كلينتون تلوح باستخدام القوة العسكرية ضد إيران في حال انتهاك الاتفاق النووي

اعترفت ببصمات طهران العدوانية في المنطقة.. ودعت إلى اعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية

المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون قبل إلقائها خطابا في مؤتمر «الايباك» أمس في واشنطن (إ.ب.أ)
المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون قبل إلقائها خطابا في مؤتمر «الايباك» أمس في واشنطن (إ.ب.أ)
TT

كلينتون تلوح باستخدام القوة العسكرية ضد إيران في حال انتهاك الاتفاق النووي

المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون قبل إلقائها خطابا في مؤتمر «الايباك» أمس في واشنطن (إ.ب.أ)
المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون قبل إلقائها خطابا في مؤتمر «الايباك» أمس في واشنطن (إ.ب.أ)

تعهدت المرشحة الديمقراطية المحتملة للانتخابات الرئاسية، هيلاري كلينتون، بحماية أمن إسرائيل وضمان تفوقها العسكري، وتوسيع التعاون الأمني والاستخباراتي لمواجهة تهديدات إيران والجماعات الإرهابية في المنطقة، والدفع لعقد مفاوضات إسرائيلية - فلسطينية للدفع بحل الدولتين في حال انتخابها رئيسا للولايات المتحدة.
وقالت كلينتون أمام المؤتمر السياسي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (ايباك) صباح أمس إن «الرئيس الأميركي القادم الذي سيجلس في المكتب البيضاوي في يناير (كانون الثاني) المقبل سيواجه مخاطر عليه مواجهتها وفرصا عليه اغتنامها، وسيضع قرارات تؤثر على حياة كل أميركي وعلى أمن أصدقائنا في كل العالم. وحين تكون التحديات في منطقة الشرق الأوسط هائلة ومعقدة، فإن التخلي عن المنطقة ليس خيارا وسيكون خطأ فادحا من الولايات المتحدة أن تتخلى عن مسؤوليتها أو تتنازل عن زمام القيادة من أجل السلام والأمن العالمي إلى شخص آخر».
وشنت كلينتون، في خطابها الذي امتد لمدة أربعين دقيقة، هجوما غير مباشر على الحزب الجمهوري والمرشح الأوفر حظا لتصدر السباق الجمهوري دونالد ترامب، وقالت إن «الرئيس القادم للولايات المتحدة يجب أن يكون داعما لأمن إسرائيل، لا يمكن أن نكون محايدين عندما تسقط الصواريخ على الأحياء السكنية في إسرائيل، وعندما يتم طعن المدنيين في الشارع، وعندما يستهدف الانتحاريون الأبرياء، هذه الأشياء غير قابلة للتفاوض، فأمن إسرائيل غير قابل للتفاوض، ومن لا يفهم ذلك لا يحق له أن يكون رئيسا للولايات المتحدة».
ووجهت كلينتون انتقادات لاذعة لدونالد ترامب دون أن تذكر اسمه، وقالت: «نحتاج ليد قوية وليس رئيسا يقول إنه سيكون محايدا تارة، ثم يقول إنه سيكون مساندا تارة أخرى، ولا نعرف ماذا سيقول غدا، لأن كل شيء في نظره قابل للتفاوض». وحملت تصريحاتها إشارة واضحة إلى ترامب الذي قال سابقا إنه سيكون محايدا فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ما أثار انتقادات من خصومه الجمهوريين، ثم عاد وأكد أنه من أقوى المؤيدين لإسرائيل وأنه يتحدث عن الحياد من أجل التفاوض على حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتعهدت المرشحة الديمقراطية في حال انتخابها رئيسة للولايات المتحدة، بالالتزام «بضمان أمن إسرائيل وتفوقها العسكري النوعي، وإبرام مذكرة جديدة للدفاع المشترك لمدة عشر سنوات لتلبية الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية في المستقبل، وتزويد إسرائيل بتكنولوجيات دفاع أكثر تطورا تشمل منظومات دفاع صاروخية وأجهزة تكنولوجية لمواجهة التهريب». كما أكدت التزامها الشخصي بضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية آمنة وديمقراطية.
وأضافت كلينتون أن «أول شيء سأفعله كرئيسة للولايات المتحدة هو دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة البيت الأبيض، وسأرسل وفدا من وزارة الدفاع إلى إسرائيل لعقد مشاورات مبكرة، وسيكون هناك الكثير الذي يمكن أن يتعلمه الأميركيون من إسرائيل في مجال الأمن السيبراني، وأمن الطاقة.. وعلينا أن نبذل كل الجهود لمكافحة معاداة السامية الآخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم، وبصفة خاصة في أوروبا».
