أعداد قتلى الحرب السورية مذهلة.. ولا أحد يصدق الأرقام المعلنة

جهات متعددة بينها الأمم المتحدة ترصد أرقامًا تظل في أفضل الأحوال مجرد تخمينات

أعداد قتلى الحرب السورية مذهلة.. ولا أحد يصدق الأرقام المعلنة
TT

أعداد قتلى الحرب السورية مذهلة.. ولا أحد يصدق الأرقام المعلنة

أعداد قتلى الحرب السورية مذهلة.. ولا أحد يصدق الأرقام المعلنة

تحل هذه الأيام الذكرى الخامسة لبداية الحرب السورية التي اندلعت ثورة سلمية ثم تحولت تدريجيا لإراقة الدماء. وكشأن أي ذكرى، سيكون هناك حصر لكل ما جرى، في محاولة لمراجعة حقيقة ما حدث على مدار نصف عقد من الصراع والفوضى.
قد يشكل هذا السرد خبرة مؤلمة لأن جزءا من المعلومات قد فُقد، فبعد مرور خمس سنوات من الحرب الأهلية السورية أصبح العدد الدقيق لقتلى الصراع غير معروف، وفي أفضل الأحوال يظل كل ما لدينا مجرد تخمينات. ربما أكثر تلك التقديرات انتشارا هي تلك التي تأتي من الأمم المتحدة التي أعلنت الصيف الماضي أن العدد تجاوز 250 ألف قتيل نتيجة للحرب. بيد أن القصة الملتفة لتخمينات الأمم المتحدة تشير إلى مدى صعوبة إحصاء عدد القتلى. مبدئيا، اعتادت الأمم المتحدة عمل تقديرات شبه منتظمة عن أعداد القتلى في سوريا استمرت حتى يوليو (تموز) 2013 ثم توقفت على نحو مفاجئ.
ومع بداية عام 2014، أبلغ روبرت كولفيل، المتحدث باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين الذي كان يتولى الإعلان عن أعداد القتلى، أن المنظمة لم تعد قادرة على عمل حصر دقيق عن عدد القتلى، وأنه بسبب الشكوك المثارة حول دقة المعلومات المعلنة، فلن تعلن الأمم المتحدة أرقاما جديدة. غير أنه في أغسطس (آب) 2013، غيرت الأمم المتحدة قرارها بإعلانها عن تقديرات جديدة بلغت 191 ألف قتيل حتى الآن، وهي التقديرات التي وصفها كولفيل بالتقديرية وليست «حقيقة دامغة».
وفي ضوء القدرات المحدودة لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين على دخول سوريا، تعين عليها الاعتماد على طرف ثالث في سوريا يقوم بعمل حصر مستقل عن أعداد الوفيات في البلاد. ربما تعتبر تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يديره الناشط الحقوقي رامي عبد الرحمن من بيته في كوفنتري ببريطانيا، الأكثر انتشارا. وكان عبد الرحمن صرح بأنه يستعين بشبكة تضم مئات المتطوعين في سوريا للمساعدة على جمع المعلومات.
في نهاية فبراير (شباط) الماضي، قام المرصد السوري بتحديث بياناته ليرتفع العدد إلى 271 ألفا و138 قتيلا موثقا منذ اندلاع الحرب في سوريا، منهم 122 ألفا و998 مدنيا ليرتفع الإجمالي الموثق وغير الموثق لنحو 370 ألف قتيل.
ليس المرصد السوري لحقوق الإنسان وحده من يقوم بإحصاء عدد القتلى، حيث إن هناك مجموعة أخرى تسمى مركز توثيق الانتهاكات التي وثقت 131 ألفا و919 قتيلا حتى الآن، غير أن المركز اعترف بأن الرقم أقل من الواقع بسبب عدم قدرته على إحصاء عدد القتلى بين صفوف القوات الموالية للنظام السوري. كذلك هناك مجموعة أخرى تسمى المركز السوري للأبحاث السياسية أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن نحو 470 ألف سوري قتلوا في الحرب السورية.
التضارب في أعداد القتلى ليس مقتصرا على سوريا وحدها، غير أن الحرب السورية حدثت في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي التي زادت من قدرات المجموعات على توثيق عدد القتلى وتقدير دقة الأرقام المسجلة، كذلك عززت الأرقام المتباينة الصادرة عن تلك الجماعات مصداقية فكرة أن الأرقام المعلنة قد يكون وراءها دوافع سياسية، والأسوأ من هذا عدم توضيح تلك المجموعات طريقة جمعها للمعلومات والأرقام (فمثلا يرفض المرصد السوري لحقوق الإنسان الإفصاح عن طريقة عمله).
في بعض الأحيان تعتبر التفاصيل أهم من الصورة الكلية، فالأرقام الدقيقة لعدد القتلى في صفوف قوات بشار الأسد في معاركها مع الثوار غير واضحة. على سبيل المثال، تشير أغلب التقديرات إلى أن قوات الأسد مسؤولة عن أغلب تلك الوفيات، لكن عددا قليلا من المجموعات الموالية له تعلن أعداد ضحايا قواتها، هذا إن أعلنت من الأساس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».