وسط تأييد دولي متصاعد، بدأ أمس فائز السراج، رئيس الحكومة الجديدة في ليبيا، في تكريس صورته كحاكم فعلي في البلاد، فيما تراجعت السلطات المسيطرة على العاصمة طرابلس عن مواقفها، وقالت: إنها «ليست متمسكة بالبقاء في السلطة»، وسط معلومات عن اتصالات مع مجلس النواب المتواجد في طبرق لعقد جلسة لمنح الثقة لحكومة السراج، بعدما فرض الاتحاد الأوروبي رسميا عقوبات على رئيسه عقيلة صالح بالإضافة إلى رئيسي برلمان وحكومة طرابلس.
ولليوم الثاني على التوالي منذ وصوله إلى العاصمة، اختفت الميليشيات المسلحة تماما من شوارع المدينة التي عادت فيها الحياة لطبيعتها، وسط انتشار لقوات أمن موالية للحكومة الجديدة التي ما زالت تعقد اجتماعاتها الرسمية في قاعدة بحرية مشددة الحراسة، بانتظار تسلمها المقر الرسمي للحكومة الذي تشغله حكومة طرابلس الموازية.
وقال العميد عبد الرحمن طويل، المسؤول عن تأمين الحكومة الجديدة، إن القاعدة مؤمنة بالكامل، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل على تأمين مؤسسات الدولة في العاصمة، مضيفا: «هذا المجلس جاء ليبقى ويستمر بالعمل هنا في طرابلس، ولن يخرج إلا إذا كانت فيه اجتماعات دولية أخرى مؤقتة وسيرجعون».
ولم يحدد الطويل الفصائل التي تعمل مع حكومة السراج؛ لكنه قال: إنها تتلقى حماية من الجيش والمخابرات العسكرية والشرطة، لافتا في تصريحات له أمس، إلى أن وزراء الحكومة من طرابلس وليسوا في خطر ويتحركون دون حراسة أمنية.
وجمد الاتحاد الأوروبي رسميا، الأرصدة المالية لثلاثة زعماء سياسيين ليبيين معارضين لحكومة السراج اعتبارا من أمس، وأعلن أنهم باتوا تحت طائلة عقوباته الاقتصادية. والرجال الثلاثة الذين تشملهم العقوبات هم نوري أبو سهمين رئيس برلمان طرابلس، وخليفة الغويل رئيس حكومته، وعقيلة صالح رئيس البرلمان المعترف به دوليا المتواجد في طبرق بشرق البلاد.
وقالت الصحيفة الرسمية للاتحاد الأوروبي إن الرجال الثلاثة لعبوا دورا محوريا في عرقلة تشكيل حكومة وحدة في ليبيا، حيث جمد الاتحاد الأوروبي أرصدتهم.
من جهته، استبعد رئيس الوزراء الإيطالي ماتّيو رينزي أي تدخل عسكري في ليبيا، وقال في تصريحات نقلتها وكالة «أنباء اكى الإيطالية»: «نحن على استعداد لمد يد العون؛ لكننا نرفض القصف».
وقال رينزي على هامش مشاركته في قمة الأمن النووي بالعاصمة الأميركية واشنطن «نحن من يقدم أكبر قدر من المساعدة بين الجميع، إننا على استعداد للقيام بذلك من ناحية الدعم الاجتماعي والتعاون الدولي؛ لكن هذا لا يعني أن نستيقظ صباح أحد الأيام للذهاب للقصف».
وكان رئيس الحكومة الإيطالية الذي نشر صورة تجمعه بالسراج خلال أول زيارة له للعاصمة روما، قد كتب في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «نحن جميعا نؤيد حكومة السراج».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع السراج الذي كان يتحدث من مكتبه في طرابلس، حيث «أكد عزم حكومته على البدء في حوار مع جميع الأطراف لتعزيز وضع الحكومة والبدء في بسط الاستقرار». وقال بيان للخارجية الإيطالية: «لم يتم تسجيل اشتباكات حاليا في العاصمة طرابلس، وإن تميز الإطار بتوترات واضحة».
وجال السراج وسط حراسة أمنية مشددة للمرة الأولى في شوارع طرابلس، حيث تفقد القوات التي تقوم بتأمين ميدان الشهداء بوسط المدينة، كما أجرى حوارا عابرا مع بعض السكان، عقب أدائه صلاة الجمعة بجامع ميزران بوسط طرابلس للمرة الأولى أيضا. وقال بيان لمكتب السراج إنه «حظي باستقبال عدد غفير من المصلين، كما تعالت التكبيرات والأناشيد عقب الصلاة مرحبة ببداية عهد جديد وقدوم الحكومة».
وفي تراجع لافت للانتباه عن تهديداته السابقة باعتقال السراج وأعضاء المجلس الرئاسي لحكومته أو طردهم خارج العاصمة، قال خليفة الغويل رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، إن معارضته لحكومة السراج ستكون بالطرق السلمية والقانونية دون استخدام القوة.
وقال في بيان له إنه استجابة لمطالب أهل المدن الليبية المختلفة فإنه سيمنح فرصة للثوار ومؤسسات المجتمع المدني والأعيان والعلماء لتقدير ما يرونه مناسبا لحقن الدماء وإيجاد مخرج من الأزمة التي تمر بها البلاد. موضحا أنه سيلتزم بما سيصدر عن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في هذا الصدد، مضيفا: «لا أسعى لمنصب أو سلطة».
وتزامن بيان الغويل مع بيان مماثل للبرلمان الذي لا يحظى بالاعتراف الدولي، دعا فيه السكان إلى ضبط النفس وتجنب إراقة الدماء؛ لكنه حذر في المقابل من «الاصطفاف المسلح الذي سيجر البلاد إلى حرب أهلية».
وبعدما كشف النقاب عن مشاورات مع «شركاء الوطن» للوصول إلى رؤية حول الوضع الراهن، أدان الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة الأربعاء الماضي، وأسفرت عن مقتل وإصابة بعض المواطنين.
كما ندد بالاعتداء على وزير خارجية حكومة طرابلس علي بوزعكوك وقناة «النبأ» الفضائية، والمعتصمين في ميدان الشهداء بوسط المدينة.
وفي دفعة لحكومة الوحدة الجديدة وقيادتها المتمثلة في المجلس الرئاسي، أكّدت عشر مُدن في غرب ليبيا، أنها ترحب وتدعم وصول الحكومة. وقالت في بيان: «تدرك بلديات الساحل الغربي المرحلة الخطيرة التي تمر بها ليبيا، لذلك تدعو هذه البلديات جميع الليبيين بجميع شرائحهم وتياراتهم وأحزابهم إلى الوحدة والتضامن والوقوف صفا واحدا لدعم حكومة الوفاق الوطني».
وتأمل القوى الغربية أن تطلب حكومة الوحدة مساندة أجنبية لمواجهة تنظيم داعش وتدفق المهاجرين من ليبيا صوب أوروبا وإعادة إنتاج النفط لتعزيز اقتصادها.
رئيس الحكومة الليبية الجديدة يُكرس نفسه حاكمًا فعليًا بعد تراجع سلطات طرابلس
إيطاليا تستبعد مجددًا أي تدخل عسكري.. والاتحاد الأوروبي يُجمد أرصدة المعارضين
رئيس الحكومة الليبية الجديدة يُكرس نفسه حاكمًا فعليًا بعد تراجع سلطات طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة