أصوات الأقليات العرقية تدعم تقدم كلينتون في الانتخابات التمهيدية

أخطاء سياسة زوجها تجاه المواطنين السود تلقي بظلالها على حملتها

أصوات الأقليات العرقية تدعم تقدم كلينتون في الانتخابات التمهيدية
TT

أصوات الأقليات العرقية تدعم تقدم كلينتون في الانتخابات التمهيدية

أصوات الأقليات العرقية تدعم تقدم كلينتون في الانتخابات التمهيدية

من ألاباما إلى لويزيانا وتينيسي، تواصل هيلاري كلينتون سلسلة انتصاراتها في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، في مؤشر على تأييد كبير من قبل الأقليات العرقية للسيدة الأولى السابقة. فمنذ بداية الانتخابات التمهيدية في الأول من فبراير (شباط)، تفوقت كلينتون على خصمها الوحيد بيرني ساندرز في نحو عشر ولايات، تتركز خصوصا في جنوب البلاد، حيث يشكل السود نسبة كبيرة من الناخبين.
ومن المتوقع أن يتكرر السيناريو نفسه في الانتخابات التمهيدية في ولايتي ميسيسيبي (جنوب) وميتشيغن (شمال)، التي انطلقت أمس.
وهذا الدعم من قبل الأقليات العرقية لكلينتون أصبح واضحا في نظر عدد كبير من المعلقين، وأسبابه متعدّدة. وتحرص وزيرة الخارجية السابقة الحاضرة على الساحة العامة الأميركية منذ أكثر من ثلاثة عقود، على التزامها منذ شبابها بمكافحة العنصرية، بعد أن أجرت تحقيقا بتأطير سيدة سوداء أميركية هي ماريان رايت اديلمان، حول التمييز العنصري في مدارس ألاباما. وبعد ذلك، أثرت تجربتها كزوجة حاكم ولاية اركنسو على رؤيتها للعلاقات بين الأعراق في أميركا، كما تؤكد المرشحة التي تشدد باستمرار على قناعاتها الدينية المسيحية التي تعد من القيم الأساسية لجزء مهم من الناخبين السود.
وقالت ستيفاني براون جيمس، المستشارة السابقة لباراك أوباما حول تصويت السود في 2012، إن كلينتون في هذه الحملة «تحدثت بقوة عن القضايا (العرقية)، وتفعل ذلك بطريقة لم تكن تتبعها من قبل وغير معهودة لمرشح للرئاسة الأميركية». وأكد تحليل لنشرة «كوك بوليتيكال ريبورت» الإلكترونية غير الحزبية، أنه من دون التعبئة الحاسمة لهذه الفئة من الناخبين في سبع ولايات قبل أربع سنوات، كان أوباما سيهزم أمام منافسه ميت رومني.
في المقابل، لا يتقن بيرني ساندرز السيناتور عن ولاية ريفية في شمال شرقي البلاد، حيث لا يشكل السود أكثر من واحد في المائة من السكان، طرح هذه المسألة مثل منافسته. فخطابه يتركز قبل كل شيء على التفاوت الاقتصادي، ومحاولاته التذكير بمواقفه المناهضة للعنصرية، مثل اعتقاله في ستينات القرن الماضي لمكافحته التمييز في حرم جامعة شيكاغو، لم تأت بثمارها.
من جهتها، ترى اندرا غيليسبي أستاذة العلوم السياسية في جامعة «ايموري كوليدج» في أتلانتا «إنها مشكلة نموذجية للسود مع التقدميين البيض الذين يحللون كل شيء عبر مسألة الطبقات الاجتماعية، وينسون أن القضية العرقية ما زالت مهمة». وتعتمد هيلاري كلينتون بشكل كبير على إرث زوجها بيل كلينتون الذي يذكره الكثير من الأميركيين على أنه الرئيس الذي عمل كثيرا من أجل السود في تسعينات القرن الماضي، عندما كانت نسبة البطالة تتراجع والأجور ترتفع في صفوف هذه الفئة من المواطنين. وفي الواقع، ضاعف بيل كلينتون، الذي يهتم بصورته كرجل قادم من وسط متواضع جدا في الجنوب، المبادرات حيال مواطنيه السود.
لكن حصيلة أداء بيل كلينتون في هذا المجال تثير الجدل، مع أنه عين عددا قياسيا من السود في إدارته ودعم التمييز الإيجابي. ويؤثر قانونان أقرا خلال ولايته الرئاسية، وهما قانون إصلاح المساعدات (ويلفير ريفورم أكت) في 1996، وقانون الجريمة (كرايم بيل) في 1994، على حملة هيلاري كلينتون.
ويتهم النص الأول الذي يتعلق بإصلاح المساعدات الاجتماعية بأنه عزز التفاوت الذي كانت تعاني منه أصلا الأسر السوداء الفقيرة، بينما يعتبر النص الثاني مسؤولا عن «الاعتقال الواسع» الذي يقع السود ضحايا له في الولايات المتحدة. وقال دون ليمون مقدم البرامج في شبكة «سي إن إن» في لقاء مساء الأحد الماضي: «بصفتي رجلا أسود في الولايات المتحدة، هناك احتمال بأن أصبح واحدا من كل ثلاثة ينهي حياته في السجن».
وبما أنه لم يكن لدى هيلاري كلينتون حجج كافية، هاجمها ليمون مرتين ليسألها: «بالنظر إلى ما حدث منذ 1994، لماذا يتوجب على السود أن يثقوا بك هذه المرة لتحقيق الأمور بشكل صحيح؟».
وكما فعل زوجها في الماضي، اعترفت كلينتون بأن «بعض جوانب هذا القانون تشكل خطأ»، ووعدت في الوقت نفسه بمعالجة «العنصرية التي تهيمن على النظام القضائي بشكل عام».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.