تونس: لوبيات سياسية تضغط بقوة لإسقاط حكومة الحبيب الصيد

تهدف إلى المجيء بحكومة إنقاذ وطني

جانب من مظاهرات رجال الأمن التي طالبوا فيها برحيل الحكومة داخل شوارع العاصمة قبل ثلاثة أيام (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات رجال الأمن التي طالبوا فيها برحيل الحكومة داخل شوارع العاصمة قبل ثلاثة أيام (إ.ب.أ)
TT

تونس: لوبيات سياسية تضغط بقوة لإسقاط حكومة الحبيب الصيد

جانب من مظاهرات رجال الأمن التي طالبوا فيها برحيل الحكومة داخل شوارع العاصمة قبل ثلاثة أيام (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات رجال الأمن التي طالبوا فيها برحيل الحكومة داخل شوارع العاصمة قبل ثلاثة أيام (إ.ب.أ)

تتواصل في تونس المظاهرات والتحركات الاحتجاجية ذات الصبغة الاجتماعية، في وقت تتضاعف فيه ضغوط اللوبيات السياسية التي تهدف إلى إسقاط حكومة الحبيب الصيد، واستبدال حكومة إنقاذ وطني بها، رغم الدعم الذي تلقاه من قبل 4 أحزاب سياسية تتحكم في أكثر من ثلثي نواب البرلمان.
واستفحلت الضغوط التي ترمي إلى إرباك حكومة الحبيب الصيد وبقية مؤسسات الدولة، وبينها رئاسة الجمهورية والبرلمان، بعد أن نظم آلاف من رجال الأمن مظاهرة ضخمة غير مسبوقة في ساحة رئاسة الحكومة، ثم اقتحموا مقرها رافعين شعارات تطالب بإسقاط رئيس الحكومة وقيادات أمنية مركزية. وقد وصف الناطق الرسمي باسم الرئيس السبسي هذه المظاهرات التي نظمتها نقابات الأمن أمام مقر رئيس الحكومة، والتي رفعت ضده شعار «ارحل»، وضد بعض كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين بأنها خطيرة وغير معقولة.
من جهته، ندد خالد شوكات، الوزير المتحدث باسم الحكومة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بتجاوزات القانون التي صدرت عن بعض النقابيين الأمنيين، وتورطهم في الخلط بين تحقيق مطالب اجتماعية لرجال الأمن، وبين التهجم على المؤسسات السيادية في الدولة، وعلى رأسها مقر رئاسة الحكومة.
وقد انتقد بيان صدر عن رئاسة الحكومة بشدة رجال الأمن الذين اقتحموا مقرها المركزي، وأعلنت عن «متابعتهم قضائيا»، فيما قال مصدر حكومي إن السلطات الرسمية فوجئت بتعمّد «عدد من المنتسبين للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي اقتحام حرمة مقر رئاسة الحكومة بالقصبة، وتعطيل العمل، وترديد شعارات سياسية وإطلاق تهديدات أبعد ما تكون عن العمل النقابي الأمين والمطالب المهنية، والتلفظ بعبارات نابية وغير أخلاقية، وهي تصرفات تدخل تحت طائلة القانون».
لكن المسكوت عنه وراء هذا التصعيد، الذي يأتي في مرحلة تعرف تحركات شلت مرارا عددا من القطاعات، وبينها مؤسسات التربية والتعليم وإنتاج الفوسفات والمحروقات، بإضرابات قانونية وأخرى غير قانونية، هو تزامنه مع دعوات سياسية لإسقاط حكومة الحبيب الصيد وتشكيل «حكومة إنقاذ وطني»، في وقت تدور فيه في وسائل الإعلام أحاديث عن «بدائل» لحكومة الحبيب الصيد، يجري التشاور حولها في الكواليس تحت يافطة «حكومة إنقاذ وطني».
