شهود في محكمة نيويورك: إيران و«القاعدة» تعاونتا لتهريب العملاء إلى أوروبا

«الشرق الأوسط» تواصل كشف الحقائق التي تؤكد ضلوع طهران وحزب الله في 11 سبتمبر > بن الشيبة حصل على تأشيرة من السفارة الإيرانية في برلين لزيارة طهران قبل تنفيذ الهجمات

شهود في محكمة نيويورك: إيران و«القاعدة» تعاونتا لتهريب العملاء إلى أوروبا
TT

شهود في محكمة نيويورك: إيران و«القاعدة» تعاونتا لتهريب العملاء إلى أوروبا

شهود في محكمة نيويورك: إيران و«القاعدة» تعاونتا لتهريب العملاء إلى أوروبا

هناك.. في إيران، وعبر ما عرف في الوثائق الاستخبارية الدولية بـ«خط الجرذان»، هناك فقط، يمكن أن تختفي الفواصل بين التطرف السني ومثيله الشيعي، بين «القاعدة» والحرس الثوري وقوات الباسيج، بين أسامة بن لادن وقاسم سليماني.. هناك فقط كان يمكنك أن تلتقي مؤسس «القاعدة» وهو يصيد الصقور في فضاء يحكمه ملالي قم.. هذا ما أكدته الوثائق التي انفردت بكشفها «الشرق الأوسط».. واليوم تواصل «الشرق الأوسط» كشف الحقائق التي تؤكد ضلوع طهران و«حزب الله» في توجيه وتدريب عناصر إرهابية للقيام بهجمات سبتمبر 2001 التي نفذت بطائرات مختطفة استهدفت أبراجا تجارية ومباني رسمية في الولايات المتحدة، قتل فيها وأصيب آلاف البشر.
في وثائق  قضائية حصلت عليها «الشرق الأوسط» أكد مسؤولون حكوميون أميركيون وأوروبيون وإيرانيون وخبراء ومنشقون من تنظيم القاعدة والحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى أقوال المحامين عن المدعين والمتضررين من الهجمات الإرهابية ، أكدوا جميعا لهيئة المحكمة أنه في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، استخدمت قوات الأمن الإيرانية طريقا (خط الجرذان) كانوا قد أسسوه في وقت سابق لمساعدة عملاء «القاعدة» على الوصول إلى أوروبا لإخلاء مقاتلي القاعدة وعائلاتهم من أفغانستان قبل الهجمات التي شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على نظام طالبان. وكان من بين أهم قيادات تنظيم القاعدة الذين مروا عبر «خط الجرذان» أسامة بن لادن، وسيف العدل، وأبو مصعب الزرقاوي. وشبيه به ما حدث مع رمزي بن الشيبة – على ما ذكر المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ السابق كينيث تيمرمان، في شهادته – من أن «رمزي بن الشيبة (منسق هجمات الحادي عشر من سبتمبر)، التقى محمد عطا مختطف الطائرة في العديد من المدن الأوروبية في بداية 2001 ثم سافر إلى أفغانستان لتقديم تقرير متابعة من فريق العمليات إلى أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري. وفي الطريق، توقف بن الشيبة في إيران».
جدير بالذكر أن تقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر لم يشر إلى زيارات بن الشيبة إلى إيران رغم أنه أشار إلى تقارير استخباراتية تفيد بأنشطة بن الشيبة في ألمانيا قدمتها الاستخبارات الألمانية إلى اللجنة.
في سبتمبر 2004 قدم المدعى العام، وولتر همبرغر أحد التقارير الاستخباراتية التي تشير إلى أن بن الشيبة قد سافر إلى إيران بجواز سفره بعدما حصل على تأشيرة من السفارة الإيرانية في برلين. كما قدم المدعون الفيدراليون الألمان أيضا إلينا نسخة موثقة من مذكرة صادرة عن الاستخبارات الألمانية تم إرسالها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي في نوفمبر 2001 توثق سفر بن الشيبة إلى إيران في يناير وفبراير 2001.
