مصادر فرنسية رسمية لـ «الشرق الأوسط»: زيارة ولي العهد إلى باريس «ناجحة بكل المقاييس»

باريس لديها نفس «المشاغل والقلق» من مصادرة حزب الله لقرار الحكومة اللبنانية

رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس خلال استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف (تصوير: عمار عبد ربه)
رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس خلال استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف (تصوير: عمار عبد ربه)
TT

مصادر فرنسية رسمية لـ «الشرق الأوسط»: زيارة ولي العهد إلى باريس «ناجحة بكل المقاييس»

رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس خلال استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف (تصوير: عمار عبد ربه)
رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس خلال استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف (تصوير: عمار عبد ربه)

أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى أن أحد أهداف الزيارة الرسمية التي قام بها الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد السعودي إلى فرنسا تلبية لدعوة رسمية، هو «إعادة التأكيد على دوام واستمرارية الشراكة الاستراتيجية» التي تربط الرياض وباريس والتي تعتبر من الجانبين الفرنسي والسعودي أنها «خيار سياسي واع» ونتائجه «مفيدة للطرفين»، واصفة الزيارة بأنها «ناجحة بكل المقاييس».
وأشارت المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس، إلى أن «توقيت» الزيارة مهم جدًا كون الزيارة تأتي بعد مجموعة من الأحداث والتحولات التي أفضت إلى نوع من «التشويش» في الرؤية وكان بالتالي من الضروري للطرفين أن «يعيدا التأكيد» على عزمهما الاستمرار في علاقاتهما المتميزة والرغبة في توثيقها في كافة المجالات. وكانت المصادر الفرنسية تلمح بذلك إلى التكهنات التي سبقت وأعقبت زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لباريس والتقارير التي تحدثت عن «حاجة» فرنسا لإعادة تعديل الموازين واتباع سياسة «مختلفة» عن السابقة، لتؤكد باريس أن أول عنصر في الرسالة التي شددت عليها القيادة الفرنسية هي التأكيد على «ثبات» العلاقة الثنائية بين الرياض وباريس والرغبة في تطويرها ودفعها إلى الأمام.
وفي المقام الثاني، ترى المصادر الفرنسية أن الجانب الآخر لأهمية الزيارة يكمن في التقدير الذي تكنه باريس لولي العهد السعودي ولمجمل القيادة السعودية وعن ارتياحها للتعامل معها، وذلك على أسس أصبحت معروفة للجميع وتضمن مصالح جميع الأطراف. وفي هذا السياق، قلد الرئيس هولاند الأمير محمد بن نايف وسام جوقة الشرف للتعبير عن تقدير فرنسا الرسمي للدور الذي يلعبه.
وأكدت المصادر الفرنسية، أيضًا، أهمية التعاون مع ولي العهد السعودي الذي هو في الوقت نفسه نائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير للداخلية، وبالتالي فإن الطرفين ركزا على رغبتهما في تعزيز التعاون في المجال الأمني وتحديدًا محاربة الإرهاب. ولعل أكبر دلالة على الاهتمام بهذا الجانب هو مستوى وضخامة الوفد الأمني الذي رافق ولي العهد خلال المحادثات التي عقدها مع المسؤولين الفرنسيين، إضافة إلى أن اجتماعه برئيس الجمهورية في قصر الإليزيه، بعد ظهر أمس، شكل أهمية كبرى، إضافة إلى أنه التقى أيضًا رئيس الحكومة مانويل فالس الذي هو وزير داخلية سابق في غداء عمل انضم إليه الوفد الرسمي السعودي وكذلك مساعدو رئيس الحكومة الفرنسية. وإضافة إلى اللقاءين مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، استقبل الأمير محمد بن نايف في مقر إقامته في العاصمة الفرنسية أمس وزيري الخارجية والداخلية جان مارك أيرولت وبرنار كازنوف.
وفي أول اجتماع ولي العهد السعودي مع أيرولت كان التركيز على المسائل الإقليمية وعلى رأسها الملف السوري الذي كان وزير الخارجية الفرنسي قد تطرق إليه في اجتماع صباحي مع نظيره عادل الجبير في مقر الخارجية إلى جانب الملفات الأخرى مثل الحرب في اليمن ولبنان ودور إيران وخطة باريس لإعادة إطلاق ملف المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
في الملف السوري الذي كان أمس محل اهتمام فرنسي - دولي كبير تمثل في الاتصال الهاتفي المطول لأربعة قادة أوروبيين (الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ونظيره الإيطالي رنزو) مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أفادت المصادر الفرنسية بأن موقفي باريس والرياض «متطابقان»، ولا يرى الطرفان غضاضة في أن تستمر روسيا بضرب تنظيمي «داعش» و«النصرة». لكنهما «حذرا» من استهداف المعارضة السورية المعتدلة التي تحظى بدعمهما، مشيرين إلى أن ضرب المعارضة المعتدلة «سيكون له نتائج سلبية» وسيدفع الكثير من الأطراف «لزيادة دعمها العسكري لهذه المعارضة».
وتضيف هذه المصادر أن روسيا «حققت بعض الانتصارات، لكن الأمور يمكن أن تتغير» وبالتالي يتعين على الرئيس الروسي أن يعي أنه قد يكون مقدمًا على الغرق في الرمال السورية المتحركة وأنه سينسف صورة بلاده في العالم السني وبالتالي عليه التفكير في مصالح بلاده على المدى البعيد. وخلاصة المصادر الفرنسية المبنية على متابعة مجريات المحادثات التي حصلت أمس في باريس، أن الدول الداعمة للمعارضة «تعي أهمية سوريا للمصالح الروسية». لكنها في الوقت ذاته تريد من موسكو أمرين؛ أن تعيد تصحيح نهجها في سوريا من جهة وأن تضغط على رئيس النظام السوري بشار الأسد من أجل التوصل إلى مفاوضات سلام حقيقية تقود إلى عملية سياسية «يجب ألا يكون الأسد ضمنها» وذلك وفق بيان جنيف وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
أما في الملف الفلسطيني - الإسرائيلي فإن باريس تبدو عازمة على القيام بشأنه بمبادرة سلام جدية من خلال الدعوة لمؤتمرين للسلام؛ الأول من غير طرفي النزاع الشهر القادم والثاني بحضورهما في بداية الصيف القادم. ولهذا الغرض، فإن وزير الخارجية جان مارك أيرولت سيزور القاهرة يومي التاسع والعاشر من الشهر الجاري لعرض الخطة الفرنسية على لجنة المتابعة العربية في القاهرة ومحاولة كسب تأييد الطرف العربي و«الفلسطيني» رغم وعي باريس للصعوبات التي ستعرقل التقدم على هذا الطريق وليس أقلها انغماس الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية ومعارضة إسرائيل و«فتور» الاتحاد الأوروبي وتردد ألمانيا. وتعوّل باريس على دور فاعل وداعم للسعودية خصوصًا أنها صاحبة مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002.
