تسارعت الخطوات لتنفيذ الهدنة المقترحة بشأن سوريا، حيث جرت اتصالات عدة لإنجاحها، أهمها تلقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أمس اتصالاً هاتفيًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تناول العلاقات الثنائية، إضافة إلى بحث الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في سوريا.
وأكد خادم الحرمين الشريفين حرص السعودية، على تحقيق تطلعات الشعب السوري، ودعم بلاده للحل السياسي المبني على مقررات «جنيف 1»، كما أكد على ضرورة أن تشمل جهود وقف إطلاق النار، ضمانات لوصول المساعدات الإغاثية والطبية لجميع المناطق السورية دون استثناء. وكان الكرملين، أعلن أن الرئيس بوتين، أجرى أمس اتصالا هاتفيا مع خادم الحرمين، شرح خلاله تفاصيل المقترحات المتضمنة في الاتفاق الروسي - الأميركي المشترك، بشأن الهدنة ووقف إطلاق النار في سوريا. وقال: «إن الملك سلمان أشاد بالاتفاقات التي توصلت إلى هدنة في سوريا ووقف إطلاق النار»، مؤكدًا استعداده للعمل المشترك مع روسيا لإنجاح هذه الاتفاقيات، مشيرًا إلى أن الجانبين اتفقا على مواصلة الاتصال بشأن هذه المسألة، لافتًا إلى أن الملك سلمان أكد حرص بلاده على تحقيق تطلعات الشعب السوري، لافتًا إلى أن دعمه للحل السياسي في سوريا مبني على مقررات (جنيف1)».
من جهته، أوضح السفير الروسي لدى السعودية أوليغ أوزيروف لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس فلاديمير بوتين أجرى اتصالا هاتفيا ظهر أمس الأربعاء، بخادم الحرمين الشريفين، وفسّر له مضامين بنود اتفاقية وقف إطلاق النار في روسيا التي وقعتها روسيا مع أميركا والهدف منها». ولفت أوزيروف إلى أن الرئيس بوتين أكد لخادم الحرمين الشريفين، التزام روسيا بإيقاف إطلاق النار من جانبها، مع دخول وقت بدء تنفيذ الاتفاق الروسي - الأميركي حيز التنفيذ، مبينًا أن الحديث الذي جرى بين الزعيمين، كان حديثا وديا وإيجابيا جدا، مشيرا إلى أن الملك سلمان، رحّب بالاتفاقية التي توصل إليها الطرفان بشأن وقف إطلاق النار في سوريا.
وأضاف السفير أوزيروف، أن الملك سلمان أكد للرئيس بوتين، جاهزية بلاده للتعاون مع روسيا ومع الأطراف الأخرى لإنجاح هذا الاتفاق، مشيرًا إلى أن الاتفاقية الروسية - الأميركية، إذا صمدت لمدة أسبوعين، من المحتمل جدا أن يعجل ذلك باستئناف مفاوضات جنيف والوصول إلى حل سياسي.
وعن شكوك الهيئة العليا للمعارضة السورية، حول جدية التزام روسيا ونظام الأسد بوقف إطلاق النار، قال السفير الروسي: «أولا أدعو المعارضة السورية للاطلاع على بنود الاتفاق الروسي - الأميركي قبل الحكم عليه، ومن المهم جدا قراءة نص هذا الاتفاق بتمعن، الذي نشر باللغتين الإنجليزية والروسية»، مشيرًا إلى أنه «موجود في المواقع الإعلامية والصحافية، وسيرون بعد الساعة الثانية عشرة من مساء الجمعة وبعد عشرين ثانية من صباح السبت، بدء الالتزام من الأطراف المعنية بهذا الاتفاق والتمسك به».
وقال السفير الروسي: «إن بشار الأسد التزم للرئيس بوتين بتطبيق وتنفيذ هذا الاتفاق ووقف إطلاق النار الذي سيثمر عن إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب من المدنيين، ولذلك من المهم جدا التزام فصائل المعارضة بذلك، لأنه في حال عدم التزامها قد تتسبب في نسف هذا الاتفاق». وجدد أوزيروف تأكيد بلاده الالتزام بوقف إطلاق النار، مبينًا أنه يمكن للمشككين، التأكد من ذلك من خلال الدخول على موقع وزارة الدفاع الروسية، ومتابعة النشاط الروسي في سوريا، بمجرد بدء دخول وقت تنفيذ هذا الاتفاق.
ووفقًا لأوزيروف، فإن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، أكد أن الضربات الجوية الروسية، انخفضت بشكل كبير، حيث تراجعت من 140 و150 و160 ضربة جوية يومية إلى 60 ضربة جوية خلال هذين اليومين، منوهًا بأن عدد الضربات الجوية سيتقلص إلى أقل من ذلك لتؤول إلى الصفر في المناطق التي قد توجد فيها معارضة، مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وفي إطار الجهود الروسية حول تنفيذ وقف إطلاق النار في سوريا، كشف إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، في تصريحات له، عن إنشاء مركز تنسيق في قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار، لافتًا إلى أن هذه الخطوة جاءت في إطار الاتفاق الأميركي - الروسي حول وقف الأعمال العدائية في سوريا. وأوضح المسؤول العسكري الروسي أن المهام الرئيسية لهذا المركز هي المساهمة في عملية المفاوضات بين ممثلي السلطات السورية والمعارضة المسلحة باستثناء المجموعات الإرهابية المدرجة على قائمة الأمم المتحدة، والمساهمة كذلك في توقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار بين الجانبين، وتنظيم إيصال المساعدات الإنسانية. وأشار كوناشينكوف أنه بوسع مجموعات المعارضة السورية التي تقرر وقف العمليات القتالية وبدء المفاوضات السياسية أن تتصل في أي وقت مع مركز التنسيق على رقم هاتف موحد، مؤكدًا أن «كل من سيتصل بمركز التنسيق سيحصل على المساعدة القصوى في تنظيم الاتصالات مع ممثلي السلطات السورية».
في الشأن ذاته، ذكر المكتب الصحافي لوزارة الدفاع الروسية أن الجانب الروسي، وبناء على نتائج المحادثات الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين بوتين وأوباما، قام بتسليم الجانب الأميركي معلومات «أرقام الهواتف» الروسية للاتصال العاجل، كما نص عليه الإعلان الروسي - الأميركي حول وقف إطلاق النار، وأضاف المكتب الصحافي أن وزارة الدفاع الروسية تتوقع تسلم معلومات مثيلة للاتصال من الجانب الأميركي، بغية التنسيق في إنجاز وقف إطلاق النار.
ويوم أمس الأربعاء أكد إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، أن مركز تنسيق وقف إطلاق النار في سوريا قد تلقى خلال الساعات الماضية أكثر من 10 طلبات في أماكن محددة في سوريا، وأن مفاوضات تجري حاليا في ريف اللاذقية، دون أن يوضح من هي الجهات التي تواصلت مع مركز التنسيق الروسي، وما الذي طلبته تحديدًا، لافتًا إلى أن كثافة الطلعات الجوية الروسية تراجعت، وبصورة رئيسية لأنها لا توجه ضربات إلى تلك المناطق التي تلقى منها مركز التنسيق الروسي اتصالات حول وقف إطلاق النار وأبدت رغبتها الشروع في مفاوضات سياسية.
كما بحث بوتين، أمس، وقف إطلاق النار في سوريا مع الرئيسين السوري والإيراني خلال اتصالين هاتفيين. وذكر الكرملين في بيان رسمي أن الرئيس الروسي «بحث مع الأسد مختلف جوانب الأزمة السورية، على ضوء مهام تنفيذ الإعلان الروسي - الأميركي حول وقف إطلاق النار في سوريا، اعتبارًا من 27 فبراير (شباط)». وأشار البيان إلى أن «الرئيس بشار الأسد وصف الاقتراحات التي تضمنها إعلان وقف إطلاق النار باعتبارها خطوة هامة باتجاه التسوية السياسية»، مؤكدًا، على وجه الخصوص، استعداد حكومته للمساهمة في إنجاز وقف إطلاق النار. وشدد الرئيسان الروسي والسوري على «أهمية مواصلة الحرب بلا هوادة ضد (داعش) و(جبهة النصرة) والمجموعات الإرهابية الأخرى المدرجة على قائمة مجلس الأمن ذات الصلة».
وبالنسبة لمحادثاته مع الرئيس الإيراني، قال الكرملين إنهما «ركزا خلالها على بحث المبادرات والاقتراحات الواردة في الإعلان الروسي - الأميركي المشترك حول وقف العمليات القتالية في سوريا». وأشار الكرملين إلى أن الرئيسين بوتين وروحاني «شددا على أهمية مواصلة العمل المشترك بين موسكو وطهران في مسائل التسوية السورية».
بالتزامن مع هذا النشاط حول إعلان وقف العمليات القتالية في سوريا، أعلنت روسيا عن دهشتها حيال خطط بديلة تحدث عنها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أول من أمس الثلاثاء، حين حذر خلال جلسة في مجلس الشيوخ من أن واشنطن تدرس خطة بديلة حول سوريا في حال لم يتخذ الرئيس السوري، خطوات جدية للوصول إلى عملية انتقال سياسي والخروج من دوامة الحرب.
مصدر في وزارة الخارجية الروسية علق على هذه التصريحات قائلاً إنه «لا علم لنا بأي خطة (ب). والتنفيذ العملي لاتفاق وقف إطلاق النار قد بدأ. وعلى الجانب الأميركي أن لا يستسلم مبكرًا».
من جانبه، لم ينف ديميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، كما لم يؤكد وجود «خطة ب»، واكتفى بالتأكيد على أن «التركيز حاليا يجري على الخطة (أ)»، مشددًا على أنه من المبكر الحديث عن «خطة ب»، وأن «الأولوية بالنسبة لنا هو أن يتم التركيز على البحث في تلك الخطة والمبادرات التي وضعها الرئيسان (بوتين وأوباما) حول وقف إطلاق النار، والعمل على تنفيذها». «والمهمة الأكثر إلحاحًا الآن هي التوصل إلى وقف إطلاق نار في العلاقة مع تلك المجموعات التي تدعم المبادرة»، حسب قوله.
إلا أن الرد الأكثر حدة على حديث جون كيري جاء على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أشار إلى أن «أصوات من العاصمة الأميركية أخذت تصدر فور الإعلان عن التوصل إلى خطة لوقف إطلاق النار، وتشكك في قدرة وأهلية هذه الخطة»، وتابع لافروف انتقاداته، واصفًا كل من يشكك في الاتفاق الروسي - الأميركي حول وقف إطلاق النار في سوريا بأنهم «دعاة حرب لا دعاة سلام».
خادم الحرمين يبحث مع الرئيس الروسي آفاق التسوية السورية
السفير الروسي لدى السعودية لـ {الشرق الأوسط}: الملك سلمان أكد جاهزية بلاده للتعاون مع موسكو لإنجاح الاتفاق
خادم الحرمين يبحث مع الرئيس الروسي آفاق التسوية السورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة