يهود اليمن غادروا صنعاء جوًا إلى الأردن بجوازات سفر يمنية

«الشرق الأوسط» تكشف عملية تهريبهم وطرف الخيط دفع «رشوة» للحوثيين

يهود يمنيون في مركز الهجرة في تل أبيب بعد وصولهم إلى إسرائيل في رحلة سرية استغرقت وقتاً وجهداً (أ.ف.ب)
يهود يمنيون في مركز الهجرة في تل أبيب بعد وصولهم إلى إسرائيل في رحلة سرية استغرقت وقتاً وجهداً (أ.ف.ب)
TT

يهود اليمن غادروا صنعاء جوًا إلى الأردن بجوازات سفر يمنية

يهود يمنيون في مركز الهجرة في تل أبيب بعد وصولهم إلى إسرائيل في رحلة سرية استغرقت وقتاً وجهداً (أ.ف.ب)
يهود يمنيون في مركز الهجرة في تل أبيب بعد وصولهم إلى إسرائيل في رحلة سرية استغرقت وقتاً وجهداً (أ.ف.ب)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن عملية ترحيل 17 يمنيًا يهوديًا من صنعاء إلى تل أبيب استغرقت وقتًا وجهدًا كبيرًا، إذ انطلقت رحلتهم من محافظة عمران وصنعاء حتى وصلوا إلى تل أبيب، أول من أمس، بعد ترتيبات بوساطة أطراف دولية، وتكشف المصادر، أيضًا، عن أن عملية خروج اليهود اليمنيين تمت عبر رحلة جوية من مطار صنعاء إلى مطار الملكة علياء في العاصمة الأردنية عمان، ومن هناك جرى نقلهم، في رحلة أخرى، إلى داخل إسرائيل. (ولم يتسن الحصول على تعقيب رسمي من السلطات الأردنية حتى وقت متأخر مساء أمس).
وبحسب المعلومات الخاصة، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن اليهود اليمنيين الذين هاجروا إلى إسرائيل، اليومين الماضيين، هم أسرة المواطن اليهودي الحاخام سليمان يعقوب النهاري من منطقة خارف في محافظة عمران (من سكان حي الكرسعة بالسوق الجديدة في مركز المديرية)، بشمال صنعاء، وتتكون من 7 أشخاص، فيما بقية أعضاء الفوج هم ممن باتوا يعرفون بيهود المدينة السكنية (السياحية) في صنعاء، وهم في الأصل من يهود آل سالم، الذين هجرهم الحوثيون مطلع عام 2007، عن ديارهم وقراهم في محافظة صعدة.
وفي حين تحدثت بعض المصادر عن دفع أموال طائلة للميليشيات الحوثية رشوة لتسهيل عملية خروجهم، فقد أكد مصدر مقرب من يهود اليمن لـ«الشرق الأوسط» أن «المخاوف المتراكمة لدى اليهود وعدم استقرار البلاد والحرب المشتعلة، تعد سببًا رئيسيًا في رحيلهم»، مشيرًا إلى أن اليهود اليمنيين المهجرين من صعدة الموجودين في المدينة السكنية في صنعاء لا يتجاوز عددهم 53 شخصًا، من النساء والرجال.
وكشفت مسؤولة الوكالة اليهودية التي قادت عملية تهريب اليهود اليمنيين إلى إسرائيل، أرئيلا دي فورتو، أن «الخطة استهدفت ترحيل جميع اليهود الباقين في اليمن والعراق وسوريا ولبنان»، وأنه خلال الأشهر الأربعة الأخيرة نجحت في ترحيل 49 يهوديًا من أصول عربية. لكن نحو 100 يهودي آخرين رفضوا التجاوب مع الحملة وفضلوا البقاء في دولهم العربية».
وقالت أرئيلا إن العمل على خطة الترحيل بدأت قبل سنة كاملة، وشملت اتصالات دولية كثيرة، وواجهت صعوبات، لكنها استطاعت الوصول إلى جميع اليهود في الدول العربية، وقالت إن عدد اليمنيين اليهود كان قبل سنة نحو 100 وهناك 12 يهوديًا في بغداد و18 يهوديًا في سوريا ونحو 10 في لبنان.
ورفضت المتحدثة الحديث عن مسار ترحيل اليهود اليمنيين بالتفصيل، لكنها وافقت على القول إنه منذ عام 2008، بعدما قتل المواطن اليهودي اليمني موشيه نهاري، تمكنت إسرائيل من ترحيل 200 يهودي يمني إلى تل أبيب، فيما بقي نحو 100 رفضوا الرحيل.
وبينت أنه بعد سيطرة الحوثيين على معظم مناطق اليمن، اختلفت الأوضاع، وبدأ اليهود يتعرضون للاضطهاد، و«علمنا أن مسلحي الحوثي، الذين سيطروا على مدينتي صنعاء وريدة (الأخيرة في محافظة عمران وكانت تضم أكبر تجمع لليهود اليمنيين)، مارسوا الضغوط عليهم لكي يُسلموا وأن فتاتين يهوديتين اختُطفتا وأرغمتا على الزواج من مسلمين حوثيين، وأنهم أجبروا الحاخام سليمان يعقوب النهاري على بيعهم بيته بسعر بخس»، وأضافت بقولها: «قالوا لي إننا سنرحل حتما عن البلاد، وسنضطر إلى ترك البيت كما هو، لذلك من الأفضل لنا أن نحصل على الثمن الذي يعرضونه علينا، والذي لا يتعدى سدس ثمنه الحقيقي».
وروت دي فورتو، أن محاولة سابقة جرت لترحيل المجموعة الأخيرة من يهود اليمن قبل شهرين، لكنها فشلت. وكاد الحوثيون يكشفونها، وأن أحد زعماء الحوثيين توجه لليهود عارضا إعطاءه «فدية محرزة» لكي يساعدهم على الرحيل. ولم تقل إذا كانت هذه «الفدية» هي طرف الخيط لعملية الخروج، وإلى أي مدى شارك الحوثيون في ذلك، ورفضت إعطاء تفاصيل إضافية، حتى لا تكشف المسار الحقيقي لخروجهم من اليمن.
الجدير ذكره أن موضوع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل خاضع للرقابة العسكرية، مثله مثل أسرار الأمن والجيش وأسرار مصادر المياه. وقد فرضت الرقابة العسكرية التعتيم على مسار ترحيل اليهود من أصل عربي بشكل عام، وشددت رقابتها لمنع النشر عن ترحيل اليمنيين بشكل خاص.
إلى ذلك كشف القاضي فهيم محسن الحضرمي رئيس المحكمة الاستئنافية في عدن أن مخطوطة «التوراة» التي هربها يهود اليمن إلى إسرائيل تم أخذها من المعبد اليهودي بمدينة عدن بجنوب اليمن في ستينات القرن الماضي، عند تهريب اليهود من عدن بعد نكسة 1967، وأضاف فهيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تهريب المخطوطة الأثرية لـ«التوراة» تعد جريمة تضاف إلى جرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح بحق الشعب اليمني.
ومضى قائلاً: «تناولت وسائل الإعلام العالمية خبر نقل 17 أو 19 يهوديًا من اليمن إلى إسرائيل، وتجاهلت أمرًا مهمًا، وهو تهريب مخطوطة من التوراة يعود عهدها إلى أكثر من 800 سنة»، مشيرًا إلى أن القانون والاتفاقيات الدولية أعطت الحق للدولة المالكة أن تستعيد الوثيقة، لكنه أوضح أن اليهود لن يعيدوا تلك الوثيقة لأهميتها الدينية لديهم حد قوله.
وأردف: «المخطوطة أخذت من المعبد اليهودي في عدن في ستينات القرن الماضي عند تهريب اليهود من عدن بعد نكسة 1967»، مضيفًا: «الأدهى من ذلك أن المعبد صرف لشخصية نافذة، وتم هدمه، وبني مكانه مركز تجاري بعد قيام دولة الوحدة، التي تمت بين شمال اليمن وجنوبه في مايو (أيار) 1990، في عهد نظام المخلوع صالح»، مبينًا أن الهدف من هدم المعبد اليهودي هو تدمير التاريخ ومبدأ التعايش الاجتماعي وتعايش الأديان الذي عرفته مدينة عدن التاريخ والحضارة حينذاك.
الخبير العسكري العميد فيصل حلبوب عرج في حديث له مع «الشرق الأوسط» على أن اليهودي شالوم الشبزي، ربما هو أشهر يهودي يمني ذاع صيته حول العالم، له 15 مؤلفًا بالعبرية، مات في تعز اليمن، وعملت إسرائيل على نقل جثمانه إلى تل أبيب، وتوسطت لها الولايات المتحدة، إلا أن يهود اليمن ومسلميها رفضوا بشدة، فلم يكن من إسرائيل إلا أن أطلقت اسمه على أحد شوارع مدينة تل أبيب.
حلبوب قال إنه وفي عهد الرئيس المخلوع ونتيجة للتعاون بينه وبين إسرائيل تمت مغافلة الناس وحدثت عملية خاطفة لنقل رفات هذا اليهودي من تعز إلى إسرائيل، ومع الرفات تم نقل مخطوطات قيمة وتاريخية كان يحتفظ فيها شالوم الشبزي، وكانت هذه العملية بداية انفتاح إسرائيل على الرئيس اليمني المخلوع، وبداية تقديم الدعم المعنوي والسياسي له من قبل إسرائيل، وتمت اتصالات سرية بين الرئيس المخلوع والمخابرات الإسرائيلية، وتم تدريب بعض ضباط الأمن القومي المقربين لعفاش في مراكز جهاز الموساد في إسرائيل وفي أماكن أخرى، وكانت عملية نقل رفات شالوم الشبزي تقريبًا في ثمانينات القرن الماضي.



