«الثلاثاء الكبير 2».. اختبار حاسم لشعبية ترامب المترنّحة

بعد سلسلة اشتباكات بين الشرطة ومعارضين للمرشح الجمهوري

دونالد ترامب ينظر إلى متظاهرين ضده خلال فعالية انتخابية في مدينة كنساس أول من أمس (رويترز)
دونالد ترامب ينظر إلى متظاهرين ضده خلال فعالية انتخابية في مدينة كنساس أول من أمس (رويترز)
TT

«الثلاثاء الكبير 2».. اختبار حاسم لشعبية ترامب المترنّحة

دونالد ترامب ينظر إلى متظاهرين ضده خلال فعالية انتخابية في مدينة كنساس أول من أمس (رويترز)
دونالد ترامب ينظر إلى متظاهرين ضده خلال فعالية انتخابية في مدينة كنساس أول من أمس (رويترز)

يصوت ملايين الناخبين في خمس ولايات أميركية كبرى يوم غد الثلاثاء في إطار الانتخابات التمهيدية الديمقراطية والجمهورية في يوم حافل يأمل دونالد ترامب أن يحوله إلى استفتاء لصالحه، فيما يتعرض لهجمات من كل حدب وصوب بسبب خطاباته النارية.
فعندما بدأ الملياردير يطرح نفسه كعامل توحيد معتمدا لهجة «أكثر رئاسية» بحسب قوله، توترت الأوضاع في تجمعاته المستهدفة من قبل متظاهرين متسللين يقطعون بشكل ممنهج مداخلات المرشح الثري، ما أدّى أحيانا إلى اشتباكات بالأيدي من قبل أنصاره المتأثرين بخطبه التي ينادي فيها منذ أشهر لاستعمال القوة ويدعو حتى إلى «ضرب» المشوشين.
وقد سادت أجواء من التوتر مساء الجمعة أثناء اجتماع عام انتهى باندلاع مواجهات اتّسمت أحيانا بالعنف بين أنصار الديمقراطي برني ساندرز، وأنصار الجمهوري، وذلك بعد أن ألغى ترامب خطابه في اللحظة الأخيرة. كما وقعت اشتباكات في أوهايو دفعت الشرطة إلى التدخّل، فيما تم الإبقاء على تجمعاته الثلاثة أمس في أجواء أمنية مكثّفة.
وقد مني ترامب بخسارة مدوية أول من أمس في الانتخابات التمهيدية في العاصمة الأميركية واشنطن وولاية وايومنغ، ما يشير إلى احتدام المنافسة في السباق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية نهاية العام. وإن كان رجل الأعمال الثري متصدرا في استطلاعات الرأي على الصعيد الوطني ومن حيث عدد المندوبين الجمهوريين، إلا أن سيناتور فلوريدا ماركو روبيو ألحق به هزيمة سهلة في المجالس الناخبة الجمهورية في العاصمة الأميركية. وحصل روبيو على 37.3 في المائة من الأصوات، في مقابل 35.5 في المائة لحاكم أوهايو جون كاسيك، بحسب وسائل إعلام أميركية. وحل ترامب ثالثا بحصوله على 13.8 في المائة من الأصوات فقط. وفاز روبيو بعشرة مندوبين من أصل 19، فيما حصد كاسيك التسعة الآخرين، ولم يحصل ترامب على أي مندوب.
وتعتبر واشنطن ذات غالبية ديمقراطية، حيث فقط ستة في المائة من الناخبين مسجلين كجمهوريين. وفي ولاية وايومنغ في غرب البلاد، حقق تيد كروز انتصارا سهلا السبت على دونالد ترامب، الذي حل ثالثا خلف ماركو روبيو. وفاز كروز بتسعة مندوبين من أصل 12 لهذه الولاية الواقعة غرب الولايات المتحدة، بحصوله على نحو 66.3 في المائة من الأصوات، بحسب وسائل الإعلام الأميركية. وحصل روبيو على 19.5 في المائة من الأصوات، فيما لم يحظ ترامب إلا بـ7.5 في المائة.
وجاءت هذه النتائج بعدما واجه ترامب السبت سيلا من الانتقادات من خصومه الجمهوريين الذين أخذوا عليه خطابه الناري بعد صدامات شديدة وقعت بين أنصاره ومعارضيه، على هامش تجمع انتخابي ألغي في شيكاغو. لكن ترامب لا يزال متقدما بشكل مريح لجهة إجمالي عدد المندوبين في سباق المرشحين الجمهوريين التمهيدي للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وستعطي فلوريدا وكارولاينا الشمالية وميزوري وأوهايو وايلينوي الثلاثاء مندوبيها إلى مؤتمري الحزبين الديمقراطي والجمهوري لاختيار مرشحيهما لخوض السباق الرئاسي في يوليو (تموز) المقبل، فيما يأمل كل مرشح بالحصول على عدد أكبر من المندوبين لبلوغ الغالبية المطلقة المطلوبة (1237 لدى الجمهوريين، و2383 لدى الديمقراطيين)، استعدادا للانتخابات الرئاسية المرتقب أجراؤها في نوفمبر .
وتعتبر دورة الانتخابات التمهيدية التي تنظم غدا، فيما يعرف بـ«الثلاثاء الكبير 2» بعد «ثلاثاء كبير» أول في مارس (آذار) ، في غاية الأهمية لا سيما بالنسبة للجمهوريين لأن ثلاث ولايات (فلوريدا، وأوهايو، وإلينوي) ستمنح كامل مندوبيها إلى المرشح الذي يحتل الطليعة أيا كانت نتيجته.
ويلعب سيناتور فلوريدا، ماركو روبيو، كل أوراقه في ولايته، فقد أطلق حملة محمومة ويسعى إلى تحقيق مكاسب رغم استطلاعات الرأي السلبية.
ومن المتوقّع أن يتكرر السيناريو نفسه في أوهايو، حيث سيتقرر مصير حاكم الولاية جون كاسيك. وكما هو الأمر بالنسبة لماركو روبيو، فإن أي هزيمة في الولايتين ستدفع بالمرشح إلى الانسحاب.
وفي حين تعهد المرشحان بالاصطفاف خلف الفائز في الانتخابات التمهيدية، فإن رفض ترامب في تهدئة التوترات يؤثر على تصميمهما. وقال ماركو روبيو متعبا السبت إن الالتزام بالوعود «يزداد صعوبة يوما بعد يوم». من جهته يبدي سيناتور تكساس تيد كروز، المحافظ المتشدد المنتمي إلى حزب «تي بارتي» ومناصر اليمين الديني، صمودا أكبر أمام قطب العقارات ويعتقد أن بإمكانه أن يهزم ترامب في سباق ثنائي. إلا أن النخب والنظام السياسية يرفضان ترامب وكروز على حد سواء، رغم أن كروز يمثل السياسة المحافظة المتشددة الأكثر نقاء، فيما يعتمد ترامب موقفا شعبويا ليبراليا تارة ومحافظا تارة أخرى.
وفي حال فاز ترامب في انتخابات الثلاثاء، فإن ذلك لن يكفي ليبلغ حسابيا عتبة المندوبين المطلوبين. وهو يحظى حتى الآن بـ461 مندوبا، متقدما على كروز الذي كسب 362 مندوبا، وروبيو الحاصل على 154، وكاسيك الذي لا يحظى إلا بـ54، بحسب شبكة «سي إن إن».
أما في المعسكر الديمقراطي، فإن «الثلاثاء الكبير الثاني» يبدو أقل أهمية، حيث تتمتّع هيلاري كلينتون بأفضل موقع في السباق بحصولها على 772 مندوبا مقابل 551 لسيناتور فرمونت ساندرز. ويبقى نحو 500 «مندوب كبير»، وهم المسؤولون الديمقراطيون الذين سيصوتون في المؤتمر الحزبي الوطني وأعلنوا دعمهم لوزيرة الخارجية السابقة.
وفي الانتخابات الـ23 التي أجريت حتى اليوم، سجلت كلينتون 14 فوزا، لكن انتصاراتها تركزت في الجنوب حيث أبدى السود دعما ثابتا لها. لكن في أماكن أخرى، وتحديدا في سهول الوسط الغربي حيث المنطقة الصناعية للبحيرات الكبرى، انتزع الاشتراكي الديمقراطي انتصارات بفضل تصويت الشباب والبيض عموما. فخطابه المدافع عن الحمائية لقي صدى واسعا في متشيغان، مركز صناعة السيارات.
أما كلينتون فقد اعتمدت السبت في يونغزتاون في ولاية أوهايو خطا أكثر تشددا ضد الشراكة الجديدة عبر المحيط الهادئ، التي وقعها باراك أوباما مؤخرا. وتؤمن المرشحة الديمقراطية بقوتها، وقالت إن قاعدة ساندرز الانتخابية «ضيقة».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.