واشنطن تجاهلت ضلوع إيران في أحداث سبتمبر تمهيدا لغزو العراق

«الشرق الأوسط» تلتقي مسؤولين سابقين بالبيت الأبيض ووزاتي الدفاع والخارجية ورجال قضاء * مسؤول سابق بالبنتاغون: القضاء لم يتأثر بسياسات البيت الأبيض تجاه طهران

متظاهرون إيرانيون يشاركون في مظاهرة بمناسبة الذكرى 36 للاعتداء على سفارة الولايات المتحدة في طهران، العام الماضي و يهتفون «الموت لأميركا» (غيتي)
متظاهرون إيرانيون يشاركون في مظاهرة بمناسبة الذكرى 36 للاعتداء على سفارة الولايات المتحدة في طهران، العام الماضي و يهتفون «الموت لأميركا» (غيتي)
TT

واشنطن تجاهلت ضلوع إيران في أحداث سبتمبر تمهيدا لغزو العراق

متظاهرون إيرانيون يشاركون في مظاهرة بمناسبة الذكرى 36 للاعتداء على سفارة الولايات المتحدة في طهران، العام الماضي و يهتفون «الموت لأميركا» (غيتي)
متظاهرون إيرانيون يشاركون في مظاهرة بمناسبة الذكرى 36 للاعتداء على سفارة الولايات المتحدة في طهران، العام الماضي و يهتفون «الموت لأميركا» (غيتي)

كشفت «الشرق الأوسط» من خلال سلسلة من التقارير انفردت بها خلال شهر مارس (آذار) الماضي، مجموعة من التقارير والحوارات الخاصة ووثائق المحاكم الفيدرالية الأميركية وحكومتها، تؤكد إدانة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي كمتهم ثان، بالإضافة إلى «حزب الله» كمتهم ثالث في تفجيرات 11 سبتمبر، والتي أدين فيها أسامة بن لادن قبل مقتله كمتهم أول في تنفيذها.
وأفادت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» بأن 6 شخصيات وجهات، قدمت دعمها المادي واللوجيستي لمنفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، بينهم المرشد الإيراني علي خامنئي، ووزير المخابرات علي فلاحيان، ونائب قائد الحرس الثوري، العميد محمد باقر ذو القدر، وعماد مغنية، أحد قادة «حزب الله».
واستندت هذه القرارات التاريخية للمحكمة الفيدرالية بنيويورك والتي صدرت مطلع الشهر الماضي، على إجراءات دعوى، يرجع تاريخها إلى أكثر من عشرة أعوام، والتي اعتمدت بدورها على أدلة توصل إليها باحثون في وقت مبكر عقب أحداث 11 سبتمبر.
وعلى هذا النحو، تثير المحكمة أسئلة أكثر مما تجيب: إذا كانت هناك مجموعة من المعلومات الموثوق بها بما فيه الكفاية لإقناع قاض فيدرالي بإلقاء المسؤولية عن الهجوم الإرهابي الأكثر تدميرًا في التاريخ الأميركي على الحكومة الإيرانية، فكيف يكون رد حكومة الولايات المتحدة والمجتمع الاستخباراتي على الرؤساء التالين في البيت الأبيض على تلك الحقائق؟ ما هي العلاقة بين تلك النتائج من جهة، وسياسات التنازل تجاه إيران، التي بلغت ذروتها في التوصل إلى اتفاق نووي إيراني في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من جهة أخرى؟ هل حقًا ستدفع الحكومة الإيرانية المبالغ الضخمة التي طالب بها القاضي والتي ستبلغ وفقا لمصادر قضائية نحو 300 مليار دولار؟ وبين سياسات أوباما التصالحية تجاه إيران من جهة، وموقف القاضي الفيدرالي العنيد والمتصلب من جهة أخرى، ما هي الاتجاهات السياسية المستقبلية، التي من المتوقع أن تسلكها واشنطن مع إيران؟
للإجابة على هذه الأسئلة، أجرت صحيفة «الشرق الأوسط» تحقيقًا واسعا، يتضمن لقاءات مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية؛ وكذلك مع محامي ضحايا 11 سبتمبر، وبعض الخبراء في السياسة الإيرانية الأكثر ثقة في واشنطن.
رفع ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر وشركات التأمين قضية مدروسة ضد جمهورية إيران الإسلامية، انتهت إلى إصدار حكم غيابي لصالح المُدّعين: فقد وجد قاضي المحكمة الفيدرالية للمنطقة الجنوبية في نيويورك: «جورج دانيلز»، أن إيران قدمت دعمًا ماديا ولوجيستيا لتنظيم القاعدة، قبل وبعد هجمات 11 سبتمبر. وفي حيثيات حكمه، تمت المصادقة على إفادات الشهود القائلة بأن الحكومة الإيرانية و«حزب الله» قدما تدريبًا وتمويلاً ودعمًا لوجيستيًا لـ«القاعدة»، وكان لذلك دور جوهري في تمكين الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون وواشنطن العاصمة (شانكسفيل - ولاية بنسلفانيا) إلى جانب عمليات أخرى، من ضمنها، تفجير أبراج الخُبر في الرياض عام 1996، وتفجير سفارتي الولايات المتحدة الأميركية في كينيا وتنزانيا عام 1998، والهجوم الانتحاري بقارب سريع استهدف المدمرة «يو إس إس كول» الأميركية قبالة سواحل اليمن عام 2000.. وبالإضافة إلى حيثياته العامة ضد النظام الإيراني و«حزب الله» التابع له، وجد القاضي «دانيلز» أيضًا أن المرشد الأعلى نفسه، آية الله علي خامنئي – من بين مسؤولين كبار آخرين في إيران و«حزب الله» – يتحمل مسؤولية مباشرة عن هجمات 11 سبتمبر.
حكم نهائي
تزداد قيمة التعويضات النقدية، التي تشير تقديرات إلى تجاوزها 22 مليار دولار، باستمرار حيث يستعد محامو المدعين لتقديم طلبات رسمية للحصول على حكم نهائي. صرح «جيمس كرايندلر»، المحامي الرئيسي للمدعين، بالأمس لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «نحن نقوم بإعداد طلباتنا الرسمية للحصول على حكم نهائي ضد إيران، ونأمل أن ننتهي من تقديمها في غضون بضعة أسابيع. نحن في طريقنا إلى تقديمها على دفعات تتراوح بين 50 أو 100 طلب في المرة الواحدة، حيث يجب الحصول على معلومات معينة من كل عائلة. وأتوقع أن يتجاوز مجموع التعويضات 300 مليار دولار».
أساس الحكم القضائي
في البداية، ما هو الأساس الذي سمح لمحكمة أميركية بإصدار أحكام ضد حكومة أجنبية ورئيس دولة أجنبية؟ من الناحية العرفية، تحظى الحكومات الأجنبية بحماية كبيرة من الدعاوى المدنية في المحاكم الأميركية وفقًا لقانون «الحصانات السيادية الأجنبية (FSIA)» لعام 1976. وفي عام 1996، أصدر الكونغرس قانون «استثناء الدول الراعية للإرهاب»، الذي سمح للضحايا الأميركيين بإقامة دعاوى مدنية ضد الدول الإرهابية. وقد مكّن هذا الاستثناء سير عدد من الدعاوى القضائية بنجاح، لكنه كان أيضًا يحتوي على أوجه قصور خطيرة، وصلت إلى ذروتها في عام 2007: ففي سبتمبر من ذلك العام، قرر قاض فيدرالي أن جمهورية إيران الإسلامية ووزارة المعلومات والأمن بها يجب أن تسددا 2.6 مليار دولار لأفراد أسر ضحايا حادث تفجير ثكنات المارينز ببيروت عام 1983. والذي أسفر عن مصرع 241 جنديا أميركيا. لكن أدت عقبات قانونية متنوعة إلى استحالة إلحاق الضحايا أصولا إيرانية في الولايات المتحدة بالحكم وتنفيذه. نتيجة لذلك، في عام 2008، أصدر الكونغرس قانون إقرار الدفاع الوطني للسنة المالية 2008، الذي توسع كثيرًا في الأدوات القانونية التي يمكن للمدعين استخدامها طلبًا للتعويض من إيران أو أي دولة أخرى راعية للإرهاب.
ولكن وفقا لـ«باتريك كلاوسون»، أحد أبرز خبراء واشنطن في الشأن الإيراني ومدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، كان هناك أيضًا سياق سياسي للإصلاحات القانونية التي أصدرها الكونغرس: وهو حالة الإحباط التي انتابت كثيرا من الأميركيين بسبب انعدام محاسبة الدول الراعية للإرهاب - ولا سيما إيران - والإجراءات المحدودة التي اتخذتها حكومة الولايات المتحدة ردًا على ذلك. وأضاف كلاوسون لـ«الشرق الأوسط»: «يعلم القائمون على التشريع أن الفرع التنفيذي من الحكومة لم يكن يفعل الكثير في تلك المسائل. لقد كان تمكين بعض الناس من التركيز بعزم وطيد على الهجمات الإرهابية التي ترعاها ضد الأميركيين قرارًا واعيًا، ويتجاهل ببساطة سياسات البيت الأبيض ضد إيران. وذلك ما يفعله القضاة؛ فهم جيدون للغاية في تجاهل القضايا السياسية التي لا علاقة لها بوقائع القضية، والتركيز على الموجود أمامهم».
هذا هو السياق الذي أصدر فيه القاضي «جورج دانيلز» من نيويورك حكمه الأولي ضد إيران – في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011. بعد عشر سنوات من وقوع أحداث 11 سبتمبر - في القضية الشهيرة «فيونا هافليش وآخرون ضد بن لادن وآخرين». انتهت تلك القضية، استنادًا إلى مقتل 45 من ضحايا 11 سبتمبر، إلى إصدار حكم غيابي بغرامة قدرها 7 مليارات دولار ضد إيران. أما الحكم الأشمل والذي صدر في مارس عام 2016 في قضية «آشتون»، كان نتيجة لمد تطبيق القرارات الواقعية ذاتها الخاصة بإيران على 850 آخرين من ضحايا 11 سبتمبر بالإضافة إلى مطالبات شركتي تأمين. لم تكن تلك سوى قضيتين من بين عشرات القضايا المنظورة الآن في المحاكم الأميركية، والتي رفعها ضحايا الإرهاب ضد الحكومة الإيرانية. وفي كل قضية منها، ترفض إيران الاعتراف بشرعية إجراءات الدعوى.
براءة السعودية
تأتي تلك السلسلة من الإجراءات القانونية ونتائجها مناقضة للانتقادات الأميركية الحادة ضد المملكة العربية السعودية ما بعد 11 سبتمبر، بسبب اعتداء قام به 19 خاطفا من بينهم سعوديون، إلى جانب بن لادن نفسه.
وبالفعل، دخل بعض المثقفين السعوديين في المناقشات العامة الأميركية للتعبير عن الغضب من المتطرفين في مجتمعهم، داعين إلى إجراء إصلاحات في التعليم الديني لمعالجة هذه المشكلة. يقول مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يصدر على الإطلاق أي حكم قضائي أميركي ضد الحكومة السعودية ذاتها، ولم تصف الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية مطلقا بأنها «دولة راعية للإرهاب»، وهذا يعني أنه لا ينطبق عليها قانون «استثناء الدول الراعية للإرهاب» ولا قانون «إقرار الدفاع الوطني».
وأضاف المصدر القضائي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «علاوة على ذلك، وعلى عكس الحكومة الإيرانية التي رفضت الاعتراف بشرعية المحاكم الأميركية، اختارت السعودية المشاركة بقوة في أي دعوى قضائية ضدها في المحاكم الأميركية؛ وطالب محاموها بتطبيق قانون (الحصانات السيادية الأجنبية)، الذي ينطبق على أي دولة أخرى لا تعتبرها وزارة الخارجية الأميركية ضمن الدول الراعية للإرهاب. وعلى مدار 15 سنة منذ أحداث 11 سبتمبر، التزم جميع القضاة بهذا المبدأ».
الأدلة ضد إيران
تم الدفع بتورط إيران في هجمات 11 سبتمبر أمام محكمة القاضي «دانيلز» بناءً على آراء عشرة أفراد، قبلتهم المحكمة بوصفهم «شهودا خبراء». كان ثلاثة منهم أعضاء سابقين في «اللجنة الوطنية للتحقيق في الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة» (المعروفة أيضًا باسم «لجنة 11 سبتمبر»)، وهي لجنة مستقلة مكونة من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي أنشئت بموجب قانون أصدره الكونغرس وصادق عليه الرئيس جورج دبليو بوش في أواخر عام 2002 لإعداد تقرير شامل عن الظروف المحيطة بهجمات 11 سبتمبر عام 2001.
وكان اثنان من الشهود مسؤولين سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). واثنان آخران عملا صحافيين استقصائيين أمضيا سنوات في البحث في الأنشطة الإرهابية الإيرانية. وكان من بين باحثي السياسات الذين شهدوا أيضًا كخبراء، باتريك كلاوسون، مدير الأبحاث في معهد واشنطن، الذي أدلى بشهادته في إجمالي 25 دعوى قضائية تتعلق بالإرهاب الإيراني. وبالإضافة إلى الشهود الأميركيين، تقدم ثلاثة إيرانيون، بصفتهم «منشقين، بعد أن كانوا من عناصر الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري»، للإدلاء بشهاداتهم. ورغم اعتبار شهاداتهم سرية، وبالتالي لا يمكن الوصول إليها، كان من الممكن التعرف على واحد منهم، وهو أبو القاسم مصباحي، العميل السابق في الاستخبارات الإيرانية. وجد القاضي «دانيلز» أن مصباحي قد شهد بمصداقية في محاكمات أخرى كثيرة لإرهابيين تابعين لإيران و«حزب الله»، بما في ذلك قضية اغتيال المعارضين الأكراد الإيرانيين في مطعم «ميكونوس» في ألمانيا عام 1992 وتفجير مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين عام 1994.
أشار كلاوسون إلى إمكانية تقسيم الكمية الهائلة من الأدلة المجمعة إلى فئتين. الأولى مكونة من أدلة قدمها الباحثون في الشؤون الإيرانية وأعضاء لجنة 11 سبتمبر، والذين وثقوا الدعم الأساسي الذي قدمته إيران و«حزب الله» لتنظيم القاعدة، والذي يعود تاريخه إلى تسعينات القرن الماضي، واستمر لسنوات بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، ووصل إلى مستوى تقديم المساعدة اللوجيستية لعناصر «القاعدة» وتدريبها وتسهيل عبورها وتوفير المأوى لها. والثانية تضم الشهادات التي قدمها العميلان السابقان بالمخابرات المركزية الأميركية، والمسؤولون الإيرانيون السابقون الذين شهدوا سرًا، والصحافيان الاستقصائيان، والتي تدعي تقديم إيران دعمًا ميدانيًا صريحًا ومباشرا لتنفيذ عمليات 11 سبتمبر، فضلاً عن هجمات أخرى.
وأوضح كلاوسون قائلا: «من جهة قانونية الأدلة، لم يكن من الضروري إثبات صحة المجموعة الثانية من الادعاءات لكسب القضية». كان مجرد وجود دليل على تقديم أي مساعدة حقيقية لتنظيم القاعدة، مع تدخلهم المباشر في هجمات 11 سبتمبر أو من دونه، كافيًا لتعريف «الدعم المادي» وفقًا للقاعدة القانونية، مضيفًا أنه: «لم يكن من الضروري وجود (دليل دامغ)».
وفي النهاية، صادق القاضي «دانيلز» على قرار المحامين بتقديم فئتي الأدلة وإثباتهما، من خلال التأكيد عليها كلها في «إثبات الوقائع والنتائج القانونية».
خارج قاعة المحكمة
ولكن في عالم غامض خارج قاعة المحكمة، وعلى مدى ثلاث فترات رئاسية متتالية، تعرقلت محاولة تقييم دعاوى تعاون إيران مع تنظيم القاعدة واتخاذ إجراءات تجاهها، وذلك بسبب تحول الأولويات السياسية، والضعف التحليلي في المجتمع الاستخباراتي، والخصومات الشخصية، وأخيرًا، قرار إدارة أوباما العازم على اتباع مسار جديد مع نظام طهران.
قبل وقوع أحداث 11 سبتمبر بثمانية أعوام – بعد أول هجوم على مركز التجارة العالمي شنه نشطاء إسلاميون في عام 1993 – اقتنعت باحثة أميركية بأن صدام حسين والحكومة العراقية وليس ملالي طهران هم المتحكمون في خيوط «القاعدة». عملت لوري ميلروي في التدريس في جامعة هارفارد وكلية الحرب البحرية الأميركية قبل أن تنضم إلى حملة بيل كلينتون في الانتخابات الرئاسية عام 1992 كمستشارة لشؤون العراق. في مقال صحافي طويل أصبح أساسا لكتابها الصادر في عام 2000: «دراسة الانتقام: حرب صدام حسين غير المنتهية ضد أميركا»، دفعت ميلروا بأن تنظيم القاعدة وتابعيه مخترقون من عملاء أجهزة الاستخبارات العراقية وأن صدام حسين يحاول استخدام «القاعدة» لشن هجمات على أهداف أميركية للانتقام من القيادة الأميركية في حرب الخليج عام 1990. وزعمت ميلروا بأنه بالإضافة إلى مخطط استهداف مركز التجارة العالمي عام 1993، أمر صدام حسين أيضا بتفجير المبنى الفيدرالي بمدينة أوكلاهوما في عام 1995 على يد العنصري تيموثي ماكفي. وبعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، دافعت بقوة عن وجهة النظر التي تفيد بأن صدام حسين وراء تلك الهجمات أيضا.
هاجمت مجموعة متنوعة من المتخصصين الأميركيين في شؤون الشرق الأوسط من مختلف الأطياف السياسية كتابات ميلروا لأنها سيئة البحث وتعتمد على التكهنات. ووفقا لما قاله الباحث اليميني دانيال بايبس: «أصابت صدمة غزو صدام حسين للكويت ميلروا بهوس أحادي يتعلق بالديكتاتور العراقي والذي سيطر على أحكامها وتغلب أخيرا على قدرتها على التمييز. بعد الغزو، أخذت على عاتقها مهمة بدت واعدة حتى الآن بإثبات ادعاءين غريبين: أن صدام حسين متورط تقريبا في جميع العمليات الإرهابية، وعلى العكس، لم يشارك فيها الإسلاميون وغيرهم». ووصف بيتر بيرغين، محلل شؤون الأمن القومي في «سي إن إن» والذي أجرى شخصيا حوارا مع أسامة بن لادن عام 1997. ميلروا بأنها «غريبة الأطوار».
غزو العراق
ولكن كانت آراء ميلروا بطبيعة الحال محل اهتمام عناصر في إدارة جورج بوش الابن، بعد أحداث 11 سبتمبر، في حين كانت الإطاحة بصدام حسين عسكريا قيد دراسة جادة لأسباب أخرى.
