«القافلة» السعودية ترتدي «الجينز» وتكشف أسراره

لباس الأغنياء والفقراء والرجال والنساء في الحرب والسلام

غلاف المجلة
غلاف المجلة
TT

«القافلة» السعودية ترتدي «الجينز» وتكشف أسراره

غلاف المجلة
غلاف المجلة

منذ 150 عامًا، يمثل سروال «الجينز» أكثر الملابس شعبية في العالم، فهو اللباس الذي يرتديه الأغنياء والفقراء، والرجال والنساء، ويجمع مختلف المناسبات، وظلّ منذ اكتشافه يواصل رحلة نجاحه، فيتحول من زي للباحثين عن الذهب، إلى زي لرعاة البقر، وارتبط بالأسطورة الأميركية والحلم الأميركي وجزء من الثقافة الأميركية والغربية معًا.
في عددها الأخير تغوص مجلة «القافلة» الصادرة عن شركة «أرامكو السعودية»، التي تعتبر واحدة من أقدم المجلات الثقافية والعلمية السعودية، في سرّ سروال الجينز، وتحاول أن تروي حكايته «فالجينز، شكلاً وقماشًا تغلغل في ثنايا كل ما له علاقة بالحياة اليومية، حتى صار أسلوب حياة.. بل أسلوب حيوات كثيرة، إذ كان عليه في البداية أن يكون قويًا وديمقراطيًا وللعمال الفقراء، فصار منذ ما لا يقل عن ربع قرن، وفي العالم كله، متعة للأغنياء يتباهون بها وبسعرها الباهظ».
لكن كيف حدث هذا الانقلاب؟
تجيب «القافلة»: «للبدء بالقصة حسبنا أن نذكر اسم ليفي شتراوس، الذي لا تزال تحمله حتى اليوم، أشهر السراويل، وغير السراويل، الجينز».
الحديث عن ليفي شتراوس المولود في ألمانيا عام 1829 وهاجر صغيرًا مع والدته وشقيقتيه إلى نيويورك في أميركا عام 1847 وفي عام 1850، ابتكر سروالاً، باعت شركته منه خلال 150 عامًا أكثر من مليار قطعة، وشتراوس هذا هو «المكتشف» الأول لسروال الجينز، الذي كان قماشه مجرد بضاعة آتية من إيطاليا: أقمشة مجهزة لتتحول إلى خيام، لا سراويل. وفي ذلك التحول سرّ ليفي شتراوس وقيمة ما فعل.
يروي الملف بكثير من التفصيل سيرة ليفي شتراوس وكيف اكتشف الجينز، ومسيرة تطوره، وكيف وصل أوروبا والعالم العربي، وكيف سوق هذا المنتج للعمال والبحارة، كما يتحدث عن الخياط الذي فصّل هذا السروال، الذي تجاهله التاريخ تجاهلاً شبه تام، وهو الخياط جاكوب دبليو ديفيس، الذي كان أول خياط في التاريخ يخيط «بلو جينز».
في عام 1873، وبعد عشرين عامًا من بداية «الجينز» و«الدينيم»، حصل ليفي شتراوس أخيرًا على براءة الاختراع باسمه. وكان من شروط البراءة أن يواصل الرجل بيع السروال بدولار. فهل علينا أن نقارن ذلك بما يحدث اليوم حين تباع سراويل جينز من علامات تجارية عالمية، بسعر قد يصل إلى ألف دولار؟!
ومع تحّول سروال «الجينز» إلى صناعة تدرّ المليارات، تلفت «القافلة» النظر إلى معاناة الدول الفقيرة التي انتقلت إليها مصانع الشركات العملاقة لوفرة الأيدي العاملة ورخصها، في شهر أبريل (نيسان) من عام 2013، أدَّى انهيار مصنع للملابس في بنغلادش على مَنْ فيه إلى مقتل 1127 شخصًا، وإصابة نحو 2000 بجروح مختلفة. وكانت الكارثة ذات حجم جذب أنظار العالم إلى واقع حال صناعة الملابس في دول جنوب آسيا، بما فيها صناعة الجينز.
فمنذ خمسينات القرن الماضي، عندما بدأت الملابس الجاهزة بالرواج في أوروبا، التفت التجار الغربيون صوب آسيا، وبشكل خاص صوب الصين للتصنيع بالجملة فيها والاستفادة من رخص تكلفة اليد العاملة هناك مقارنة بأوروبا. ومن الصين طغت بقعة الزيت في صناعة الملابس لتشمل فيتنام وتايلند والهند وبنغلادش، وهذه الأخيرة صدَّرت في العام الماضي وحده ستة مليارات قطعة ملابس مختلفة.
حاليًا، تستهلك أميركا الشمالية نحو 39 في المائة من إنتاج العالم من سراويل الجينز، تليها أوروبا الغربية بنحو 10 في المائة ومن ثم اليابان وكوريا 10 في المائة وباقي دول العالم 31 في المائة.
وفي عام 2005، صرف الأميركيون 15 مليار دولار على شراء سراويل الجينز. ولكن هذا الرقم انخفض في عام 2011 إلى 13.8 مليار دولار. والسبب في ذلك ظهور منافس جديد لسروال الجينز، ألا وهو السروال الرياضي الفضفاض للرجال، وسروال «اليوغا» الضيِّق للنساء.. فهل بدأ الجينز يفقد زعامته على عرش الملابس الشعبية في العالم؟
عربيًا، دخل الجينز إلى البلاد العربية من بوابة بيروت، وتحديدًا من محيط الجامعة الأميركية فيها. فقد اكتشف سكان بيروت هذا السروال عقب الإنزال البحري الأميركي في بيروت إبان أحداث عام 1958م. ورافق هذا ظهور الأحذية الرياضية الخاصة بلعبة كرة السلة، التي لم يعد انتعالها مقتصرًا على مزاولي الرياضة، إنما أمسى يحل تدريجًا محل الأحذية العادية لدى فئات الشباب.
ومنذ 15 عامًا، بدأت تظهر (موضة) السراويل الممزقة. حتى صار السروال الممزق، يباع بأغلى من السروال غير الممزق، على أساس أن التمزيق يتطلب وقت الخياطين، ناهيك بأن التمزق نفسه يعد دليلاً على قوة القماش ومتانته.
ولم يقتصر دور الجينز في جلب الثروة، ولا في التعبير الثقافي، والفني والغنائي، حيث ظهر «الجينز» في فنّ الغناء والتمثيل، كما كان يرتديه ألفيس بريسلي في الخمسينات من القرن الميلادي الماضي، وهو يلبس الجينز في فيلم «جيلهاوس روك» (رقص الروك في السجن). ثم ظهر به مارلون براندو في فلم: «وايلد وان» (المتوحش)، وجيمس دين في «متمرد بلا سبب»، ومارلين مونرو في «صراع في الليل». وظهر مغنو فرقة «رولينغ ستونز» على غلاف إحدى أسطواناتهم وهم يرتدون الجينز.
غير أن الجينز صار موضوعًا يتناوله شعر الأغاني نفسها. فغنى نيل يونغ: «شفينوس في البلوجينز»، و«سروال جينز أسود»، و«بلوجين بوب». وغنت مادونا: «يمكن للبنات أن يلبسن الجينز». وغنّى نيل دايموند: «في البلو جينز إلى الأبد». ويرى إلتون جون أن موسيقى «البلوز» التي ظهرت في أواسط القرن الميلادي الماضي، في مدينة نيو أورليانز الأميركية الجنوبية، إنما سميت «بلوز»، لأن الموسيقيين والمغنين السمر كانوا يؤدونها وهم يلبسون سروال البلوجينز.
لكن الجينز تحول إلى سلاح في الحرب الباردة، فقد كان الغرب يخاطب غريزة شعوب أوروبا الشرقية بمنتجاته وبينها «الجينز» رمز الشباب والحيوية، وكانت الرقابة الشيوعية تنظر بارتياب إلى الملابس التي تروج في الغرب وتستهوي أذواق الشرقيين، ولا سيما الشبان. وفي هذه الحقبة كان الجينز ينتشر بين الشبان في الغرب انتشار النار في الهشيم، ولم تكن ثورة الطلاب في فرنسا سنة 1968 تدفع في اتجاه معاكس، بل إنها فاقمت الأمور لدى العقائديين المتشددين في المعسكر الشرقي. وعندما جاءت السبعينات من القرن الماضي، كانت موضة الجينز والقمصان البسيطة قد غلبت على لباس الشبان في ألمانيا الغربية. وعندما اعتمد فيلي برانت، مستشار ألمانيا الغربية آنذاك، سياسة الانفتاح على ألمانيا الشرقية، أخذ الأولاد والشبان الشرقيون يتلقون من أفراد عائلاتهم المقيمين في الغرب، ملابس وهدايا. وكان الجينز من أفضل ما يتوقعونه منهم.
بالإضافة لملف الجينز، تحفل «القافلة» في عددها الأخير بعدد من الموضوعات المتميزة، بينها جلسة نقاش عن معارض الكتاب ومتابعيها، وتحقيق عن السفر السياحي مع مجموعة أو بشكل مستقل، ومادة حول الكتابة عن المرأة.
وفي باب العلوم والطاقة، عدد من المقالات بينها مقال بعنوان: «الطاقة الشمسية تحت سقفها الواقعي»، لأشرف فقيه، حيث يقول الكاتب إن الشمس تتصدر دومًا خيارات مصادر الطاقة البديلة التي يُراد بها أن تحل - ولو جزئيًا - محل الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم). ويبدو هذا الاختيار بديهيًا لعدة أسباب. فالشمس كانت دومًا موجودة ومتوهجة تغمر كوكبنا بالضياء والدفء منذ 5 مليارات سنة. كما أن الطاقة الناتجة عنها تستتبع مخاطر أقل إذا ما قورنت بالطاقة النووية مثلاً.. وثمة تقديرات أولية تشير إلى أن مقدار الإسقاط الشمسي الواقع على صحراء الربع الخالي وحده كفيل بتغطية حاجة الكوكب بأسره من الطاقة الكهربائية.
وفي باب «أدب وفنون» يكتب صالح حيدو عن الأدب الشعبي عند الأكراد، وهو يرى أن للشعب الكردي تراثًا فلكلوري هائلاً لم يدوَّن منه إلا الشيء القليل، حيث ركزت معظم البحوث والدراسات التي اهتمت بالفلكلور الكردي على جانب واحد هو الأدب والشعر، وأهملت دراسة جوانب أخرى مهمة من ذلك التراث.
كما نطالع مقالاً عن «الابتكار في الصحافة» لأن المجال الصحافي يتطوَّر مع كل ابتكار رقمي، فقد بات من الممكن الاطلاع على المؤثرات الجديدة في مجال صناعة الصحافة، من خلال تخصص جديد بعنوان «الابتكار في الصحافة. حيث تستكشف المقررات الرئيسة في هذا التخصص سُبل التواصل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الوسائط المتعددة من أجل نقل الخبر وصناعته».
وفي باب «حياتنا اليوم» نقرأ عن «الإيموجي والتواصل بواسطة الرموز، هل هي عودة إلى ما قبل اللغة؟»، وهذا النوع من الاستخدام بدأ من عام 2012، عندما تبنَّت شركة «أبل» لأول مرة أيقونات الرموز في جهاز الآيفون «آي أو إس 5»، وتبعتها لاحقًا معظم شركات الهواتف والألواح الذكية، تلقفها الجمهور بحماسة قلّ نظيرها، توصف أحيانًا بحمى الإيموجي. وتشير بعض الإحصاءات إلى أن معظم السكان في الدول المتقدمة يستخدمون هذه الرموز، خصوصًا جيل الألفية الجديدة منهم.
عرفت «القافلة» بملفاتها المتميزة، ففي عدد أكتوبر (تشرين الأول) 2007 تصدر العدد ملف خاص عن شخصية «الحمار» في محاولة منها، لإعادة اعتبار الكائن الذي ناله القسط الأكبر من الظلم والازدراء، وصولا إلى لفت نظر القراء إلى فضل الحمار على المخزون الثقافي الإنساني، ومساهمته المميزة في إثراء التراث العربي.
يذكر أن مجلة «القافلة» التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، صدر العدد التجريبي لها في 19 ديسمبر (كانون الأول) 1951، وفي أكتوبر 1953 أخذت المجلة هويتها التي استمرت أكثر من ثلاثين عامًا وعرفت باسم «قافلة الزيت»، وأصبحت منذ ذلك الوقت مجلة شهرية، وبعد ثلاثين عامًا من صدورها تحولت «قافلة الزيت» في عدد مايو (أيار) - يونيو (حزيران) 1983 إلى اسمها الجديد «القافلة». وأصبحت «القافلة» التي تصدر كل شهرين، إلى واحد من أشهر المشاريع الإعلامية العربية، وخصوصًا في السعودية، فمنذ 63 عامًا والمجلة تقدم مادة علمية وثقافية وأدبية أسهمت في رفع المعرفة والثقافة في محيط توزيعها، وهي توزع مجانًا داخل السعودية وخارجها، وتعنى بنشر الموضوعات الأدبية والعلمية والثقافية والصناعية الرامية إلى تثقيف القراء في هذه المجالات.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.