البرلمان العراقي يهدد بسحب الثقة من العبادي ما لم يقدم تشكيلة حكومية جديدة

غداة بدء الصدر اعتصامه المنفرد داخل «المنطقة الخضراء» في بغداد

مقتدى الصدر يجلس داخل خيمة الاعتصام التي نصبها في «المنطقة الخضراء» ببغداد أول من أمس (رويترز)
مقتدى الصدر يجلس داخل خيمة الاعتصام التي نصبها في «المنطقة الخضراء» ببغداد أول من أمس (رويترز)
TT

البرلمان العراقي يهدد بسحب الثقة من العبادي ما لم يقدم تشكيلة حكومية جديدة

مقتدى الصدر يجلس داخل خيمة الاعتصام التي نصبها في «المنطقة الخضراء» ببغداد أول من أمس (رويترز)
مقتدى الصدر يجلس داخل خيمة الاعتصام التي نصبها في «المنطقة الخضراء» ببغداد أول من أمس (رويترز)

أعاد البرلمان العراقي الكرة إلى ملعب رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي كان قد منح الكتل السياسية مهلة زمنية قبل أسبوعين لترشيح وزراء تكنوقراط له في سياق ما طرحه من مشروع للتغيير الوزاري. فبعد أقل من 24 ساعة على دخول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المنطقة الخضراء، لينفذ فيها وعده بالاعتصام داخلها منفردا، أعلن البرلمان خلال جلسته أمس إمهاله العبادي حتى يوم الخميس المقبل، لتقديم كابينته الوزارية الجديدة، مهددا في الوقت نفسه باستجوابه مع احتمال سحب الثقة منه.
وفي حين عد قيادي بـ«ائتلاف دولة القانون» أن من «الظلم مفاجأة العبادي بهذا الموقف في وقت لم تتعامل الكتل السياسية بجدية مع ما طرحه من مشروع للإصلاح»، فإن تحالف الكتل الكردستانية يرى أن العبادي لا يملك حتى الآن رؤية واضحة للإصلاح، بينما تبدي كتلة تحالف القوى العراقية تحفظها على مشاريع الإصلاح التي تفتقر إلى الجدية والإرادة من قبل من بيده صنع القرار.
وقال البرلمان، في بيان، إن الكتل السياسية اتفقت على مجموعة من النقاط التي تمثل خلاصة رأيها في سياق الحديث عن الإصلاح، وتتمثل في أن «أي إصلاحات لا تضع في اعتبارها أولوية الحفاظ على اللحمة العراقية والشراكة الوطنية ووحدة النسيج الاجتماعي، وتجاوز إخفاقات الماضي، ولا تتوفر على المعايير الدستورية والقانونية والحفاظ على العملية السياسية، لن تكون إلا إضافة أزمة جديدة إلى سلة الأزمات التي يعاني منها العراق». وعد البيان أن «معركة الإصلاحات على أهميتها القصوى يجب ألا تصرف الانتباه والجهود والاهتمام عن معركة تحرير الأراضي العراقية المغتصبة من قبل قوى الإرهاب». كما عدت الكتل السياسية البرلمان بوصفه «الممثل الشرعي للشعب، ويؤكد أن الخميس (المقبل) هو الموعد النهائي للحكومة لتقديم الكابينة الوزارية، وتعد باعتبارها مرحلة أولى لعملية الإصلاح، وإﻻ سيشرع البرلمان مع بداية الأسبوع المقبل في استجواب رئيس الوزراء لتأخره في تقديم الكابينة الوزارية».
وأوضح البرلمان أن «وضع سقوف زمنية محددة لإجراء الإصلاحات ينم عن رغبة في تسويق تلك المهمة الوطنية إلى مبتغاها السليم، إذ إن الإصلاحات تعني إجراء مراجعة دقيقة شاملة لمكامن الإخفاق والخلل، ومعالجتها، وتعزيز مكامن النجاح بعوامل تطويرها ضمن فترة محددة ومعروفة، والإصلاحات ليست رغبة أو محاولة للإفلات من المسؤولية قدر ما هي مسؤولية تضع على عاتق الجميع مهمة الخروج من المأزق بأقل التضحيات وبزمن أقصر».
وبينما بيّن البرلمان تأييده للاعتصامات فإنه هدد باتخاذ «الإجراءات اللازمة لحماية المؤسسات الرسمية والحفاظ على هيبة الدولة واحترامها عند خروج أي فعالية تذكر عن الجانب القانوني أو الدستوري».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون، صادق اللبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ليس من الإنصاف مطالبة العبادي بتقديم كابينته الوزارية خلال مدة أقصاها الخميس (المقبل) في وقت لم تقدم فيه الكتل السياسية مرشحيها من الوزراء إلى العبادي رغم مطالبته لها، وبالتالي فإن عملية من هذا النوع تعني أن هذه الكتل تعمل على طريقة من يضع العربة أمام الحصان».
وردا على سؤال بشأن الخلاف الذي لا يزال يحول دون الاتفاق على أسماء متفق عليها بين العبادي والكتل، قال اللبان إن «العبادي حدد معايير للمرشحين لشغل المناصب الوزارية، وهذه المعايير لا تتفق مع رؤية هذه الكتل الأمر، مما جعلها تريد أن يقوم العبادي بطرح ما لديه من أسماء لكي يتم التصويت عليها»، مبينا أن «الكتل تريد ممارسة مزيد من الضغط على العبادي في حال لم يتم التصويت على الأسماء المقترحة من قبله، تمهيدا لاستجوابه وربما سحب الثقة منه، بينما يريد العبادي وضع هذه الكتل في مواجهة مع الشارع بتحميلها مسؤولية عدم التصويت».
وأوضح اللبان أن «كلا الطرفين، وأقصد العبادي والكتل، على حق لأنهما يواجهان شارعا غاضبا واعتصامات، لكن لا ينبغي أن تصل الأمور إلى حد التهديد بسحب الثقة أو الاستجواب، إذ إن الحل يتمثل في أن يتصرف الطرفان بجدية، وأنه يمكن استضافة العبادي لا استجوابه من أجل الاستيضاح منه عن الأسباب التي تحول دون إجراء التغيير المطلوب».
وحول ما إذا كان العبادي قادرا بحلول الخميس المقبل على تقديم أسماء الوزراء المرشحين، قال اللبان إن «لدى العبادي قائمة بأسماء عدد من الوزراء باعتبارها مرحلة أولى هي حصيلة عمل اللجنة التي شكلها لهذا الغرض وترشيحات من هنا وهناك، لكن الأمر الصحيح هو أن تقدم الكتل السياسية في غضون اليومين المقبلين أسماء مرشحيها، لكي تلقي الحجة على العبادي، ومن جهته يتعين على العبادي التخلص من ضغوطات رؤساء الكتل فيما لو أراد إصلاحا حقيقيا».
في السياق نفسه، أكد تحالف الكتل الكردستانية أنه لن يقدم إلى العبادي أي أسماء مرشحة لشغل المناصب الوزارية.
وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التغيير الكردية، مسعود حيدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العبادي لا يمتلك أي رؤية واضحة للإصلاح، بل هناك عملية تخبط واضحة في كل المجالات، مما يجعلنا باعتبارنا كتلا كردستانية في حل من ذلك ما لم تقدم إلينا رؤية صحيحة وخريطة طريق، لكي نتمكن بموجبها من التقدم إلى الأمام».
وبشأن الخطط الخاصة بإمكانية استجواب العبادي في حال أخفق في تقديم مرشحين مقنعين للبرلمان، قال حيدر: «نحن مع استجواب العبادي، لأنه لا يعرف ماذا يريد مرة ومرة أخرى يريد فرض رؤيته الخاصة على الكتل من خلال تفويضه بتقديم أسماء مستقلة لشغل الوزارات، بينما هو عضو بارز في حزب الدعوة ودولة القانون، وهو أمر لا نوافق عليه، وبالتالي فإنه ما لم يتفق العبادي مع رؤساء الكتل فإننا لا يمكننا التعاون معه، لأنه لم يحدد أسباب التغيير ولا الوزراء المقصرين، وهي كلها أمور غير منطقية، لأن ما يهمنا هو احترام الدستور وحفظ مبدأ التوازن داخل العملية السياسية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».