يكشف ديفيد شينكر، الذي عمل في مكتب وزير الدفاع مديرا لمنطقة الشام في إدارة بوش الابن، أن رؤية استباقية لـ«عراق جديد» تبلورت في بعض دوائر الإدارة. وقال شينكر في تصريحات اختص بها «الشرق الأوسط»: «كانت هناك مدرسة فكرية ترجع إلى أشخاص متعاطفين مع (حجة الديمقراطية) بأن العراق كان في فترة ما من أغنى وأقوى وأكثر دول المنطقة نفوذا، ولكنه تحت حكم صدام أصبح أكثر دولة محاربة تعادي الولايات المتحدة وتدعم الإرهاب. إذا كنت تستطيع تحقيق تغيير كبير في العراق – من ديكتاتورية إلى ديمقراطية – فسوف يكون لذلك تأثير هائل على المنطقة. وبطريقة أخرى، يمكننا أن نقضي عقودا في مشروعات الترويج للديمقراطية تدريجيا ولن نصل إلى شيء، وفي الوقت ذاته فقدنا أكثر من ثلاثة آلاف شخص في يوم واحد في أحداث سبتمبر». لم يكن أنصار تلك المدرسة ودودين تجاه إيران، والتي اعتبروها أيضا دولة راعية للإرهاب. أوضح شينكر أنه من وجهة نظرهم، إذا جاء بعد نظام صدام حكومة عراقية موالية للولايات المتحدة سوف تساعد النتيجة على إضعاف إيران أيضا: «سوف يغير (العراق المتحالف مع أميركا) من البنية الاستراتيجية الكاملة للمنطقة، لأنه لن يعود هناك احتواء مزدوج. بل سيكون هناك حليف أميركي على الحدود الإيرانية».
وبالطبع تسببت تلك العقلية في ظهور نزعة للبحث عن دليل على دعم صدام لجميع صور الإرهاب الدولي.
دراسة مدفوعة الأجر
بعد هجمات 2001، حصلت لوري ميلروي على نحو 75 ألف دولار من مكتب التقييم، وهو مركز بحثي داخلي في وزارة الدفاع الأميركية، لإنتاج دراسة مكونة من 300 صفحة من أجل الاستخدام الداخلي، تحت عنوان: «تاريخ القاعدة». خلطت الدراسة بدهاء بين الحقائق والاستنتاجات والتكهنات للإشارة إلى أن صدام والدائرة المقربة منه كانوا مسؤولين عن أحداث 11 سبتمبر – وادعت بأنه تمت المبالغة في حقيقة الحركة السياسية الجهادية متعددة الجنسيات. وفي النص التالي، على سبيل المثال، استنبطت ميلروا من حقيقة أن المخطط لأحداث 11 سبتمبر خالد شيخ محمد له أصول بلوشية: «لا يملك البلوشيون دافعا مؤكدا لشن مثل تلك العمليات الإرهابية القاتلة فيما عدا واحد: أن النظام العراقي السابق لصدام حسين كان على صلات عميقة وشاملة مع البلوشيين على جانبي الحدود الباكستانية الإيرانية. وعودة إلى السبعينات، استخدم العراق البلوشيين ضد حكومة طهران، والذين كانت بغداد على خلاف قديم معهم، وقد نشرت بغداد البلوشيين بكثافة أثناء حرب إيران والعراق (1980 - 1988). ومن الملاحظ أن البلوشيين – خالد شيخ محمد وعائلته – لم يظهر عليهم التدين بوجه خاص».
ومع ذلك عندما كانت إدارة بوش تستعد لتقديم حجتها للحرب أمام الشعب الأميركي، لم تزعم بضلوع العراق في أحداث 11 سبتمبر. علق دوف زاكيم، المراقب السابق في البنتاغون في إدارة بوش الابن في تصريحات لـ«لشرق الأوسط»: «لم تثر تلك القضية لأنه لم يتم إثباتها مطلقا. لو كان أي شخص قد حاول الربط بين العراق و11 سبتمبر، لا أعتقد أننا كنا سنحظى بأي تأييد». وبدلا من ذلك ركزت الإدارة على تقديم وجهة النظر التي اشتركت فيها في ذلك الوقت أجهزة استخباراتية أوروبية كبرى، والتي تفيد بأن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل.
على أي حال، فيما بين استرسال نظرية العلاقة بين صدام وأحداث 11 سبتمبر وتخصيص قدر كبير من دماء وأموال الأميركيين في حربين متتاليتين، نشأ تحيز مؤسسي طبيعي ضد دليل تورط إيران والذي يؤدي إلى استنتاج أن الولايات المتحدة في حالة حرب مع إيران. قال آدم غارفنكل، الذي عمل كاتبا لخطابات وزيري الخارجية كولن باول وكوندوليزا رايس تحت إدارة بوش، لـ«لشرق الأوسط»: «استقر رأي معظم مسؤولي الإدارة سريعا على كون العراق الهدف التالي بعد أفغانستان، وأن أي حديث عن إيران سوف يكون تشتيتا لا داعي له».
بالتأكيد كانت هناك أصوات هامشية في الإدارة تؤيد الرأي بأن إيران تمثل تهديدا أكبر من العراق للولايات المتحدة، وأنها يجب أن تكون الهدف الأساسي للعمل العسكري الأميركي. ولعل أبرز هؤلاء هو فرانك غافني مؤسس ورئيس مركز السياسات الأمنية. ولكن حتى غافني في ذلك الحين لم يزعم صراحة أن إيران مسؤولة عن أحداث سبتمبر. وبعد مرور أكثر من عام على غزو العراق، تصر شخصيات بارزة رئيسية في الإدارة السابقة على أن اختيار الحرب ضد العراق وليس إيران كان ملائما. في عام 2011، طُلب من نائب وزير الدفاع السابق بول وولفويتز التعليق على الاتجاه السابق الذي كان ينادي بـ«إيران أولا»، فأجاب: «هناك أشخاص يقولون: إن إيران كانت المشكلة الأكبر؛ وكان يجب محاربتها. كنت دائما متشككا بشأن إيران. إنها دولة أكبر كثيرا، وأكثر اتحادا برغم كل مشاكلها. ولكني أعتقد أن نقاط ضعف إيران الحقيقية سياسية. وما كان يجب أن نفعله وأخفقنا فيه تحت إدارة بوش، ووصلنا إلى حال أسوأ فيه في ظل الإدارة الحالية، هو دعم المعارضة السياسية ضد النظام الإيراني. وأعتقد أن ذلك كان سيضعنا في موقف مختلف للغاية عما نحن فيه الآن». قال دوف زاكيم لـ«الشرق الأوسط»: «كان الانشغال أولا بأفغانستان ثم العراق. العراق كله. وهناك قصة شهيرة عن قول رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لرامسفيلد: (لقد اخترتم الدولة الخطأ. يجب أن تركزوا على إيران). ولكن من الواضح أنهم لم يفعلوا».
يذكر زاكيم أن دعاة حرب العراق كانوا يأملون في البداية ألا تكون مواجهة العراق وإيران انتفائية، إذ قال: «ظن البعض (في الإدارة) أنه إذا أمكن أن يصبح العراق حليفا للولايات المتحدة وبالتالي يضم قواعد أميركية، فسيمكن تعزيز الضغط على إيران فيما بعد..». وفي توضيح لأسس هذا الأمل، صرح مسؤولان سابقان في الإدارة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» بأن الانسحاب السوري من لبنان لم يكن سيحدث لولا وجود 150 ألف جندي أميركي في الجوار.
كذلك أشار باتريك كلاوسون إلى عنصر آخر ربما يكون له تأثير في عدم ميل الحكومة الأميركية إلى التفكير في الحجج الداعية إلى اتخاذ موقف أكثر عدائية ضد إيران: «كنا في حاجة شديدة إلى المساعدة الإيرانية على غلق طرق الهروب أمام قيادات (القاعدة) عندما كنا نطارد طالبان في أفغانستان».
وأضاف: «كان ذلك حينما عقد (السفير الأميركي) ريان كروكر اجتماعات دورية مع مسؤولين إيرانيين لمناقشة ذلك التعاون. وحققنا بعض التعاون، ولكن تستطيع أن تقول إن ذلك كان خطأ. كان يجب أن يفعلوا المزيد. حسنا الفكرة هي أنه كانت هناك علاقات».
وفقا لما ذكره أحد الشهود في قضية هافليش، توفرت في الأعوام الأولى التالية لأحداث 11 سبتمبر أدلة على إمكانية وجود صلة بين إيران و«القاعدة» لدى الحكومة الأميركية ولكنها لم تخضع لبحث ملائم. أعرب عن ذلك الرأي عميلا «سي آي إيه» السابقان كلير لوبيز وبروس تيفت في حواريهما مع «الشرق الأوسط». كانت تلك أيضا رؤية لجنة 11 سبتمبر التي ذكرت في تقريرها الختامي أنه: «بعد 11 سبتمبر، تمنت إيران و(حزب الله) إخفاء أي دليل سابق على وجود تعاون مع إرهابيين سنيين مرتبطين بـ(القاعدة).. ونعتقد أن تلك القضية تتطلب من الحكومة الأميركية إجراء مزيد من التحقيقات».
صرح مسؤول سابق في إدارة بوش لـ«لشرق الأوسط» بأنه بحسب علمه لم يتم إجراء تحقيقات متابعة في وجود صلات بين إيران و«القاعدة» بناء على توصيات لجنة 11 سبتمبر. وأضاف مسؤول سابق في وزارة الخارجية أنه يذكر قيام «سي آي إيه» بالبحث في ادعاءات تورط إيران المباشر في هجمات 11 سبتمبر وأنها توصلت إلى أن الأدلة غير جازمة.
بوش وفيلق القدس
في حين ازدادت حرب العراق دموية وارتفعت أعداد الجنود الأميركيين الذين يلقون حتفهم إثر «القنابل بدائية الصنع»، اتضح لمسؤولي الإدارة أن إيران كانت ترغب تماما في التعاون مع عناصر محلية في العراق لاستهداف القوات الأميركية ومنشآتها. وقد صرح الرئيس جورج بوش في مؤتمر صحافي عام 2007 قائلا: «ما نعرفه هو أن فيلق القدس له دور مهم في توفير تلك العبوات البدائية لشبكات داخل العراق. نعرف ذلك، ونعرف أيضا أن فيلق القدس جزء من الحكومة الإيرانية. وذلك معروف». ومع ذلك أضاف بوش نبرة حذرة تلطف أي اقتراح بأن الولايات المتحدة سوف تنتقم من الحكومة الإيرانية: «ما لا نعرفه هو ما إذا كان قادة إيران أصدروا أوامرهم لفيلق القدس ليقوموا بما فعلوه».
ولكن على مدار حرب العراق، أثار كثير من مسؤولي إدارة بوش تساؤلات حول وجود صلات بين إيران و«القاعدة»، وفي بعض الأحيان كانوا يطرحونها على «سي آي إيه». صرح لنا أحد المسؤولين السابقين بأنه بعد ورود تقارير متضاربة بشأن احتجاز الحكومة الإيرانية لعناصر من «القاعدة» قيد الإقامة الجبرية: «استعلمت من (سي آي إيه) عن حقيقة تلك الإقامة الجبرية. ولم تتمكن الوكالة من توضيح حقيقتها وما هي العلاقة بين (القاعدة) وإيران».
سنوات أوباما وطريق المستقبل
أعطى الرئيس أوباما إشارة إلى انفصال واضح عن إدارة بوش في مطلع فترته الرئاسية في «رسالة النوروز» إلى «شعب وقادة جمهورية إيران الإسلامية». في الوقت الحالي، يوجد توثيق كامل لسعي الإدارة الأميركية، منذ بدايتها، بقوة إلى عقد اتفاق نووي مع الحكومة الإيرانية والذي توج بالاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني في أكتوبر الماضي. أوضح الرئيس أوباما شخصيا فكرته عن أن الاتفاق النووي جزء من إعادة الترتيب الأمني في ساحل الخليج والذي سوف يؤدي إلى تحقيق «توازن استراتيجي» جديد بين «القوى السنية» وإيران.
من الطبيعي ألا تكون تلك البيئة السياسية التي تهتم فيها الحكومة الأميركية بإعادة البحث في إمكانية ضلوع إيران في هجمات 11 سبتمبر.
أشار بارتيك كلاوسون إلى أنه في إطار البيت الأبيض الساعي إلى التسوية، أصبحت موجة الدعاوى القضائية الجنائية المرفوعة ضد جمهورية إيران الإسلامية وسيلة استطاع من خلالها المواطنون الأميركيون ممارسة الضغط على إيران، بغض النظر عما يريده رئيس الولايات المتحدة. وقال كلاوسون: «قد تقدم الإجراءات التي تتخذها السلطة القضائية أساسا لمضايقة الإيرانيين، أملا في الحصول على أي أموال منهم، ولكنها على الأقل تضايقهم».
وبالفعل توجد إشارات على أن بعض مسؤولي الحكومة الإيرانية يشعرون بضغوط نفسية نتيجة لتلك الدعاوى القضائية. في أكثر من مرة، أثار أعضاء المجلس الإيراني موضوع الدعاوى القضائية. وأعربوا عن شعورهم بأن النظام القضائي في الولايات المتحدة ربما يبدأ في الاستحواذ على أصول إيرانية تقدر بمليارات الدولارات في مناطق مختلفة في العالم، منتقدين قيادتهم بسبب إخفاقها في منع تلك الإجراءات. ودعوا أيضا إلى إقامة محاكمات إيرانية ضد الحكومة الأميركية، ولكن، كما أوضح كلاوسون، بالطبع لا يتوهم سوى قلة بأن مثل تلك المحاكمات سوف يكون لها ثقل عالمي.
في الوقت الحالي، من بين عدد كبير من دعاوى الإرهاب الأميركية المرفوعة ضد نظام طهران، لا تزال هناك أحكام أميركية لم تنفذ تقدر بنحو 49 مليار دولار، ووفقا لما صرح به المحامي جيمس كريندلر، من المرجح أن تتبعها مئات المليارات في الشهور المقبلة. حصل الضحايا حتى الآن على مائة مليون دولار تم الإفراج عنها من صندوق كان خاضعا للحكومة الأميركية بالإضافة إلى صناديق أخرى إضافية من إيران. ومن المحتمل أن تتمكن قضية تنظرها في الوقت الراهن المحكمة العليا من مصادرة برج مانهاتن المكتبي المكون من 36 طابقا – 650 الجادة الخامسة – والمملوك لحكومة إيران ويمكن أن تقدر قيمته بأكثر من 800 مليون دولار. وتبدو دعوى قضائية أخرى مرفوعة ضد البنك المركزي الإيراني مبشرة حيث ستؤدي إلى الحصول على 1.8 مليار دولار إضافية. ولكن بالطبع تلك التسويات تعد مجرد بداية لما يتطلبه سداد التعويضات المستحقة لأسر الضحايا.
قبل توقيع الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني، في أغسطس (آب) عام 2015، رفعت مجموعة من ضحايا الإرهاب الأميركيين دعوى قضائية ضد وزير الخارجية جون كيري – أيضا في دائرة نيويورك الجنوبية – مطالبين القاضي بمنع الحكومة الأميركية من الإفراج عن أصول إيرانية تقدر بمليارات الدولارات في جزء من الاتفاق النووي الذي تعقده إدارة أوباما. (كان الضحايا الذين اقترب عددهم من العشرين أميركيين، مصابين أو قتلى، جراء تفجيرات انتحارية شنت داخل أو حول إسرائيل في الفترة من 1995 إلى 2006. وعائلاتهم). ولكن حتى الآن لم تتحول القضية إلى العمل الفعلي.
بالتطلع إلى إمكانية التوصل إلى تسوية شاملة في المستقبل لجميع الدعاوى القضائية، يبدو أن هناك مسارين محتملين يؤديان إلى الحل: الأول تصالحي وتعاوني، والثاني يتعلق بالمواجهة.
يعتمد الطريق التصالحي، كما يراه المحامي جيمس كريندلر، على فرضية أن إيران سوف تفضل الانضمام إلى «المجتمع الدولي». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال كريندلر: «سوف ترغب إيران في رفع جميع العقوبات والخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وكما فعلنا مع ليبيا، سوف ترغب إيران في التخلص من جميع الأحكام الأميركية حتى تكون لها حرية التعاملات التجارية ومع شركات النفط. في رأيي سوف يكون ذلك حلا حقيقيا ونهائيا لجميع المطالب من إيران».
وفيما يتعلق باتخاذ وسائل تميل إلى المواجهة مع إيران، أشار كلاوسون إلى أن إجراءات تشريعية جديدة قد تؤدي إلى فرض مجموعة جديدة متنوعة من العقوبات على الأفراد المتعاملين مع إيران، وليس فقط الشركات الأميركية بل والأجنبية أيضا.
«يهتم الكونغرس بفرض عقوبات على التصرفات الإيرانية الأخيرة، ولكن ستكون هناك قيود بعيدة المدى على دخول الشركات الأجنبية إلى النظام المالي الأميركي إذا كانت لتلك الشركات تعاملات مع إيران. (ولكن) هذه الإدارة ليست مهتمة بالأمر. ومن بين المرشحين الرئاسيين البارزين اليوم، على الرغم من اختلاف نبرة خطاباتهم، يؤكد كل من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب وبيرني ساندرز جميعا على أنهم سوف يلتزمون بالاتفاقية النووية الإيرانية إذا التزمت بها إيران. وكان تيد كروز المرشح الوحيد الذي قال إنه «سوف يمزق الاتفاقية من اليوم الأول». وكما نشرت «الشرق الأوسط» في السابق، تضم حملة كروز الانتخابية من بين مستشاريها لشؤون الشرق الأوسط كلير لوبيز، عميلة «سي آي إيه» السابقة التي أدلت بشهادتها في قضية هافليش. وبالإضافة إلى لوبيز، طلب كروز المشورة من فرانك غافني، المؤيد للحرب على إيران في عهد بوش. طرح اسم غافني، وهو شخص يحظى بانتقادات واسعة في الولايات المتحدة، صحافي في «سي إن إن» في حوار تلفزيوني مع تيد كروز في مارس 2016، حيث طلب منه الدفاع عن قراره بتعيين غافني مستشاره للسياسات الخارجية، أجاب كروز: «فرانك غافني شخص أحترمه. وهو مفكر جاد يركز على مكافحة الجهاديين في جميع أنحاء العالم. وقد تعرض لهجوم من اليسار والإعلام لأنه يتحدث بصراحة عن الإرهاب الإسلامي الراديكالي.. كان فرانك يقود الجهود للتركيز على تهديدات النبض الكهرومغناطيسي – وهي عبارة عن سلاح نووي تم تفجيره في الجو ويمكن أن يسقط شبكتنا الكهربائية. قد يقتل عشرات الملايين من الأميركيين. وكل ما على إيران أن تفعله هو ضرب سلاح نووي واحد في الجو. لا يحتاجون إلى إصابة أي هدف، يحتاجون فقط إلى توصيله إلى أعلى ساحلنا الشرقي، ويمكنهم حينها أن يقتلوا عشرات الملايين. وذلك عمل ثمين (يقوم به غافني) يركز على أمننا القومي». تشير تعليقات كروز بوضوح إلى أن فصيله داخل الحزب الجمهوري لا يزال مستعدا لقبول احتمالية سعي إيران إلى إسقاط عدد هائل من الضحايا المدنيين في الولايات المتحدة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».


ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)

قال ليونيل ميسي قائد المنتخب الأرجنتيني، إنه يشعر بأنه على ما يرام قبل المواجهة الافتتاحية للمجموعة الثالثة ضد السعودية، غداً الثلاثاء، بينما يُرجح أن تكون تلك مشاركته الأخيرة في كأس العالم لكرة القدم.
وقال ميسي الذي أجرى تدريبات خفيفة بعيداً عن زملائه، السبت، في مؤتمر صحافي، اليوم، الاثنين: «أشعر بأنني في حالة جيدة بدنياً. أعتقد أنني في فترة رائعة على الصعيدين الشخصي والبدني، ولا أعاني أي مشكلات... سمعت أنهم قالوا إنني تدربت بشكل مختلف. كان ذلك بسبب تعرضي لكدمة، ولكن لا يوجد شيء غريب (يحدث). كان مجرد إجراء احترازي».
وأضاف اللاعب البالغ من العمر 35 عاماً، والذي سيخوض كأس العالم للمرة الخامسة، في قطر، أنه لم يستعد بشكل مختلف للبطولة التي تقام للمرة الأولى في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).
وأوضح مهاجم باريس سان جيرمان: «لم أفعل أي شيء مميز. لقد اعتنيت بنفسي، وتدربت كما أفعل طوال مسيرتي، مع العلم بأن هذه لحظة خاصة، فربما تكون هذه آخر بطولة كأس عالم لي، وفرصتي الأخيرة لتحقيق هذا الحلم العظيم الذي أحلم به، ونحلم به جميعاً».


مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
TT

مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)

احتفل الآلاف من الإكوادوريين المبتهجين، اليوم الأحد، في مدن مختلفة، بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية بعد الفوز التاريخي على الدولة المضيفة قطر في المباراة الافتتاحية لـ«كأس العالم لكرة القدم 2022».
وكانت بداية الإكوادور مثالية للبطولة بفوزها على قطر 2-0 ضمن المجموعة الأولى بهدفين بواسطة المُهاجم المخضرم إينر فالنسيا، الذي سجل من ركلة جزاء، ثم بضربة رأس في الشوط الأول. وشهدت المباراة المرة الأولى التي تتعرض فيها دولة مضيفة للهزيمة في المباراة الافتتاحية لكأس العالم.
وارتدى المشجِّعون قمصان المنتخب الوطني وحملوا أعلام الإكوادور؛ تكريماً للفريق، وامتلأت المطاعم والساحات ومراكز التسوق في أنحاء مختلفة من البلاد بالمشجّعين؛ لمساندة الفريق تحت الشعار التقليدي «نعم نستطيع».
وقالت جيني إسبينوزا (33 عاماً)، التي ذهبت مع أصدقائها إلى مركز التسوق في مدينة إيبارا بشمال البلاد لمشاهدة ومساندة الفريق: «تنتابني مشاعر جيّاشة ولا تسعفني الكلمات، لا يمكنني وصف ما حدث. نحن دولة واحدة، ويد واحدة، وأينما كان الفريق، علينا أن ندعمه».
وفي كيتو وجواياكويل وكوينكا؛ وهي أكبر مدن البلاد، تجمَّع المشجّعون في الحدائق العامة؛ لمشاهدة المباراة على شاشات عملاقة ولوّحوا بالأعلام ورقصوا وغنُّوا بعد النصر.
وقال هوجو بينا (35 عاماً)، سائق سيارة أجرة، بينما كان يحتفل في أحد الشوارع الرئيسية لجواياكويل: «كان من المثير رؤية فريقنا يفوز. دعونا نأمل في أداء جيد في المباراة القادمة أمام هولندا، دعونا نأمل أن يعطونا نتيجة جيدة، ويمكننا التأهل للمرحلة المقبلة».
وانضمّ الرئيس جييرمو لاسو إلى الاحتفالات.
وكتب لاسو، عبر حسابه على «تويتر»: «الإكوادور تصنع التاريخ. عندما تكون القيادة واضحة، ولديها رؤية وتعمل على تحقيقها، فإن الفريق يكتب اسمه في سجلات التاريخ...».
وستختتم الجولة الأولى من مباريات المجموعة الأولى، غداً الاثنين، بمباراة هولندا والسنغال.
وستلعب الإكوادور مرة أخرى يوم الجمعة ضد هولندا، بينما ستواجه قطر منافِستها السنغال.


مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
TT

مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)

تجمّع آلاف البوذيين، أول من أمس الأحد، في وسط بورما؛ للمشاركة في إحياء طقوس دينية شعبية شكّل الاحتفال بها فاصلاً ملوّناً، وسط النزاع الدامي الذي تشهده الدولة الآسيوية.
وحالت جائحة «كوفيد-19» وانقلاب فبراير (شباط) 2021 لعامين متتاليين دون أن تشهد بيين أو لوين، هذا الاحتفال باكتمال القمر الذي يصادف نهاية موسم الأمطار المعروف بـ«تازونغداينغ» أو مهرجان الأضواء. وارتفعت مناطيد الهواء الساخن في الليل البارد وعليها صور لبوذا وأنماط ملونة تقليدية؛ ومنها الدب الأبيض.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، تتولى لجنة تحكيم اختيارَ الأجمل منها، الذي يصل إلى أكبر علو ويطير أطول وقت بين 76 منطاداً تشارك في الأيام الخمسة للاحتفالات.
ويترافق هذا الحدث مع كرنفال وعرض رقص تقليدي يوفّر جواً من البهجة بعيداً من أخبار النزاع الأهلي، الذي أودى بحياة ما بين 2400 و4000 شخص في نحو عامين.
وإذا كان الاحتفال بـ«تازونغداينغ» راسخاً في التقاليد البوذية، فإن البريطانيين الذين كانوا يستعمرون بورما هم الذين كانوا وراء مسابقة المناطيد في نهاية القرن الـ19.
ودرَجَ عشرات الآلاف من البورميين والأجانب الفضوليين في السنوات الأخيرة، على حضور هذه الاحتفالات المعروفة على السواء بألوانها وبالخطر الذي تنطوي عليه، إذ تُحمَّل المناطيد بالألعاب النارية التي قد تسبب كارثة إذا انفجرت قبل الأوان.
ويعود الحادث الأخطر إلى عام 2014 عندما قُتل 3 متفرجين بفعل سقوط منطاد على الحشد في تونغي، وسط بورما.


إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
TT

إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)

أثار حرمان أضخم ببغاء في العالم من المشاركة في مسابقة انتخاب «طير السنة» في نيوزيلندا، غضب هواة الطيور الذين هالهم استبعاد طير كاكابو، المحبوب جداً والعاجز عن الطيران، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وثارت حفيظة كثيرين إثر قرار المنظمين منع الببغاء النيوزيلندي ذي الشكل اللافت، الذي يواجه نوعه خطر الانقراض. ويشبه ببغاء كاكابو، المعروف أيضاً باسم «الببغاء البومة»، كرة بولينغ مع ريش أخضر. وسبق له أن وصل إلى نهائيات المسابقة سنة 2021، وفاز بنسختي 2008 و2020.
هذا الطير العاجز عن التحليق بسبب قصر ريشه، كان الأوفر حظاً للفوز هذا العام. لدرجة وصفه بأنه «رائع» من عالِم الأحياء الشهير ديفيد أتنبوروه، إحدى أبرز المرجعيات في التاريخ الطبيعي، والذي قدمه على أنه طيره النيوزيلندي المفضل. لكنّ المنظمين فضلوا هذا العام إعطاء فرصة لطيور أقل شعبية.
وقالت الناطقة باسم هيئة «فورست أند بيرد» المنظمة للحدث، إيلين ريكرز، إن «قرار ترك كاكابو خارج قائمة المرشحين هذا العام لم يُتخذ بخفّة».
وأضافت: «ندرك إلى أي مدى يحب الناس طير كاكابو»، لكن المسابقة «تهدف إلى توعية الرأي العام بجميع الطيور المتأصلة في نيوزيلندا، وكثير منها يعاني صعوبات كبيرة».
وأوضحت الناطقة باسم الجمعية: «نريد أن تبقى المسابقة نضرة ومثيرة للاهتمام، وأن نتشارك الأضواء بعض الشيء».
وليست هذه أول مرة تثير فيها مسابقة «طير السنة» الجدل. فقد تلطخت سمعة الحدث ببعض الشوائب في النسخ السابقة، سواء لناحية عدد مشبوه من الأصوات الروسية، أو محاولات فاضحة من أستراليا المجاورة للتلاعب بالنتائج. والفائز باللقب السنة الماضية كان طير «بيكابيكا-تو-روا»... وهو خفاش طويل الذيل. وهذه السنة، تدافع صفحات «فيسبوك» عن طير «تاكاهي» النيوزيلندي، وعن طير «كيا» ذي الريش الأخضر، وهما نوعان يواجهان «صعوبات كبيرة» وفق منظمة «فورست أند بيرد». لكن فيما لا يزال التصويت مستمراً، يشدد أنصار الببغاء كاكابو على أن إقصاء طيرهم المفضل عن المسابقة لن يمرّ مرور الكرام. وانتقدت مارتين برادبوري المسابقة، معتبرة أنها تحولت إلى «جائزة عن المشاركة» موجهة للطيور القبيحة. أما بن أوفندل فكتب على «تويتر» أن «نزاهة طير السنة، وهي مسابقتنا الوطنية الكبرى، تضررت بلا شك».


بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.


أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».


رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.