«إنقاذ اليونان».. هوة بين «الأوروبي» وصندوق النقد يفاقمها «انفصال بريطانيا»

«تدابير الإصلاح» خلاف رئيسي.. وازدياد تحذيرات «الصدمة الاقتصادية الخطيرة»

«إنقاذ اليونان».. هوة بين «الأوروبي» وصندوق النقد يفاقمها «انفصال بريطانيا»
TT

«إنقاذ اليونان».. هوة بين «الأوروبي» وصندوق النقد يفاقمها «انفصال بريطانيا»

«إنقاذ اليونان».. هوة بين «الأوروبي» وصندوق النقد يفاقمها «انفصال بريطانيا»

تتصاعد الأزمات الاقتصادية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، ليبرز على الساحة اثنان من أكبر المخاطر التي تؤرق الاتحاد في الوقت الراهن، وهما التصويت على خطة إنقاذ اليونان الثالثة، والتصويت في المملكة المتحدة على عضوية الاتحاد الأوروبي.
فحتى الآن، هناك خلاف بين صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بشأن قوة تدابير الإصلاح التي يجب على أثينا اعتمادها لاستكمال أول مرحلة في خطة الإنقاذ الجديدة، وهو ما برز بوضوح من خلال ما يدعى وثائق «ويكيليكس»، وهي نسخة مسربة من دعوة صندوق النقد الدولي الصندوق الداخلية التي توضح سعيه لدفع اليونان إلى «وضعية الأزمة»، من أجل حثها على خوض مفاوضات حول برنامج إصلاحي.
وفي رسالة بعثتها كريستين لاغارد، رئيسة صندوق النقد الدولي، إلى رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، يوم الأحد الماضي، أكدت لاغارد أن الصندوق لن يساند إلا برنامجا «ذا مصداقية»، يقوم على فرضيات واقعية، ويضع اليونان على طريق النمو، بحيث تستعيد تدريجيًا قدرتها على تحمل الديون. وقالت لاغارد إن «الصندوق يجري مفاوضاته بنيات حسنة، وليس بالتهديدات، ولا نتواصل من خلال التسريبات».
وكانت اليونان قد وافقت في يوليو (تموز) 2015 على خطة إنقاذ أوروبية قيمتها 86 مليار يورو (94 مليار دولار) على مدى ثلاث سنوات، تفاديا للخروج من منطقة اليورو، لكن جاءت الخطة بشروط صارمة.
وبموجب شروط اتفاق الإنقاذ في العام الماضي، يجب على اليونان اتخاذ تدابير الإصلاح التي من شأنها أن تنتج فائضا أوليا قدره 3.5 في المائة من الناتج الاقتصادي بحلول عام 2018. ويتركز الخلاف على قوة التدابير التي تحتاج إليها أثينا للوصول إلى تحقيق فائض بنحو 3.5 في المائة، مع إصرار من تسيبراس على أن اليونان ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات التي سوف تصل إلى الهدف.. لكن يعتقد صندوق النقد الدولي أن كثيرا من التدابير المتفق عليها تعد «غامضة»، ولا تمكن من الوصول إلى الهدف.
ولا يزال الجانبان متباعدين، ولتهدئة الأوضاع اجتمع ثلاثة من كبار المسؤولين عن مراقبة الإنقاذ، وهم بول تومسون، مدير القسم الأوروبي في صندوق النقد الدولي، وبينوا كيور، محافظ البنك المركزي الأوروبي والمسؤول عن قضايا بروكسل، وماركو بوتي، مدير قسم الاقتصاد بلجنة الاتحاد الأوروبي، وذلك في بروكسل الأسبوع الماضي، من أجل التوصل إلى اتفاق لمحاولة القضاء على الخلافات.
واتفق كبار المسؤولين على إرسال مفاوضي الإنقاذ إلى أثينا مع قائمة متفق عليها من الإصلاحات، حتى يتمكنوا من الاتفاق على ما إذا كانت القائمة ستكون كافية للوصول إلى 3.5 في المائة المستهدفة. وإذا لم يتمكن كل من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي من حل النزاع بينهما بسرعة، يمكن أن تنفذ السيولة لدى أثينا في يوليو (تموز) المُقبل.
على الجانب الآخر، يحين في 23 يونيو (حزيران) المُقبل، موعد تصويت المملكة المتحدة بشأن البقاء في الاتحاد الأوروبي أو ترك العضوية، مدفوعة برغبتها في وقف الدعم الاجتماعي الذي تدفعه للوافدين الأوروبيين، وهو الأمر الذي يعده كثيرون من المديرين الماليين في المؤسسات النقدية الأوروبية قرارا مصيريا ترتفع تداعياته مع التصويت فعليًا على الخروج من العضوية.
ووفقًا لاستطلاع للرأي عبر الإنترنت لصحيفة «ذي أوبزيرفير» البريطانية، شمل ألفًا و966 من البالغين ونُشر يوم السبت الماضي، قال 53 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما، إنهم يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي، في حين فضل 29 في المائة عكس ذلك. ومع ذلك، قال 52 في المائة فقط من هذه الفئة العمرية إنهم مستعدون للذهاب فعليًا والتصويت على الاستفتاء.
ومن الفئة العمرية الأكبر من 55 سنة، قال 30 في المائة إنهم يؤيدون بقاء بريطانيا في الكتلة، مقارنة مع 54 في المائة يدعمون الخروج، وفي هذه الفئة العمرية قال 81 في المائة إنهم «بالتأكيد» سيذهبون للمشاركة في الاستفتاء.
وأظهر بحث نشرته شركة «ديلويت» المالية، يوم الاثنين، أن المديرين الماليين من كبرى الشركات في المملكة المتحدة يميلون بشكل متزايد لصالح بقاء بريطانيا جزءًا من الاتحاد الأوروبي.
وقال تقرير حديث، صادر عن اتحاد الصناعة البريطانية «CBI»، إن من شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن يسبب «صدمة اقتصادية خطيرة»، ويحتمل أن يكلف بريطانيا نحو مائة مليار جنيه إسترليني (أكثر من 142 مليار دولار)، بما يمثل 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يفقدها ما يقرب من مليون فرصة عمل. وقالت كارولين فيربيرن، مدير الاتحاد، إن خروج بريطانيا في أعقاب استفتاء يوم 23 يونيو «سيكون ضربة حقيقية لمستويات المعيشة وفرص العمل والنمو».
وفي تقرير الاتحاد، بحثت شركة المحاسبة «برايس ووتر هاوس» ماذا سيحدث إذا وقعت بريطانيا على اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي في غضون خمس سنوات من التصويت على الخروج، أو قررت مزاولة العمل باعتبارها عضوا في منظمة التجارة العالمية. وقالت الشركة إنه في هذه الحالة ستكون المفاوضات «أكثر صعوبة وطويلة».
وفي ظل ارتفاع أعباء دول الاتحاد الأوروبي في المساهمة في خطط الإنقاذ للبلدان المتعثرة، وعلى رأسها اليونان، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد يُعنى أن كلا من ألمانيا وفرنسا وغيرهما من بقية المساهمين في ميزانية الاتحاد المكون من 28 دولة، سيدفعون مبالغ مالية أكبر بكثير مما يفعلون اليوم.
على النحو نفسه، قال فولفغانغ شويبله، وزير المالية الألماني، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤثر سلبًا على اقتصاد أوروبا بالكامل. وأشار الوزير إلى ضرورة ألا يقوم البريطانيون بالتصويت لصالح الخروج لما سيكون له من أبعاد سلبية ستكلف الاتحاد كثيرا.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.