يبقى الملف اللبناني وقرار السعودية بوقف الهبة الممنوحة للجيش اللبناني وقيمتها 3 مليارات دولار التي يفترض أن تخصص لشراء سلاح فرنسي للبنان. وفي هذا الصدد، أشارت المصادر الفرنسية وثيقة الاطلاع على الملف أنها «تتفهم» موقف الرياض التي تتعرض لافتراءات من قبل حزب الله اللبناني وترى أن القرار الحكومي الرسمي قد تمت مصادرته. وتضيف هذه المصادر أن باريس لديها نفس «المشاغل والقلق» من مصادرة قرار الحكومة اللبنانية، لكنها ترى أن الأهم هو دعم المؤسسات في لبنان والمحافظة على أمنه واستقراره خصوصًا في ظل الفراغ المؤسساتي على رأس السلطة التنفيذية (رئاسة الجمهورية). وبعد مهمة في الرياض قام بها مسؤولان من وزارتي الخارجية والدفاع الفرنسيتين، فقد كشفت المصادر الفرنسية إلى أن العقد الموقع للسلاح مع الشركات الفرنسية سيتم العمل به وبالتالي لن يصيب هذه الشركات أي ضرر، وتضيف هذه المصادر أن السلاح سيسلم إلى السعودية التي هي صاحبة القرار فيما تريد أن تفعله وفق التطورات التي سيعرفها لبنان وأن باريس «تحترم» القرار السعودي.
وكان الأمير محمد بن نايف قد استقبل مساء أول من أمس وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان الذي زار السعودية أكثر من مرة. وبحسب باريس، فإن اللقاء تناول المسائل الإقليمية ومشاريع التعاون المشتركة والقادمة بين الطرفين السعودي والفرنسي.
أما المستوى الثالث والأخير لأهداف زيارة ولي العهد وفق القراءة الفرنسية، فمحوره العلاقات الثنائية بمختلف أوجهها رغم أن هذه المصادر تشدد بقوة على أنها زيارة «سياسية - أمنية» وليس غرضها البحث في عقود أو التوقيع عليها. ومع ذلك، فقد أشارت إلى أن من يشكك في قوة العلاقات الاقتصادية «واهم»، والدليل على ذلك أن فرنسا وقعت مع السعودية العام الماضي عقودًا قيمتها 15 مليار دولار وهي واقع قائم «بعكس ما هو ممكن مع إيران لأنه يبقى افتراضيًا». وللطرفين استحقاق قادم مهم هو الاجتماع الثالث للجنة المشتركة السعودية - الفرنسية الذي سيلتئم الشهر القادم في باريس برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد ووزير الخارجية جان مارك أيرولت حيث ستبحث عندها بالتفصيل العقود القادمة والاستثمارات المشتركة.
لقطات
* عمدت السلطات الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة خلال الزيارة الرسمية لولي العهد السعودي إلى باريس في محيطي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وخلال تنقلاته الكثيرة في العاصمة الفرنسية.
* كان الرئيس فرنسوا هولاند على مدخل القصر الرئاسي لاستقبال ولي العهد ولدى وصوله نزل حتى باب سيارته لمصافحته مطولاً.. ثم وقفا معًا على مدخل القصر من أجل الصورة التذكارية.. وكما استقبله هولاند ودّعه لدى مغادرته
* في مقر رئاسة الحكومة قام مانويل فالس بالشيء نفسه.. واللافت كان الحديث المنفرد الذي دام عدة دقائق على مدخل رئاسة الحكومة لدى مغادرة الأمير محمد بن نايف مع فالس.. وحدها المترجمة الرسمية كانت إلى جانب المسؤولين
* في الإليزيه كما في قصر ماتينيون (مقر رئاسة الحكومة) وقف حرس الشرف الرئاسي لتحية ولي العهد شاهرين سيوفهم لدى وصوله ولدى مغادرته.
* اصطحب ولي العهد معه وفدًا صحافيًا كبيرًا أنزل في فندق قريب من مقر السفارة السعودية في باريس.



«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

اختتم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) اجتماعاته في الرياض، أمس، بالموافقة على 35 قراراً حول مواضيع محورية تسهم في الحد من تدهور الأراضي ومكافحة الجفاف.

وحقَّقت الدول في «كوب 16» تقدماً ملحوظاً في وضع الأسس لإنشاء نظام عالمي لمكافحة الجفاف مستقبلاً. كما تم التعهد بتقديم أكثر من 12 مليار دولار.

وأكَّد رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة ختامية، التزام المملكة مواصلةَ جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. وأعرب عن تطلُّع المملكة لأن تُسهمَ مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة في هذا الصدد.