محبو السفر يختلفون في آرائهم، وينقسمون حول فكرة دفع مبالغ طائلة مقابل الإقامة في فندق فاخر من فئة خمس نجوم، إذ يرى البعض أن الإقامة في فندق خلال السفر ليست سوى للنوم، وأي سرير قد يفي بالغرض إن كان من فئة فاخرة أو متوسطة، في حين يرى البعض الآخر بأن الإقامة الفاخرة هي مفتاح نجاح الرحلة، وهذا الأمر تحدده بالطبع إمكانيات المسافر وميزانيته. إلا أن تطبيق التجربة الدنماركية التي يطلق عليه اسم «Hygge» وتنطق «هو غا» وهي كلمة دنماركية تعني «الدفء والحميمية»، وترتكز على الجلوس قرب مدفأة النار مع الأصدقاء والعائلة وأكل المخبوزات الدافئة في أجواء البرد القارس في الخارج، وتحدي ظلمة موسم الشتاء في أكثر البلدان سعادة، وفي خطوة سياحية جديدة تبنى فندق «ذا كونوت» اللندني الواقع في منطقة مايفير الفكرة، من خلال تقديم التجربة كل يوم أحد طيلة هذا الشهر في أجنحته الأنيقة التي تضم مدفأة نار حقيقية وتتناسب مع التجربة الدنماركية.
* «هو غا» تصل إلى بريطانيا
هذه ليست المرة الأولى التي يتبنى فيها البريطانيون فكرة الـ«هو غا»، حيث بدأت كلية مورلي في وسط لندن تعليم التجربة كمادة أساسية في المنهج الدراسي للطلاب ضمن برنامج تعليم اللغة الدنماركية، والهدف من ذلك هو تعريف الطلاب على أهمية تقدير العلاقات العائلية وتخصيص الوقت الكافي للقراءة والأكل والشعور بالسعادة والراحة الذاتية والامتنان في عاصمة لا تتثاءب مثل لندن، والمشي على خطى الدنماركيين والسويسريين والآيسلنديين الذين يوصفون بأكثر الشعوب سعادة في العالم على الإطلاق، على الرغم بأن آيسلندا والدنمارك تمضيان نحو 17 ساعة في فصل الشتاء في عتمة دامسة، وتنخفض فيهما درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر.
* راحة تامة
العرض الذي يقدمه «ذا كونوت» تحت عنوان: «سانداي سانكتوري» أو «ملاذ يوم الأحد» ينقل الفكرة ويضف إليها حيثيات راقية جدًا، وهذا العرض يناسب جدًا إقامة العائلات والأزواج والصديقات، ومع اقتراب عيد الأم فقد تكون فكرة جميلة للإقامة لتدليل «ست الحبايب».
الفكرة انطلقت في البلدان الباردة في موسم الشتاء، إلا أنها في أيامنا هذه تطبق طيلة أيام السنة، وأصبحت بعض المقاهي تطبقها أيضًا من خلال التركيز على حميمية ودفء المكان بدلاً من المبالغة في الديكور، والهدف من الفكرة هو تجمع الأصدقاء لتناول الطعام والتكلم مع بعض بعيدًا عن تدخل التكنولوجيا الذي يعتبر من أكثر السلبيات التي تؤثر على العلاقات العائلية في العالمين الغربي والعربي.
ومن خلال إقامتك في «ذا كونوت» لن تكون بحاجة إلى ترك الجناح، لأن الفكرة بالأساس مبنية على تمضية الوقت ما بين المركز الصحي والغرفة مع تقديم وجبات طعام ومخبوزات وحلويات من دون أن ننسى الشوكولاته الساخنة حول المدفأة والشموع تزين المكان، مع إمكانية مشاهدة الأفلام.
ويضم العرض علاجًا (بحسب اختيار الضيف) في مركز «أمان» الصحي مع إمكانية زيارة النادي الرياضي، وبعدها يمكنك طلب الطعام إلى الجناح، وتتألف الوجبة من ثلاثة أطباق، ولا ينتهي الأمر هنا، إذ تمتد الراحة إلى الصباح التالي، وتقدم وجبة الفطور في الغرفة أيضًا، والأهم هو تمديد الفندق وقت المغادرة لغاية الساعة الثانية من بعد الظهر.
ويمتد العرض لغاية نهاية هذا الشهر وتكلفة الإقامة هي 695 جنيهًا إسترلينيًا (نحو 1000 دولار أميركي) لشخصين تشمل الإقامة والعشاء والفطور وعلاجًا في المركز الصحي وبما أن الفكرة تتمحور حول الدفء والنار، يقدم الفندق هدية للضيوف وهي عبارة عن شمعة صُممت خصيصًا للفندق من توقيع «روخا دوف».
* فلسفة «هو غا»
بحسب الكاتبة هيلين راسل صاحبة كتاب «كشف أسرار أكثر البلدان سعادة في العالم»، فإن فلسفة الـ«هو غا» تدفع المرء إلى أن يكون لطيفًا مع ذاته، وتحثه على تمضية أوقات رائعة مع من يحب بدلاً من تعذيب النفس من خلال اتباع حميات غذائية صارمة، وبرأي الكاتبة، فإن الشعوب السعيدة لا تحرم نفسها من أي شيء، وتمارس كل شيء بطريقة متوازنة، وترى أيضًا أن تمضية الوقت مع أفراد العائلة والأصدقاء لحظات لا تُنسى وتنعش الروح، خصوصًا في خضم الحياة التي نعيش وتيرتها السريعة التي لا تؤدي إلا إلى تعب الروح والجسد.
السياحة بريطانية.. والتجربة دنماركية
دلل من تحب.. وتعرف إلى عالم الـ«هو غا»
السياحة بريطانية.. والتجربة دنماركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة