الإعلام الأميركي يجامل طهران ويتجاهل تحميلها مسؤولية الهجمات الإرهابية

مستشار رئاسي سابق: ينبغي أن يدرك الأميركيون أن النظام الإيراني لن يتغير

الإعلام الأميركي يجامل طهران ويتجاهل تحميلها مسؤولية الهجمات الإرهابية
TT

الإعلام الأميركي يجامل طهران ويتجاهل تحميلها مسؤولية الهجمات الإرهابية

الإعلام الأميركي يجامل طهران ويتجاهل تحميلها مسؤولية الهجمات الإرهابية

تجاهلت وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية قرار محكمة فدرالية في نيويورك الأسبوع الماضي تحميل إيران مسؤولية هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وتغريمها قرابة ثمانية مليارات دولار لتعويض عائلات الضحايا، فيما انقضّت على فرصة لوم السعودية وتحميلها مسؤولية الاعتداء الإرهابي رغم غياب أي دليل عن تورّطها. في المقابل، أوضحت سلسلة استطلاعات صحافية أن الشعب الأميركي يفضل السعوديين على الإيرانيين رغم مساعي الإعلام في تلميع صورة طهران.
واتهم مراقبون أميركيون أجهزة الإعلام الأميركية الرئيسية، مثل تلفزيون «سي إن إن»، برغبتها في «إبقاء الأميركيين في الظلام في ما يخص الصفقة الكارثية التي أبرمت مع إيران (الاتفاق النووي)، ومجاملة الرئيس أوباما لطهران». وبالإضافة إلى تجاهل الإعلام الأميركي لتغريم القضاء إيران على خلفية هجمات 11 سبتمبر، انتقد خبراء معهد واشنطن للشرق الأدنى تجاهل الإعلام الأميركي لمناورات إيران خلال مفاوضات الاتفاق النووي، وخروقاتها المتواصلة لبنوده، وتحديها للمجتمع الدولي.
بهذا الصدد، قال دنيس روس، مستشار عدد من الرؤساء السابقين في شؤون الشرق الأوسط، إن «النظام الإيراني لن يتغير»، وإن الشعب الأميركي يجب أن يعرف ذلك رغم «التغطية الإعلامية الإيجابية للاتفاق النووي». وأضاف روس: «يجب أن يفهم الأميركيون دور الحرس الثوري، ليس فقط في ما حدث مؤخرا (اعتقال بحارة الزوارق الأميركيين)، ولكن أيضا، خارج إيران، وفي العراق وسوريا خاصة».
من جهته، أصدر مركز «إكيوراسي إن ميديا» (الصحيح في الإعلام) الذي اهتم بمراقبة الإعلام الأميركي منذ تأسيسه في واشنطن عام 1979، تقريرا ينتقد موقف المؤسسات الإعلامية الأميركية تجاه طهران، وذكر: «بعد أن ظلت إيران تستهتر بقرارات الأمم المتحدة والرئيس أوباما الذي يحاول الدفاع عن شرف إيران وتبرير أخطائه نحوها، وجدت إيران صحافيين أميركيين يجاملونها». وأشار التقرير إلى تلفزيون «سي إن إن» تحديدا، وقال إنه «يواصل حجب الحقائق عن الشعب الأميركي». وقال: «تحرص أجهزة الإعلام الأميركي الكبرى، مثل (سي إن إن)، على أن يعيش الشعب الأميركي في الظلام حول هذه الصفقة الكارثة مع إيران».
في سياق متصل، أوضح استطلاع أجراه مركز «غالوب» في برنستون (ولاية نيوجيرسي) في شهر فبراير (شباط) الماضي أن ثمانين في المائة من الأميركيين ينظرون نظرة سلبية إلى الإيرانيين، وهو ما لا ينطبق على السعوديين. وأوضح تقرير مرافق لنتائج الاستطلاع أن أكثر من 50 في المائة من الإيرانيين يبادلون الأميركيين الشعور نفسه، وهي نسبة منخفضة عما كانت عليه في الأعوام السابقة، حيث كانت النظرة السلبية تصل إلى نسبة ثمانين في المائة.
ويؤثر عاملان على رضا الأميركيين عن شعوب أخرى، وهما الديمقراطية والتحالف مع الولايات المتحدة. ويقدر الأميركيون الشعوب التي تتحالف معهم، ويميلون إلى نبذ الشعوب التي تعارضهم، خاصة الشعوب التي يرونها خطرا عليهم. هذا بالإضافة إلى أن الأميركيين يفضلون شعوب الدول المستقرة، ويرون استقرارها امتدادا لاستقرارهم، أو ضمانا له، وفقا للتقرير.
ومنذ عام 2010، أجرت «غالوب» استطلاعات مماثلة عن رأي الأميركيين في الشعوب الأخرى، ووجدت نتائج مماثلة. حيث كانت السعودية ومصر في مقدمة الدول العربية التي ينظر إليها الأميركيون نظرة إيجابية، وظل التأييد للإيرانيين في أسفل القائمة، بين 9 و11 في المائة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.