المبعوث الفرنسي للسلام يصطدم برفض إسرائيل أي تدخلات في «المفاوضات الثنائية»

ترحيب فلسطيني بالأفكار الفرنسية حول العملية السياسية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله المبعوث الفرنسي بيير فيمونت في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله المبعوث الفرنسي بيير فيمونت في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

المبعوث الفرنسي للسلام يصطدم برفض إسرائيل أي تدخلات في «المفاوضات الثنائية»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله المبعوث الفرنسي بيير فيمونت في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله المبعوث الفرنسي بيير فيمونت في رام الله أمس (أ.ف.ب)

أنهى المبعوث الفرنسي لعملية السلام، بيير فيمونت، يومين من المباحثات في تل أبيب ورام الله، من دون تحقيق اختراق حقيقي، بعدما اصطدم برفض الإسرائيليين أي تدخل على خط المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين، في رفض ضمني، للأفكار الفرنسية التي رحب بها الفلسطينيون، وقالوا إنها لم تتحول إلى مبادرة بعد.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إنه يؤيد الأفكار الفرنسية لعقد مؤتمر دولي خاص بالعملية السياسية، وتشكيل مجموعة دعم دولية لرعاية مفاوضات سياسية مع إسرائيل، مؤكدا استعداد الجانب الفلسطيني للتعاون الكامل مع الجانب الفرنسي في هذا الخصوص، وفق مبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، وجدول زمني محدد لإنهاء الاحتلال.
وعقد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، مؤتمرا صحافيا بعد لقائه فيمونت، قال فيه، إنه لا توجد مبادرة فرنسية حتى الآن، وإنما أفكار، مشيرا إلى أن اللقاء مع المبعوث الفرنسي يأتي ضمن المرحلة الأولى للنقاش مع الفرنسيين، وإنه أطلعه على الاستعداد الفلسطيني التام للتعامل مع الأفكار الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام.
وأضاف عريقات، «نحن شعب يدفع بدم أبنائه وبناته معدل 3 شهداء يوميا، ونحن شعب يرى يوميا تدمير خيار الدولتين من الحكومة الإسرائيلية، ممثلة بالإملاءات والاغتيالات والإعدامات الميدانية والحصار والإغلاق، وفرض الحقائق على وتابع عريقات: «نحن مستعدون للعمل مع فرنسا والمجتمع الدولي لإنجاح فكرة عقد المؤتمر الدولي للسلام، ضمن المرجعيات المحددة بالقانون الدولي، وبالقرارات الشرعية ذات العلاقة، وصولا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67».
وأوضح عريقات، أن الموقف الفلسطيني يريد لعملية السلام أن تكون بمرجعيات محددة، وبسقف زمني، في إطار يضمن مراقبة ومتابعة تنفيذية لما اتفق عليه. وأكد أنه لا توجد مفاوضات في الوقت الحالي، وأن هناك اتصالات في الجانب الأمني. لافتا إلى أن الفكرة الفرنسية حصلت على دعم دولي من روسيا والصين واليابان والدول العربية، خلال مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي.
لكن الحماس الفلسطيني للمحاولات الفرنسية، قوبل بفتور إسرائيلي يشبه، إلى حد كبير، رفض المبادرة. وقالت إسرائيل، إنها تجد صعوبة في «فهم منطق» مبادرة السلام الفرنسية التي يؤيدها الفلسطينيون، بعد أن اجتمع مسؤولون من وزارة الخارجية الإسرائيلية مع المبعوث الفرنسي.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، إنها «قدمت أسئلة لفهم منطق المبادرة» أثناء اجتماع بين المبعوث الفرنسي بيير فيموند، وهو سفير فرنسي سابق لدى الولايات المتحدة، وبين دوري غولد المدير العام لوزارة الخارجية. وأضافت في بيان، «أكد الجانب الإسرائيلي أهمية المفاوضات الثنائية المباشرة من دون شروط مسبقة بين الطرفين ومسؤولية (السلطة الفلسطينية) في محاربة الإرهاب والتحريض».
وجاءت المحاولات الفرنسية لدفع فكرة مؤتمر دولي، في وقت وصلت فيه المباحثات الأمنية الفلسطينية الإسرائيلية، التي أشار إليها عريقات، إلى طريق شبه مسدود، بعد رفض الفلسطينيين مقترحات إسرائيلية ببدء تطبيق طلبهم وقف الاجتياحات لمناطق السلطة بمدينتي رام الله وأريحا أولاً.
وقالت مصادر مسؤولة لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض الاقتراح الإسرائيلي، بنقل المسؤولية الأمنية عن رام الله وأريحا للفلسطينيين، على أن تنتقل، بعد ذلك، إلى مدن أخرى، باعتبار أن المسؤولية الأمنية هي فعليا للفلسطينيين على كل المدن الفلسطينية، وأن على إسرائيل تطبيق الاتفاق حول ذلك وليس إعادة التفاوض عليه.
وينص اتفاق أوسلو، على أن تسيطر السلطة الفلسطينية، مدنيا وعسكريا، على الأرض الواقعة ضمن المنطقة «أ»، وبدأ ذلك في أريحا وغزة، ومن ثم انتقل إلى مدن أخرى، على أن تبقى مناطق «ب» ضمن سيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية فلسطينية، ومناطق «ج» تحت سيطرة مدنية وأمنية إسرائيلية.
وأكد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال، غادي أيزنكوت، أمس، خلال تقرير قدمه إلى لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، أن الاتصالات مع الفلسطينيين كانت تهدف إلى تحسين الظروف الأمنية والمعيشية لكلا الجانبين. موضحا أن النية كانت تتجه نحو تطبيق هذه التفاهمات في مدينتي أريحا ورام الله أولا، ثم تطبيقها على مدن فلسطينية أخرى في الضفة الغربية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.