وقد تزايد الرهان على هذا «البديل» للحكومة الحالية بعد تعاقب لقاءات رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ونجله حافظ، الأمين الوطني لحزب نداء تونس، مع نخبة من كبار المسؤولين السابقين في الدولة وفي قيادات الأحزاب السياسية، مثل رئيس الحكومة السابق المهدي جمعة، ومحمد جغام وزير السياحة والداخلية والدفاع في عهد بن علي والأمين العام لحزب المبادرة، وتوفيق بكار محافظ البنك المركزي الأسبق والنوري الجويني وزير الاقتصاد سابقا، وأحمد عياض الودرني الوزير مدير الديوان الرئاسي في عهد بن علي.
وفي غضون ذلك تعاقبت «المبادرات السياسية والاقتصادية للإنقاذ»، التي صدرت خاصة عن أحمد نجيب الشابي، زعيم المعارضة في عهد بن علي، ومحافظ البنك المركزي السابق مصطفى كمال النابلي، ورئيس الحكومة السابق المهدي جمعة، والوزير الأسبق للاقتصاد والتجارة المنذر الزنايدي، والأمين العام السابق لحزب نداء تونس محسن مرزوق. وقد أسس كل من هؤلاء «نواة حزب وطني»، ضمن خطة واضحة لمحاولة «إنقاذ البلاد ضمن مشروع وطني جديد»، وسط تساؤلات إن كانت تونس تستطيع أن تخرج من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية المتراكمة بمجرد تغيير رئيس الحكومة، خاصة أن الغالبية الحالية في البرلمان تتمسك بمساندتها للحكومة الحالية، وسبقا له أن صوتت بنسبة الثلثين تقريبا لفائدة رئيسها الحبيب الصيد.
ورغم صمت زعيمي الجبهة الشعبية حمة الهمامي، وحركة النهضة راشد الغنوشي، وعدد من نواب حزب النداء، و«الرباعي الحاكم»، فإن قياديين في حزبي النهضة والنداء، مثل البرلماني عبد العزيز القطي، والوزير السابق رضا السعيدي، ونائب رئيس حزب النهضة عبد الحميد الجلاصي يمن دون معارضتهم لسيناريو إسقاط رئيس الحكومة الحبيب الصيد و«جر البلاد إلى الفوضى»، حيث يعتبر هؤلاء أن المطلوب الآن هو التعجيل بإنجاز التحضيرات للانتخابات البلدية والجهوية المقررة لشهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم.
ومثلما يعكسه المشهد السياسي، حيث تتباين التقديرات والمواقف من «الوثيقة التوجيهية» الاقتصادية للحكومة الجديدة، فإن مواقف بعض الأطراف اليسارية والنقابية تؤكد على أن «التوافق السياسي»، الذي تحقق بصيغ مختلفة في تونس منذ البرلمان المؤقت في 2011. لا يعني احتمال التوصل إلى «توافق حول الخيارات الاقتصادية والاجتماعية»، على حد تعبير الخبير الاقتصادي الاجتماعي عبد الجليل البدوي. وفي المقابل، ذهب المنجي الرحوي، النائب عن الجبهة الشعبية، إلى أبعد من ذلك، حيث اعتبر أن «اليسار لم يعد دوما يسارا»، وأن اليمين أصبحت مواقفه متغيرة، بما يوحي فعلا بواحد من مظاهر «حالة عدم الاستقرار» في خيارات النخب والسياسيين والخبراء الاقتصاديين والاجتماعيين، في بلد يشهد أزمات داخلية وخارجية متعددة المصادر والألوان.
لكن بصرف النظر عن تباين المواقف من «مبادرات الإنقاذ» فإن ما يلاحظ هو أن «أجواء حملات انتخابية سابقة لأوانها» برزت مجددا في تونس تحت يافطة تشكيل «حكومة الإنقاذ الوطني»، وهي نفس اليافطة التي رفعت في صيف 2013 عندما كان المعارضون لحكومة حركة النهضة الإسلامية وحلفائها يضغطون من أجل دفعها للاستقالة.
فهل تكون تونس بصدد إعادة إنتاج نفس السيناريو؟
ويظل السؤال الكبير مرة أخرى: هل أن إخراج تونس من أزماتها يتطلب حلولا سياسية أم اقتصادية اجتماعية؟



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.