تُعتبر رياضة القنص بالصقور من أشهر أنواع الرياضات التي عرفها العرب منذ قديم الزمان في شبه الجزيرة العربية، وتوارث الأبناء حتى يومنا هذا محبة هذه الرياضة، ولا تزال تحتفظ بقيمتها في عصرنا الحالي، وتُعدّ من الرياضات الرائدة التي أسهمت بنقل الإرث العربي إلى العالم. ونظرًا لأهمية رياضة القنص بالصقور وما تحمله من إرث حضاري عزمت المهندسة الإماراتية علياء الشامسي التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» على تطوير هذه الرياضة، وإدخال التقنيات إليها، وذلك بتطوير أول تطبيق على نظام التشغيل «آي أو إس» باسم «إيروفيجين» (AeroVision).
ويُعتبر إطلاق هذا التطبيق ثورة في عالم رياضة الصقور، حيث تمكّن من جمع حداثة التقنية بعراقة الإرث العربي، وسيُسهِم في إحداث نقلة نوعية في هذه الرياضة، وأسهم بنقل تجربة القنص إلى بُعد جديد، حيث أتاح للصقّارين إمكانية الاستمتاع بهذه الرياضة دون القلق على الطائر، حيث يستطيع مراقبة مسار الصقر بجميع تفاصيله، بالإضافة إلى إمكانية قياس سرعة الصقر وارتفاعه وتسجيل وزنه لقياس أدائه بين الرحلة والأخرى، بالإضافة إلى إمكانية تسجيل الرحلة بالكامل على الأجهزة الجوالة «آيفون» و«آي باد» الخاصة به ليتمكن من مقارنة هذه المعلومات بعد كل جولة لتطوير مهارات الصقر ومعاينة التسجيل فيما بعد، الأمر الذي لم يكن متاحًا قبل إطلاق هذا التطبيق.
ولاحظت علياء أن نظم التتبع الموجودة حاليًا ليست كافية لتوفير تجربة قنص متكاملة، إذ إنها تعمل على تحديد وجهة الطائر فقط للحاق به في حال ضياعه، ولا توفر أي معلومات أخرى مثل مسار الطائر وارتفاعه وأدائه، وغيرها من التفاصيل التي تتيح للصقّار الحصول على تجربة قنص ممتعة وتطوير أداء الصقر. وجمعت معلومات دقيقة عن احتياجات صقاري المنطقة، بهدف تعديل أجهزة التتبع بشكل يتناسب مع هذه الاحتياجات، وأجرت الكثير من الاختبارات للتأكد من موافقة الأجهزة المصنعة للمواصفات والمعايير التي تتطلبها هذه الرياضة في الإمارات.
وطورت تطبيق «إيروفيجين» ليعمل على نظام التشغيل «آي أو إس» ونشرته في متجر «آي تيونز». واحتاج التطبيق إلى نحو الشهرين من التطوير فقط، وتعاونت مع شركة «مارشال راديو تيليمتري» Marshall Radio Telemetry لتطوير جهاز التعقب والقياس الذي يوضع على جسد الصقر، وأطلقت موجة الاختبارات له في يوليو (تموز) الماضي بمشاركة 300 صقّار من دولة الإمارات بريطانيا وإسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، تم اختبار التطبيق في مزارع التوت العضوي في الولايات المتحدة، حيث تم إطلاق الصقور فوق هذه المزارع لإخافة الغربان وإبعادها عن المزارع، ليحقق التطبيق نتائج مذهلة في قياس أداء الصقور وتحديد اتجاهاتها فوق المزارع والعمل على تطوير أدائها للأفضل.
وأكدت علياء أن عملية التطوير على نظام التشغيل «آي أو إس» كانت سهلة وحصلت على دعم كبير من فريق عمل شركة «آبل» لإكمال عملية التطوير في الوقت المناسب، مؤكدة أن هذا الأمر يوفر فرص عمل رائعة للشباب العربي، ويشجعهم على تطوير تطبيقات مبتكرة تسهم في تطوير المجتمعات وجعل الحياة أكثر سهولة وعملية. وتعمل علياء الآن على التعاون مع شركة «مارشال راديو تيليمتري» للبدء بتأسيس نظام متخصص لإدارة الصقور والتواصل الاجتماعي للصقّارين يتيح لهم مشاركة تجاربهم والتواصل مع المهتمين بهذه الرياضة عبر أنحاء العالم للاستفادة من الخبرات والتجارب المطروحة عبر هذه المنصة.
وأضافت أن الصقارة سميت بـ«رياضة الملوك»، مع إطلاق كأس لها في الكثير من الدول العربية، من بينها دولة الإمارات بكأس رئيس الدولة للصيد بالصقور في أبوظبي الذي يستقطب ما يزيد على 500 مشارك من مختلف إمارات الدولة في كل موسم، وتهدف كلتا البطولتين إلى تعزيز الوعي تجاه الإرث الإماراتي الأصيل محليًا ودوليًا، وبث روح العراقة فيه من جديد ليكون حاضرًا في حياة أبناء الإمارات، والمساهمة في تعزيز الهوية الإماراتية من خلال إحياء مثل هذه الرياضات العريقة.
وتنتمي علياء إلى عائلة تهوى رياضة الصيد بالصقور وعُرفت منذ طفولتها باهتماماتها التقنية، حيث طورت تطبيق دليل المدينة على أجهزة الهاتف الجوال في عام 2002 خلال فترة لم تكن فيها أدوات برمجة الهواتف الذكية متوفرة بسهولة، وتتمتع بخبرة تزيد عن 10 أعوام في مجال الحوسبة والبرمجة، وأسست شركة برمجيات خاصة بها لتطوير التطبيقات والبرامج المتخصصة في عدة مجالات.
تطبيق «إيروفيجين» يدخل التقنية إلى رياضة الصيد بالصقور العربية
يتتبع مسار الطائر وارتفاعه وأداءه
تطبيق «إيروفيجين» يدخل التقنية إلى رياضة الصيد بالصقور العربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة