في الوقت الذي تنفي فيه إيران صحة تقارير أفادت بملء الفراغ الذي نتج عن الانسحاب الروسي في سوريا، كشف المساعد التنسيقي لقائد القوات البرية في الجيش الإيراني، العميد علي آراسته، عن إرسال قوات النخبة في الجيش الإيراني إلى سوريا «في مهمة استشارية». ويترافق خبر إرسال قوات النخبة مع نشر مواقع مقربة من الحرس الثوري لخبر مقتل سبعة من عناصره في معارك حلب خلال الـ24 ساعة الماضية، وتصريح لمصادر مقربة من حزب الله اللبناني بأن المعارك التي شهدها ريف حلب الجنوبي يوم الأحد أسفرت عن مقتل نحو خمسين أفغانيا من المقاتلين الذين يقاتلون إلى جانب النظام السوري وتشرف عليهم إيران.
وأكد آراسته، أمس، في تصريح لوكالة «تسنيم» المنبر الإعلامي لمخابرات الحرس الثوري، على مشاركة قوات المغاوير في اللواء المدرع 65 بـ«مهام استشارية» في معارك سوريا.
في السياق نفسه، أوضح آراسته أن «اللواء 65 جزء من القوات البرية في الجيش الإيراني، ونحن أرسلنا مستشارين من اللواء 65 والوحدات الأخرى إلى سوريا»، مشيرا إلى أن حضور اللواء 65 لا يتجاوز طابعه «الاستشاري».
هذا وأظهرت مقاطع نشرتها مواقع إيرانية أن «المستشارين» الإيرانيين يشاركون في مهام قتالية، من ضمنها قوات قناصة، كما أن ارتفاع عدد القتلى وآثار الإصابات تبين خلاف ما تدعي إيران، وهو ما أثار سخط بعض وسائل الإعلام الإيرانية.
ويأتي الكشف عن وجود قوات خاصة من الجيش الإيراني بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن انسحاب جزء من قواته، وسط تردد أنباء عن محاولات إيرانية لملء الفراغ الروسي في جبهات القتال السورية عبر تعزيز قواتها وقوات ميليشيات عراقية.
من جانبه، لم يحدد آراسته الفترة الزمنية لإرسال وحدات من اللواء 65، إلا أنه كان قد كشف لأول مرة، في منتصف مارس (آذار) الماضي، عن نيات الجيش الإيراني إرسال قوات خاصة ووحدات قناصة للقيام بـ«مهام استشارية» في سوريا والعراق.
في هذا الصدد، ذكرت الوكالة نقلا عن آراسته «أنه تم تزويد كل الوحدات القتالية التابعة لسلاح البر في الجيش الإيراني بطائرات درون (من دون طيار)، مؤكدا استخدام هذا النوع من الطائرات في الألوية القتالية والوحدات الاستكشافية»، ولم يذكر آراسته إذا ما كانت قواته في سوريا مزودة بطائرات درون، إلا أن فيلما دعائيا للحرس الثوري كشفن في بداية فبراير (شباط) الماضي، عن استخدام القوات الإيرانية طائرة درون من طراز «شهيد 129» في المعارك السورية.
وتطلق إيران وصف «الاستشاري» على وجود قواتها العسكرية في الحرب الداخلية السورية، وتقديمها الدعم لجيش النظام السوري، بعدما کانت تنكر في العامين الأولين من اندلاع الحرب وجود قواتها العسكرية في سوريا. وبعد تأكيد الحضور الإيراني، أعلنت إيران سقوط عدد كبير من قادة الحرس الثوري والميليشيا التابعة له.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها الجيش الإيراني عن وجود قواته الخاصة في سوريا. وتنحصر مهمة القوات البرية وفق الدستور الإيراني في الدفاع عن الحدود الإيرانية مقابل المخاطر الأجنبية. وكانت وكالة فارس قد ذكرت في ديسمبر (كانون الأول) 2014، نقلا عن قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي، توجه نخبة من مغاوير اللواء 65 في مهمة مشتركة لتعزيز القوات البحرية في خليج عدن.
ويعتبر اللواء 65 المدرع الذي تأسس في 1970 من أقدم وحدات الجيش الإيراني، وتعتبر الحروب «غير المتكافئة» من أبرز مهام هذا اللواء. ويعرف اللواء 65 بـ«ذوي القبعات الخضر» منذ 1992، بعد أوامر من المرشد الأعلى علي خامنئي لتطوير تلك القوات. وبحسب المعلومات المتوفرة، فهو من القوات القادرة على القيام بعمليات خاصة في داخل وخارج إيران. ويحمل اللواء في سجله المشاركة في حرب ظفار العمانية، كذلك شارك في قمع الأحوازيين والبلوش والأكراد في بداية الثمانينات.
ويعتبر اللواء 65 من أهم المؤسسين للقوات الخاصة في الحرس الثوري «لواء صابرين» في عام 2000، والقوات الخاصة في الشرطة الإيرانية «نوبو». ويشارك «لواء صابرين» فعليا في المعارك السورية، وقد فقد عددا كبيرا من قادته وعناصره خلال السنة الأخيرة. وكان قائد القوات البرية في الحرس الثوري، الجنرال محمد باكبور، قد اعترف رسميا على هامش حفل تأبين قتلى «لواء صابرين»، في فبراير الماضي، بوجود قوات خاصة للدفاع عن «عقائد» النظام في سوريا والعراق.
من جهته أعلن مساعد قائد قوات الشرطة الإيرانية محمد جواد زاده كمند استعداد القوات الخاصة في الشرطة الإيرانية «نوبو» (القوات الخاصة المدافعة عن الولاية) للقيام بمهام خارج الحدود الإيرانية دفاعا عن «مبادئ النظام» ومصالح الثورة الإيرانية، وقال إنه «يعلن بكل ثقة جاهزية القوات الخاصة في الشرطة الإيرانية لمواجهة الأعداء خارج الحدود حفاظا على النظام وقيمه».
يشار إلى أنه منذ إعلان إيران رسميا سقوط قتلى للحرس الثوري في سوريا، اختصرت مواقف قادة الجيش على تأكيدهم جاهزية قوات الجيش في الحدود الغربية الإيرانية التصدي لأي هجوم محتمل من قبل «داعش» والمجموعات الأخرى في العراق. وكانت تحذيرات قائد القوات البرية من مخاطر «داعش» ضد الحدود الإيرانية وضعف إمكانيات ومعدات الجيش قد أثارت غضب قادة الحرس الذين نفى بعضهم صحة ما أعلن حول مخاطر «داعش» على الحدود الإيرانية.
وأعلنت مواقع مقربة من الحرس الثوري مقتل سبعة من عناصره في معارك حلب خلال الـ24 ساعة الماضية. وقالت المواقع إن أبو ذر غواصي والعميد محسن إلهي ومصطفي تاش موسى وحيدر إبراهيم خاني وما شاء الله شمسه وسعيد مسافر وجمال رضي، قضوا في معارك سوريا «دفاعا عن الأمن القومي الإيراني» في وقت يتكتم فيه الحرس الثوري على العدد الحقيقي لقتلاه وقتلى الميليشيا التابعة له في المعارك السورية.
من جهة أخرى، قالت مصادر مقربة من حزب الله اللبناني إن المعارك التي شهدها ريف حلب الجنوبي، الأحد الماضي، أسفرت عن مقتل نحو خمسين أفغانيا من المقاتلين الذين يقاتلون إلى جانب النظام السوري وتشرف عليهم إيران، وأشارت إلى سقوط عشرة من مقاتلي حزب الله أيضًا.
وقالت المصادر لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء إن معارك قرب بلدة العيس أسفرت عن مقتل نحو خمسين أفغانيا ممن تشرف عليهم وتدربهم إيران، وكذلك مقتل عشرة مقاتلين من حزب الله، واثنان من ضباط الحرس الثوري الإيراني، ووصفت الخسائر بأنها مأساوية، ورجّحت سقوطهم إثر كمين أعدّه مقاتلو المعارضة السورية في تلك المنطقة.
كانت وسائل إعلام إيرانية قد نعت، الأحد، سبعة من مقاتلي حزب الله، واثنين ممن وصفتهما بأنهما مستشارين إيرانيين في معارك ريف حلب، ولم تُشر نهائيًا لمقتل هذا العدد الكبير من المقاتلين الأفغان الموالين لإيران.
قوات خاصة من الجيش الإيراني إلى سوريا بعد إخفاق الحرس الثوري
يحمل اللواء 65 في سجله المشاركة في حرب ظفار وقمع الأحوازيين والبلوش والأكراد
قوات خاصة من الجيش الإيراني إلى سوريا بعد إخفاق الحرس الثوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة