لم يستطع محمد الجبوري حمل جثة أخيه الذي قتل خلال القصف المتبادل بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم داعش في قرية المهانة (جنوب الموصل) إثر اشتداد المعارك، فاضطر إلى ترك الجثة والهروب من القرية خوفا من أن يلقى نفس مصير أخيه، وتمكن مع مجموعة من سكان القرية من الوصول إلى المناطق الآمنة في قضاء مخمور. قصة محمد ليست الوحيدة، فأكثر من 2500 نازح من القرى جنوب الموصل شهدوا مأساة حقيقية حتى استطاعوا الهروب من قبضة التنظيم.
«الشرق الأوسط» زارت قضاء مخمور وتجولت بين النازحين الذين وزعوا على المدارس والملاعب فيها لحين إنشاء مخيم لهم في إطار الخطة المدنية التي تواكب العمليات العسكرية.
روى الجبوري قصة هروبهم وقال: «مشينا لمسافة تصل إلى أكثر من 15 كيلومترا مع عائلتي وعوائل إخواني، حيث وصل عددنا إلى نحو 45 شخصا من قريتنا المهانة إلى حين وصولنا إلى قضاء مخمور. كنا نركض تحت الرصاص المتساقط علينا من كل جانب، ومسلحو (داعش) كانوا يطلقون النار علينا ويطالبوننا بالعودة، واستمر هذا الوضع حتى وصولنا إلى المناطق الخاضعة للجيش الذي نقلنا إلى قضاء مخمور». وتابع: «قُتل أحد إخواني جراء القصف على القرية، وما زالت جثته موجودة هناك لم أستطع أن أخرجها بسبب القصف، الأوضاع مأساوية جدا، وكثير من سكان القرى جرحى وأوضاعهم صعبة».
بدوره، قال النازح كريم رحيم: «فقدت أختي وابن عمي اللذين قتلا جراء القصف، وجُرح والدي وعدد من أبناء عمي، لأن الجيش العراقي وتنظيم داعش قصفوا قرانا قصفا عشوائيا، ولما وصلنا إلى هنا لم نجد أية استعدادات لاستقبالنا، فليست هناك مخيمات لإيوائنا في حين نحن تركنا كل شيء وخرجنا بملابسنا فقط من قرانا». وأضاف: «هناك العشرات من العوائل العالقة في هذه القرى، لأن تنظيم داعش أعاد كثيرا من العوائل بالقوة إلى داخلها ومنعها من الخروج، فهم يستخدمون المدنيين دروعا بشرية، نحن خرجنا في السر، وعندما علموا بهروبنا بدأوا بإطلاق النار علينا».
قروي آخر اسمه رعد روى ما شاهده من ممارسات من قبل مسلحي «داعش» وقال: «كانوا يقتحمون البيوت ويأخذون الفتيان بالقوة لمعسكراتهم. كنا نخبئ فتياتنا حتى لا يقعن بيد الإرهابيين».
النازح صالح الحمداني كانت ملابسه ملطخة بالدماء، وقال: «جرح ابني وابن أخي، وقُتلت ابنة عمي، ولدينا عدد كبير من الجرحى في صفوف العائلة، وهم الآن في المستشفى يتلقون العلاج. أُصبنا جراء سقوط قذائف الهاون على منازلنا، لأن مسلحي تنظيم داعش كانوا موجودين وسطنا». وتابع: «(داعش) هو مصدر الخراب والمأساة التي حلت بنا». وأضاف: «اعتقل التنظيم والدي في 29 يونيو (حزيران) 2014، ومنذ ذلك اليوم مصيره مجهول. كما اعتقل العشرات من الشباب، وكنا في سجن كبير في ظل سيطرة التنظيم الإرهابي».
هاربون من قرى الموصل: كنا في سجن كبير
رووا لـ «الشرق الأوسط» جانبًا من ممارسات «داعش»
هاربون من قرى الموصل: كنا في سجن كبير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة