حزب الله «إرهابي» بقرار وزاري عربي

وزراء الخارجية استنكروا التدخلات الإيرانية.. وتحفظ لبناني وعراقي متوقع

جانب من اجتماعات المجلس الوزاري للجامعة العربية في القاهرة (أ.ف.ب)
جانب من اجتماعات المجلس الوزاري للجامعة العربية في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

حزب الله «إرهابي» بقرار وزاري عربي

جانب من اجتماعات المجلس الوزاري للجامعة العربية في القاهرة (أ.ف.ب)
جانب من اجتماعات المجلس الوزاري للجامعة العربية في القاهرة (أ.ف.ب)

قرر مجلس وزراء الخارجية العرب أمس اعتبار «حزب الله» «منظمة إرهابية»، بعد أسبوع من تأييد وزراء الداخلية العرب لقرار مماثل صدر عن مجلس التعاون الخليجي. وجاء القرار العربي مصحوبا بتحفظ عراقي لبناني متوقع، وملاحظة جزائرية، فيما شهدت جلسة الوزاري العربي انسحاب وفد السعودية اعتراضا على كلمة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري.
واستنكر البيان العربي الصادر في ختام أعمال الدورة الـ145 لوزراء الخارجية بمقر الجامعة العربية في القاهرة، التدخلات الإيرانية المستمرة في الشأن الداخلي للبحرين، وذلك من خلال «مساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية ومواصلة التصريحات على مختلف المستويات لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار وتأسيسها لجماعات إرهابية بالمملكة ممولة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي».
وأكد مجلس الجامعة، خلال بيانه أن التدخلات الإيرانية «تتنافى مع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي».
وأشاد البيان بجهود الأجهزة الأمنية في البحرين، التي تمكنت من إحباط مخطط إرهابي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وإلقاء القبض على أعضاء التنظيم الإرهابي الموكل إليه تنفيذ هذا المخطط والمدعوم من قبل ما يسمى بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي، الذي كان يستهدف تنفيذ سلسلة من الأعمال الإرهابية في ربوع البحرين.
وفي صفعة خليجية لـ«موقف النأي بالنفس» التي اعتادت لبنان إشهاره في وجه الإجماع العربي علمت «الشرق الأوسط» أن دول الخليج الست، وهي السعودية - الكويت - قطر - البحرين - الإمارات، تحفظت على بند التضامن مع لبنان، وهو بند دائم في قرارات الجامعة.
كما انسحب الوفد السعودي برئاسة سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة، مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية أحمد بن عبد العزيز قطان، خلال كلمة وزير الخارجية العراقي دكتور إبراهيم الجعفري، اعتراضا على رفض العراق اعتبار «حزب الله» اللبناني، تنظيما إرهابيا، وفي مسعى على ما يبدو للتخفيف من حدة التوتر قال الجعفري إن انسحاب الوفد السعودي «لن يؤثر على مجمل العلاقات السعودية العراقية».
وكان مجلس وزراء الداخلية العرب الذي عقد في تونس مؤخرا قد وصف «حزب الله» بـ«الإرهابي» في البيان الختامي للدورة الثالثة والثلاثين، بعد ساعات من إعلان دول مجلس التعاون الخليجي تصنيف «حزب الله» «منظمة إرهابية»، بسبب ما اعتبرته دول الخليج «استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر تلك الميلشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف».
وخلال اجتماع الدورة الـ145 لمجلس الجامعة العربية على مستوى انسحب الوفد السعودي أثناء إلقاء الجعفري لكلمته، وعقب الانتهاء منها عاد السفير قطان إلى مقعد بلاده بالقاعة الكبرى بمقر الأمانة العام للجامعة العربية لاستكمال مناقشات جدول أعمال الدورة.
وخلال تعليقه على انسحاب الوفد السعودي قال وزير الخارجية العراقي إن هذا الموقف لن يؤثر على مجمل العلاقات السعودية العراقية، لافتا إلى أن تباين المواقف أمر طبيعي، مشددا على أنه «يجب ألا يؤدي (هذا التباين) إلى الإضرار العلاقات الثنائية بين الأطراف العربية».
وقال الجعفري إن بلاده تتوقع «أن يكون هناك تباينات في وجهات النظر، وما قلته في كلمتي لا يخرج عن كونه وصفا لحزب الله بأنه حركة مقاومة ورفض المساس به إلى جانب رفض المساس بالحشد الشعبي وسائر حركات المقاومة»، مضيفا أنه «من حق أي دولة أن تعبر عن موقفها تجاه أي قضية».
وجاء القرار الوزاري العربي في أعقاب اجتماعات اللجنة الوزارية العربية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية. وقالت اللجنة في بيان لها أمس إنها ناقشت تطورات الأزمة مع إيران واستعرضت التقرير الذي أعدته الأمانة العامة للجامعة في هذا الشأن، كما اطلعت على المذكرات الواردة إلى الأمانة العام من الدول العربية بشأن التدخلات الإيرانية المرصودة في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما اطلعت اللجنة على تقرير موجز يرصد أبرز تصريحات المسؤولين الإيرانيين السلبية إزاء الدول العربية.
ورفعت اللجنة رؤيتها في هذا الشأن إلى مجلس الجامعة على المستوى الوزاري وصدر القرار عن مجلس الجامعة العربية مع تحفظ العراق ولبنان، وإبداء الجزائر ملاحظة عليه، حيث أشار التحفظ العراقي إلى إدانة التدخلات في الشأن الداخلي لبعض الدول العربية، بالإضافة إلى تحفظه على ذكر «حزب الله» كـ«منظمة إرهابية»، وجاء التحفظ اللبناني بصيغة أكثر توسعا، حيث رفض وصف «حزب الله» بـ«منظمة إرهابية»، باعتباره يمثل مكونا أساسيا في لبنان.
ودعا مجلس جامعة الدول العربية الدول الأعضاء إلى تقديم رؤيتها ومقترحاتها حول وضع استراتيجية عربية شاملة لمواجهة الإرهاب وتزويد الأمانة العامة بتقرير شامل يتضمن كافة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها لمقاومة الإرهاب بما في ذلك التشريعات والقوانين التي أصدرتها بهذا الشأن وذلك في موعد غايته مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل.
وطلب المجلس من الأمانة العامة للجامعة العربية متابعة تنسيقها مع المؤسسات العربية المعنية بمكافحة الإرهاب ومواصلة تعاونها مع المنظمات الإقليمية والدولية من أجل تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والاستفادة من الإمكانات التي يوفرها مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي أنشئ بموجب مبادرة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آلِ سعود ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في فيينا والمركز الدولي للتمييز لمكافحة التطرّف في أبوظبي والمركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب في الجزائر.
وفي سياق التحضيرات القائمة للقمة العربية في دورتها الـ27، رحب مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، أمس، باستضافة ورئاسة موريتانيا لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المقترح عقدها خلال الفترة من 20 إلى 28 يوليو (تموز) المقبل في نواكشوط. وجاءت الخطوة الموريتانية بعد اعتذار المغرب عن عدم استضافته للقمة المقبلة.
وطلب المجلس أمس إجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع موريتانيا (الرئاسة المقبلة للقمة العربية)، والبحرين (رئاسة المجلس الوزاري) لعقد دورة خاصة لوزراء الخارجية العرب لإعداد مشروع جدول أعمال القمة تمهيدا لعرضه على اجتماع وزراء الخارجية التحضيري.
وفي سياق متصل، أكد مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، أنه يتابع بقلق بالغ قضية اختطاف عدد من القطريين في العراق، الذين دخلوا بتصريح رسمي من وزارة الداخلية العراقية وبالتنسيق مع سفارة بغداد في الدوحة.
وقال المجلس إن هذا العمل الإرهابي يعد خرقا صارخا للقانون الدولي، وانتهاكا لحقوق الإنسان ومخالفا لأحكام الدين الإسلامي الحنيف من قبل الخاطفين، وعملا يسيء إلى أواصر العلاقات الأخوية بين الأشقاء العرب.
وأكد المجلس تضامنه التام مع حكومة دولة قطر في أي إجراء قانوني تتخذه، معربا عن أمله في أن تؤدي الاتصالات التي تجريها حكومة قطر مع الحكومة العراقية إلى إطلاق سراح المخطوفين وعودتهم سالمين إلى بلادهم، مطالبا الحكومة العراقية بتحمل مسؤولية ضمان سلامة المخطوفين وإطلاق سراحهم.
وعلى صعيد القضية الصراع العربي الإسرائيلي، أكد مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، رفض كـل ما اتخذته سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من إجراءات تهدف إلى تغيير الوضع القـانوني والطبيعي والديموغرافي للجولان العربي السوري المحتل، واعتبار الإجراءات الإسرائيلية لتكريس احتلالها له غير قانونية ولاغيه وباطلة، وتشكل خرقًا للاتفاقيات الدولية ولميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية والتي أكدت جميعها أن قرار إسرائيل فـي 14 ديسمبر (كانون الأول) 1981 بضم الجولان العربي السوري المحتل غير قانوني ولاغ وباطل وغير ذي أثر قانوني ويشكل انتهاكًا خطيرًا لقرارات الشرعية الدولية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.