ومن بين أبرز الشهود على ضلوع طهران في هجمات الحادي عشر من سبتمبر إدغار بن آدم، الرئيس السابق للمكتب الوطني الأميركي للإنتربول وباتريك كلاوسون، مدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وكلير لوبيز الضابط بوكالة الاستخبارات المركزية، ودانيال بايمان، المسؤل السابق بلجنة 11 سبتمبر والمرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ السابق كينيث تيمرمان وماثيو ليفيت مسؤول الاستخبارات السابق بالخزانة الأميركية، وأبو الحسن بني صدر، الرئيس السابق لإيران. وضابط سابق بالحرس الثوري الإيراني وغيرهم.
يقول ماثيو ليفيت الذي شغل منصب نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الاستخبارات والتحليل في وزارة الخزانة الأميركية 2005 - 2007 لـ«الشرق الأوسط» إن الأدلة التي تم استخدامها في المحاكمة لدعم الحكم الذي أدان إيران وحزب الله اللبناني، شملت شهادة الخبراء الأميركيين وكنت من بينهم.
وقال ليفيت الذي يحتل مكانة بارزة بين الخبراء «قدمت لهيئة المحكمة ما يكفي من الأدلة لإثبات تورط إيران بأحداث سبتمبر، ولكن الحكم هو حكم غيابي، وبعبارة أخرى من غير المرجح أن يحقق المرجو منه وأعني ردع إيران.
وقال ماثيو ليفيت في شهادته أمام المحكمة الفيدرالية بنيويورك إن العلاقات بين «القاعدة» وإيران ليست جديدة ولكنها تطورت مع مرور الزمن. وازدهرت العلاقات بين الاثنين لأول مرة في مطلع التسعينات عندما كانت «القاعدة» تتخذ مقرا لها في السودان. وشجع حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية القومية على إقامة علاقات بين الجهتين الشيعية والسنية في جزء من مساعيه لشن حملة عالمية موحدة ضد العدو المشترك. ونتيجة لذلك وصلت إيران و«القاعدة» إلى اتفاق غير رسمي بالتعاون، حيث تقدم إيران المتفجرات الخطرة والاستخبارات والتدريب الأمني لتنظيم بن لادن.
وأضاف ليفيت: «استمرت إيران في تقديم المساعدة بعد انتقال (القاعدة) إلى أفغانستان في عام 1996». وكان المسؤولون الإيرانيون في الغالب على استعداد لتسهيل عملية انتقال أعضاء القاعدة عبر إيران في طريقهم إلى أفغانستان. وتلقى حرس الحدود الإيراني تعليمات بعدم وضع أختام على جوازات سفرهم، ومن المحتمل أن يكون ذلك لمنع حكومات بلادهم من الاشتباه في سفرهم إلى أفغانستان. ورغم أن لجنة 11 سبتمبر لم تجد أي دليل على أن إيران - آنذاك - كانت على دراية بالتخطيط لعمليات 11 سبتمبر التي وقعت لاحقا: «فإنها توصلت إلى أن هناك (دليلا قويا) على تسهيل إيران لعملية انتقال أفراد (القاعدة) – ومن بينهم خاطفون مشاركون في 11 سبتمبر – إلى أفغانستان». وتابع ماثيو ليفيت «بعد 11 سبتمبر، في حين توجه المجتمع الدولي بقوة لمحاربة (القاعدة)، بدأت إيران في تصوير ذاتها كعدو للمنظمة الإرهابية حيث أبرزت باستمرار تصرفاتها ضد تنظيم بن لادن. بيد أن هذا الموقف الذي يبدو صارما كان بمثابة غطاء لتعاملات طهران المستمرة مع التنظيم؛ استمر دعم النظام لـ(القاعدة) خلال تلك الفترة، حتى في أثناء حكم الرئيس محمد خاتمي وقبل أن يتولى محمود أحمدي نجاد الرئاسة بفترة طويلة».
يقول ليفيت: «على سبيل المثال في عام 2002. سلمت إيران ما يزيد على 16 سعوديا في تنظيم القاعدة إلى السلطات في السعودية. ساور الشك كلا من الولايات المتحدة والسعودية في تلك الخطوة»، ووفقا لأحد مسؤولي الاستخبارات العربية: «صرح عدد من عملاء (القاعدة) المقبوض عليهم أن الإيرانيين أخبروهم قبل مغادرتهم أنه قد يتم استدعاؤهم في مرحلة ما لمساعدة إيران».
وبعد غزو أميركا للعراق في عام 2003. بدأت إيران مرة أخرى في زيادة أعمالها العدائية. وعندما خرجت تقارير بأن عناصر من القاعدة يقيمون في إيران، على سبيل المثال ادعى مسؤولون إيرانيون أن الإرهابيين رهن الاعتقال. كان مسؤولو الولايات المتحدة والسعودية كثيرا ما يعارضون تلك التصريحات، معتقدين أن طهران تبالغ في الحديث عن الإجراءات التي تتخذها ضد هؤلاء العملاء الخطرين.
وتابع مسؤول الاستخبارات والتحليل في وزارة الخزانة الأميركية السابق: «توضح إعلانات وزارة الخزانة الأميركية الأخيرة مدى تشكك الولايات المتحدة في التصريحات الإيرانية. ووصفت وزارة الخزانة في إعلانها لاسمي عضوين في تنظيم القاعدة هما مصطفى حميد وعلي صلاح حسين نشاطهم المستمر في إيران. كان حميد الوسيط الرئيسي بين القاعدة والحكومة الإيرانية.
ووفقا لوزارة الخزانة، كان حميد أثناء إقامته في إيران «في استضافة الحرس الثوري الذي يعد نقطة اتصال بين القاعدة وإيران». وترجع صلات حميد بإيران إلى التسعينات، عندما تفاوض، كما ورد في التقارير، على إقامة صلة سرية بين أسامة بن لادن وطهران، مما سمح لكثير من أفراد القاعدة بالسفر بأمان عبر إيران إلى أفغانستان. أما علي صالح حسين فكان «مسؤولا عن تهريب أعضاء القاعدة وشركائها عبر شبكات في مدينة زاهدان بإيران». وفقا لما صرح به مايكل ماكونيل مدير الاستخبارات القومية المنتهية ولايته.
يقول ليفيت «ويوجد دليل أيضا على أن إيران ربما لا تزال تسمح لعملاء القاعدة بالسفر عبر أراضيها للوصول إلى أفغانستان. حيث سافر عادل محمد محمود عبد الخالق عضو تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا، والذي صنفته وزارة الخزانة كإرهابي في يونيو (حزيران) عام 2008 بسبب تقديمه دعما ماليا وماديا ولوجيستيا لأعمال إرهابية، إلى إيران خمس مرات بين عامي 2004 و2007 نيابة عن التنظيمين الإرهابيين».
وكشفت الحكومة البحرينية عن أنشطة مشابهة أثناء تلك الفترة. ووفقا لمحققيها، سافر كثير من أعضاء خلية متصلة بالقاعدة من البحرين إلى أفغانستان عن طريق إيران. سافر هؤلاء الأفراد أولا إلى طهران واجتمعوا مع آخرين منتمين إلى القاعدة في مطار طهران. وعبر أعضاء القاعدة بأعضاء الخلية من «شخص لشخص» حتى وصلوا إلى معسكرات تدريب في أفغانستان. وفي يناير (كانون الثاني) عام 2008، تمت إدانة خمسة أعضاء في الخلية بارتكاب أعمال إرهابية، من بينها تلقي تدريب على استخدام متفجرات وأسلحة والتورط في أعمال إرهاب في الخارج، وتمويل الإرهاب. واعترف أحد هؤلاء الأفراد بأنه سافر إلى أفغانستان للاشتراك في القتال ضد قوات التحالف. وفي حين لم تعرف الحكومة البحرينية ما هو الدور الذي أدته الحكومة الإيرانية، إن وجد، لتسهيل سفر هؤلاء الأفراد إلى أفغانستان، تثير تلك القضية، كغيرها، تساؤلات حول عمليات التسهيل التي من المحتمل أن تنفذها الحكومة الإيرانية.
وقال المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ السابق كينيث تيمرمان «في شهادته» التي قدمها إلى المحكمة في 10 مايو (أيار) 2010، إنه في عام 1993، شارك الممثل الرسمي للجمهورية الإسلامية - رئيس هيئة الأركان في الحرس الثوري آنذاك - الجنرال محمد باقر ذو القدر في الاجتماع التاريخي بالخرطوم مع حسن الترابي وعماد مغنية وأسامة بن لادن، وهو الاجتماع الذي وضع الأساس للتعاون المكثف بين إيران والقاعدة بما يشمل التدريب، والاستخبارات والأمن وتسهيل السفر وتوفير الملجأ الآمن وهو ما أسفر في النهاية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر- أيلول. ومباشرة بعد اجتماع الخرطوم 1993، بدأ أسامة بن لادن إرسال عملاء إرهابيين إلى معسكرات تدريب حزب الله التي يديرها مغنية في لبنان وإلى إيران لكي يتدربوا على أيدي قوات الحرس الثوري.
ويضيف تيمرمان المحرر في وكالة «نيوزماكس» والرئيس الحالي لمؤسسة الديمقراطية في إيران، في عام 1992، تم إخبار أعضاء تنظيم القاعدة أن التنظيم يجب أن «يتجاوز عن خلافاته مع التنظيمات الإرهابية الشيعية بما في ذلك حكومة إيران»، لكي يتمكنوا من التعاون معا «ضد العدو المشترك المتمثل في الولايات المتحدة وحلفائها» وذلك وفقا لما قاله جمال أحمد أبو الفضل لمكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي. كان أبو الفضل أحد الرجال الذين يحصلون على ثقة أسامة بن لادن خلال الفترة التي أقامها بن لادن في السودان ثم انشق وفر إلى الولايات المتحدة في صيف 1999.
كما أدلى أبو الفضل بشهادات مشابهة أمام لجنة الحادي عشر من سبتمبر، قدم أبو الفضل شهادة مكثفة وحية أمام محكمة المقاطعة الأميركية للمقاطعة الجنوبية من نيويورك أثناء محاكمة 2001 للمتهمين بتفجيرات السفارة الأميركية في شرق أفريقيا. ويذكر أن مكتب التحقيقات الأميركية جند أبو الفضل كمصدر سري في عام 1996. وفي تلك الشهادة، قال أبو الفضل إن أسامة بن لادن أرسل إرهابيين إلى معسكرات حزب الله في لبنان التي كان يديرها مغنية والحرس الثوري، حيث تعلموا هناك «كيف يمكنهم تفجير المباني الكبيرة». وكان من بينهم سيف العدل، وهو من كبار قادة تنظيم القاعدة أثناء فترة هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
يقول تيمرمان: «سافرت في سبتمبر 2004. إلى إحدى العواصم الأوروبية مع محامي المدعين لاستجواب كولونيل سابق بالحرس الثوري أطلقت عليه (الكولونيل ب) والذي قدم لنا الكثير من الوثائق التي حصل عليها خلال فترة عمله التي امتدت لنحو 20 عاما مع الحرس الثوري. ومن بين الوثائق التي قدمها لنا (الكولونيل ب) وثيقة تشير إلى أن الكولونيل كان خلال الفترة 1999 - 2000 يدير معسكر الشهيد محمد بيغلو وهو معسكر تدريب بساحل الروح التي تبعد نحو 40 كيلومترا من الرشت على مقربة من ميناء أنزالي على بحر قزوين».
ويعتبر محمد بيغلو من أساطير التدريب العسكري في الحرس الثوري مثلما يصفه إعلام الحرس الثوري وبحسب المصادر الإيرانية درب بيغلو 26000 من ضباط الحرس الثوري والباسيج علي حرب الشوارع وحرب العصابات خلال السنوات الأولی من حرب الخليج في الثمانينات وكانت قيادة مركز المهدي التدريبي في تشالوس قرب رشت آخر منصبه قبل مقتله في 15 يوليو (تموز) 1982 في معارك الشلامجة (شط العرب).
وكان بيغلو من أقرب المرافقين لمصطفي تشمران أحد أبرز الإيرانيين الذين ساهموا في تأسيس حركة أمل اللبنانية. وتخصص معسكر تدريب الشهيد بيغلو في تدريب الكثير من الجماعات الإرهابية المرتبطة على نحو أو آخر بتنظيم القاعدة.
ويضيف تيمرمان: «أخبرنا (الكولونيل ب) أن السوريين واللبنانيين والأذريين والليبيين والعراقيين العرب والأكراد العراقيين كانوا يأتون للمعسكر للحصول على دورات تدريبية تمتد لستين يوما. وكان جميعهم من المسلمين السنة. ورغم أن المتدربين من كافة المجموعات كانوا يأتون للحصول على تدريب يستمر لستين يوما، فإنهم نادرا ما كانوا يختلطون. وأضاف الكولونيل بأن الحرس الثوري كان يدير معسكرا منفصلا للسعوديين نظرا لاختلاف عاداتهم الثقافية عن أقرانهم. وكان ذلك المعسكر المنفصل يقع في منطقة في كردستان العراق خاضعة للهيمنة الإيرانية وتديرها الاستخبارات الإيرانية ثم لاحقا كان يديرها أبو مصعب الزرقاوي. وكان هناك معسكر آخر يديره عماد مغنية للمجندين المميزين الذين كان يستقطبهم مغنية أثناء رحلاته إلى أفغانستان وكان يقام في الصحراء شرق طهران».
يقول تيمرمان: «أعتقد كخبير في هذا الشأن أن هذه المعسكرات كانت استمرارا نشطا للعلاقات العسكرية- الإرهابية- التدريبية بين إيران وتنظيم القاعدة في السودان ولبنان التي بدأت في بداية التسعينات».
وتابع: «إذا أخذنا في الاعتبار هذه العلاقات الوثيقة، في هذا الوقت، بين مغنية وتنظيم القاعدة وتدريب عملاء تنظيم القاعدة بمعسكرات حزب الله في لبنان وإيران على يد مغنية والحرس الثوري، يصبح من الواضح أن مغنية كانت على الأقل أمامه فرصة سانحة والوسائل الملائمة لتدريب إرهابيي تنظيم القاعدة على كيفية تدمير مبان كبيرة باستخدام طائرات مخطوفة.
وكانت إيران وطالبان وتنظيم القاعدة قد قطعوا شوطا كبيرا لإقناع الجميع بالأسطورة الشائعة بأنهم شديدو العداوة نظرا لاختلافهم الديني. ولكن وفقا لرئيس جهاز الاستخبارات الباكستاني، الذي أجريت حوارا معه في 1998 في إسلام آباد، فإن الحكومة الإيرانية كانت أحيانا تهاجم قيادات السنة والمؤسسات في باكستان لكي تشعل العداء الطائفي. وبالمثل، اشتهر تنظيم القاعدة في العراق في أعقاب الغزو الأميركي للعراق نظرا للهجمات المتكررة التي كان يشنها على الأضرحة والشخصيات الشيعية. على أي حال، فإن كل ما تعلمته أثناء التحقيقات التي أجريتها خلال العشرين عاما الماضية يشير إلى أن هذه الأسطورة عن الخلافات السنية الشيعية هي أسطورة خاطئة عندما يتعلق الأمر بالعمليات الإرهابية وأن كلا من طالبان وتنظيم القاعدة كانا يتعاونان على نحو وثيق مع إيران منذ بداية التسعينات خاصة في مواجهة الولايات المتحدة.
ومن جهة أخرى، وصف عدد من السجناء بمعسكر غوانتانامو التسهيلات التي كانت تقدمها لهم إيران باعتبارهم أعضاء في تنظيم القاعدة. فقال عدد منهم إن إيران كانت تسهل لهم السفر بين أفغانستان وأوروبا من دون الحاجة إلى دخول باكستان التي كانوا يعتقدون أن الولايات المتحدة يمكنها رصدهم داخلها. من بينهم:
1 - المحتجز حمود عبد الله حمود حسن الوادي: سافر إلى أفغانستان من اليمن عبر إيران وسوريا في بداية 2001.
2 - المحتجز السعودي عبد العزيز عبد الله علي: سافر من دمشق بسوريا إلى طهران بإيران ثم إلى مشهد بإيران وتيبات بإيران ثم إلى قندهار بأفغانستان حيث التحق هناك بتنظيم القاعدة قرب نهاية 2000.
3 - المحتجز عبد الماجد محمد الذي خدم لثلاث أو أربع سنوات في الجيش الإيراني قبل أن يذهب إلى أفغانستان. كان قد حصل على خطاب من قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الإسلامي: «يسمح للمحتجزين بعبور الحدود من إيران إلى أفغانستان» كناقلي مخدرات.
4 - المحتجز برزاي قاري حسن أولا، نائب رئيس استخبارات طالبان «من المرجح أنه تم تجنيده على يد الحرس الثوري الإيراني أو وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية وتم تدريبه وإعادته إلى أفغانستان كجامع للمعلومات أو لأغراض عملياتية».
وحصل المدعون العسكريون العاملون في جلسات استماع المحتجزين على شهادة ثانية من كينيث تيمرمان. وبالاطلاع على ملفات الاستخبارات الأميركية المتعلقة بالمحتجزين التي تضمنت معلومات بالإضافة إلى ما تم الحصول عليه عبر الاستجواب المباشر، توصل المدعون إلى هذه الملاحظة المهمة: «كانت الاتصالات مع تنظيم القاعدة تدار عبر وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية، كما كان جميع قادة الاستخبارات الإيرانية لديهم اتصالات مع تنظيم القاعدة في أواسط التسعينات».
ومن بين القضايا الأخرى المهمة كانت قضية طارق الشرابي، وهو التونسي الذي تم اعتقاله في إيطاليا باعتباره عضوا في تنظيم القاعدة في أبريل (نيسان) 2001. وتفيد التقارير بأن الشرابي كان قلقا عندما أخبره أحد الأشخاص المخولين بتسهيل السفر لتنظيم القاعدة بأن يستخدم «مهرب الجرذان» عبر إيران. ولكن هذا الشخص طمأنه وأكد له أن تنظيم القاعدة «يتعاون مع الإيرانيين» وأن لديهم تنظيما في إيران «مسؤولا عن مساعدة المجاهدين على عبور الحدود». وأضاف الشخص المسؤول أن تنظيم القاعدة استبدل باكستان كنقطة انتقالية نظرا لأنها كان بها «خلال الأعوام الماضية الكثير من العملاء السريين».
وطلب من الشرابي أن يذهب إلى السفارة الإيرانية في لندن للحصول على تأشيرة «نظرا لسهولة الإجراءات ثم سيتم ترتيب كل شيء أثناء الطريق إلى معسكرات التدريب». وكانت الشرطة الإيطالية قد سجلت الحوارات التي جرت بينهما في 10 مارس (آذار) 2001 وقدمتها أمام محكمة ميلانو التي كان يحاكم بها الشرابي وثلاثة تونسيين آخرين كانوا متهمين وقتذاك بتقديم مساعدات لوجستية لتنظيم القاعدة في أوروبا في فبراير (شباط) 2002.
ومن جهة أخرى، التقى رمزي بن الشيبة الذي وصفه تقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر بـ«المنسق» لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، مرارا وتكرارا بمحمد عطا مختطف الطائرة في الكثير من المدن الأوروبية في بداية 2001 ثم سافر إلى أفغانستان لتقديم تقرير متابعة من فريق العمليات إلى أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري. وفي الطريق، توقف بن الشيبة في إيران. جدير بالذكر أن تقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر لم يشر إلى زيارات بن الشيبة إلى إيران رغم أنه أشار إلى تقارير استخباراتية تفيد بأنشطة بن الشيبة في ألمانيا قدمتها الاستخبارات الألمانية إلى اللجنة.
في سبتمبر 2004 قدم المدعى العام، وولتر همبرغر أحد التقارير الاستخباراتية التي تشير إلى أن بن الشيبة قد سافر إلى إيران بجواز سفره بعدما حصل على تأشيرة من السفارة الإيرانية في برلين. كما قدم المدعون الفيدراليون الألمان أيضا إلينا نسخة موثقة من مذكرة صادرة عن الاستخبارات الألمانية تم إرسالها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 توثق سفر بن الشيبة إلى إيران في يناير (كانون الثاني)، وفبراير (شباط) 2001.
وتشير مذكرة الاستخبارات الألمانية إلى أن بن الشيبة حصل على تأشيرة من السفارة الإيرانية في برلين ثم سافر إلى أمستردام في 27 - 28 يناير 2001. ثم سافر بالطائرة إلى إيران في 31 يناير 2001.
يقول تيمرمان في شهادته المطولة: «ورغم أن الاستخبارات الألمانية ليست لديها معلومات حول المدة التي بقاها بن الشيبة في إيران، تمكن الألمان بعد ذلك من رصد تحركاته في 28 فبراير 2001 عندما عاد بن الشيبة إلى هامبرغ لإخلاء الشقة التي استخدمها الطيارون في هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. وأعتقد أن بن الشيبة لم يسافر إلى إيران كسائح وأن الحكومة الإيرانية كانت تعلم أن بن الشيبة يلعب دورا محوريا في عملية إرهابية قيد التحضير ولذلك قدمت له يد العون».
في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، استخدمت قوات الأمن الإيرانية «خط الجرذان» الذي كانوا قد أسسوه في وقت سابق (لمساعدة عملاء القاعدة على الوصول إلى أوروبا) لإخلاء مقاتلي القاعدة وعائلاتهم من أفغانستان قبل الهجمات التي شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على نظام طالبان. وكان من بين أهم قيادات تنظيم القاعدة الذين مروا عبر «خط الجرذان» أسامة بن لادن، وسيف العدل، وأبو مصعب الزرقاوي.
وفي الأسابيع التالية على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تدفق المئات من صفوف مقاتلي تنظيم القاعدة عبر الحدود إلى إيران مع عائلاتهم في مواكب من السيارات رباعية الدفع. وتم نقل معظمهم إلى منازل آمنة في شمال طهران. وكان معظمهم يحظى بحماية النظام الإيراني وذلك وفقا لشهادة كينيث تيمرمان «شهادة الخبراء، صفحة 46». وكانت عملية الإخلاء تتم تحت إشراف رئيس استخبارات الحرس الثوري مرتضى رضائي.
أضاف تيمرمان في شهادته: «وقد علمت بشأن عملية الإخلاء الإيرانية لتنظيم القاعدة من أفغانستان من عدد من المصادر بما في ذلك (الكولونيل ب)، والذي كان زملاؤه مشتركون في عملية الإخلاء، و«بهرام» المنظمة التي كانت مسؤولة عن توفير منازل آمنة خارج طهران تم إيواء نحو 800 مقاتل وعائلاتهم بها، بالإضافة إلى مسؤولين بالحكومة الأميركية والذين أخبروني أنهم كانوا يعلمون أن إيران تستخدم «المروحيات والطائرات ذات الأجنحة الثابتة» بالإضافة إلى مواكب من العربات رباعية الدفع لنقل عملاء القاعدة إلى مدينة مشهد الإيرانية وغيرها في أكتوبر (تشرين الأول) 2001.
وبعدما كانت إيران تنفي لمدة ثمانية عشر شهرا أن عملاء «القاعدة» كانوا موجودين بها، أخبر وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي، الصحافيين في 16 فبراير 2003 بأن السلطات «اعتقلت» أو «رحلت» أكثر من عضو بتنظيم القاعدة.
وتابغ تيمرمان: «ولكن المصادر المذكورة من قبل أخبرتني بأن السلطات الإيرانية في ذلك الوقت لم تعتقل أيا من كبار عملاء تنظيم القاعدة أو أفراد أسرهم. ولكنها بدلا من ذلك نقلتهم من المنازل الآمنة التي تم «تفجيرها» إلى منازل أكثر أمنا تديرها استخبارات الحرس الثوري ومعروفة لمحللي الاستخبارات الأميركية الذين تحدثت معهم باعتبارها مخزنا سابقا للجيش خارج كارج بشمال طهران».
وقال: «بالإضافة إلى أنني لم أر أبدأ أي تقارير تفيد بـ«ترحيل» أعضاء لتنظيم القاعدة من إيران إلى أي بلد آخر. وإذا كان قد حدث، كان لا بد أن يتم تسريب معلومات عنه. وبالتالي، لا توجد معلومات في هذا الصدد؛ حيث إنني بحكم مهنتي أراقب باستمرار التقارير التي تصدر عن معظم مصادر المعلومات التي تبحث في مثل هذه الأمور.
وأكد الخبير الأميركي البارز تيمرمان الذي يكتب بانتظام حول انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، في شهادته «بناء على المعلومات السابقة، أعتقد أن كبار عملاء القاعدة بما في ذلك كبار المخططين العسكريين، سعوا وحصلوا على ملجأ في إيران في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر وأنهم استخدموا إيران كقاعدة للمزيد من الهجمات الإرهابية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر بمعرفة وموافقة ومساعدة كبار قيادات الحكومة الإيرانية. ومن جهة أخرى، تلقيت الكثير من التقارير المتشابكة منذ 2005 بشأن وجود أسامة بن لادن نفسه في إيران في أوقات مختلفة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقد حصلت على هذه المعلومات من المصادر الثلاثة المنفصلة وغير المتصلة بعضها ببعض. وفي مارس 2008، سافر آلان باروت، المدير التنفيذي لمنظمة «اتحاد الحفاظ على الطيور الجارحة» وهي منظمة غير ربحية إلى طاجيكستان وأفغانستان مع طاقم تصوير للالتقاء بأحد المهربين الذي زعم أنه يلتقي دائما بأسامة بن لادن خلال موسم صيد الصقور في السهوب الشاسعة بشمال شرقي إيران. وقمت شخصيا بمراجعة اللقاء الذي تم تصويره مع المهرب والذي استغرق 55 دقيقة. كما قدم لي باروت تسجيلات صوتية وملاحظات على الحوار وغيرها من المواد لتأكيد ما يعتقده بشأن ذهاب أسامة بن لادن في رحلات صيد متكررة إلى إيران منذ نوفمبر 2004 بموافقة ومساعدة الحكومة الإيرانية التي كانت تغلق المنطقة بكاملها أمام الأجانب حتى الأثرياء العرب عندما يأتي أسامة بن لادن للصيد. ورغم أنني لم أتمكن شخصيا من التحقق من (وجود) أسامة بن لادن في إيران، فإن ذلك يبدو منطقيا في إطار التعاون الإيراني المستمر مع قيادات تنظيم القاعدة والذي بدأ في 1991 - 1992 في السودان».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.