انقلابيو اليمن يعززون وجودهم بعناصر أمنية في 3 محافظات

فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)
فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يعززون وجودهم بعناصر أمنية في 3 محافظات

فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)
فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)

دفعت الجماعة الحوثية حديثاً بالمئات من عناصرها الأمنيين استقدمتهم من مناطق متفرقة في محافظة إب، صوب محافظات تعز والحديدة والضالع، بعد أن فشلت في حشد مزيد من المجندين الجدد للالتحاق بالجبهات، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وكشفت المصادر عن قيام الجماعة بالدفع بمجاميع من عناصرها الأمنيين العاملين في أقسام وإدارات ووحدات أمنية في مركز محافظة إب (مدينة إب)، وفي 22 مديرية تابعة لها صوب خطوط التماس في جبهات الحديدة وتعز والضالع.

وسبق للانقلابيين الحوثيين أن دفعوا في أيام سابقة، بالعشرات من الأفراد الأمنيين ينتسب بعضهم لما تسمى وحدات «الأمن العام» الخاضعة للجماعة في إب، بوصفها تعزيزات بشرية جديدة باتجاه الحديدة والضالع المحاذيتين لمحافظة إب من جهتي الغرب والشرق.

وأفاد شهود في إب لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم شاهدوا مرور عربات أمنية حوثية تحمل عناصر يرتدون زياً أمنياً في مناطق مفرق جبلة والنجد الأحمر جنوب المحافظة والخط الدائري الغربي لمدينة إب، متجهة صوب محافظة تعز (جنوب)، وعلى الطريق العام المتجه إلى محافظة الحديدة الساحلية (غرب).

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد الشهود أن مُعظم العناصر الذين نقلتهم الجماعة للجبهات كانوا من فئة الشبان، حيث استقطبت في أوقات سابقة العشرات منهم إلى صفوفها بذريعة إشراكهم للعمل ضمن أجهزتها الأمنية لقمع أي مظاهرات احتجاجية.

فشل حملات التجنيد

وترجع المصادر في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) سبب لجوء الجماعة الحوثية إلى مَد جبهاتها بعناصرها الأمنيين، إلى فشل حملات التجنيد التي أطلقتها الجماعة في الأيام الماضية لتحشيد المدنيين وأبناء القبائل في إب إلى الجبهات.

وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن التعزيزات الجديدة تأتي نتيجة مخاوف حوثية غير مسبوقة من أي «تحركات مرتقبة للقوات الحكومية باتجاه مناطق سيطرة الجماعة».

​وسبق ذلك - وفق المصادر - قيام الجماعة بإخضاع مسؤولين بأجهزتها الأمنية في إب، للتعبئة تحت اسم برامج «أمنية توعوية» وإلحاقهم بتدريبات عسكرية في إطار ما تسمى دورات «طوفان الأقصى»، تمهيداً للدفع بهم نحو الجبهات تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

وتزامنت تعزيزات الانقلابيين الحوثيين مع تشكيل لجان تعبئة وتحشيد على مستوى الأحياء والحارات في محافظة إب وبقية مُدن سيطرتها بغية رفد جبهاتها بمزيد من المجندين.

وتواصل الجماعة، حسب المصادر، توجيه دعواتها لوجهاء القبائل ومسؤولي الأحياء في إب، وعدد من مديرياتها، للاستمرار بإطلاق دورات تعبوية وأعمال تحشيد المقاتلين تحت لافتة «نصرة فلسطين».

سجناء ومهمشون

وكشف مصدر أمني في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن التعزيزات الأخيرة للجماعة من المحافظة باتجاه مناطق مجاورة كان قد سبقها قبل عدة أسابيع، الدفع بالعشرات من فئة المهمشين من ذوي البشرة السوداء العاملين في قطاع النظافة وسجناء تم الإفراج عنهم إلى جبهات القتال.

ووفقاً للمصدر الأمني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإن التحشيدات الجديدة للجماعة تأتي تعويضاً لعناصر فروا من الجبهات بعد أن قرروا ترك القتال مع الجماعة والعودة إلى مناطقهم؛ جرّاء ما لاقوه من التمييز العنصري عند خطوط التماس.

ويأتي التحشيد الحوثي في وقت لا تزال تعاني فيه محافظة إب وبقية مدن سيطرة الجماعة من حالة تدهور معيشي واقتصادي وأمني حاد، يرافقه ارتفاع غير معهود لمنسوب الانتهاكات ضد المدنيين التي يقف خلفها عصابات على ارتباط بقيادات حوثية.