العاصفة تكبر

العاصفة تكبر
TT

العاصفة تكبر

العاصفة تكبر

* يتفاعل الموضوع الذي أشرنا إليه في الأسبوع الماضي في هذه الزاوية على نحو يُشير إلى انقسام بيّنٍ بين مؤيدين ومعارضين.
* لمن فاته الموضوع فإن الحاصل هو التالي: أقدم بعض رجال الأعمال مؤخرًا على تأسيس شركة أسمها Screening Room عرضت على استوديوهات هوليوود وكبار منتجيها أن تقوم بعرض الأفلام الجديدة مباشرة إلى المنازل ومن دون انتظار انتهاء عروضها على شاشات صالات السينما كما هي العادة إلى اليوم. هذا المشروع، وكما أشرت في العمود ذاته، يشبه مشروعًا فاشلاً تم طرحه قبل عدة سنوات ينص على الآلية ذاتها: عرض الأفلام مباشرة على الجمهور في منازله لقاء مبلغ يدفعه في كل مرّة. لكن آنذاك وقفت صالات السينما، ممثلة بجمعيتها النافدة، ضد هذا المشروع كونه سيسحب الجمهور بعيدًا عنها وسيؤدي إلى إغلاق أبوابها.
* يومها تراجع أصحاب المشروع بانتظار لحظة مناسبة وهي اللحظة التي تبلورت في الأسبوع الماضي. لكن مع اختلاف: عوض عرض الأفلام الجديدة من دون الالتفات إلى عروضها التجارية المعتادة، قدمت شركة «سكرين روم» مشروعًا يعرض أن تأتي عروضها المنزلية في اليوم ذاته لعروض الأفلام في صالات السينما. بذلك، تتوخى الشركة ومستثمروها، تبقى صالات السينما بمنأى عن الضرر، كما يتوقعون.
* خلال الأسبوع الماضي وقعت عدة ردود فعل على هذا المشروع. وقف رون هوارد وستيفن سبيلبرغ وج ج أبرامز ومارتن سكورسيزي وبيتر جاكسون مع المشروع مرحبين. يوم أول من أمس الأربعاء أعلن المخرج جيمس كاميرون وشريكه جون لانداو معارضتهما للمشروع. ويوم أمس الخميس انضم المخرج كريستوفر نولان إلى المعارضين. كذلك أصدرت «الجمعية الوطنية لأصحاب الصالات» قرارًا بأن أي ترتيب يتعلق بعروض الأفلام عليه أن يمر من قناة اتصال الاستوديوهات والجمعية وليس عن طريق طرف ثالث (أي «سكرين روم»). هذا القرار يُنظر إليه في هوليوود كتمهيد لرفض المشروع.
* الحاصل إذن هو التالي: انقسام بعض أهم صانعي الأفلام في هوليوود بين مؤيد ومعارض. ما يعني أن فيلمي «أفاتار 2» لجيمس كاميرون و«الحصاد الأسود» لكريستوفر نولان المقبلين لن يعرضا على شاشات البيوت إذا ما تم إطلاق المشروع فعلاً ما سيؤدي إلى زعزعة الثقة بالشركة المعنية.
* كل من هذين المخرجين ذكر أن الفيلم خُلق ليعرض على الشاشة الكبيرة ولا غنى عن ذلك. المؤيدون في المقابل يبدون أقرب إلى رجال الأعمال منهم إلى مخرجي السينما خصوصًا بعدما تبين أن سكورسيزي وسبيلبرغ على الأقل سارعا بشراء حصص في «سكرينينغ روم».



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.