دور أحماض «أوميغا 3» الدهنية في تعزيز الصحة

تناول الأسماك يقلل من الالتهابات واحتمالات حدوث الجلطة

دور أحماض «أوميغا 3» الدهنية في تعزيز الصحة
TT

دور أحماض «أوميغا 3» الدهنية في تعزيز الصحة

دور أحماض «أوميغا 3» الدهنية في تعزيز الصحة

يحصل غالبية الأميركيين على الكمية الموصى بها من الحامض الدهني «أوميغا - 3»، التي قد يكون لها دور في حماية القلب. وقد بعث لنا أحد المشتركين بخدمة «رسالة هارفارد للقلب» (هارفارد هارت ليتر)، مؤخرًا سؤالاً حول الحامض الدهني المعروف باسم «أوميغا - 3» Omega - 3، وهي نمط فريد من الدهون يتوافر بغزارة في كثير من أنماط الأسماك، قد يكون له دور في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض أوعية القلب. وتساءل القارئ حول ما إذا كان هناك اختلاف بين أسماك السلمون التي تنشأ داخل أحواض التربية، والأخرى التي يجري اصطيادها من البحر فيما يخص محتواها من الحامض «أوميغا - 3»؟
في الواقع، هذا التساؤل منطقي، خاصة بالنظر إلى أن السلمون الذي يعيش حرًا خارج أحواض تربية السمك غالبًا ما يكون أغلى كثيرًا عن الآخر المنتمي لحوض سمكي. إلا أنه من المهم كذلك السؤال عن حجم حامض «أوميغا 3» التي تحتاج إليها أجسامنا؟ وهل الأسماك المصدر الوحيد لهذه النوعية من الأحماض؟ فيما يلي معلومات موجزة ينبغي أن تعرفها عن «أوميغا - 3».
** «أوميغا - 3» والقلب
بوجه عام، هناك ثلاثة أنماط رئيسة من هذه الدهون غير المشبعة تضطلع بدور أساسي في صحة الإنسان - ما يطلق عليه الأحماض الدهنية البحرية «إي بي إيه EPA» و«دي إتش إيه DHA» - وهي تحمل الكثير من الفوائد المحتملة لأوعية القلب، حيث يمكن لها المعاونة في:
* التخفيف من حدة الالتهابات
* ضمان استقرار نبضات القلب، الأمر الذي قد يحمي الإنسان من التحولات الطارئة الفتاكة في إيقاع نبض القلب.
* الحيلولة دون تكون جلطات خطيرة في مجرى الدم.
* تحقيق مستويات أقل من الدهون الثلاثية triglycerides، وهي أكثر أنماط الجزيئات الحاملة لدهون في مجرى الدم شيوعًا.
من جانبه، قال د. بروس بيستريان، البروفسور بكلية هارفارد للطب: «الدراسات القائمة على الملاحظة كشفت أنه كلما زاد تناول الإنسان للأسماك، تضاءلت مخاطر إصابته بأمراض الشرايين التاجية والموت بسبب أمراض القلب». وتقف هذه البيانات وغيرها وراء التوصيات في إطار الإرشادات الفيدرالية المعنية بالغذاء والأخرى الصادرة عن «الاتحاد الأميركي للقلب» بأن يتناول الإنسان الأسماك الدهنية مرتين على الأقل أسبوعيًا. ويعادل ذلك في المتوسط قرابة 250 ملليغراما من «إي بي إيه» بجانب «دي إتش إيه» يوميًا. إلا أن الدراسات المسحية الغذائية تشير إلى أن الأميركيين في حقيقة الأمر يتناولون أقل من نصف هذه الكمية.
** أسماك الأحواض مقارنة بالطليقة
إذا اخترت أسماك السلمون القادمة من الأحواض السمكية والأقل تكلفة بدلاً من الأسماك التي يجري اصطيادها من البحر، فإنك بذلك لا تخدع قلبك. في الواقع، تحوي أسماك السلمون الناشئة داخل أحواض سمكية قدرًا أكبر من «إي بي إيه» و«دي إتش إيه» عن أسماك السلمون التي يجري اصطيادها من البحر. ومع ذلك، توصلت دراسة أجريت عام 2014 حول حجم الأحماض الدهنية داخل 76 نمطًا مختلفًا من الأسماك من ست مناطق داخل الولايات المتحدة، إلى وجود تباينات كبيرة في كميات «أوميغا - 3» فيما بين خمسة أنماط مختلفة من أسماك السلمون - خاصة نمطين ينتميان إلى أحواض سمكية. وتنوع محتوى «أوميغا - 3» ما بين 717 ملليغراما و1533 ملليغراما مقابل كل 100 غرام من السمك.
ومقارنة بأسماك السلمون المتنوعة التي جرى اصطيادها من البحار، تميزت أسماك الأحواض السمكية في الغالب بمستويات أعلى من «أوميغا - 3»، لكنها احتوت كذلك على إجمالي دهون أعلى، بما في ذلك بعض الدهون المشبعة غير المرغوبة. إلا أن الكميات غير مثيرة للقلق، فعلى سبيل المثال، يحوي طبق من أسماك السلمون الناشئة داخل الأحواض السمكية نحو 1.6 غرام من الدهون المشبعة، ما يعادل قرابة نصف كمية الدهون في قطعة لحم بقري.
في الواقع، يعتقد خبراء التغذية أن من بين الأسباب المحتملة وراء تعرض من يتناولون الأسماك لعدد أقل من الأزمات القلبية، أنهم يتناولونها بدلاً من اللحم الأحمر أو اللحوم المعالجة، مثل النقانق، التي تحوي كميات أكبر من الدهون المشبعة (وقدر أكبر بكثير من الملح في حالة اللحوم المعالجة). ويرتبط النمطان من اللحوم بمخاطر أكبر للإصابة بأمراض القلب.
فيما يخص انتقاء أنواع السمك، ينصح «الاتحاد الأميركي للقلب» الأفراد بترك السعر ومعدل التوافر في السوق يحددان اختياراتهما. في هذا الصدد، أشارت د. فرانسين ويلتي، الأخصائية بأمراض القلب بمركز بيث إيزرايل ديكنونيس الطبي التابع لجامعة هارفاد، إلى أنها تنصح مرضاها بقائمة من الأسماك المختارة، والتي تتضمن تونة البكور وسمك القنبر والرنجة ومكاريل والسلمون والسردين. وتعتبر أسماك السردين المعلبة ممزوجة ببعض الماء واحدة من الخيارات الاقتصادية، حيث تحوي 1300 ملليغرام من «دي إتش إيه» و«إي بي إيه» في الطبق الواحد. وأضافت ويلتي: «أوصى أحد مرضاي بتناول السردين المعلب مع ليمون».
** الأسماك والبيض
مثلما الحال مع البشر، يحصل السمك على «أوميغا - 3» الخاص به مما يتناوله. من جانبها، تقتات الأسماك الطليقة على الأسماك الأصغر، والتي تتغذى بدورها على الطحالب التي تعد المصدر الأصلي للأحماض الدهنية. أما الأسماك التي تنشأ داخل أحواض سمكية فتتغذى على حبيبات تحوي كميات كبيرة من البروتين، والتي يمكن استخلاصها من مصادر نباتية أو حيوانية أو سمكية، الأمر الذي يفسر التباينات في أنماط الدهون وكمياتها داخل لحومها.
وبالمثل، تعكس الدهون الموجودة في صفار البيض النظام الغذائي الخاص بالدجاجة مصدر البيض. ويفسر ذلك السبب وراء وجود بيض غني بـ«أوميغا - 3» في المتاجر. وعليك تفحص البيانات المطبوعة على علبة البيض جيدًا، فرغم أنها قد تشير إلى احتواء البيض «أوميغا - 3»، فإنها قد تحوي بالفعل «إيه إل إيه ALA» الذي يستخلص من النباتات، وليس «دي إتش إيه» أو «إي بي إيه». إلا أنه ليس هناك ما يدعوك لدفع سعر أعلى مقابل الحصول على بيض غني بـ«إيه إل إيه»، نظرًا لأن غالبية الأميركيين يحصلون على كميات وفيرة من هذا النمط من الحامض الدهني من زيوت الخضراوات، مثل زيوت فول الصويا والكانولا. وعادة ما يحوي البيض الذي يحتوي على «دي إتش إيه» و«إي بي إيه» (بفضل نظام غذائي مدعوم بزيت أسماك) على قرابة ما يتراوح بين 75 و100 ملليغرام من «دي إتش إيه» و«إي بي إيه» للبيضة الواحدة، لكن الكمية يمكن أن تتباين من بيض لآخر بدرجة بالغة.
** النباتيون والأسماك
أما التساؤل الذي يطرح نفسه الآن: ماذا عن النباتيين، الذين لا يتناولون الأسماك (وغالبًا لا يتناولون البيض)، والنباتيون الذين يتجنبون جميع الأطعمة المشتقة من الحيوانات؟ في الواقع، فإن الأفراد الذين يتبعون مثل هذه الأنظمة الغذائية المقتصرة على النباتات يواجهون مخاطرة أقل للتعرض لأمراض قلبية عمن يتناولون اللحوم. ومع ذلك، فإن البعض لا يزال يقترح أن يتناولوا مكملات تحوي «إي بي إيه» و«دي إتش إيه» مستخلصة من الطحالب، وذلك على سبيل الاحتياط.
إلا أن د. فرانك ساكس، البروفسور في ميدان الوقاية من أمراض القلب بكلية «تي. إتش. تشان هارفارد» للصحة العامة، يرى أنه ليس هناك ما يدعو لذلك إذا كنت تتناول أغذية غنية بـ«إيه إل إيه»، مثل بذر الكتان وجوز البندق وبذور القرع وزيت فول الصويا أو كانولا. كما تحتوي الخضراوات خضراء اللون، مثل السبانخ، على كميات قليلة من «إيه إل إيه».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».



التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.