ومن المقرر أن يتحدث المرشحون الجمهوريون الثلاثة مساء الاثنين أمام المؤتمر السنوي للايباك، حيث يلقي كل من دونالد ترامب والسيناتور تيد كروز وحاكم أوهايو جون كاسيك خطاباتهم أمام المؤتمر، وتتطلع الأنظار بشكل أكبر إلى ما سيقوله الملياردير الأميركي ترامب الذي لا يزال الأوفر حظا في نيل ترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية. فيما يتغيب السيناتور بيرني ساندرز، المرشح الديمقراطي المنافس لكلينتون، عن المؤتمر.
وخلال الخطاب، حددت المرشحة الديمقراطية ثلاثة تهديدات تشكل تحديا أمام الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي العدوان الإيراني، وتصاعد التطرف، والجهود لنزع الشرعية عن إسرائيل في الساحة العالمية.
ودافعت كلينتون عن الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة والقوى العالمية مع إيران لمنع الأخيرة من امتلاك سلاح نووي، لكنها في الوقت نفسه اعترفت بأن النظام الإيراني يشكل خطرا، وأن سياسة تعامل مع إيران قائمة على الثقة والتحقق ليست سياسة جيدة. وتعهدت كلينتون بأن تكون سياستها عدم الثقة في إيران وإعادة العقوبات في حال وقوع أي انتهاك صغير في الاتفاق النووي، ولوحت باستخدام القوة العسكرية ضد إيران في حال وقوع انتهاكات للاتفاق. وقالت: «ستسمعون الكثير من المرشحين الآخرين حول إيران، ورئيسنا القادم يجب أن يكون لديه قدرة على حشد الجهد العالمي ضد أي انتهاك صغير في الاتفاق وإعادة العقوبات عند الحاجة، وإذا أصبحت رئيسة للولايات المتحدة سأضمن إلا يكون هناك فرصة لإيران للغش في الاتفاق، وإذا كان هناك شك أو أي إشارة إلى انتهاك التزام إيران بعدم السعي لتطوير أو حيازة أسلحة نووية فإن الولايات المتحدة عليها التحرك لوقف ذلك، وسأفعل ذلك بالقوة إذا دعت الضرورة».
وأشارت كلينتون إلى بصمات إيران والحرس الثوري الإيراني في تمويل من وصفتهم بـ«الإرهابيين الفلسطينيين»، ودعم «حزب الله» في لبنان وإلى بصمات لإيران في كل من سوريا ولبنان واليمن، والقيام باستفزازات مثل تجارب الصواريخ الباليستية. وأشارت إلى أنه يجب على الولايات المتحدة أن تفرض عقوبات إضافية على إيران والحرس الثوري لرعايتها للإرهاب، وتهريب الأسلحة غير المشروعة، وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وشن هجمات إلكترونية.
وطالبت كلينتون بتعاون أميركي - إسرائيلي أوثق لقطع تدفق الأموال والأسلحة من إيران إلى حزب الله، ومطالبة الدول الأوروبية والمجتمع الدولي بتسمية «حزب الله» منظمة إرهابية مثلما فعلت الجامعة العربية. وتعهدت بمساندة الشباب الإيراني الباحث عن الانفتاح والحرية، قائلة: «إننا سندعم جهودهم لجلب تغيير إيجابي في إيران».
إلى ذلك، أكدت كلينتون على ضرورة التعاون مع إسرائيل ضد تهديدات المتطرفين مثل «داعش»، وقالت: «هذا الخطر لا يعرف حدودا، ولهذا وضعت خطة لنقل المعركة ضد داعش من الجو إلى أرض الواقع مع القوات المحلية». وشددت كلينتون على إمكانية دفع المفاوضات لحل قيام الدوليتين، وقالت إن «التقاعس عن العمل لا يمكن أن يكون خيارا، والإسرائيليين يستحقون وطنا آمنا للشعب اليهودي، والفلسطينيين يستحقون دولة خاصة بهم وأن يعيشوا في سلام وكرامة. والتفاوض لحل الدولتين وحده هو الذي سيحقق ذلك، وعلينا اتخاذ إجراءات إيجابية لبناء الثقة. وأود مواصلة السعي من أجل عقد مفاوضات مباشرة وسأعارض بقوة أي محاولة من قبل أي طرف خارجي لفرض حل، بما في ذلك من قبل مجلس الأمن الدولي».
ويثير المحللون الكثير من الانتقادات لكلينتون، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية لأربعة سنوات خلال الولاية الأولي للرئيس أوباما وأشرفت على أول محاولة لإدارة أوباما للتوسط في السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وعينت السيناتور جورج ميتشل مبعوثا للسلام. ويتحدث الكثير من الشخصيات العامة الأميركية في مؤتمر «الايباك»، حيث ألقى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الكلمة الافتتاحية للمؤتمر مساء أول من أمس الأحد، وألقى رئيس مجلس النواب بول رايان خطابه مساء أمس، إضافة إلى النائب كيفن ماكارثي زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب، والسيناتور هنري هوير. ويستمع المؤتمر إلى خطابات مرشحي الحزب الجمهوري الثلاثة مساء الاثنين، فيما يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المؤتمر عبر دائرة تلفزيونية صباح اليوم.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.