وسط غياب أي إعلان رسمي من السعودية، كشفت الحكومة الكويتية عن الاتفاق مع السعودية على استئناف الإنتاج النفطي من حقل «الخفجي» الواقع في الجزء السعودي من المنطقة المقسومة بصورة تدريجية، وبكميات تتواءم مع الاعتبارات البيئية، مؤكدة أن العلاقة بين البلدين أكبر وأعمق من أن تتأثر بأي خلاف فني أو بيئي.
وبعد توقف دام نحو عام ونصف العام، طمأن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة أنس الصالح النواب في البرلمان الكويتي، خلال جلسة مجلس الأمة العادية أمس، بأنه «تم الاتفاق مع الجانب السعودي ممثلا بشركة (أرامكو) على استئناف الإنتاج بـ(الخفجي) بكميات صغيرة، على أن ترتفع تلك الكميات مع معالجة الاعتبارات البيئية».
وقال الوزير الصالح، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، إن الحقول في المنطقة المقسومة تم إعدادها للصيانة لاستئناف عمليات الإنتاج بكميات تتواءم مع المتطلبات البيئية حتى يعود الإنتاج إلى وضعه الطبيعي بشكل كامل.
ولم يوضح الصالح كيف أو متى سيعود الإنتاج من «الخفجي»، ولم يتحدث في الوقت ذاته عن عودة الإنتاج من حقل الوفرة، الذي يقع في الجانب الكويتي من المنطقة المحايدة المقسومة، الذي توقف الإنتاج منه على خلفية إيقاف الكويت لتصاريح العمل الممنوحة لشركة «شيفرون» الأميركية التي تدير حصة المملكة في الوفرة.
ولم يتسن، لـ«الشرق الأوسط»، الحصول على تصريح رسمي من قبل الجهات المسؤولة في المملكة، إلا أن مصادر أكدت للصحيفة أن هناك رغبة مشتركة من القيادة في البلدين على إعادة الإنتاج، وتم الاتفاق من الناحية المبدئية على إعادة الإنتاج من كامل المنطقة المحايدة، إلا أن هناك كثيرا من التفاصيل والاشتراطات التي يجب أن يتم استيفاؤها لعودة الإنتاج، مثل مصير شركة «شيفرون» والموقع الجديد الممنوح لها. وأضافت المصادر أنه حتى الآن لا يوجد أي جديد في هذا الموضوع، رغم تصريحات الصالح، إذ إن اللجنة المشتركة من الجانبين تحتاج إلى عقد اجتماعات فنية لمعرفة كيفية عودة الإنتاج.
ويعول المسؤولون في الكويت كثيرًا على المباحثات القائمة بين اللجنة السعودية الكويتية المشتركة، التي عقدت أول اجتماع لها في يونيو (حزيران) من عام 2015، قبيل بدء شهر رمضان. ويترأس الجانب السعودي في المفاوضات نائب وزير البترول الأمير عبد العزيز بن سلمان، فيما يترأس الجانب الكويتي الشيخ محمد العبد الله المبارك الصباح وزير الدولة والمتحدث الرسمي باسم الحكومة.
وقالت المصادر إن هناك كثيرا من الأمور التي لم يوضحها الصالح حول كيفية عودة شركة «شيفرون» لإنتاج النفط من حقل الوفرة، خاصة أن إيقاف «شيفرون» من قبل الجانب الكويتي كانت هي السبب في الأزمة التي أدت إلى توقف الإنتاج من المنطقة.
وكان حقل الخفجي قد أغلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 لأسباب بيئية. وتراوح إنتاج الحقل بين 280 ألفا و300 ألف برميل يوميا، وتتولى تشغيله شركة عمليات «الخفجي» المشتركة، وهي مشروع مشترك بين «أرامكو» لأعمال الخليج التابعة لشركة «أرامكو» السعودية الحكومية وبين الكويتية لنفط الخليج. وتعود المشكلة كما توضح المصادر إلى أن الحكومة الكويتية أقفلت ملف «شيفرون» في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 2014. بعد سنوات من اعتراض المسؤولين الكويتيين على الامتياز الممنوح لها من قبل السعودية.
وتقول المصادر إن الجانب الكويتي كان يرغب في الحصول على جزء كبير من أرض منطقة الزور، حيث يوجد مقر شركة شيفرون العربية السعودية، رغم أن الأرض جزء من منطقة الامتياز. وقبل توقفها، كانت «شيفرون» تدير كذلك «فرضة بحرية» لتصدير نفط الجانب السعودي في ميناء سعود الذي يعرف اليوم بميناء الزور.
ولا تزال الحقول البحرية في الخفجي والواقعة في الجزء السعودي من المنطقة المحايدة المقسومة مغلقة منذ أكتوبر 2014 لأسباب بيئية، كما أعلنت المملكة حينها، إذ إن الانبعاثات الغازية الخارجة من الحقل أعلى من المعدل المسموح به لأي حقل نفطي يعمل داخل الحدود السعودية.
وكانت الطاقة الإنتاجية لحقل «الخفجي» نحو 300 ألف برميل يوميًا من النفط الخام قبل إقفال الحقول. ونتيجة لهذا الإقفال خسرت كل من الدولتين 150 ألف برميل يوميًا من الطاقة الإنتاجية للنفط.
* علاقات أكبر وأعمق
وكان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح قد أكد خلال الجلسة عمق العلاقة بين الكويت والسعودية، مشيرا إلى أن تلك العلاقة «لن تتأثر بأي خلاف فني يتعلق باتفاق لأي سبب من الأسباب».
وقال صباح الخالد إن العلاقة بين البلدين «أكبر وأعمق من أن تتأثر في أمور فنية وبيئية أو على تفسير لاتفاق ما»، مشيرا إلى أن هذه العلاقة «استوعبت كثيرا من الأمور في الماضي، وإن شاء الله سائرة إلى مزيد من التعاضد والمساندة في كل الأمور».
من ناحيته، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، تعليقا على حديث أحد النواب عن الإنتاج النفطي في المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية والمباحثات الجارية بين البلدين بشأنها، أن «ما ينظم العلاقة بين الكويت والدول كافة هو الاتفاقيات المبرمة والمصدقة من قبل مجلس الأمة، ومنها اتفاقية التقسيم سنة 1965 التي تنيط بالدولتين التباحث لحل هذه القضايا الخلافية بشكل ودي بينها». وقال الشيخ محمد العبد الله إنه تشرف بتمثيل الطرف الكويتي في هذه المباحثات مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية، مبديا استغرابه من الزج بهذا الموضوع خلال مناقشة المجلس طلب النيابة العامة رفع الحصانة النيابية عن العضو الدكتور عبد الحميد دشتي، متمنيا من الأعضاء الالتزام باللائحة الداخلية لمجلس الأمة والدستور في شأن المناقشات.
وكانت الكويت والسعودية قد وقعتا في السابع من شهر يوليو (تموز) 1965 اتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة، وذلك أثناء زيارة وزير المالية والصناعة والتجارة آنذاك الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه إلى المملكة.
وتناولت الاتفاقية تنظيم ممارسة الحقوق وتنظيم استغلال الثروات الطبيعية بجميع أنواعها وفي كامل المنطقة المقسومة، ونصت الاتفاقية أساسا على بقاء امتيازات النفط سارية المفعول، على أن يحترم كل طرف حقوق الطرف الآخر في الجزء الذي يضم إلى إقليمه.
وزير النفط الكويتي أمام البرلمان: حقل «الخفجي» سيعود
الكويت تؤكد أن العلاقة مع السعودية «أكبر وأعمق من أن تتأثر بأي خلاف»

وزير النفط الكويتي أمام البرلمان: حقل «الخفجي» سيعود

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة