عروض الأزياء وصناعة الموضة عمومًا، وجعل البعض يفكر جديًا في توفير كل ما يعرض على منصات العرض اليوم للبيع في اليوم التالي، وهو ما كان مستحيلا ولا يخطر على بال أحد من قبل. فانتعاش وسائل التواصل الاجتماعي ووصولها إلى الجميع، جعل الكل ضيفا مكرما في هذه العروض حتى وإن لم يتحرك من مقعده أو يخرج من بيته. فبنقرة أو ضغطة زر، يدخل أي عرض أزياء ويتعرف على كل ما يجري فيه، وراء الكواليس وخارجها، لا سيما أن بعض بيوت الأزياء تقدمها بتأثيرات ثلاثية الأبعاد لتزيد من متعة التجربة.
من ناحية أخرى، فإن وسائل التواصل الاجتماعي، والبث المباشر، كشفت ما كان يعتبره المصممون سرا من أسرارهم لا يطلعون عليه سوى زبائنهم المهمين وباقة من وسائل الإعلام، بل كانوا في الماضي يشترطون على الضيوف والمحررين عدم نشر الصور إلا بعد مرور عدة أشهر، أي قبيل توفرها في المحلات ببضعة أسابيع فقط. الهدف كان المحافظة على خصوصيتها وسد الأبواب أمام أي إمكانية لتقليدها وطرحها قبلهم. الآن أصبحت تنشر في اليوم نفسه، ويتم تداول الصور على المواقع المختلفة، ولا يمر أسبوع أو أسبوعان حتى تطرحها بعض المحلات الشعبية. صحيح أن الجودة تختلف، وكذلك بعض التفاصيل، لكن مجرد توفرها يجعل العين تتعود عليها، مما يفقد الأصلية عنصر الحلم ويقتل الرغبة فيها.
ورغم أن التجارب أثبتت أن الزبون يميل عموما إلى الماركات التي تعود عليها وربطته بها علاقة حميمة، تبقى الحاجة ملحة للبحث عن طرق للحفاظ على ولاء هذا الزبون، وفي الوقت ذاته قراءة التحولات الاجتماعية والثقافية حتى لا يفقدوا نسبتهم من السوق.
ويشبه البعض العملية بماراثون وليس بسباق سريع، بمعنى أنه يحتاج إلى استراتيجيات بعيدة المدى، تركز على زيادة الوعي بتاريخها وحرفيتها ومبادئها في العمل من دون تجاهل نقطة مهمة، وهي أن التسوق عملية عاطفية. وربما كان هذا ممكنا بالنسبة للبيوت التي تتمتع بإمكانات عالية، بل يمكن القول إنه مكمن قوتها، وليس أدل على ذلك من دار «شانيل» التي تتحفنا دائما بعروض ضخمة وديكورات مبتكرة تتحول إلى حديث الساعة، لكن الأمر مختلف بالنسبة للمصممين الشباب، الذين ليست لهم إمكانيات إعلانية عالية، وبالتالي يعتمدون على فتيات «إنستغرام» والمدونات، وتشجيعهن، مما أصبح يُعرف بـ«موضة الشارع» للوصول إلى أكبر شريحة من الناس. فالعملية لا تحتاج منهم سوى تقديم تصاميمهم هدايا لهؤلاء على أمل أن يظهرن بها في المناسبات. وتنجح العملية أكثر عندما يلتقط لهن «الباباراتزي» صورا تُنشر في بعض المجلات، في زاوية «ستريت ستايل».
لكن من الخطأ القول إن المصممين الشباب وحدهم يقومون بهذه العملية؛ فقد تختلف الوسائل لكن النتيجة واحدة. فعندما خصصت دار «شانيل» مثلاً لكل ضيف من ضيوفها مقعدًا في الصف الأمامي، فإن الفكرة هي أن يشعر بأهميته ويعيش لحظات مهمة تترسخ في ذاكرته وتتحول مع الوقت إلى لحظات تاريخية.
وربما تكون «بيربري» من أكثر بيوت الأزياء اقتحاما لمجال التكنولوجيا، بل يمكن القول إنها رائدة فيه، سواء من خلال بث عروضها مباشرة بأبعاد ثلاثية، أو من خلال توفير بعض منتجاتها مباشرة بعد العرض، وأخيرا وليس آخرا باستعانتها ببروكلين بيكام، البالغ من العمر 16 عاما، لتصوير حملتها الترويجية لعطرها الرجالي الأخير، في سابقة غير معهودة. فهو غير متخصص في مجال التصوير، لكنه يملك ما لا يملكه المتخصصون المخضرمون، وهو حسابه العالي على «إنستغرام»، الذي يقدر بـ5.9 مليون متابع.
غني عن القول إن الأمر أثار استنكار العديد من المصورين المتخصصين، لكن الواضح أن الدار لم تتخذ قرارها اعتباطا، فبروكلين بيكام، حسب رأي كريستوفر بايلي، مصمم دار «بيربري» ورئيسها التنفيذي، يتمتع بعين قوية وقدرة على التقاط صور جيدة مناسبة للنشر على «إنستغرام»، الذي أصبح وسيلة مهمة للتواصل مع الجيل الجديد. غني عن القول إن هذا الجيل الجديد متشبع بثقافة تلفزيون الواقع، وشريحة كبيرة منه تعتبر كيم كارداشيان وأخواتها قدوات يُحتذى بهن، لما حققنه من شهرة وثروة، من كيم كارداشيان إلى أختها العارضة كندل جينر، التي لم تكن لتحقق كل هذه الشهرة وتكتسح عروض الأزياء وتحصل على عقود مع شركات تجميل عالمية، مثل «إيستي لودر»، لو لم تكن منتسبة للعائلة ولها حساب عال.

حساب عارضات اليوم على «إنستغرام» يحدد حسابهن البنكي

* في أسبوع باريس الأخير، استعان العديد من المصممين بعارضات سوبر، مثل كيندل جينر، وجيجي حديد، ولارا ستون، وغيرهن في عروضهم، في صورة أعادت إلى الأذهان صور عارضات الثمانينات والتسعينات السوبر، مثل ناعومي كامبل، وسيندي كروفورد، وكايت موس، وليندا إيفانجليستا، وغيرهن، مع فرق شاسع بين عارضات الأمس اللاتي كان نجاحهن يُقاس بما يحصلن عليه من أجور وبعدد الأغلفة التي يتصدرنها ويسهمن في بيعها، وعارضات اليوم اللاتي تقاس أهميتهن بنشاطهن على وسائل التواصل الاجتماعي، وعدد أتباعهن على «إنستغرام» أو «تويتر»، فكلما كان لهن أتباع كثر، انهالت العروض والعقود عليهن من كل صوب. فتغريدة واحدة منهن تصل إلى مليون شخص أو أكثر، كما يكون لها مفعول السحر على المبيعات. لهذا ليس غريبا أن تظهر كيندل جينر في معظم العروض، بالنظر إلى أن عدد المتابعين لها على «إنستغرام» يصل إلى 51.1 مليون، بحكم انتمائها لعائلة كيم كارداشيان. أما صديقتها جيجي حديد، فيصل عدد متابعيها إلى 14.6 مليون. تأتي في المرتبة الثالثة أدريانا ليما، بحساب يُقدر بـ6.9 مليون متابع، تليها إيرينا شايك، بـ5.2 مليون متابع، ثم إميلي راتاجكوسكي بـ5.1 مليون متابع.
أما بيلا حديد، الأخت الصغرى لجيجي حديد، فعدد متابعيها يصل إلى 3 ملايين، بحكم أنها أقل شهرة من أختها، ولم تدخل مجال عروض الأزياء إلا مؤخرًا.
من العارضات السوبر نذكر أيضا لارا ستون، التي على الرغم من أن عدد متابعيها لا يتعدى 439 ألف متابع، فإنها تحقق أرباحًا سنوية تُقدّر بـ5 ملايين دولار أميركي بفضل تعاقداتها مع كل من «كالفين كلاين» و«لوريال»، أي أكثر من إميلي راتاجكوسكي، التي تتمتع بـ5.1 مليون متابع، لكن أرباحها السنوية تقدر بـ353 ألف دولار أميركي فقط.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.